اطبع هذه الصفحة


خواطر وتداعيات في مرض الشيخ العلامة سفر الحوالي

عبدالرحيم بن صمايل السلمي

 
كنت أعلم جيدا أن للشيخ الجليل سفر الحوالي مكانة غير عادية في نفسي وفي نفوس الناس ، ولكن لم أكن أتوقع أنها بهذه الدرجة التي أعجز عن وصفها ولو كنت أبلغ البلغاء وأفصح الفصحاء .

لقد توقفت عن كل شئ ولم يعد لدي ما أفكر فيه إلا حالة الشيخ وآخر أخباره مع الدعاء الدائم له بالصحة والعافية .

وهذا التوقف ليس لي أي إرادة فيه إنه توقف إضراري يعجز الإنسان عن مواجهته أو تحديه بأي شكل من الأشكال. ولقد كنت أقرأ وأتابع أي خبر فيه اسم الشيخ ولو كان مكرورا ومعادا وأتصل لأسمع أخباره ولو كنت أعرفها ، إن هذا الوصف ليس مبالغا فيه.

إن للعلماء والمجاهدين أثر في النفوس يتجلى عند الشدائد والمحن لأن قدرهم في الأمة وحاجة الناس لهم عظيمة جدا لاسيما ومحاجرنا لم تجف بعد من فراق علماء للأمة فارقناهم في وقت متقارب كالإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني والإمام الفقيه محمد بن صالح العثيمين والإمام المفتي الزاهد عبد العزيز بن باز رحمة الله على الجميع.

إن فقدان الأمة لقياداتها مؤشر خطير وإن كانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم على خير وبخير الى يوم القيامة والطائفة الناجية المنصورة مستمرة الى أن يأتي امر الله .

تأمل قول سفيان الثوري رحمه الله تعالى : إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبدالله بن المبارك فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة ايام .

إنها كلمة معبرة عن قدر أهل العلم وأهمية ساعاتهم ولياليهم وأيامهم ومقارنتها بأوقات غيرهم ممن هو أقل شأنا منهم.

لقد كان للشيخ العلامة سفر الحوالي دورا كبيرا في إصلاح الأمة والدفاع عنها وكشف خطط أعدائها وتبيين المناهج السوية من المناهج المضلة ولهذا لا عجب أن تكون تداعيات مرضه بهذه الصورة التي نراها من كافة الناس حتى الخصوم الذين كانوا يتكلمون عليه بالكلام غير اللائق أصبحوا الآن يشاركون عموم الأمة في الدعاء له بالشفاء والعافية .

لقد تذكرت وأنا أشاهد التفاعل الهائل مع هذا الشيخ الجليل والمتابعة المستمرة حتى للأوضاع الطبية الدقيقة له ما ينقل في تراجم علماء السنة قديما وحديثا حيث ينقل عنهم أدق التفاصيل في حياته الخاصة ومعاشه وطريقة كلامه ومشيه ولباسه ومركبه وعلاقاته بينما يوجد زعماء لطوائف كبيرة لا يوجد لهم تراجم على المستوى العام من حياته وهذا يدل على أن الأمة تحتفي بالعالم الذي يقف معها في أزمتها ومحنتها ويبين لها دروب رشدها وصلاحها .

لقد كان الشيخ سفر بحق نموذجا للعالم المربي الذي أوقف وقته وحياته لهذه الأمة ، ولعل مرضه يشير إلى الأثقال التي يحملها على كاهله لاسيما مع اشتداد الفتن وكثرتها في هذا الزمان .

ربما قصّر طلاب وتلاميذ الشيخ في الاستفادة منه ، فإن لديه أمورا كثيرة بحاجة لنقلها للأمة وتوضيحها للناس ، لقد قال في يوم من الأيام إن عندي أمورا كثيرة أتمنى أن أقولها وأخشى أن أموت وهي لاتزال في صدري !!.

كل من يعرف الشيخ سفر يشهد له بالتواضع ودماثة الخلق وجودة الفهم والقدرات البارزة في الإقناع والتأثير مع علم بالشريعة وإدراك متميز للواقع ومذاهبه بالإضافة لصراحة وجرأة شديدة في الحق ، وهذا ليس قولي - فربما أتهم لو كان قولا لي - ولكنه قول المحايدين بل والخصوم المعاندين له. ليس قولنا فيه -رفع الله منزلته -غلوا لأننا لم نضعه فوق مرتبة الإنسانية أو نقلل من شأن غيره من العلماء لأجله ولكنها الحقيقة التي لا تستأذن أحدا في التعبير عن نفسها .

لقد شاهدت للشيخ سفر موقفا - ومثله عندي كثير - أكبرته فيه وهذا الموقف كان في مجلس دعوي كبير لعدد من زملائه وطلابه - ربما يصل عدد الحضور لمائة وأكثر - فتكلم برأي إجتهادي فرد عليه عالم آخر أكبر منه سنا وأقل منه شهرة برد قاس جدا الى درجة التسفيه والنقد الذاتي المحطم فلم يتجاوز الشيخ سفر الصمت ولم يقف عند كلامه مع تعجب الحضور من كلام ذلك الشيخ وبعد انتهاء المجلس قام الشيخ سفر فأخذ بخاطر ذلك الناقد القاسي في نقده وأنهى الموضوع بهدوء ، هذا مع أن الشيخ يعاني من ضغط الدم ، وكثيرون من الأصحاء قد تأخذهم العزة فيردون حتى لو لم يكن في ذلك مصلحة للدعوة ؛ فكيف إذا عرفنا أن الشيخ يعاني من الضغط المرتفع.

هذه خواطر جالت في نفسي وانا أتابع أخبار الشيخ وادعو له أحببت أن أشارك بها لأفرغ ما في نفسي من الحزن وليشاركني القاري بعض ما أجد وفي النفس أشياء كثيرة ربما يأتي لها وقت آخر .

اللهم إشف الشيخ سفر وعافه وارزقه الصحة والسلامة ومتعنا بحياته يجاهد في سبيلك ويدافع عن دينك وينصر أولياءك اللهم لا تردنا خائبين يارب العالمين

 

سفر الحوالي
  • كتب ومحاضرات
  • مقالات ورسائل
  • مطويات دعوية
  • الصفحة الرئيسية