صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عودة علامة العراق محمود شكري الألوسي إلى السنة .. بقلم / تلميذه

سليمان بن صالح الخراشي

 
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

استتباعًا لما قام به الإخوة الكرام في صيد الفوائد على هذا الرابط ( العائدون إلى العقيدة السلفية ) بالكتابة عن الموفقين من علماء ودعاة الإسلام الذين آثروا اتباع الحق لما تبين لهم ، بشجاعة وتجرد ، ولم يأبهوا لأقاويل أهل البدع ، فرفع الله ذكرهم ، ووفقهم إلى أن يكونوا رؤوسًا في الحق ، ينتفع الناس بعلمهم ؛ جزاء ما بذلوه ابتغاء مرضاته - سبحانه وتعالى - . ومن هؤلاء الموفقين : علامة العراق محمود شكري الألوسي - رحمه الله - ، الذي أحببتُ أن أنقل كلام تلميذه " بهجة الأثري - رحمه الله - ، عن تحوله من ظلمات البدعة إلى نور السنة ، وأما جهوده وكانته - بعد ذلك - فمعلومة للجميع .

قال الشيخ الأثري : ( وقد قدمنا عن السيد أنه أصيب بما يصاب به كل فكر حي في ذلك المجتمع ، ومني بما يُمنى به كل منتم لمدارس الدين من التقليد الأعمى، والجمود على كتب ألفت في أيام التقهقر والانحطاط تسمى "كتب الجادة" وقد عددنا كثيراً منها قريباً، وهي محشوة بالرث البالي من آراء الأعاجم السخيفة، وحكاياتهم التافهة، ومناقشاتهم الفجة، التي كانوا يتلقونها بالتسليم، ويأخذونها بيد الإجلال والتعظيم، من غير تمحيص لما فيها من الحق والباطل بل كانوا –ولهم اليوم بين ظهرانينا خلف- يعكفون عليها كعوف المشرك على صنمه. إذا حاول أن يزحزحه عنه مزحزح قام وشهر عليه سيفه ، فإما أن يتمكن هذا من الفرار فينجو من شره ، وإما أن يتمكن ذاك منه فيقضي عليه بضربة لا يثنيها.

استمر السيد على هذه
الطريقة العوجاء متأثراً بها مدة من الزمن ليست بالقليلة لا يكاد يلومه عنها أحد حتى برقت له بارقة اليقين –وقد تجاوزت سنه الثلاثين- من سماوات كتب بعض الأئمة المجددين، التي نالتها يده في خزانة كتب عمه وأستاذه العلامة السيد نعمان خير الدين، كمؤلفات شيخ الإسلام أبي العباس أحمد تقي الدين ابن تيمية الحراني وتلميذه الإمام ابن القيم رضي الله عنهما، فاهتدى بنورها الوضاء، إلى المحجة البيضاء، التي لا يضل سالكها؛ وكسر قيود التعصب الذميم، وفك من عنقه ربقة التقليد الأعمى، وطفق يأخذ بالكتاب والسنة وبما يوافقهما من كلام سلف الأمة، من غير تحزب لشيعة أو مذهب، بل يأخذ الحق حيث وجده ويعززه حيث ألفاه.

ولكنه وواأسفاه لم يستطع يومئذ أن يجاهر بآرائه ، بل اضطر إلى المجاملة والتستر .. خشية أن يقع بيد من لا يخاف الله ولا يرحمه ، مع عدم من ينصره ويأخذ بيده كما ذكر لي هو عن نفسه.

حتى إذا عُرف فضله، وقوي ساعده، بالتفاف جماعة حوله في بغداد، وانتشار أصدقائه ومحبيه في سائر البلاد، وصار له شأن يدفع به عنه عاديات الاضطهاد، خلع عنه ذلك الرداء رداء المجاملة ، وهتف مع شدة وطأة الاستبداد الحميدي بضرورة تطهير الدين من أوضار البدع التي طرأت عليه، ونبذ التقليد الذي هو علة العلل في انحطاط المدارك والأفكار؛ وشنَّ الغارات الشعواء على الخرافات المتأصلة في النفوس ، والتقاليد السخيفة التي شبّ عليها القوم وشابوا ، بمؤلفات ورسائل زعزعت أسس الباطل، وأحدثت انقلاباً عظيماً لا يزال تأثيره عاملاً في النفوس عمله المطلوب، فغاظ ذلك "أصحاب العمائم المكورة، والأردان المكبرة، والأذيال المجررة" من كل حشوي غرّ، وجاهل غمر، ذي خداع ومكر؛ وصاروا يشنعون عليه في مجالسهم
وينبزونه بوهابي ، وهي كلمة ينفر منها السواد الجاهل ؛ حيث توحي إليهم أبالستهم زخرف القول زورا ، ويذكرون لهم عن الوهابي أنه منكر للرسل وعدو لجميع المسلمين ، يريق الدماء ويستحل الحرمات، وضربٍ من هذا اللغو الذي لا يجرؤ على التفوه به من رُزق حظاً من الإنصاف ، وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى؛ ولم يزالوا يتربصون به الدوائر حتى عام 1320هـ ، فسعوا فيه إلى ( عبدالوهاب باشا ) والي بغداد وكان حشويا عدواً لرجال الإصلاح، فكتب عنه إلى عبدالحميد ماشاء وشاء له الهوى وأقل ما جاء في كتابه: أنه يبث فكرة الخروج على السلطان، ويؤسس مذهباً يناصب كل الأديان، وأن تأثيره سار، وآخذ يوماً فيوماً في الانتشار. ويُخشى منه سوء المغية... إلخ  ، فشالت نعامته وهوهو، وأمر حالاً بنفيه ونفي كل من يمت معه إلى الدعوة بنسب إلى بلاد الأنضول. فنفي هو وابن عمه ثابت بن نعمان الألوسي والحاج حمد العسافي النجدي من التجار الأتقياء مخفورين ، وما كادوا يصلون (الموصل) حتى قام أعيانها لهذا الإجحاف وقعدوا، وسعوا إلى عبد الحميد فأقنعوه بعد لأي ببراءته ، فأعيد هو وصاحباه إلى بغداد، بعد أن قضوا في الموصل شهرين لاقوا فيهما من الحفاوة ما يعجز عن شرحه اللسان ، ويكل دون تحبيره البنان ) . انتهى كلام الشيخ بهجة - رحمه الله - من كتابه " أعلام العراق " ( ص 98 - 101 ) .

قلتُ :
وفعل السلطان عبدالحميد - رحمه الله - كان بتأثير المتصوفة الذين قربهم وآمن بخرافاتهم ، وعلى رأسهم أبوالهدى الصيادي ، وهذا ما أضعف الدولة العثمانية ، وسلط عليها أعدءها ، حتى مزقوها كلّ ممزق - كما هو معلوم - . والله المستعان .

 
اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية