اطبع هذه الصفحة


أهمية عمل المرأة في الدعوة إلى الله وضروريته في زمننا الحاضر

د. سفر بن عبدالرحمن الحوالي

 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين

تتشرف الشبكة النسائية العالمية باستضافة الشيخ الفاضل سفر بن عبد الرحمن الحوالي حفظه الله تعالى ورعاه وذلك في باكورة سلسلة محاضراتها عبر غرفتها المتواضعة على البالتوك نفع الله بها الإسلام والمسلمين وأثاب شيخنا الفاضل بالفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين على حسن تعاونه وتلبيته دعوتنا لإلقاء هذه المحاضرة التي عنوانها
(( أهمية عمل المرأة في الدعوة إلى الله وضروريته في زمننا الحاضر))

فليتفضل شيخنا الكريم مشكورا مأجورا .


( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فاللهم لك الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا على ما أنعمت به علينا من نعمة الإيمان والإسلام نشكرك كما يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك ثم نشكر بعد ذلك الإخوة الكرام والأخوات الكريمات الفاضلات الذين واللاتي حرصوا جميعا على هذا اللقاء نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعنا جميعا بما نقول وما نسمع وأن يجعل ما نعلم وما نتعلم حجة لنا لا علينا إنه على كل شيء قدير.

الواقع أيها الأخوات الكريمات أن الأسئلة الكثيرة التي وصلت إلينا كافية في أن نتحدث وليتنا نفي الحديث عنها .

كنت أريد أن أقدم ببعض الأمور أو المقدمات الكليات أوالقواعد العامة ثم رأيت أن كثيرا من هذه الأسئلة يشتمل على هذه القواعد ولذلك رأيت أن أبدأ مباشرة بالإجابة وما يفتح الله تبارك وتعالى به من مناسبة لأصلٍ أوقضيةٍ كبرى من قضايا المجتمع الإسلامي ، قضايا المرأة المسلمة قضايا دعوتها وقيامها بواجبها في عباده الله تبارك وتعالى وتحقيق ما أمر به وغير ذلك ، فكل ما يمكن أن يفتح الله تبارك وتعالى به عليّ فيأتي بإذنه تعالى في ثنايا هذه الأجوبة نسأل الله أن ينفعنا وإياكم جميعا بها إنه على كل شيء قدير.

السؤال الأول كما هي مرتبة عندي هنا :
من أخت تتحدث عن المرأة الداعية الصابرة المحتسبة التي تقوم بأعمال الخير وتنجزها وتضيق أوقاتها بذلك لكن القضية هي أو المشكلة ( أنا أختصر لأن السؤال طويل ) هي الفتور الذي يعتريها في بعض الأوقات فهل من كلمة يارعاكم الله لها لتكون دافعا لعلو همتها وبلسما لآلامها ومشاقها التي تعيقها في طريق الدعوة؟

* فأقول لنفسي ولإخواني وأخواتي الفاضلات جميعا إن مسألة الضعف أو الفتور هي مما شكى منه الصالحون والزهاد وأولياء الله تعالى العباد الذين عرفوا حقارة هذه الحياة الدنيا وأنها إنما هي مزرعة ووقت يغتم للعمل للآخرة فاجتهدوا في ذلك وعرفوا عظيم رضوان الله تبارك وتعالى على من جاهد في سبيله واجتهد في طاعته ورضاه ومن صابر في ذلك وصبر فلما عرفوا هذا وهذا وجدوا أن النفوس البشرية لا تحتملهما بل تعاني من الضعف وتعاني من الفتور وتعاني من أن الحالة التي يرضاها ويرغبها المؤمن لنفسه حالة الخشوع والرغبة والرهبة ، حالة الإنابة إلى الله تبارك وتعالى ، حالة اليقين ، حالة الدمعة التي تذرف لذكر الله عزو جل أو للتفكر في شيء من آلائه ، هذه الحالة لا تدوم ..بل تعقبها حالات من فترات وحالات من أشغال الدنيا ومشكلاتها وحالات من معافسة الأهل والأزواج كما قال حنظلة رضي الله عنه ، وحالاتُ وحالات ، تنتاب القلب البشري الذي لم يسمى قلبا إلا لتقلبه

أقول : إن هذا هو الذي أرق العباد والزهاد من قبل ، وهو الذي يؤرقنا جميعا في هذه الأيام وهو مشكلة كبرى لا بد أن نشكو منها ولكن لابد أن نعترف بأنها حقيقة بشرية إنسانية فالله تبارك وتعالى اختص الملائكة الكرام بأنعم يسبحون الليل واانهار لا يفترون أما نحن فلا بد أن نفتر لما ركب فينا من الضعف البشري ( وخُلق الإنسان ضعيفا ) ولما ركب فينا من وجوب بأداء أو مؤهلات ومكونات تقتضي حقوقا وواجبات للزوج أو للزوجة أو الأبناء وللكدح في هذه الحياة الدنيا ولغير ذلك من الأسباب ، لكن الذي يعزي المؤمن والمؤمنة أنه مبتلى في كل الأحوال وأنه يؤجر على كل ما يصيبه من هم وغم ونصب وأنه يؤجر على كدحه لعياله ، وأنها تؤجر بحسن تبعلها لزوجها وغير ذلك من الأعمال التي جاءت هذه الشريعة الربانية المحكمة العادلة فرفعت مقدار العابد من هذه الأمة حتى جعلته يحتسب نومته كما يحتسب قومته وجعلته لا يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان له به أجرا ، فبهذا نستطيع أن نجعل المسألة ليست مسألة فتور عن الطاعة أو العبادة أو الدعوة بل نجعلها تقلبا لحالات معينة تمر بها النفس البشرية ونجعل في كل حالة من الحالات ، نجعل لها حقا وواجبا لا بد أن تؤديه ، فالرجل عندما يؤدي حق زوجته وأبنائه أو والديه أو حتى بالكد في الدنيا عليهم فإنه يؤدي عبادة شرعية فإن كان الفتور إنما هو لانشغال الإنسان عن قراءة القرآن أو الدعوة أو العبادة بمثل هذه الواجبات فالحقيقة إنما هو نُقلة من عبادة إلى عبادة ، من حالة يتقرب بها إلى الله إلى حالة أخرى

الأمر الآخر أن طبيعة كون الإيمان يزيد وينقص هي تتمثل فيها حالة البلاء والابتلاء الحقيقية التي أُبتلينا بها { ليبلوكم أيكم أحسن عملا } فالبلاء إنما يتحقق بذلك ولو أن المؤمن إذا آمن بالله تبارك وتعالى وبلغ درجة من اليقين لا ينزل عنها أبدا لما كان البلاء بمثل هذه الدرجة وبمثل هذه الخطورة ، لكن البلاء أنه يعقب ذلك ضعف ، يعقب اليقين شكٌ ويعقب الاجتهاد ضعفُ أو فتور ويعقب الإنابة و الخشوع والرغبة والرهبة فيما عند الله يعقبها غفلة أو إهمالُ أو تناسي لذكر الله سبحانه وتعالى ، يعقب الطاعة معصية .. وهكذا كل بني آدم خطاء

فأُجمل القول بأن هكذا خلقنا ربنا تبارك وتعالى ، وعلينا ان نجاهد وأن نقاوم وأن نعتبر ذلك جزءً من البلاء الذي ابتلينا به والعون في ذلك لا يلتمس إلا من الله عز وجل والتوكل عليه عز وجل في هذا هو أعظم التوكل كما قال جل شأنه { وتوكل على الحي الذي لايموت وسبح بحمده } فالتوكل عليه عز وجل في هذه أعظم من توكُل من توكَل من العباد والزهاد في تحصيل رغيفٍ أو عملٍ او معاشٍ أو أمرٍ من أمور الدنيا ، التوكل عليه تبارك وتعالى في الثبات على الصراط المستقيم والتوكل عليه في طلب الهداية والتوكل عليه في ثبات اليقين وحالة الخشوع وحالة الإنابة أعظم من ذلك بكثير وهو الذي كان عليه الأنبياء والعباد منذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا جميعا منهم إنه على كل شيء قدير .

السؤال الثاني :
مجمله هو أن الإعلام الغربي يقوم بحملات واسعة وهجماتٍ على ديننا وعلى عقيدتنا وتنشرها وسائل الإعلام المختلفة ، فالسؤال كيف نستطيع مواجهة هذا التحدي ورجاء التبصير بمدى خطورة هذه الهجمات والحملات .. إلى أخره .؟

* فنقول إيها الإخوة : هذا الدين منذ أن أنزل الله تبارك وتعالى وأهبط أبوينا من الجنة إلى الأرض وأهبط معهما عدوهما وعدونا جميعا الشيطان الرجيم ونحن نعاني من الكيد والمكر الشيطاني ثم كان للشيطان أولياؤه وأتباعه الذين تكاثروا والذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في كتابه فمنهم اليهود ومنهم النصارى ومنهم المشركون ومنهم المنافقون وغير ذلك من أولياء الشيطان الذين يمكرون مكرا لا تطيقه الجبال ، الذين يكيدون لهذا الدين ليلا ونهارا ، لا جديد في حقيقة هذا المكر ، والله تبارك وتعالى يسلي نبيه صلى الله عليه وسلم فيقول : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } بأسلوب الحصر.. ما يقال لك إلا ماقد قيل لأولئك الركب الطاهر المؤمن من قبل فلا جديد في أصل الموضوع ، الذي استجد أيها الأخوات الكريمات هو أن التقنية الحديثة ..أن وسائل الإعلام الحديثة ..أن التواصل البشري الذي نتج عن صورة المعلومات التي تعيشها البشرية الآن _ والتي يبدو أنها لا تزال في أولها _ هو الذي أوجد أو جعل المشكلة تتضخم وتصبح الفكرة أو الموضة أو الموجة أو النزوة أو الانحراف أو الانحلال يمكن أن يصبح في أرض ولكن يمسي في أرض أخرى ويشرق ويغرب في أرض الله تبارك وتعالى في أيام بل ربما في ساعاتٍ ودقائق .. هذا هو الذي استجدَّ في هذا الموضوع .. الذي إذا ينبغي أن نتخذه في مواجهته هو مضاعفة وسائل الدفاع والهجوم معا

