صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شبهات الطابور السادس والرد عليها ( المجموعة الأولى )
للشيخ/ فيصل الجاسم

تهذيب واختصار سليمان بن صالح الخراشي

 
كتب الشيخ فيصل الجاسم - وفقه الله - كتابًا قيمًا بعنوان ( كشف الشبهات في مسائل العهد والجهاد ) ، تعرض فيه لشبهات الطابور السادس في تجويزهم قتل المعاهدين والمستأمنين ، وتجويزهم غدر المسلم بالدول الكافرة والقيام بعمليات التفجير والقتل على أراضيها التي دخلها بأمان منهم .
وقد أحببت نقل رده على شبهات الطابور السادس في هذه المسألة ؛ لتكون مجموعة أولى في الرد على شبهاتهم .. يتلوها إن شاء الله مجموعات أخرى في مقدمتها شبهاتهم في تجويز قتل رجال الأمن ؛ كما حصل مؤخرًا منهم .. نسأل الله لهم الهداية .

قال الشيخ فيصل :

-(
الشبهة الأولى : أن حاكم المسلمين لا يصح عهده للكافرين ولا أمانه لهم إلا إذا كان يحكم بكل الشريعة . فإن ترك الحكم ببعض الشريعة وحكم بغير ما أنزل الله فلا يصح عهده ولا أمانه ؛ لأنه كافر فلا تعصم بعهده ولا بأمانة دماء الكافرين .

وهذه الشبهة هي عمدة شبههم التي يدندنون حولها . وهي تدل على جهل واضح بالكتاب والسنة ونصوص الأئمة . وإليك الرد على هذه الشبهة من عشرة أوجه :

( الوجه الأول ) : أن العلماء الثقات في هذا العصر اختلفوا في تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله فمنهم من قال بأنه لا يكفر إلا إذا استحل ذلك ، كما نص على ذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حيث قال : " أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها ، فإذا سن قانوناً يتضمن أنه لا حد على الزاني أو حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر ، فهذا قانون باطل ، وإذا استحله الوالي كفر لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع ، وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك " [1]
وقال في رسالة " حكم من درس القوانين الوضعية أو تولى تدريسها " :
" القسم الثاني : من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها ليحكم بها ، أو ليعين غيره على ذلك ، مع إيمانه بتحريم الحكم بغير ما أنزل الله ، ولكن حمله الهوى أو حب المال على ذلك ، فأصحاب هذا القسم لا شك فساق وفيهم كفر وظلم وفسق لكنه كفر أصغر وظلم أصغر وفسق أصغر لا يخرجون به من دائرة الإسلام ، وهذا القول هو المعروف بين أهل العلم وهو قول ابن عباس وطاووس وعطاء ومجاهد وجمع من السلف والخلف كما ذكر الحافظ ابن كثير والبغوي والقرطبي وغيرهم ، وذكر معناه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب " الصلاة " وللشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله رسالة جيدة في هذه المسألة مطبوعة في المجلد الثالث من مجموعة " الرسائل " [2]
واختار بعضهم كفره ولو لم يستحل ذلك . ( انظر رسالة الشيخ عبدالرحمن المحمود : الحكم بغير ما أنزل الله ) .

وعلى هذا فإننا لو تنزلنا وقلنا بترجيح قول من كفر الحاكم بغير ما أنزل الله من غير استحلال ، فإن المسألة تبقى مسألة خلاف بين أهل العلم ، كما اختلفوا في تارك الزكاة والصيام والحج .
والقاعدة النبوية التي أصلها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم تقرر بأن مسائل الخروج وما يترتب عليها من إبطال العهود والمواثيق لا تكون إلا على كفر لا يختلف فيه المسلمون ، وهو الذي وصفه بقوله " إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان " أي حجة واضحة بينة لا يختلف فيها عالم .
أما أن نلزم الناس بالأحكام المترتبة على كفر الحاكم بناء على ترجيحنا للقول بكفره ، فهذا من الضلال المبين .
والحكم على الحكام والأئمة في مسائل الكفر والإيمان المختلف فيها يختلف عن الحكم بها على آحاد الرعية .