الدفاع بمعنى التحصين من الشهوات والشبهات والقيام بواجب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى في هذا ،، والجانب الأخر هو واجبنا في الدعوة أيضا أن نقوم نحن باستغلال هذه الوسائل الحديثة في الدعوة إلى الله عز وجل والإفادة من هذه التقنية وهذا التقدم وهذا التطور في نشر دين الله الحق بفضائله وقيمه وأخلاقه وسلوكياته التي تعجز عن الإتيان بها كل الأنظمة البشرية الوضعية فإن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزل هذه الشريعة المحكمة وجعل ما عداها كما قال عز وجل { أفحكم الجاهلية يبغون } وكما قال تبارك وتعالى { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون } فنحن عندنا شريعة الجاهلية وأهواء الذين لا يعلمون والذين لا يعلمون هم الجاهليون والجاهلون بأمر الله ودينه الحق وإن علموا شيئا من ظاهر الحياة الدنيا فلا يضر ذلك بكونهم جاهلين ،أقول هذا من جانب .. والجانب الآخر هم أو أعداءهم هم المؤمنون .

الشريعة الإيمانية في جانب والشريعة الجاهلية في جانب .. والوسائل المادية هي مما يتنازعه الطرفان كما كانت صناعة الرماح والسيوف مثلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فتصنع للمؤمنين وللكافرين ، وهذا يقاتل بها دفاعا عن دين الله وجهاد في سبيل الله وذاك يقاتل بها رياءً وكبراً وخيلاء وإظهارا للباطل على الحق وهكذا..

إذا الواجب علينا في هذه الحالة هو أن نكثر ونعمق الدعوة والإيمان من خلال الاستخدام الأمثل والأفضل لهذه الوسائل الحديثة التي تقوم بهذا السوء ونقلبها ونحولها بإذن الله تبارك وتعالى إلى أداة للخير والبشائر في هذا الحمدلله مشجعة وكل من جرّب من الإخوة أن يستخدم هذه الوسائل رأى خير ذلك والله عز وجل ينمي الخير ويباركه ويحق الحق بكلماته ويمحق الباطل ويزهقه ويدمغه وهذا رجاؤنا وثقتنا فيه تبارك وتعالى

السؤال الثالث
من أخت في الله تقول أو موجزه : أن مجموعة من القتيات متساهلات في أمر دينهن لا يتحجبن الحجاب الكامل ويتبعن الموضات الأزياء وقد يقمن صداقات محرمة إلى آخره ، السؤال كيف نستطيع تغيير مجرى حياتهن وجعل همهن أن يكون همهن هو خدمة هذا الدين والدعوة إليه والأمر صعب ويحتاج إلى جهد كبير معهن .؟

* لا شك في ذلك يعني ما يمكن أن نسميه الغافلات وكلنا غافل نسأل الله أن يصلح أحوالنا ويجنبنا ذلك ، كلنا في غفلة إلا مارحم الله عز وجل هؤلاء الأخوات الغافلات أخواتنا في الإسلام اللاتي أحوج ما يكون إلى النصح والهداية لاشك أن العمل معهن يتطلب جهدا وعملا دائبا ، ويتطلب مصابرة ومثابرة وسعيا دؤوبا ، وتجارب ، بل .. منهجية تأخذ من التجارب وتفيد من هذه الأعمال وترتبها وتنظمها لتقديم الخير في أفضل وأزكى وأقرب صورة تطمئن أو ترق بها قلوب هؤلاء الأخوات والإخوة جميعا على أيه حال ، يعني مسألة تغيير العاصي إلى أن يكون مطيعا ، أو المبتدع إلى أن يكون مستقيما على سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي أيضا كتغيير الكافر او من جنس تغيير الكافر ليكون مسلما وإن كانت أخف عبئاً ، لكن على أية حال هذا عمل الأنبياء وهذه وظيفتهم وهذا شأنهم ، وهذا هم من وفقه الله تبارك وتعالى لاقتفاء طريقهم { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }

أذكّر الأخوات الكريمات بأمر قد يغيب عن الأذهان : أن لانكتفي بمجرد إحكام المنهج الدعوي في كونه كلمةَ او شريطا أو فيلما أو نشرةً وتقديمه بأفضل الوسائل وما إلى ذلك بل نحتاج إلى امر قبل ذلك ومعه وبعده وهو الإخلاص لله سبحانه وتعالى والاجتهاد في الدعاء والضراعة إليه بأن يهدي الله تبارك وتعالى من ضل ويذكر من غفل وأن يجعلنا جميعاً هداةً مهتدين .. هذا الاهتمام وهذا الدعاء هو مما تتواصل به القلوب وقد لا تدركه الأبدان وقد لا يدخل تحت اختبارات المعامل والتجارب لكن القلوب عندما تتخاطب وتتجاوب الله عز وجل يفتح من الأساليب ما لا يدركه البشر ، والكلمة الطيبة لا تضيع إذا خرجت من قلب صادق فإنها مثل البذرة الصالحة لو لم تنجح أو تزرع اليوم فإنها بإذن الله تبارك وتعالى إذا وقع عليها المطر ولو بعد حين جاءها الوابل الصيب وجاءها الخير فأنبتت ربما في مكان أو في زمان لا يظن من ألقاها أول مرة أنه هو الذي ألقاها وأنه هو الذي بذرها ولكن الحكيم العليم عز وجل يعلم ذلك فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى قيام الساعة سواء علم هو أو لم يعلم .

المهمة شاقة ، لا شك في ذلك .. والعمل صعب ، لكن واجبنا جميعا هو أن نجتهد فيه ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا فيه وعلى قدر الاجتهاد والتركيز مع فئة مؤمنة منتخبة صالحة تكون عمادا لقيام الأمة تكون النهضة العامة للأمة ، لابد من قاعدة قوية ، من نخبة ، فئة منتخبة مصطفاة منتقاة من الإخوة والأخوات يتربون بل يتزكون تزكية عالية منهجية وبهؤلاء وعليهم تقوم الأمة .

يعني هناك أمران ..جانب البلاغ العام لكن أمر آخر ومهم جدا هو جانب التركيز على صفوة مختارة تقيم الحجة على العباد بالفقه وبالعلم وبالدين وبالزهد وفي الضراعة والإنابة والرغبة والرجاء إلى الله تبارك وتعالى ، فلا بد من السعي المتكامل في هذا الشأن وهو باختصار هو شأن الدعاة جميعا فأي كلام يمكنكَ أو يمكنكِ أيتها الأخت الفاضلة أن تقوليه في دعوتك إلى الله عز وجل فإنه يقال في هذا الموضع وهو شأننا جميع نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك جهودنا إنه على كل شيء قدير .

السؤال الرابع موجزه :
كيف ندعو نساء الغرب غير المسلمات إلى الإسلام وكيف تستطيع المرأة المسلمة أن تقوم بهذه المهمة ، التي تستخدم الإنترنت أو لا تستخدمه ، وأنه ليس كل الأخوات يملكن اللغة التي يمكن بها مخاطبة غير الناطقين بالعربية؟

* أولا أنا أشكر الأخت الفاضلة على أنها نبهتنا على جانب مهم وهو دعوة غير المسلمين وغير المسلمات للإسلام فهذا الجانب ربما يظن بعض الإخوة والأخوات أنه لا علاقة للمرأة به ، والحقيقة أن المرأة المسلمة مطلوب منها في دعوتها إلى الله أن تخاطب المشركات والكافرات كما تخاطب المسلمات ، أما الإمكانات والوسائل فهذه بما يقدره الله تبارك وتعالى { فاتقوا الله ما استطعتم } علينا نحن أن ننشر هذا الدين بلغتنا ، باللغة العربية لمن يجيدها ونستفيد من الإخوة الذين يتقنون لغات أخرى ولا نعنى لغة واحدة بل لغات كثيرة ونحتاج كل اللغات الإسلامي منها وغير الإسلامي في نشر هذا الدين وتبليغه

أرجع إلى ماقلته في السؤال السابق أن النخبة المصطفاة والقاعدة الصلبة القوية إذا أقيمت فإن الترجمة تصبح عملا عاديا ، بمعنى أن بإمكاننا _ونحن نرى هذا ولله الحمد_ بإمكاننا أن نترجم أي كتاب لشيخ الإسلام بن تيمية أو أي كتاب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه أو أي محاضرة لأي شيخ ، إما شفهيا وأما كتابيا ، يعني استكمال ذلك ليس بالأمر العسير وإن كنا لازلنا في الواقع متخلفين فيه ، لكن هو أمر ممكن مع نوع من الاجتهاد والمثابرة في هذا وهذا يغطي ذلك الجانب ، لكن المهم هو قيام أو وجود قاعدة قوية باللغة العربية من الإخوة والأخوات الذين يجيدون الدعوة إلى الله بهذه اللغة . ويبقى أنه لا يغني هذا عن الأخوات الداعيات اللاتي يتكلمن لغات أخرى من حيث الأصل أو ممن يتعلم اللغات الأخرى من الناطقات باللغة العربية فلاشك أن الواجب على الجميع بقدر الاستطاعة هو أداء هذا الفرض الكفائي الذي يريده الله تبارك وتعالى منا جميعا

الأخت الفاضلة ذات السؤال الخامس
في مقتبل العمر نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتها على الاستقامة التي تقول أن الله قد منّ بها عليها منذ فترة إلا أنها تشكو من بعد الوالد والإخوة عن الدين وبقائها في فراغ في بيت بلا زوج ولا وظيفة فماذا تفعل في إصلاحهم وتقول أنها تشعر باليأس وتردد اللهم أحييني ماكانت الحياة خير لي وتوفني ماكانت الوفاة خير لي إلى آخره ...؟

* الدعاء هذا حق لكنه لا يدعى به بإطلاق إنما يدعى إذا اشتبهت الأمور ، نحن الذي نراه إن شاء الله في هذه المرحلة أنكِ لستِ في وضع غير طبيعي ، ووجود أخت أو أخ إنما أتكلم الآن للأخوات .. وجود أخت مستقيمة في بيت ليس بتلك الاستقامة ، أو وجود أخت ذات فراغ بلا زوج ولا عمل ، هذا أمر ليس بمستغرب ، هو من بلايا عصرنا المعقد ومشاكله التي يعاني منها كثير من الإخوة والأخوات فلذلك نحن نقول ليس في الأمر ما يقتضي الاقتراب من مرحلة اليأس .. لا ، نحن نقول أيتها الأخت الكريمة إننا مثل ما سبق الحديث آنفا نحتاج إلى صبر ومصابرة نحتاج إلى دعوة إلى الله تبارك وتعالى مستمرة ، نحتاج إلى إيمان ، إلى ضراعة إلى الله عز وجل في تثبيتنا واستقامتنا ، وتثبيت الأخوات اللاتي أيضا نريد أن ندعوهم ، والأهل والوالدين على نحو ذلك ، والله تبارك وتعالى في القرآن ضرب لنا أمثلة من هذا : فإبراهيم عليه السلام خليل الرحمن إمام الموحدين الذي لا يمكن أن يقول أحد أنه لم يقم بواجب الدعوة أو لا يستطيعها او غير بليغ فيها إلى آخره .. هو عاني ما عانى من أبيه ، والنبي صلى الله عليه وسلم كذلك نلاحظ قصته مع عمه أبي طالب وهكذا فالقضية كما قال عز وجل : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء }

والوالدين بالذات .. أوصي بالوالدين بالذات خيرا كما أمر الله تبارك وتعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي } المصاحبة بالمعروف حقٌ جعله الله تبارك وتعالى للوالدين المجاهدين لابنهما على الشرك وليس فقط للطيبَين الطاهرَين المخبتَين المنيبَين { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما } فهناك نهي صريح بل براءة من ما يكون عليه الوالدان من الشرك ومع ذلك فهناك أمر بالمصاحبة بالمعروف أي المعاشرة والخدمة والقيام بالواجب والبر والصلة والإحسان وهذا من أعظم أسباب الدعوة ولكن ليس المقصود فقط الدعوة ، هو مقصود لذاته حتى لو لم يؤمن الأب وإن لم يهتدي لا يسقط حقه في البر وفي الوفاء معه ، أما مسألة عدم الزوج وعدم الوظيفة فهذه أمور يشتكي منها المجتمع ويجب أن تُحلّ لا عن طريق الأخت وحدها بل عن طريق الأخت والأخوات والمجتمع ككل يتعاون في هذا الشأن ويجتهد وإذا جاء الزوج وهو موظف فالحمد لله هناك غنى عن العمل وعن الوظيفة إلا وظيفة الأمومة والحياة الزوجية والقيام بالدعوة أيضا مع ذلك لكن المقصود أن هذا من واجب الجميع التعاون فيه وعلى الأخت الفاضلة أن تجعل دعاءها هو ان ييسر الله تبارك وتعالى لها الحياة الطيبة الكريمة وأن يمنّ عليها بزوج يسعدها ويعينها على تقوى الله وعلى طاعته ونحن جميعا ندعو ونقول آمين لها ولأخواتها أجمعين.

السؤال السادس :
عن المعركة بين الإسلام وأعدائه وأنها قائمة مستمرة وكل يوم تتجدد فيها الخطط ضد المرأة بالذات والأسرة إلى أن قالت الأخت الفاضلة فما هو سلاح المرأة المسلمة في هذه المعركة الذي تصول به وتجول لإعلاء كلمة الله والارتقاء بالدين ودحر أعداء الإسلام والتفافهم؟

* نعم .. سلاح المقاومة ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه في آياتٍ كثيرة ، إن كانت مقاومة قتالية في حال قتالهم لنا ، وإن كان في حال هجومهم وتخطيطهم وعملهم لإخراجنا من ديننا فمن ذلك الصبر ، الصبر ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه كما قال الأمام أحمد لما عرضت عليه المحنة ، قال فتأملت في كتاب الله فوجدت الصبر في أكثر من تسعين موضعا { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } الصبر على هذا الدين ، الصبر لله والصبر بالله والصبر على أقدار الله كل ذلك مطلوب والصبر على الطاعة وعلى أدائها على أفضل وجه والصبر عن المعصية واجتنابها على أفضل وجوه الاجتناب والترك وأبعدها عن الاقتراب أو الوقوع في الشبهات مع الصبر على أقدار الله تعالى ومنها تسليط الأعداء علينا وإظهارهم لحكمٍ يعلمها عز وجل ، كل ذلك من الوسائل أو السلاح الذي تقاوم به المرأة المسلمة والأمة المسلمة أعداءها ، كذلك التقوى ، والتقوى والصبر متلازمان وهذه في الجملة أيها الأخوات الكريمات المصطلحات أو الكلمات القرآنية تتداخل في معانيها فالصبر واليقين والإحسان كلها تتداخل لكن كلُ منها له معنى يخصه ولا يشركه الأخر فيه ولا في جزئياته لكن عموما التقوى والصبر لا بد منهما وتقوى الله عز وجل أساس كل فلاح ولو لم يكن من ثمرات وفوائد تقوى الله عز وجل إلا أنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وأنه من يتقِ الله عز وجل يجعل له فرقانا فيفرق بين الحق والباطل ويعرف به الخير والشر لو لم يكن إلا ذلك فهذا خير كبير وعظيم عند الله عز وجل ، ثم هناك الدعاء وهو سلاح المؤمن كما جاء في الحديث وسلاح المؤمنة وقال صلى الله عليه وسلم (إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم ) فلا بد أن نجتهد بالدعاء ، الدعاء لهذه الأمة بالنصر والتمكين والثناء والرفعة والدعاء على أعداء الإسلام المحاربين لدين الله تبارك وتعالى والدعاء بالهداية لمن يحاول أن يجتهد في دعوته ليهديه الله تبارك وتعالى كما قد سبق من قبل

الدعاء هو من التقوى ومن الصبر لكن خصوصيته لأنه ذكره الله تبارك وتعالى ورأيناه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .. والأنبياء ..دعا نوح عليه السلام ،ودعا موسى عليه السلام ،ودعا إبراهيم عليه السلام ، سواء كان الدعاء لهم (لقومه) أو عليهم وكذلك دعا محمد صلى الله عليه وسلم وكان يدعو وعلمنا الله تبارك وتعالى الدعاء بل إننا في الحقيقة في كل ركعة من صلاتنا ندعو فنقول اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين هذا كله من الدعاء وهو من أعظم الأسلحة التي نقاوم بها أعداء الله تبارك وتعالى ، مما يعيننا على المقاومة في هذا وهو من الأسلحة العديدة في هذا الثقة واليقين في نصر الله عز وجل . وإذا أردتِ أيها الأخت الفاضلة ، أي أخت منكن تريد أن تعرف حقيقة وأثر ذلك فلتنظر كيف قصّ الله تبارك وتعالى علينا في كتابه الكريم قصص الأمم الغابرة وكيف أرانا أيام الله في الذين خلوا من قبل وذكرنا بها وكيف حدثنا عن مصارع القوم وعن ما آلوا إليه وعن ما تركوا من جنات وعيون وزروعٍ ومقام كريم وعن خذلان الله تبارك وتعالى لهم ، كيف خانتهم قواهم وهم أحوج ما يكونون إليها .. كيف يفرون من مساكنهم التي طالما عمروها كيف تخونهم وتنهار أمامهم جيوشهم التي طالما جمعوها وألبوها ، كيف تنهار وتخسر أموالهم وتكون حسرة عليهم وطالما جمعوها وكنزوها وادخروها وانفقوها لحرب هذا الدين الجليل وهكذا .. نجد عبرا ، نجد أياتٍ يقرؤها الطفل المسلم وهو لا يزال في المرحلة الابتدائية بل دونها عن هلاك عاد وفرعون وثمود وأمثالهم وهذا مما يعيننا أن نعلم أن عدونا الحاضر الآن إن كان الصهيونيه العالمية وإن كان القوى الطغيانية الأخرى ، وإن تألب علينا الشرق والغرب والمنافقون معهم من داخل مجتمعاتنا فكل ذلك في الحقيقة إنما هو تكرار لما قد كان من قبل والنتيجة واحدة ، والمهمة التي علينا نحن هي الصبر والاستمرار واليقين بأن مصير هذا الدين هو الظهور والعلو والانتصار ومصير أولئك هو الدحور والخزي والعار في الدنيا والآخرة والله تبارك وتعالى يقول { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم } يعني بحنده الذين لا يعلمهم إلا هو { ولكن ليبلو بعضكم ببعض } أي إن هذا حكمة من الله عز وجل ليمتاز المؤمنون عن أولئك وليكون للنصر حلاوته وبهجته ورونقه .. لماذا ؟؟ لأنه يأتي بعد الجهد البشري ، بعد ما نبذل نحن من جهد بخلاف لو جاءنا مجانا بمجرد أن نقول أننا آمنا .. لا .. {أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } ما يمكن { ولقد فتنا الذين من قبلهم } لابد .. لكي ماذا . تظهر الحقيقة الساطعة التي هي في علم الله ثابتة ، لكن تظهر في الواقع البشري حقيقة الصادق من الكاذب ولكي يميز الله الخبيث من الطيب فاليقين في نصر الله عز وجل واليقين في أن كل قوى الطغيان والكفر في الأرض ستنهار وتدمر لسبب واحد هو الأساس وتأتي الأسباب الأخرى المادية تبعا ، وهو كفرها بالله وجحودها وطغيانها وبغيها وعدوانها وكل ذلك من الكفر ومظاهره وصوره ، هذا يجب أن يكون حاضرا في قلب كل مؤمن { لا يغرنّك } تحذير من الله سبحانه وتعالى { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاعٌ قليل } قليل .. مهما يكن فهو قليل ، يعني أكبر طواغيت العالم اليوم يحكم بلده أربع أو ثمان سنوات .. قليل ، ماذا يعني ذلك .. ماذا يعني ، نحن في عمرنا المحدود أيها الإخوة والأخوات ، عمرنا نحن المحدود هذا أدركنا امبرطوريات انهارت ، أدركنا انهيار فرنسا وبريطانيا مثلا اللتين كانتا الدولتين العظميين ثم انهيار الاتحاد السوفييتي هذا أدركه أبناؤنا سبحان الله .. وسوف نرى بقوة الله عز وجل انهيار القوة الطاغية الآن التي تتآمر علينا وعلى أمتنا نسال الله تبارك وتعالى أن يرينا فيهم عجائب قدرته وأن يكفينا شرهم إنه على كل شيء قدير