( الوجه الثاني ) : أن يقال لا أقل من أن ينزل من حكم بغير ما أنزل الله من الحكام منزلة الخوارج ، من حيث اختلاف العلماء في كفرهم ، وظاهر الأحاديث يدل على كفر الخوارج ، ومع ذلك أمضى العلماء عهود الخوارج وأمانهم وأجازوا دفع الزكاة إليهم إذا غلبوا .
قال ابن عمر : " تدفع ـ أي الزكاة ـ لمن غلب "
ونص على ذلك أحمد رحمه الله
بل إن العلماء نصوا صراحة على صحة صلحهم للكفار وعهدهم .
فقال سحنون : " وأمان الخوارج لأهل الحرب جائز " [3]
وقال محمد بن الحسن : " وأمان الخوارج لأهل الحرب جائز كأمان أهل العدل " [4]
وهذا في حق الأمان الذي يكون من آحاد الرعية ، فكيف بالعهد العام للكفار الذي لا يكون إلا من الحاكم ؟!
ولا أعلم أحداً من العلماء أبطل صلح الخوارج لأهل الحرب ، بل ولا صلح من لم يختلف في كفرهم كالعبيديين وكثير من دول الرافضة المارقة كالسامانيين والبويهيين .
ذلك لأن صلح الكافر للكافر جائز .
قال أحد علماء الدعوة النجدية " الدرر 10/338 " : " يصح أمان الكفار بعضهم لبعض ولغيرهم بالكتاب والسنة والاعتبار " .

( الوجه الثالث ) : أننا لو فرضنا كفر الحاكم بغير ما أنزل الله مطلقاً واتفاق العلماء عليه ، لم يكن هذا دليلا على بطلان عهده وأمانه للكفار؛ ذلك لأن الكافر يُعصم دمه بالأمان الصريح الصحيح وبالأمان الفاسد ـ الذي هو شبهة أمان ـ وبالهدنة الصحيحة وبالهدنة الفاسدة تغليباً لحقن الدماء ، ولئلا يترتب عليه الصد عن سبيل الله ، لأن قاعدة الشريعة أن الحدود تدرأ بالشبهات .
والقاعدة في هذا أن كل ما ظنه الكافر أماناً عصم به دمه ولم يستبح لأجل الشبهة .
يدل عليه ما رواه سعيد في سننه عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " لو أن أحدكم أشار بإصبعه إلى السماء إلى مشرك فنزل ـ أي ظناً أنه أراد الأمان ـ فقتله لقتلته ".
وقال أحمد : " إذا أشير إليه ـ أي الكافر ـ بشيء غير الأمان فظنه أماناً فهو أمان " [5]
وقال ابن جزي في القوانين الفقهية : " ولو ظن الكافر أن المسلم أراد الأمان والمسلم لم يرده فلا يقتل " .
وقال شيخ الإسلام : " ومعلوم أن شبهة الأمان كحقيقته في حقن الدم " [6]
وقال أيضاً : " هذا الكلام الذي كلموه صار به مستأمناً ، وأدنى أحواله أن تكون له شبهة أمان ، ومثل ذلك لا يجوز قتله بمجرد الكفر ، فإن الأمان يعصم دم الحربي ويصير مستأمناً بأقل من هذا كما هو معروف في مواضعه " [7]
وقال السرخسي : " وذلك لما بين أن أمر الأمان شديد والقليل منه يكفي" [8]
ومن شبه الأمان التي تعصم بها دم الكافر : أن يؤمنه كافر بين المسلمين ظنه الكافر المؤمن مسلماً ، أو علمه كافراً إلا أنه ظن أن أمانه يصح ، وعلى هذا نص الأئمة . فقد روى ابن وهب بإسناده كما في المدونة في " باب أمان المرأة والعبد والصبي " أن عمر رضي الله عنه بعث كتاباً إلى سعيد بن عامر وهو يحاصر قيسارية فقال فيه : " وإذا أمنه بعض من تستعينون به على عدوكم أهل الكفر فهو آمن حتى تردوه على مأمنه أو يقيم فيكم ، وإن نهيتم أن يؤمن أحد أحداً فجهل أحد منكم أو نسي أو لم يعلم أو عصى فأمن أحداً فليس لكم عليه سبيل من أجل أنكم نهيتموه فردوه إلى مأمنه إلا أن يقيم فيكم ، ولا تحملوا إساءتكم على الناس فإنما أنتم جند من جنود الله " .

وقال ابن وهب في المدونة : " وقال الليث والأوزاعي في النصراني يغزو مع المسلمين قالا : لا يجوز على المسلمين أمان مشرك ويرد إلى مأمنه " [9]
وقال الشافعي في الأم في باب " الأمان " : " وإذا أمن من دون البالغين والمعتوه قاتلوا أم لم يقاتلوا لم نجز أمانهم ، وكذلك إن أمن ذمي قاتل أم لم يقاتل لم نجز أمانه ، وإن أمن واحد من هؤلاء فخرجوا إلينا فعلينا ردهم إلى مأمنهم ولا نعرض لهم في مال ولا نفس من قبل أنهم ليسوا يفرقون بين من في عسكرنا ممن يجوز أمانه ولا يجوز وننبذ إليهم فنقاتلهم ".
ومن ذلك أيضاً أن يقدموا إلينا في هدنة فاسدة كأن يعقدها غير الإمام ، أو على قول هؤلاء أن يعقدها حاكم كافر ظنه الكفار مسلماً ، فإنه تعصم دماؤهم بهذه الهدنة الفاسدة للشبهة .
قال الفتوحي رحمه الله في المعونة في كتاب الجهاد : " متى جاء الكفار في هدنة فاسدة بأن يتولى عقدها غير إمام أو نحو ذلك من فساد الهدنة معتقدين الأمان ردوا آمنين إلى مأمنهم " [10]
وهذه النصوص وغيرها كثير تدل على عصمة دم الكافر بأمان كافر مثله للشبهة مع كون الكافر المؤمن من عامة الناس ، فكيف إذا كان الذي أمنهم أو صالحهم هو حاكم المسلمين الذي عاهده الكفار على أنه مسلم فبان كافراً ، فلئن تعصم بعهده وأمانة دماء الكافرين ولو بالشبهة من باب أولى ؟!

( الوجه الرابع ) : أن الأمان والعهد إنما عقده الحاكم لمصلحة المسلمين عامة ، فرد أمانه وعهده وإبطاله يترتب عليه الضرر على المسلمين .

( الوجه الخامس ) : أن يقال : إننا لو أبطلنا عهد الحاكم بغير ما أنزل الله ، ولم نعصم به دماء الكافرين ، فإن هذا يستلزم إبطال كل ماباشره الحاكم أو نائبه مما يشترط في مباشرته الإسلام ، كالأنكحة ، وولاية جمع المال وتفريقه ، والقضاء ، وغير ذلك ، إذ لا فرق بين عهده للكافرين وبين سائر عهوده وعقوده ، وهذا يترتب عليه من الفساد ما يكفي تصوره في بطلانه .

( الوجه السادس ) : أن القول ببطلان عهد الحاكم بغير ما أنزل الله ، للكفار ، يستلزم أن يكون الكفار فقهاء محققين لمسألة الحكم بغير ما أنزل الله وأنها كفر ، ثم يعملون تحققها في هذا الحاكم بخصوص ، لئلا يقدموا على الصلح والأمان فيقدموا بعد ذلك إلى بلاد المسلمين ، ثم تستباح دماؤهم وأموالهم ! وهذا بين الفساد والبطلان .

( الوجه السابع ) : أن إبطال عهد وصلح الحاكم بغير ما أنزل الله للكفار واستباحة دمائهم بذلك يستلزم الصد عن سبيل الله ، والتنفير عن الإسلام ، لأنهم يظنون أنهم يعاهدون حاكماً مسلماً ، وأن دماءهم قد عصمت بالعهد ، وكل قتل لهم بعد ذلك يعدونه غدراُ وخيانة ، ولا يتصور منهم أن يقلبوا التفصيل الذي يذكره من يكفر بالحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً .

( الوجه الثامن ) : أن العهود التي يعقدها الحاكم بغير ما أنزل الله مع الكفار قد رضي أهل الحل والعقد بها ، وهم وجهاء الناس ومجالس الشورى ونحوها بل وعامة الشعب ، فلم يستقل الحاكم بغير ما أنزل الله بهذه العهود والمواثيق .
كما أن الذين يباشرون تأمينهم من إعطاء الفيزة وختم الدخول هم آحاد المسلمين وهم راضون بتأمينهم ، فكيف تستباح دماؤهم بعد ذلك ؟!

( الوجه التاسع ) : أن إبطال العهود التي يعقدها الحكم بغير ما أنزل الله مع الكفار وكذا أمانه قول باطل ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا قول صاحب ولا نص إمام . وهو قول محدث لا سلف له .