السؤال السابع :
بعض الفتيات هداهن الله يرددن ما ينادي به دعاة التحرر _ وهو الرقّ حقيقةً _ والتغريب والعلمانية ويطالبن بحريتهن ويتضجرن من وجود المحرم أو ضرورة وجود المحرم معهن وتقييدهن بالحجاب الشرعي .. كيف نخلّص بنات الإسلام من هذه الأفكار والثقاقات التي يروج لها البعض ؟؟

* سبق في مجمل وفي مضمون الأسئلة الماضية ماقد يجيب عن هذا ، ربما يكون الجديد في هذا هو أن هناك دعاة .. ما يسمى دعاة التحرر والعصرية والتغريب كما ذكرت الأخت والعلمانية كلها ألفاظ متقاربة مترادفة ، المقصود في هذا الشأن أن المدلول واحد هو : المهمة الشيطــانية .. وجود من يقوم بالمهمة الشيطانية ، المهمة الإبليسية الغاية الإبليسية { ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما } إظهار العورات هذه مهمة شيطانية حرص عليها إبليس عدو الله منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى أبوينا في الجنة ورآهما ، وذريته والمتواطئون معه لا يزالون حريصين عليها ، غاية ما يسعون إليه هو الإفساد والتعري لكي تتمرد المرأة المسلمة والفتاة المؤمنة تتمرد على ربها عز وجل وعلى دينه وعلى شريعته وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم وتنسلخ من أخلاق أمهات المؤمنين الفاضلات التقيات ، هذا العمل أو هذا الجهد الذي يقوم به الآن البعض في ديار الإسلام يجب أن يقاوم

وأقولها بكل صراحة الآن : يجب يا أخواتي الكريمات أن يقاوم منكن أنتن بالدرجة الأولى ، مهما كتبنا نحن أو قلنا يظل أننا نتكلم عن غيرنا أما إذا قامت الأخوات الفضليات بواجبهن وخاطبن ورددن وناقشن وبينن أن الحرية كل الحرية في تقوى الله عز وجل والالتزام بأمر الله وأن العبودية والرق والذل والمهانة والخزي والعار إنما هي في اتباع غير شرع الله تبارك وتعالى والتحلل والانحراف والانحلال وإن سمي ذلك تقدما وإن سمي عصرية وإن سمي ما سمي ، فما من سمٍ ولا شرٍ ولابلاءٍ في الدنيا إلا ولأهله اسمٌ يسمونه به من أسماء الزيف اللاتي يأتي أصحابها ، فلو قدموها للناس على أنها السم الزعاف ما قبلها أحد لكن تقدم في أثواب شتى من أثواب الزور والبهتان والشعارات الخادعة والمظللة لكي تسلب العقول ، مثلما سحر سحرةُ فرعون أعين الناس واسترهبوهم فيأتي هذا البهرج التقدم والحضارة والرقي والعصرية والتغريب إلى آخره فيسلب عقول ضعيفات الإيمان من المسلمات وبدلا من أن تعبد الله عز وجل وأن تطيعه تتعبد بقيود والتزامات يفرضها أصحاب الأزياء وأصحاب الأهواء وأصحاب الشهوات فيفرضون على المرأة شروطا باهضة وعلى الرجل ، الحقيقة تكون المرأة هربت من التكليف الشرعي الرباني وهو طمأنينة وهو راحة وهو هداية وهو استقامة إلى الالتزام لأهواء الذين لا يعلمون ولتشريعات وحي شيطان الجن والإنس إلى أوليائهم وهي في الحقيقة تحمل من معاني الذل والخزي و المهانة ما سبقت الإشارة إليه فأقول : أرجو من أخواتي الكريمات أن كل واحدة منهن تعد نفسها لتقوم هي بواجب في هذا الشان وكلما رفع أحد من هؤلاء عقيرته بنداء التغريب أو العلمنة أو التحرر يرفعن هن صوت الحق في وجهه رافضاتٍ ذلك رفضا قويا بأدلته من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعزيمة والإصرار على التمسك به وإن ارتدت عنه الدنيا كلها وإن نابذته الدنيا كلها العداء نسأل الله الثبات للجميع إنه على كل شيء قدير

السؤال الثامن :
كيف تستطيع الداعية الحصول على القبول بين الناس وكيف تتمكن مع كثرة الواجبات من متابعة مشكلات الأمة وهمومها والوقوف في وجه الغزو الثقافي .. إلى أخره؟

* كأني أفهم من الأخت في الحقيقة للسؤال جانبان : الجانب الأول القبول عند الناس ، والجانب الآخر التوفيق بين الواجبات أو التنسيق بينها .

أما القبول فهو أولا من عند الله تبارك وتعالى ، إذا أحب الله تبارك وتعالى نادى جبريل ونادى في الملأ الأعلى إني أحب فلانا فأحبوه فيحبونه فيوضع له القبول في الأرض ، وبالعكس أعاذنا الله وإياكم إذا أبغض عبدا من عباده ، ومعنى أنه من عند الله أننا بالإخلاص لله والتقرب لله عز وجل يمكن أن نحظى بالقبول لا لذاتنا لكن نريد للحق أن ينتشر ، ليس لذواتنا ولا نعني بالقبول مجرد التقرب بالطاعات ، بل من شروط القبول وصفاته ومؤهلات القبول أن نتحلى بأخلاق القبول أو متطلبات القبول التي هي أو منها : حسن الخلق والبشاشة واللين { فقولا له قولا لينا } فالقول اللين أدعى إلى القبول بلاشك بإجماع كل العقلاء ، الكلمة الحسنة أدعى ، البر والصلة ، تعجب كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شدة عداوة المشركين له وتتبعهم له ولا سيما عند الهجرة وعن الاحتياطات التي عملوها للهجرة أن الأمانات _ أماناتهم _ تكون في بيته صلى الله عليه وسلم .

الثقة في أمانة المؤمن ، في أمانة الداعية المسلمة وفي حبها وحرصها على الخير وإخلاصها هذه من أعظم مايعطي الله تعالى به القبول لها فتكون عند الناس الصادقة الأمينة وإن لم يستجيبوا لها في دعوتها كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك ، فللقبول مؤهلاته وهو على أية حال في جانب القبول بالذات يمكن الإفادة ( وفي غيره ) من الفوائد أو من التجارب البشرية الحديث منها والقديم في التعامل مع الخلق ، وهناك شيء منها جبلة وطبيعة كما كان كثير من الناس في الجاهلية والإسلام محببين إلى الخلق ، وهناك جانب مكتسب ، يكون الحلم بالتحلم ( إنما الحلم بالتحلم ـ وإنما العلم بالتعلم ) كما جاء في الحديث أيضا ، فكل شيء يؤتي بالاكتساب والمران والتدريب على ذلك حتى يحقق الإنسان لنفسه القبول ، ليس طبعا لذاته لكن لأننا نريد أن يقبل الناس الدعوة والناس الآن بالذات في هذا الزمن ملوا من شعارات تردد ويريدون حقائق يرونها في العدل أو الإخلاص أو الصبر أو القيام بالواجب أو النظام سواء كان ذلك على مستوى الدول أو المجتمعات والمؤسسات .

أما التنسيق بين الواجبات فينبغي أن نعلم أن تكاثر الأعباء هو المشكلة التي نشتكي منها جميعا وتداخل الواجبات وما لم يكن لدينا المقدرة على ترتيب الأولويات وعلى وضع كل شيء في موضعه وإعطاء كل ذي حق حقه فإننا نكون مقصرين وإن أفلحنا في بعض الجوانب وهذا لا ينبغي وقد يكون أيضا مما يوقع في الإثم ، فزوجةُ مثلا تترك حق زوجها وأبنائها وتقصر فيه تأثم وإن كانت داعية ناجحة والعكس ، يعني يجب أن يكون هناك منهج في التنسيق بين هذه الواجبات والأعباء والمهمات وهناك أكثر من توجيه أو حيلة إلى هذا .

الواقع أنا أعتقد أن هذا من الأمور التي لايمكن أن ينفرد بها الأخ أو الأخت بذاته ولكن تكون بنظر من يعرف ذلك وممن يستشار في ذلك الزوج والزوجة ويستشار في ذلك أيضا المربي والموجه والأخوات المشاركات مثلا في العمل الدعوي ، يعني الكل ممكن أن يعطي رأيه في أنه : ماذا أصلح له ، وماذا علي أن اقوم به ، وكيف أوفق مع واجباتي الأخرى .