( الوجه العاشر ) : أن نقول إننا لو قدرنا كون من يحكم المسلمين كافراً بما هو أوضح من مسألة كفره بالحكم بغير ما أنزل الله ، كأن يكون يهودياً أو نصرانياً أو عابداً لصنم ونحو ذلك ، فإن هذا لا يقتضي أيضا اعتبار عهده وأمانه منتقضاً ، واستباحة دماء من أمنهم وعاهدهم ، وذلك لأن من يعيش تحت حكومته وولايته من المسلمين يعتبرون مستوطنين ، والمستوطن يلزمه من الحقوق ما لا يلزم المستأمن والمعاهد .
يوضحه : أن المسلم الذي يدخل بلاد الكفار بأمان منهم لا يحل له التعرض لهم بنفس ولا مال بالإجماع ، مع كون الأمان الذي عصم دماءهم وأموالهم مؤقتاَ ، فلأن لا يحل له التعرض لهم ولا لمن في بلادهم وهو مستوطن لها من باب أولى وأحرى ، وذلك من أجل عهد المواطنة الذي أصبح مستوطناً به بلادهم ، وهذا العهد وإن لم يكن مكتوباً باللفظ إلا أنه معلوم بالمعنى ، وهذا لا يستريب فيه من عرف رائحة العلم .
ولا تعارض بين هذا وبين ما ورد من جواز الخروج على الحاكم المرتد أو الكافر إذا كان بالمسلمين قوة كما في الحديث : " إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان " ، وذلك أن الخروج على الحاكم حال كفره يعد من باب الجهاد في سبيل الله بعد دعوته وإنذاره ، بخلاف قتل المستوطنين والمعاهدين والمستأمنين ، فإنه من الفساد والفوضى والغدر والخيانة لا من الجهاد والدعوة ؛ لأنه قتلٌ في حالة أمن ونقض للعهد .

الشبهة الثانية : هي قولهم : إننا مكرهون على الصلح والعهد ومضطرون إليه ، ومن اضطر لصلح أو ألجئ إليه لم يصح صلحه.

والجواب عنها : أن المقدمتين باطلتان .
أما الأولى : وهي أننا مكروهون فليس بصحيح وذلك لأن الكفار قد قدموا ابتداء بطلب من البلاد الإسلامية ، وبرضاهم ، ألجأهم إلى ذلك الواقع لا الكفار .
وأما المقدمة الثانية وهي أن صلح المكره لا يصح ؛ فهي باطلة من ثلاثة أوجه :
" الوجه الأول " أن هذا قول لم يقله أحد من أهل العلم فيما أعلم .
" الوجه الثاني " أن الهدنة لا تكون غالباً إلا في حال ضعف من المسلمين ، بل لا تكون صحيحة بلا خلاف إلا في مثل هذه الحالة ، لأن عامة أهل العلم على إبطال الهدنة في حال قوة المسلمين إذا لم يكن فيها مصلحة .
والنصوص الشرعية قد ذهبت إلى أبلغ من هذا ألا وهو جواز دفع المال للكفار للكف عنا إذا لم يكن بنا قوة ، يدل عليه هم النبي صلي الله عليه وسلم بإعطاء غطفان وحلفائها في غزوة الأحزاب شطر ثمار المدينة على أن يرجعوا ، وعلى هذا نص عامة أهل العلم .

" الوجه الثالث " أنه لا يتصور إكراه على الهدنة والصلح إلا والمسلمون في غاية الضعف ، فإنه إذا كان يحرم قتل المعاهد في حال قوة المسلمين ومنعتهم ، فلأن يحرم قتلهم والمسلمون في حالة ضعف من باب أولى ؛ لأنه ذريعة حينئذ إلى استئصالهم حيث لا قوة لهم .

الشبهة الثالثة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، فقتلهم هو وسيلة لإخراجهم .
والرد عليها من وجوه :
( الوجه الأول ) : أن المراد بمنع اليهود والنصارى من جزيرة العرب إنما هو استيطانها والإقامة الدائمة بها ، لا الدخول مدة معينة بالعهد أو الأمان .
قال النووي في المنهاج : " ويمنع كل كافر من استيطان الحجاز " [11]
وقال القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية : " وما سوى الحرم منه ـ أي الحجاز ـ مخصوص من سائر البلاد بأربعة أحكام :
إحداها : لا يستوطنه مشرك من ذمي ولا معاهد [12]
وقال ابن قدامة في المغني : "ولا يجوز لأحد منهم سكنى الحجاز "[13] وهذا باتفاق أهل العلم .

( الوجه الثاني ) : أنه لا خلاف بين أهل العلم في جواز دخول المعاهدين والمستأمنين والذميين الحجاز التي هي أخص جزيرة العرب ، وإنما اختلفوا في مدة مقامهم .
فكيف يقال بمنعهم من دخول غير الحجاز بغير نية استيطان أو إقامه ، بل وقتلهم لأجل بذلك ؟

( الوجه الثالث ) : أن جزيرة العرب مختلف في تحديدها ؛ فمن أهل العلم من يحدها من بحر القلزم " الأحمر " غرباً وبحر العرب جنوباً وخليج البصرة " الخليج العربي " شرقاً واختلف أصحاب هذا القول في شمالها وهو المشهور من مذهب مالك وقول أبي حنيفة .
ومنهم من يحدها بالحجاز إلى تبوك وهو قول الشافعي وأحمد في المشهور عنه ورواية عن مالك وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، واستدلوا على ذلك بأن عمر رضي الله عنه لم يخرجهم من اليمن وتيماء ،فعلى هذا القول تكون الكويت والأحساء ونجد ليست من جزيرة العرب.

( الوجه الرابع ) : أن يقال إنه لو صح أن المراد بالحديث عدم جواز دخولهم جزيرة العرب مطلقاً ، لم يكن إخراجهم منها عن طريق القتل بعد أن أعطوا العهد ، بل يكون الإخراج على طريقة عمر رضي الله عنه .

( الوجه الخامس ) : أن الإخراج منوط بالحاكم لا بآحاد الرعية ، كالحدود والجهاد وغير ذلك فلا يُفتئت عليه فيها.

الشبهة الرابعة : أنهم يوردون على ما ذكرته في المسألة الثالثة " من عدم جواز غدر المسلم بالكفار إذا دخل بلادهم بأمان " بأنهم يكيفون ما حصل في بلاد الكفار من خطف للطائرات وتدمير للمباني على أنه من باب أحد أمرين :
الأول : من باب التبييت والتترس .
الثاني : أنهم أئمة الكفر ، الذين لا تحقن دماؤهم بعهد ولا أمان لقوله تعالى : " فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " " التوبة 12 " وكما حصل لكعب بن الأشرف اليهودي لما أظهر له محمد بن مسلمة رضي الله عنه الأمان ثم قتله .
والجواب على هذه الشبهة ما يلي :
أما التصوير الأول وهو أنه من باب التبييت والتترس فالرد عليه من وجوه :
( الوجه الأول ) : أن التبييت ـ وهو الإغارة على الكفار ليلاً دون إنذار ـ ورمي الكفار في حال التترس ـ وهو تحصن الكفار بالمسلمين أو بمن لا يقتلون كالنساء والصبيان ـ إنما يكون في قتال كفارٍ محاربين ، ليس بيننا وبينهم عهد ولا أمان ، وقد بلغتهم الدعوة .
كما أغار النبي صلي الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون
وسئل النبي صلي الله عليه وسلم " عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال : "هم منهم " متفق عليه.
وأما إن كانوا معاهدين أو مستأمنين ، فلا يجوز تبييتهم ، ولا رميهم وهم متترسون بمن لا يجوز قتله في الحرب .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " وأما الإغارة والبيات فليس هناك قول أو فعل صاروا به آمنين ولا اعتقدوا أنهم قد أومنوا " [14]
فإن قال قائل :إن أمريكا قد نقضت العهد بقتال المسلمين في أماكن كثيرة ، فجاز تبييتهم والإغارة عليهم .
فالجواب أن يقال ـ بعد التنزل مع الخصم والقول بانتقاض عهدنا مع الكفار بقتالهم لبعض المسلمين الذين ليسوا تحت ولايتنا مع كونه باطل [15] ـ : إنهم وإن نقضوا العهد العام ، وهو الهدنة والصلح ، فإن العهد الخاص ، وهو أمانهم لمن دخل بلادهم به لم ينتقض ، كما لو دخل محارب منهم بلادنا بأمان في حال حربنا مع قومه ، فإنه آمن بما أعطي من الأمان الخاص وقومه محاربون ، فكذلك المسلم إذا دخل بلادهم بأمان منهم ، لا يحل له تبييتهم ولا الإغارة عليهم ، ما لم ينقضوا هذا الأمان الخاص ، برفع السلاح عليه ونحو ذلك .
فلا بد إذاً أن يفرق بين الأمان العام وهو العهد والصلح ، وبين الأمان الخاص وهو عقد الأمان لآحاد الأفراد ، فبطلان أحدهما لا يستلزم بطلان الآخر .
فإن بطل الأعم وهو العهد لم يبطل الأخص وهو الأمان ، والعكس صحيح .
لذلك يبطل أمان المستأمن منهم إذا دخل بلادنا إذا ما نقضه بسبنا أو سب ديننا ، ولا يستلزم هذا بطلان العهد العام الذي بيننا وبين قومه لو كان .
ولا يبطل عهد المستأمن إذا دخل بلادنا به ببطلان عهد قومه معنا بحربنا فتأمل .
( الوجه الثاني ) : أن العلماء مختلفون في رمي الكفار إن تترسوا بذرا ريهم ونسائهم .
فمن أهل العلم من منع رميهم في هذه الحال إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك ، كأن كان في الكف عن قتالهم انهزام المسلمين ، أو يخشى من استئصال قاعدة الإسلام ، وهذا هو مذهب الإمام مالك والشافعي .
ومن أهل العلم من رخص في رميهم حال التترس بنسائهم وذراريهم مطلقاً سواء كانت الحرب ملتحمة أو كانت غير ملتحمة ، بشرط أن يقصد الرامي المقاتلة لا النساء والذرية .