لمـاذا ؟ لأن الحياة البشرية مختلفة ، فكل أخت هي غير الأخرى بلاشك ، وتتشابه بعض الأعمال لكن يظل أن لكل إنسان طبيعته، وأن لكل زوج أو زوجة أيضا طبيعته الخاصة ، وعدد الأطفال يؤثر ونوعية العمل ، بل بعد المسافة أحيانا بين البيت والعمل مثلا تؤثر ، بل نوعية الأعباء في المنزل تؤثر ، التقاليد والعادات في هذا وطريقة استقبال الضيوف وكذا وكذا ،، لأن العمر هو هذه الأيام وهذه الساعات فكثير من العادات تفرض أحيانا على المرأة ساعات طويلة في المطبخ وفي كذا ، بينما نجد في بعض المجتمعات أنها لا تحتاج منها إلا دقائق أولا تحتاج منها شيئا وهكذا فلا بد أن يكون هناك مراعاة للفروق الفردية واستشارة ومن هنا قوله تعالى { وأمرهم شورى بينهم ) يصلح في هذه المسؤليات وفي غيرها نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا جميعا إنه على كل شيء قدير .

السؤال التاسع من أخت فاضلة تقول :
إن بعض الداعيات هداهن الله قد يخالط عملهن في مجال الدعوة رياء وسمعه وقد يطرأ عليهن ذلك نتيجة لمدح الناس والمجتمع لهن فكيف يمكن للداعية أن تتلافى ذلك وأن تكون عملها خالصا لله وحده المطلع على السرائر ؟

* نعم ..هذا الموضوع أيها الأخوات يختلط على الناس في بعض الأمور ، هناك مسألة .. يعني .هناك عاجل بشرى المؤمن كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم ، عاجل البشرى أنت ترغبه ، أو أنت أختي الداعية تريدينه إذا دعوتِ الله عز وجل أن تري آثار الدعوة وأن يستجاب لك وتفرحين بذلك وهذا حق من حقك ، ولكن يختلط عند بعض الأخوات إذا كنت قد فرحت بنجاح دعوتي أو بقبولها فهذا رياء أو هذا سمعة .

نعم قد يكون البعض لا يريد إلا ذلك وهذا ولا شك خطرٌ عظيم { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } فهذه الآية مجيء النهي عن الشرك بعد العمل الصالح يدل على أنه كما فسرها كثير من العلماء المقصود هو إخلاص العمل من شرك الرياء { ألا لله الدين الخالص } ومن عمل عملا كما جاء في الحديث القدسي أشرك فيه غيره فهو للذي أشرك ،ولأن الله سبحانه وتعالى أغنى الشركاء عن الشرك عز وجل فإذا الأمر خطير يجب أن نتنبه له ، لكن هناك غلو يأتي به الشيطان في هذا المجال فيقول : مادمتِ قد عملتِ هذا العمل وفرحتِ بثناء الناس عليك فهذا لغير الله إذا فلا تعملي .. إذا فلا تعملي!! وهذا هو مشكلة وهذا هو خطأ فالعمل إن كان من أجل الناس وإن كان ترك العمل أيضا من أجل الناس فكلاهما مذموم وكلاهما منهي عنه ، فإذا يجب أن يكون العمل لله وإن رآه الناس وأثنوا عليه ويأتينا ذلك في الأعمال التي جعلها تبارك وتعالى حالها مستويا أو قائما في كلا الحالين في السراء والضراء كما قال { الذين ينفقون أموالهم بالليل النهار سراً وعلانية} يعني في هذه يستوى الأمران ولا ينبغي لنا أن تكون صدقاتنا وأعمالنا كلها سراً.. نحقق كلا المعنيين الذين ذكر الله تبارك وتعالى لكن هذا له حكم ومصالح ومعترك الرياء وهو الجهر بها وإظهارها ، وهذا له حكمه ومصالحه وهو أن لا تعمل الشمال ما تنفق اليمين لكي يكون هناك إخلاص لله عز وجل في هذا فيجب علينا أن نجتهد في المواءمة والتوفيق بينهما وعموما أيتها الأخوات الفقه المتعلق بأعمال القلوب نفيس وعزيز وأرجو من كل واحدة منكن وفقها الله أن تجتهد في هذا النوع من الفقه وأن تبذل ما تستطيع بإذن الله تعالى لكي تتفقه فيه وأعظم مصدر له هو كتاب الله عز وجل وعمل النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال العاشر
ماهو واجب المرأة المسلمة الداعية تجاه أخواتها الأسيرات المضطهدات الأسيرات ( يمكننا أن نضم إليه السؤال الثالث عشر) الذي بعبارة الأخت الفاضلة تقول :إن وضع أختنا الفلسطينية المجاهدة الصابرة في ظل استبداد أصحاب الغدر والخيانة قاتلهم الله محزن بالفعل بل هو مأساة بالغة فقد هتكت الحرمات وشردت الأسر وعذبت الفتيات وكشفت العورات .. ومع ذلك كنّ ولازلنّ يحملن على عواتقهن الوقوف على ثغر من ثغور الإسلام ضد العدو الصهيوني بل أيضا تحملن مسؤلية تربية جيلٍ بل أجيال من المجاهدين والمجاهدات فما واجبنا مع هؤلاء المستضعفات وكيف لنا أن نقف معهن على هذا الثغر وأن ندعمهن بشتى الطرق مع اعترافنا بتقصيرنا في ذلك بشكل كبير والله المستعان ؟

* نعم .. الأمة المسلمة مبتلاة الآن ومستضعفة في كل مكان في العالم والعبء الكبير الذي يقع على رجالها يقع مثله وأكثر منه على النساء بل الغالب أن عبء المرأة أكثر لأنها بطبيعتها تعاني من الضعف الذاتي من جهة والأعباء .. أعباء الأسرة وأعباء الأبناء من جهة أخرى فهي لم تؤهل لهذا الاستعباد أو هذا الأسر والاضطهاد أو هذه المعاناة الطويلة كما أُهِّل الرجال ومع ذلك فإن صبرها تؤجر به عند الله تبارك وتعالى .

واجبنا نحن عظيم بلا شك .. يجب علينا أن يشعر كل أخٍ هنا أن له إخوة هناك وكل أخت هنا أن لها أخوات هناك يجب علينا أن نستشعر حقيقة الأخوة الإيمانية وأننا كالجسد.. كالبدن الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له بقيته بالحمى والسهر.. أن المؤمنون إخوة كما قال تبارك وتعالى .. أن عدونا واحد ..أن الذي استفرد أو أكل الثور الأبيض اليوم فإنه سوف يأكل الأحمر غدا والأسود بعد غد وربما أكلها جميعا غدا .. وهكذا .. لا يجوز أبدا الحالة التي يريدها منا الأعداء، أن يشغلوا كل مجتمع بمشكلاته وهمومه ، بل أصبحوا يشغلوا كل مجتمع بشهواته أو كدحه من أجل نيل القوت لأن مجتمعاتنا على نوعين : نوع يكدح فقط لكي يحصل على القوت ونوعٌ آخر مشغول بالشهوات والتفنن في البذخ واللهو وهذان كلاهم خطر عظيم ويشغلان عن الاهتمام بالقيام بواجب الأخوة الإيمانية ..الأخوات المؤمنات أشياء يقشعر منها البدن تقع في فلسطين المباركة الصابرة المجاهدة وتقع في العراق وتقع في افغانستان وفي كشمير وفي الفلبين وفي أريتريا ، أيضا في الصومال ، في الشيشان ، في البوسنة ، في مناطق كثيرة جدا هناك ، بل اضطهاد كما ذكره الأخوات في السؤال الحادي عشر أنه حتى في الدول التي تزعم الحرية ، فرنسا التي يسميها البعض الفجر انبثق منها النور والفجر الجديد على العالم وباريس عاصمة النور ووو إلى آخره .. ضاقت علمانيتها وحريتها وحقوق الإنسان وكل هذه الشعارات الجوفاء ، أو الحقيقية عند بعضهم لا شك أنها قيم ،..يعني ضاقت عن قطعة من القماش تضعها الفتاة المسلمة على رأسها !! هذا معناه أن هذه الأمة مبتلاة فعلا ليمحصها الله عز وجل وليرفع من شأنها وليميز الخبيث منها من الطيب إذا نحن في مواجهة هذا البلاء يجب ان يكون لدينا حلولا عملية، ولا نكتفي بمجرد البكاء أو الرثاء أو الحزن أو الألم ومن ذلك على سبيل المثال أيها الأخوات أن كل أخت عاملة _ أنا أنصح وأوصي كل أخت عاملة_ موظفة وإن كان كلا الزوجين يعمل أو لديهما دخل مناسب من وظيفة أو غيرها فالواجب يتحتم أكثر أن كلا منا يكفل أسرة فلسطينية ، ثم نتجه إلى بلاد أخرى نعلم كيف يمكن أن نوصل إليهم الإغاثة وكيف يمكن أن نقوم بواجبنا في إيصال الكتاب النافع أو الشريط النافع أو العلم النافع ومعه أيضا الإغاثة ومعه الحجاب.

كثير من الفتيات في دول عربية قريبا منا لو كانت تستطيع أن تشتري ما تتحجب به لتحجبت فلو أوجدنا نحن مشاغل .. المشاغل تقوم بأمرين : تشغيل الأخوات الفاضلات يعملن فيها وإنتاج ما تلبسه هؤلاء الراغبات في الهداية والحجاب لرأينا فوائد مركبة ومزدوجة في هذا الشأن.