( الوجه الثالث ) : أن تبييت الكفار ورميهم حال التترس إنما يكون بأمر ولي الأمر ، أو من وكله على إمرة الجيش ، لا أن يفعله من شاء من الرعية ، لأنه افتئات على الحاكم .
قال الفتوحي في المنتهي في فصل " الغزو بغير إذن الإمام " : " ويحرم غزو بلا إذن الأمير "
وهذا مذهب السلف قاطبة .
قال الفتوحي في المعونة : "" فان دخل قوم " لهم منعة أو لا منعة لهم " أو أحد ولو عبداً دار حرب بلا إذن من الإمام " فغنموا "فغنيمتهم فئ" تصرف مصرف الفئ على الأصح لأنهم عصاه بافتياتهم على الإمام لطلب الغنيمة ، فناسب حرمانهم كقتل الموروث ".

وقال كل من الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ وحسن بن حسين آل الشيخ وسعد بن حمد بن عتيق ومحمد بن عبد اللطيف آل الشيخ في رسالة إلى الإمام عبد الرحمن بن فيصل " الدرر 9/94 " : " ورأينا أمراً يوجب الخلل على أهل الإسلام ، ودخول التفرق في دولتهم ، وهو الاستبداد من دون إمامهم ، بزعمهم أنه بنية الجهاد ، ولم يعلموا أن حقيقة الجهاد ومصالحة العدو ، وبذل الذمة للعامة ، وإقامة الحدود ، أنها مختصة بالإمام ومتعلقة به ، ولا لأحد من الرعية دخل في ذلك إلا بولايته ... " .
ولا يقول قائل إنهم إنما فعلوا ذلك بإذن ولي أمر دولة مسلمة يدينون له بالطاعة غير الدولة التي دخلوا باسمها وبجواز سفرها ، وذلك لأن دخول المسلم إلى بلاد الكفار على أنه من بلد معين وبجواز سفر ذلك البلد ، ثم هو يدين بالطاعة والولاء لدولة أخرى ، التي لو علم الكفار أنه منهم وفي طاعتهم ما أدخلوه بلادهم وما أمنوه ، يعد من الغدر والخداع والكذب .

( الوجه الرابع ) : إننا لو تنزلنا مع هؤلاء وقلنا بصحة تكييف ما حصل على أنه من باب التبييت أو التترس ، فإن هذا لا يخرجه عن كونه محرماً أيضاً في ظل هذه الأوضاع ، لما يترتب عليه من المفسدة ما هو أعظم ، كتسلط الكافرين على المسلمين وتسيير جيوشهم إلى بلاد المسلمين ، واتخاذ ما حصل ذريعة وحجة لضرب كل ما هو إسلامي من دعاة وجهات دعوية وخيرية وغير ذلك ، بل والسعي في تغريب المجتمعات وتعديل المناهج بما يناسب مصالحهم .

وأما ما يتعلق بالتصوير الثاني وهو قولهم بجواز دخول بلادهم بأمان ثم التسلط على قتلهم ، لأنهم أئمة الكفر الذين قال الله فيهم : " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " " التوبة 12 " مستدلين بقصة قتل محمد بن مسلمة وأصحابه رضي الله عنهم لكعب بن الأشرف اليهودي بعد أن أظهروا له الأمان .
فالرد على هذه الشبهة من وجوه :
( الوجه الأول ) : أن أئمة الكفر الذين أخبر الله عنهم في الآية أنهم " لا أيمان لهم " أي لا عهود لهم قسمان :
القسم الأول : الذين نقضوا العهد بعد عقده ، فهؤلاء يجوز قتالهم من غير إنذار ، كما فعلت قريش في عهد النبي صلي الله عليه وسلم لما نقضوه بمعاونة بني بكر على خزاعة فغزاهم النبي صلي الله عليه وسلم من غير إنذار .
ألا ترى ما ذكره الله عز وجل في الآية من الشرط بقوله " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم " ؟
فعلى هذا القول : كل من نقض عهده من الكفار فهو إمام في الكفر ، يجوز تبييته والإغارة عليه من غير إنذار ، فإن كان العهد عهداً خاصاً وهو الأمان فلا ينتقض إلا بنواقضه خاصة ، لأن بطلان العهد العام لا يستلزم بطلان العهد الخاص ، وهو الأمان كما بينت سابقاً .
فالذين دخلوا بلاد الكفار بأمان لا يكون الكفار في حقهم أئمة في الكفر إلا إذا نقضوا هذا الأمان خاصة ، دون العهد العام ، فكيف يحل قتلهم واستباحتهم على أنهم أئمة الكفر ، وهم لم ينقضوا الأمان الخاص الذي أعطوهم إياه .

القسم الثاني : هم من صدر عنهم من الجراءة على الدين ما يبيح دماءهم بكل حال ، بحيث لا يحقنه عهد ولا صلح ولا ذمة ، وهم الذين سبوا الرسول صلي الله عليه وسلم وطعنوا فيه ، ككعب بن الأشرف حيث هجا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله " ، فقام محمد بن مسلمة بعد أن استأذن النبي صلي الله عليه وسلم بأن يقول شيئاً فأذن له ، ثم حصل من القصة أن أظهر محمد بن مسلمة رضي الله عنه لكعب بن الأشرف الأمان ثم قتله ، والقصة مشهورة .
قال شيخ الإسلام في توجيه قتل محمد بن مسلمة لكعب بن الأشرف بعد أن أظهر له الأمان : " لكن يقال : هذا الكلام الذي كلموه به صار مستأمناً ، وأدنى أحواله أن يكون له شبهة أمان ، ومثل ذلك لا يجوز قتله بمجرد الكفر ، فإن الأمان يعصم دم الحربي ويصير مستأمناً بأقل من هذا كما هو معروف في مواضعه ، وإنما قتلوه لأجل هجائه وأذاه لله ورسوله ، ومن حل قتله بهذا الوجه لم يعصم دمه بأمن ولا عهد .. إلى أن قال : لأن قتله حد من الحدود وليس لمجرد كونه كافراً حربياً ... فثبت أن أذى الله ورسوله بالهجاء ونحوه لا يحقن معه الدم بالأمان فأن لا يحقن معه بالذمة المؤبدة والهدنة بطريق الأولى " [16]
ولذلك لم يأمر النبي صلي الله عليه وسلم بقتل أحد من الكفار المعاهدين له من اليهود وقريش لما صالحوه ، مع شدة مكرهم بالإسلام وأهله ، وإنما أمر بقتل من آذى الله ورسوله ، وأهدر دماءهم ، فلم تحقن بعهد ولا أمان .
قال شيخ الإسلام : " وهذه كانت سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم فإنه كان يهدر دماء من آذى الله ورسوله وطعن في الدين وإن أمسك عن غيره "[17]
والفرق بين القسم الأول من أئمة الكفر وهم الناكثون للعهد بغير طعنٍ في الدين ، والقسم الثاني وهم الطاعنون في الدين : أن الأولين إذا لم يصدر منهم إلا مجرد النكث جاز أن يؤمنوا ويعاهدوا ، وأما الطاعنون في الدين فإنه يتعين قتالهم ولا تحقن دماؤهم بعهد ولا أمان ولا ذمة .
ولذلك اختار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن أئمة الكفر في الآية هم الطاعنون في الدين المؤذون لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون الناكثين فقط بغير الطعن ، وهو القول الثاني في الآية .
فقال شيخ الإسلام في تفسير الآية : " وإمام الكفر هو الداعي إليه المتبع فيه ، وإنما صار إماماً في الكفر لأجل الطعن ، فإن مجرد النكث لا يوجب ذلك وهو مناسب ، لأن الطعن في الدين أن يعيبه ويذمه ويدعو إلى خلافه ، وهذا شأن الإمام ، فثبت أن كل طاعن في الدين فهو إمام في الكفر "[18]
فعلم بذلك أن الأئمة في الكفر الذين أمرنا بقتالهم ، إما أن يكونوا هم الناكثين للعهد بغير الطعن وهؤلاء إنما يقاتلون من غير إنذار شريطة أن لا يحدث بعد نقضهم للعهد السابق أمان أو عهد جديد .
وإما أن يكونوا هم الطاعنين في الدين ، وهو الوصف المناسب كما قال شيخ الإسلام ، وهؤلاء لا تعصم دماؤهم بعهد ولا أمان .
فعلى المعنى الأول وهم الناكثون للعهد بغير الطعن ، فإن الذين دخلوا بلاد الكفار بأمان ثم خطفوا وقتلوا قد حصل منهم بعد نقض الكفار للعهد ـ بقتال بعض المسلمين كما يزعمون ـ ما تعصم به دماء الكفار وهو أمانهم للكفار من أنفسهم بدخولهم بلادهم ، وهو عهد جديد مجدد لعصمة الدماء حصل بعد العهد المنقوض ، فلم يحل لهم الغدر بهم .