أقول : كمثال على ذلك أنه ينبغي على كل أسرة هنا في هذه البلاد التي أنعم الله سبحانه وتعالى عليها بهذه النعم أن تكفل أسرة أو أن تكفل طفلا، وكما ذكرت الأخت الكريمة أخواتنا هناك ضربن أروع الأمثلة .. لا يوجد أم في العالم الآن تتحلى بصفات المقاومة والصمود والصبر كما هي الأم الفلسطينية وأصبحت الأم العراقية على الطريق بحمد لله تبارك وتعالى وتوفيقه ، هناك صمود عجيب ، هناك إثبات حقيقي وبرهان عملي على أن دين محمد صلى الله عليه وسلم طاهر وظاهر وأن الله تعالى غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون وأن هذه الأمة العاقبة لها بحول الله تعالى وقوته وهو صمود هؤلاء الأخوات .. الأخت التي تأتيها حالة الولادة وهي على معبر .. الأخت التي تقتل وقبل أيام قتلت الأخوات كما تعلمون.. الأخت التي تضحي ومع ذلك الإصرار على أننا لابد أن نستمر وأن نربي المجاهدين والمجاهدات وأن نثبت في أرضنا وعلى ديننا وبإيماننا هذه حقائق ولله الحمد أصبحت واقعية ملموسة ، وبقدر ما نثبت هذا الإيمان فإن العدو يهتز ويضعف، وهذا العدو ..يعني رأس الأفعى لهذا العدوان تمثله هذه الدولة الصهيونية ، نسأل الله تبارك وتعالى أن يدمر عليها وأن يهلكها وأن يجعلنا ممن يعين على ذلك بإيجاد المجتمع المؤمن في هذه الأرض المباركة ومن كتب الله له الهداية منهم والدخول في عدل الإسلام أو في دين الإسلام فالحمد لله شريعة الله تعالى وعدله يسعهم جميعا.

الواجب أقول : أن كل واحدة أو واحد منا يجتهد في أن يكفل أسرة مسلمة أو طفلا مسلما وكما تعلمن أن الطفل المسلم يمكن أن يكفل بمبلغ ليس والله صعبا لله الحمد والشكر على كثير منا وهو ألف وخمسمائة ريال سنويا فقط .. أربعمائة دولار فقط في السنة يمكن (لا نقول أنها تقوم بالواجب ) لكنها تعين بقدر أو تقارب من الكفاية على القدر الضئيل الذي لديهم فنستطيع بذلك أننا نوفر العيش الكريم والاستمرار في تحفيظ القرآن لأن أكثر وأول المستفيدين من هذا هم طلاب حلقات التحفيظ نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بالجميع إنه على كل شيء قدير .

اندرج السؤال الحادي كما سبق في هذا وهو الأخت تتعجب تسأل :
كيف نستطيع بناء الشخصية المسلمة كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لكي تواجه خطر العلمانية وضربت المثال على ذلك بالمسلمات اللاتي يردن الحجاب في فرنسا وفي غيرها؟

* نعم .. إذا نحن درسنا أوضاع وأحوال هذه المجتمعات وتعاملنا كأمة لا كأفراد في علاج هذه المشكلات بإمكاننا أن نحقق الشيء الكثير في هذا ، أما بناء الشخصية بذاتها بإيمانها فقد سبق إن شاء الله ما يكفي عنه ، لكن نحن نريد بناء خط دفاعي يحفظ للمرأة المسلمة نوعا من الحرية مثل _بل أكثر لأنها هي الأفضل _مثل المرأة اليهودية .. المرأة اليهودية لا يستطيع أحد أن ينال منها بشيء .. لماذا ؟ لأن لها منظمات هناك جهات ومؤسسات وحكومات وأفراد وإعلام يدافع عن قضاياها .. فكذلك بل الواجب للمرأة المسلمة أن يكون لنا كذلك ، يعني نحن البلد الذي يعامل المحجبات بهذه المعاملة لو قاطعنا بضائعه ، لو احتججنا على سفارته ولو كتابيا ، لو كتبنا ذلك في الإعلام ، لو تحدثنا ,, لأثر ذلك ولاشك . أما أن نستخلي ونستسلم وكأن القضية تخص تلك الفتاة أو ذلك الأب فهذه مشكلة حقيقة تتنافى مع واجب الولاء والبراء والنصرة الإيمانية

السؤال الثاني عشر :
تقول فيه الأخت الفاضلة أنه بعد الأحداث التي ظهرت في العالم الآن طبعا ، دوليا لم تعد لأمريكا تلك المكانة كما كانت في سابق عهدها ، تقول لا نقصد المكانة والقدرة العسكرية_ بل حتى هذه _ وقد نقد إدارتها وأعمالها التعسفية المجتمع الأمريكي والشعب الأمريكي نفسه فكيف يمكن للدعاة والداعيات استغلال هذه النقطة للدعوة إلى الإسلام سواء دعوة الشعب الأمريكي أو كل من كان يقدس أمريكا ثم تراجع عن ذلك ؟

* نعم.. باعتبار أمركيا تمثل الآن القوة الطاغية في العالم ، القوة التي قبل أشهر في الحقيقة ، قبل أن تقع في المستنقع العراقي كما يسمونه كان الذين يكتبون عن أمريكا ومنهم بعض المفكرين تعجب .. فعلى سبيل المثال : ( هيكل ) الكاتب المصري المعروف يقول : لم يعد وصف الدولة العظمى يكفي لأمريكا إنما لابد من استحداث وصف أكبر من ذلك وأكثر بكثير لأن بين أمريكا كدولة في مقدمة الدول العظمى وبين ثاني دولة بعدها .. أمريكا تفوق الدولة الثانية بعدها بعشرين ضعفا .. فمعنى ذلك أنه لم تكن مثل السابق قوة متفوقة على قوة ، كتلة متفوقة على كتلة .. بل دولة من النوع الإمبراطوري البالغ العظمة ودول أخرى عظمى أو ما أشبه هذه العبارات .

المقصود : هذا كله أصبح الآن موضع شك لدى كثير من الناس بعد ما حدث في العراق ، العراق البلد الذي حوصر السنوات الطويلة ، البلد الذي عانى من صواريخ تأتيه من مسافة مئات الأميال أو آلافها ولا يستطيع أن يفعل شيئا ، البلد الذي عودي وضرب حتى تفشى فيه من الأمراض من أخبث أنواع الأمراض ما أدى إلى قتل عشرات الألوف بل ربما يكون ما يقارب المليونين من أطفالٍ مابين قتيل ومصاب بالسرطان وغيره .. هذا البلد نفسه يضرب أروع الأمثلة في تمزيق هذه الشعارات الكاذبة التي نسجتها أمريكا ونسجها الإعلام حول قوتها في الأرض .

في التقرير الذي نشرته وكالة ( اليونايتد برس ) مع بعض الصحف الأمريكية وهزّ أمريكا هزة قوية وكثير من مفكري العالم .. يقول : إن تقريبا ثلاثة أشهر في العراق تعادل بخسائرها وهزائمها ثلاث سنوات في فيتنام !! وفيتنام كانت الكتلة الشيوعية معها كانت الصين والاتحاد السوفييتي ، كان معها قوى أخرى ، وفي وضع آخر وطبيعة الغابات وكذا وكذا تختلف ومع ذلك الشهر العراقي بسنة فيتنامية !

معنى هذا أن هذه الأمة أمة مباركة وموفقة ولابد أن تنتصر في النهاية ولتكن المرحلة الآن ليست مرحلة انتصار .. يعني ليست مرحلة التمكين ، لكنها حققت شيئا عظيما جدا وهو إمكانية المقاومة يعني إمكانية المقاومة أول قاعدة يبنى عليها بناء القوة بإذن الله تبارك وتعالى ، إمكانية مقاومة غير عادية على الاطلاق ولاتنبثق من مجرد القوة المادية إنما انبثقت وانطلقت وقامت على أساس القوة الإيمانية ، القناعة بالحق ، عدالة القضية كما يحاول الغرب دائما أن يعبر عنها.. لا يشعر الجندي الأمريكي بأي عدالة في قضيته، لأنه لا أسلحة دمار شامل ،لا كذا.. لا كذا ..من الكذب المروج له وإنما احتلال من أجل المصالح لفئة معينة وشركات محددة بذاتها لتعمل في العراق .. ينقلب ذلك إلى جحيم يصلى ويعاني منه كل فرد أمريكي في العراق ولا أحد يرى نفسه في مأمن منه بل إن الهجوم أكثر ما يستهدف مقر القيادة ذاته .في مقابل ذلك نجد الإنسان العراقي الذي يتحلى بالإيمان بالله سبحانه وتعالى لأن المقاومين أكثرهم والحمد لله من أهل الإيمان والسنة وعلى خير، يحتاجون دعوة ولا شك ولكنهم على خير إذا قارنتهم بغيرهم في ذلك المجتمع ، وأيضا هناك قدر غير منكر عالميا وهو الإيمان بعدالة القضية وبالحق . وهنا تظهر حقيقةً أن هذه القوة زائفة.

المقصود : كيف ندعو وكيف نخلخل المجتمع الأمريكي من داخله . الواقع أن المفكرين في أمريكا عموما (ونحن نتكلم عن واقع قرأناه وتتبعناه عمليا ) المفكرون ، أساتذة الجامعات ، الباحثون في المراكز وما إلى ذلك ، ثم الكنائس أيضا ماعدا الكنيسة الضئيلة التي ينتمى لها بوش ومن معه ، الكنائس أيضا بما فيها الكنيسة الكاثولوكية وأكثر الكنائس الأخرى كالكنيسة المشيخية والكنيسة المتحدة وغيرها.. كلها ترفض ما حدث وحقيقة أن هناك فرصة لكي نخاطب الشعب الأمريكي هذا الممثل في هيئاته الثقافية والدينية الرافضة للعدوان لنقول له إن ديننا هو كذا وكذا وإن الحق والعدل كذا وكذا لكي ندعوهم إلى الله .. نكسب بذلك عدة أمور منها : هدايتهم وهي أعظم مطلب لنا ، ومنها كف شرهم وعدوانهم علينا ، ومنها أن نثير أهل الحق منهم والعدل على أهل الباطل وعلى أهل الظلم في هذه القضايا فالفرصة مهيأة وأنا أشكر الأخت التي نبهت إلى ذلك ونحن ولله الحمد إذا قمنا بالقليل فإن الله تبارك وتعالى سوف يباركه بإذنه

السؤال الثالث عشر عن أخواتنا الفلسطينيات المجاهدات سبق

السؤال الرابع عشر
عن التنصير وجهوده وعن كيفية مقاومته ؟

* والواقع ان التنصير أخطر داء عقدي يواجه الأمة الإسلامية .. اليهود يواجهوننا بالمكر وبالخديعة وبتجييش الجيوش علينا كما جيشوا الأمريكان لاحتلال العراق وغير ذلك ، لكن النصارى يواجهننا _ لا سيما في الدول الفقيرة _ وأكثر دول العالم الإسلامي فقيرة مع الأسف بتغيير الدين وبالعقيدة ، فكأن هناك أدوار موزعة الشيطان وزعها ، قد لايكونوا هم متفقين، أن لليهود مجال ودور وللنصارى مجال ودور والكل يهدف إلى أن يطفئ نور الله بفيه والله تعالى يأبى ذلك عز وجل ويجب أن يكون لدينا ثقة ويقين بأنه بقدر ما نقاوم التنصير بقدر ما نستطيع أن نكسب ، يعني بشيء من الصبر ليس بكبير، التنصير خاسئ الحمد لله {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون} وهذا متحقق في الدول الإسلامية من فضل الله تعالى .

لاشك أن التنصير ودمّر وأنه خرّب لكن هناك نجاح كبير في المقاومة الإيجابية للتنصير عن طريق الدعوة للإسلام في المناطق النصرانية والحمد لله يسلم في افريقيا الآن آلاف سنويا في الحبشة في تشاد في زائير في دول البحيرات وفي جنوب أفريقيا وفي موزنبيق وبتشوانالاند وغيرها مما يبلغنا من الثقات وإحصائيات دقيقة أن الذين يسلمون هذه الأيام لم يكن أحد يتوقع ذلك بل إن بعض الدول في خلال عشر سنوات تقريبا ارتفع نسبة الإسلام فيها من أقل من 10% إلى حوالي 30% ولله الحمد والشكر وهذا بجهود لا تكاد ترى إذا قورنت بكثافة وضخامة القوى التنصيرية لكن الحق والنور يغلب بإذن الله عز وجل فالواجب إذا أن نعمل على بصيرة في الاهتمام بنشر الإسلام وبالدعوة إليه بالوسائل التي أشرنا إليها في الأجوبة السابقة بالتقنية الحديثة وبغيرها وبالذهاب المباشرإلى هناك وباستقدام الإخوة بل وحتى الأخوات للدراسة هنا ثم الرجوع إلى هناك للقيام بواجب الدعوة إلى الله وبغير ذلك من الوسائل التي نسأل الله تعالى أن يوفق الإخوة جميعا للقيام بها إنه على كل شيء قدير .

السؤال الخامس عشر:
نحاول أن نختصر لأن الوقت انتهى .. بل زاد كما حددناه ، هناك سؤال عن الدعوة وأنها واسعة وتحتاج العلم والإخلاص والهمة لكن الفتن المتلاطمة عكرت عليها؟

* لم يكن يوما من الأيام دعوة بلا فتن الله عز وجل يقول : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين } فالله تعالى جعل لكل دعوة أعداءها ، ولم يقل أن للدعاة من يعاديها ، لا.. هو جعل كونا وقدرا أراد ذلك وقدّره ودبّرهُ ليكون الابتلاء أكثر ولتكون نتيجة العمل أجدى وأحلى للدعاة إذا حققوا نتيجة ونجاحا في ذلك. الفتن مهما تلاطمت ومهما كثرت فلا يجوز أن تشغلنا عن القيام بالواجب بل نصبر ونثبت والله تعالى هو المستعان عليها جميعا

السؤال السادس عشر:
هل من واجبات المرأة الداعية قول الحق وبيان التوحيد على أرض الواقع والتبصير بالعقائد الفاسدة والفئات الضالة إلى آخره .. أم أنه على مسائل الفروع وما يتعلق بالأمور الفقهية التي تخص النساء ؟

* لا ..الحقيقة الواجب عليها أن تحيط بكتاب الله تبارك وتعالى فقها وعلما وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا فعلت ذلك ففيها كل هذه الأمور، لا نقلل أبدا من شأن ما يخص المرأة في ذاتها أو أحكامها الخاصة ولكن ذلك لايعني الاقتصار عليها بل بالشمول القرآني وبالكمال القرآني وبالعمق أيضا الإيماني الذي علمنا إياه القرآن ينبغي أن تكون دعوتنا دائما بإذن الله تعالى .

السؤال السابع عشر
كيف تتحول الداعية من مجرد داعية إلى مربية تقود الناس إلى الالتزام العملي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟

* لايمكن أن تكون الداعية إلا مربية ، وإلا فهي لاتزال في موقع التدريب أو التدرب ، لأن ما يسمى التربية في المصطلح القرآني واللفظ أو الكلمة القرآنية هو التزكية { ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } فالتزكية هي عمل الأنبياء ولايمكن أن تكون دعوة إلا بهذه التربية وهذه التزكية .. فلا تكون داعية إلا وهي مربية ، وإن لم تكن كذلك فقد تكون واعظة أو فقيهة تقول الكلمة وتمشي، لكن هذا يختلف تماما عن المطلوب الذي نحن نتحدث فيه هذه الليلة ، وهو الداعية التي تكون قدوة بعملها وقائدة لغيرها إلى الهدى وإلى الصراط المستقيم ، وتأتي هذه بقراءة القرآن والتفقه فيه ، ومتابعة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ونساء بيته والمؤمنات الفضليات في العصور الأولى ، عصور الخير والإيمان والفتوح والنصر والعزة والتمكين.

السؤال الثامن عشر:
المرأة كيف يمكن إن ترفع من همة زوجها وأن توفق بينه وبين الدعوة؟

* لعل هذا تقدم إن شاء الله فيه مايكفي

السؤال التاسع عشر :
تعاون الفتاة الملتزمة مع الجمعيات النسائية ومكاتب الدعوة لتنسيق الكلمات والمحاضرات إلى آخره حيث أنه من باب التجربة رأينا أن الداعيات متحمسات لكن أين من ينسق فقط ويرتب الموعد ؟

* جزاكن الله ألف خير، وهذا العتب نحن ننقله بدورنا إلى الإخوة المسؤلين عن التنسيق والترتيب في المكاتب التعاونية أو بالمساجد أو مراكز الدعوة .

السؤال العشرين
كيف تكون الفتاة مفتاحا لكل خير مغلاقا لكل شر ؟

* القضية لا تخرج عما قلنا من قبل ، فالخير كل الخير في تقوى الله ، وطاعة الله ، والالتزام بهدى الله . والشر هو في معصية الله والفسق والخروج عن أمر الله عز وجل وكون الإنسان مفتاحا للخير مغلاقا للشر معناه : أنه يبذل نفسه ووقته وجهده وما يستطيع لمنفعة المسلمين أيضا ، يعني زيادة على أن يستقيم في ذاته لكن ينفع الله به إخوانه المسلمين وينفع به من حوله من الناس بحيث يكون كما كان أنبياء الله عز وجل رحمةً للعالمين كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، رحمة لأقوامهم من حولهم كما كان كل الأنبياء .

أسئلة أخرى جاءت لاحقا:

1/ الأخت تشكو من زوجها الذي يجلس الساعات الطويلة عند الإنترنت يشارك فيها بنشاط دعوي لكن نحن بحاجة إلى علمه ودعوته ؟

* لابد من التوفيق بين هذه الجهود وبين هذه المجالات وإذا كان الأخ يؤدي على هذه الشبكة دورا أعظم وأهم من مجرد الجلوس وحلقات العلم فليغتفر ذلك له وليعفى ويسمح عنه ذلك.. أما إذا كان ذلك يشغله بالكلية أو كان أداؤه في الحلقات فعلى كل حال ينبغي للإنسان أن ينسق بين كل تلك الأمور وعموما لاينبغي للزوج أن ينشغل عن أداء الحقوق الزوجية التي فرضها الله سبحانه وتعالى عليه لا بالدعوة ولا حتى بقراءة القرآن ولا بالعبادة ولا بأي شيء في الإنترنت أو في غيره.

2 / أيضا هذا سؤال :
من لم يستطع أن يجمع بين العلم الشرعي والعمل الدعوي والخير بإشرافها أو بإشرافه على حلقات التحفيظ أو مشاريع دعوية أو مؤسسية ، فنسي العلم الشرعي فهل أترك العمل وأتفرغ لطلب العلم ؟

* لا .. الحقيقة لا .. من وهبه الله سبحانه وتعالى نجاحا وفلاحا في أمر فلا يتركه لغيره قد يتجشمه أو يصعب عليه ، إذا أمكن التوفيق فحسنٌ ماهو .. إن لم يمكن فنحن أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن كلا منا ميسر لما خلق له ، وكلا منا ركبت فيه مواهب وصفات ليست في غيره فمن نجح في جانب فليحمد الله عليه ، وكلها طرق وكلها أبواب إلى الجنة ، وكلها من سبل الله عز وجل التي قال فيها { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } ولا ينبغي لأختٍ أن تجعل همها فقط أن تكون طالبة علم وقد فُتح عليها في غير ذلك ، فمن استطاع أن يدخل من أكثر من باب من أبواب الجنة فليكن كذلك

وأقول أيضا أيها الأخوات الكريمات : إن مشكلتنا اليوم ليست في وجود الفقيه أوالفقيهة أوالعالم _على أهمية العلم _ لكن ..هل المجتمعات الإسلامية تعمل بما يعلمه كل مسلم بما لايكاد يخفى على العمي من المسلمين من تعظيم حق الله ، من ترك الفواحش ، من ترك الغش والكذب ، من حسن المعاملة ، من أداء الفرائض ، من كذا من كذا ؟ الحقيقة التقصير في هذا واضح لو عملنا به لكان فيه الخير الكثير دون إضعاف لجانب العلم على الإطلاق

3 / أخت تتحرج من دعوة من هي أكبر منها لأنها أكثر منها علما ؟

* لا ..والدعوة هي النصيحة وهي تكون بأسلوب المحبة واللطف، وبطريقة العرض يمكن للأخ أن يدعو من هو أكبر منه والأخت كذلك

4/ السؤال الأخر : تجديد النية في كل عمل نقوم به ؟

* هناك فرق بين إصلاح النية وبين محاولة الإخلاص لله تعالى من جهة ، وبين الوسوسة التي تكتب عنها ويتحدث عنها الصوفية من جهة أخرى ، وهي أني لا بد أن أفكر أو أجلس أو أجدد النية.. إلى آخره . علينا أن نعمل ونتوكل على الله بلا تردد ونجتهد في طاعة الله سبحانه وتعالى ونستغفره من التقصير فيها فكلنا عرضة للتقصير والنية في هذا هي نية الإخلاص لله عز وجل كافيه ، وتصحيحها مع العمل من غير أن يتوقف عن أدائه هذا هو المطلوب.

5 / سؤال آخر : استخدام أسلوب الدفاع عن الحق والانشغال برد الشبهات دون الاجتهاد في إيضاح الحق وتأصيله ووضع أسسه وقواعده فما الأولى ؟

* لا .. الأولى هو إيضاح الحق والاجتهاد فيه .. ويقترن بذلك رد الشبهات وليس تقديم رد الشبهات أو الانشغال به عن إيضاح الحق .نعم لأنه ليس المقصود فقط أن الناس لا يعصون الله عز وجل ، المطلوب أن يطيعوا الله ويعبدوا الله ، ليس المطلوب من الفتاة المسلمة فقط أنها تترك الفواحش تترك التبرج تترك ... لا . قبل ذلك ومعه أن تعبد الله وتخلص النية لله وأن تؤدي الفرائض وتقوم بالواجبات ومع ذلك تترك هذه المنهيات .

6/ صيحات الموضة وكذا ..

* قد سبق الإشارة لها وهي الفرق بين الغافلة والذاكرة ، بين من تعمل لله وتعلم أنها ستقف بين يدي الله ، وأن العمر ثمين وقصير ولا ينبغي أن يفرط فيه ، وأن المال أيضا لا يجوز التبذير فيه فلا يمكن أن تشتغل بالجري وراء الصرخات والموضات إلى آخره .. وبين من غفلت عن ذلك فانساقت وراءها وأصبحت تكدح وتعمل لتدخل في جيوب اليهود والصيانة ووكلائهم هذه الأموال الباهضة وتتقيد وتلتزم بأوامرهم التي تكلفها العناء الشديد من غير أجر ..بل بالإثم

7/ ما رأيكم فيما يقال حول قاعدة سد الذرائع وخاصة في قضية المرأة ؟

* سد الذرائع هي قاعدة حقيقية .. المشكلة هي المبالغة في ذلك .. بعني أنا أذكر من ذلك مشكلة حدثت لإحدى الأخوات في إحدى مناطق المملكة المحافظة جدا وهو أن فيها شيخا فاضلا كما كتبن لي يعلمهن العلم الشرعي النافع والقرآن وليس هناك أي ذريعة للاختلاط أصلا وليس في كلامه وفقه الله كما ذكرن جميعا _ وأنا أعرفه _ ليس في كلامه أي شيء من هذه الأمور ولا في عمله ومع ذلك البعض يقول : مجرد أننا نخرج ، مجرد أن الرجل يتكلم معنا ، حتى لو كان _ بعضهن تقول _ حتى لو كان على الهاتف ، حتى لو كان من وراء الباب..

لا ... إذا غلونا في هذه الأمور بقضية سد الذرائع فنجعل المرأة وراء أسوار من الجهل والتخلف والبعد عن القيام بنصرة الدين ، لكن نحن .. الحرام حرام، والذريعة إليه حرام إذا كانت تؤدي إليه فعلا ، مثل ما يؤدي الاختلاط أو البسمة والضحكة وإلى آخره إلى أنه في النهاية نسأل الله العفو العافية يعقب زنا العين زنا الفرج ،نسأل الله أن يحفظنا ويحمي نساء المسلمين أجمعين.

المقصود : أن الذرائع القاعدة صحيحة وحق، في الشرك وفي المعاصي وفي غيرها ، لكن المبالغة فيها لاتجوز .. لانستطيع أن نطيل أكثر من ذلك .

هذا يعني كمثال ..
أنه تقول الأخوات : تنبيه الأخوات الداعيات عن التمادي مع الرجال عبر الإنترنت وخاصة الملتزمين والملتزمات بحجة الدعوة وتبادل المنفعة ؟

* على كل حال .. الحديث بالإنترنت أشد منه الكلام بالهاتف ، ومع ذلك لابد من ذلك ، فينبغي أن تكون المرأة المسلمة مفيدة ، أن تفيد من أي وسيلة من الإنترنت أو الهاتف أو غيره ولكن من غير خضوع في القول فيطمع الذي في قلبه مرض .فلا نحرم الاتصال بالهاتف أو بالكتابة ولكن أيضا لابد من التنبيه أن يكون في حدود العلم وطلب العلم وسد ذرائع الشيطان في هذا الباب .


هذا السؤال به نختم وهو يُؤهَل للخاتمة :
رجاء توجيه كلمة حول التجرد والبحث عن الأولويات للعمل الدعوي لأكثر من أربعين فتاة كلهن من المجتهدات في العمل الدعوي .

* نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكثرهن ويباركهن وينفع بجهودهن جميعا وأساس ذلك كما طلبت الأخت الإخلاص لله تعالى { ألا لله الدين الخالص} والله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم { أن أعبد الله مخلصا له الدين } وقال { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } فالإخلاص أساس لهذه الأعمال جميعا .

البحث عن الأولويات ، أعيد للأخوات ما قلته من قبل لابد من التشاور في هذا ولا بد من ترتيب الأمور ترتيبا متعادلا منهجيا ، لا بد من استنصاح من يعلم ظروف وطبيعة الأخوات وإن تشابهت في الظاهر فلكل إنسان إمكانياته ومؤهلاته ، وعلى كلٍ واجباته وأعبائه التي نسأل الله تعالى أن يعيننا عليها جميعا.

السؤال الأخير :
ماهو دور المرأة في العمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة ؟

* قضيتنا الآن في الحقيقة .. لسنا في مرحلة إقامة الدولة الراشدة ، لكن نحن كل مانقوم به من الدعوة إلى الله تعالى فهو يهيء لها والله تعالى يقيمها متى شاء كيف شاء ، نحن الآن في مرحلة تأسيس الأمة الراشدة والمجتمع الراشد الذي سيقيم الخلافة الراشدة في الأرض فيما بعد ، يعني نحن الآن مزقنا الاستعمار ومزقتنا قبل ذلك أهواءنا وفرق الضلال فينا مزعاً وفرقاً فنحن العودة بأنفسنا وبأسرنا وبمجتمعاتنا الصغرى من حولنا إلى الإيمان الصحيح ، البيوت تتكون مجتمعات أكبر ومن هذه المجتمعات تتكون الأمة المسلمة والدولة المسلمة والحكومة المسلمة التي يتكون منها في ما بعد إن شاء الله وفي أجزاء منها يمكن .. الخلافة الراشدة على منهاج النبوة .. كل عمل وكل جهد دعوي من حلقات القرآن ومن الالتزام بالحجاب والدعوة إلى الله تبارك وتعالى ، ومن إنفاق الخير والمال في وجوهه ومن الحرص على حفظ المجتمع المسلم من العبث والانحلال والفسق ، كل ذلك وما أشبهه كله يصب في تكوين الأمة التي بحوله تبارك وتعالى وقوته ، تقيم الخلافة الراشدة في الأرض ، وتقيم الحجة على العالمين.

نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفعنا وإياكم بما نسمع وما نقول وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يوفقنا جميعا للعلم النافع والعمل الصالح وأن يرزقنا القول السديد الذي ننال به صلاح الأعمال إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


وأخيرا نتقدم بالشكر الجزيل والامتنان لفضيلة الشيخ لما قام به في هذه المحاضرة القيمة التي نسأل الله أن ينفع بها عباده وأن يجعلها في ميزان حسناتكم أيها الشيخ وأن يجزيكم عليها خير الجزاء ويبلغكم الحسنى وزيادة إنه ولي ذلك والقادر عليه ، كما نسأله سبحانه أن يبارك لكم في عمركم وعملكم ولي ذلك والقادر عليه.

كما نتوجه بالشكر الجزيل لكل الأخوات الحاضرات اللاتي شاركن بالسؤال والاستماع وأن يجعل كل من شارك معنا من عباده الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

استمعي للمحاضــرة
 

الشبكة النسائية العالمية
http://www.fin3go.com/

 

سفر الحوالي
  • كتب ومحاضرات
  • مقالات ورسائل
  • مطويات دعوية
  • الصفحة الرئيسية