وأما على المعنى الثاني وهم الطاعنون في الدين . فإن الكفار الذين غدر بهم في بلادهم لم يحصل منهم فيما نعمله ما يعتبر طعناً في الدين وسباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأذى له ، وإنما فعلوا ويفعلون ما كان يفعله المشركون من قريش من حرب للمسلمين ، وإعانة لأعداء الله من اليهود وغيرهم ، وليس هذا هو الطعن الذي لا ينفع معه عهد ولا أمان ، وذلك أن قريشاً كانت تحارب النبي صلي الله عليه وسلم وتصد عن سبيل الله وتحرض عليه ، وتجمع له الجموع وتقاتله ، ومع ذلك كله فقد عاهدهم ووفى لهم ، وحقن دماءهم بالعهد والأمان كما كان في صلح الحديبية ، وكما دخل أبو سفيان المدينة بعد الصلح ولم يتعرض له النبي صلي الله عليه وسلم مع أنه كان قبل إسلامه من أعظم المحرضين على قتال النبي صلي الله عليه وسلم والساعين في الصد عن دينه ، وإنما أهدر النبي صلي الله عليه وسلم دماء المؤذين له الطاعنين فيه فلم تحقن بعهد ولا أمان ولا ذمة .

( الوجه الثاني ) : أننا لو فرضنا أن قادة الكفار هم من الطاعنين في الدين الذين هم أئمة في الكفر ؛ فإن هذا إنما يبيح دماءهم خاصة بحيث لا يحقنها عهد ولا أمان ، دون دماء غيرهم ممن لم يطعن في الدين ولم يسب النبي صلى الله عليه وسلم .
يدل عليه أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يستبح من دماء الكفار المعاهدين إلا من ثبت عنه الأذى والطعن في الدين خاصة دون غيره من الكفار ، ولذلك نجد أن الذين أهدر النبي صلي الله عليه وسلم دماءهم لأجل ذلك معدودون ؛ ككعب بن الاشرف وابن أبي الحقيق والجارية ، ولم يفعل ذلك مع باقي اليهود أو المشركين .
قال شيخ الإسلام : " وإمام الكفر هو الداعي إليه المتبع فيه " كما سبق .
أما من كان من عامة الكفار فإنه يحقن دمه بالأمان الذي دخل المسلم بلادهم به ، فالذي حصل في بلاد الكفار من تدمير وقتل كان الضحية فيه ليسوا أئمة الكفر وإنما عامة الناس ، فهو كما لو قتل الصحابة رضي الله عنهم بعض اليهود ممن لم يطعنوا في الدين بحجة أن كعب بن الأشرف طعن في الدين ، وهذا لم يكن ، بل لم يقتل إلا الطاعن دون غيره من المعاهدين .

( الوجه الثالث ) : إننا لو تنزلنا وقلنا بجواز مثل هذا الفعل ، فإنه كما ذكرنا لا يكون إلا بإذن الإمام ، فلا يفتئت عليه فيه .

( الوجه الرابع ) : أنه يترتب عليه - على التنزل بصحته - من المفاسد العظيمة ما يربو على مصلحته . وهو ما حصل فعلاً ) .

-----------------------
المراجع :
1- مجموع فتاوى ومقالات ( 7/119 ) .
2- السابق ( 2/326) .
3- الذخيرة للقرافي
4- السير الكبير / باب النفل من أسلاب الخوارج
5- المعونة " كتاب الجهاد/باب الأمان "
6- الصارم المسلول ( 294 ) .
7- السابق ( 94 ) .
8- شرح السير / باب ما يكون أماناُ ممن يدخل دار الحرب والأسرى وما لا يكون أماناً.
9- باب أمان المرأة والعبد والصبي
10- باب الهدنة
11- كتاب الجزية
11- الفصل الرابع عشر / فصل تعريف الحجاز
12- كتاب الجزية / مسألة نقض العهد
13- الصارم المسلول ( 94 ) .
14- انظر ص 36 من أصل الرسالة ( الوجه الثاني ) .
15- الصارم المسلول ( ص 94 ) .
16- السابق ( ص 19 ) .
17- السابق ( ص 22 ) .
18- السابق ( 22 ) .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية