اطبع هذه الصفحة


المعلم والأمانة العظمى

النظير

 
بسم الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ... أما بعد
لا يشك أحد منا أن المعلمين والمعلمات – في كل مراحل التدريس – يشكلون أكبر الفئات العاملة في أي مجتمع , وكذلك فأن أي مهنة موجودة في المجتمع , لا شك أن العاملين بها بدأوا حياتهم بالمرور بالمدارس , فجميع المهن أصلا مبنية أصلا على التدريس الأولي والمرحلي المعروف في المدارس النظامية , فمهنة التدريس هي أم المهن في الواقع ...

من هنا ندرك جميعا أهمية دور المدرسة في المجتمع .. وأثرها الكبير في بناء المجتمع ..
ونحن هنا في بلاد الإسلام ندرك أيضاً تعاظم المسؤولية على المعلم المسلم أكثر من عظمها على معلم كافر .. فنحن المسلمين حملة الهدى , ومن خير أمة أُخرجت للناس , ولعظم هذه المسؤولية على المعلم كانت هذه الخواطر والمناصحة لإخواننا المعلمين دافعنا لذلك قوله صلى الله عليه وسلم { الدين النصيحة } قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال :- { لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم } أخرجه مسلم .

ماذا قدم المعلم لنفسه ؟ :-
المعلم المسلم كأي فرد في المجتمع المسلم .. عليه امتثال الأوامر الإلهية واجتناب المحرمات وهنا بعض الأمور أُذكّر فيها المعلم بما يفعله لنفسه راجيا أن يتسع صدره لها :-

1- المحافظة على الفرائض والواجبات والسنن المؤكدة :-
فأهم هذه الواجبات هي الصلاة , آكد الواجبات بعد توحيد الله عز وجل , وهي العون على أمور الدنيا والدين بأذن الله .. قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة } البقرة 153
ولا شك أن تركها كفر بالله عز وجل .. كما قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث بريدة رضي الله عنه ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة , فمن تركها فقد كفر ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
ثم يأتي بعد ذلك بقية فرائض الإسلام وواجباته من إيتاء الزكاة وصلة الرحم وغيرها ....
ثم المحافظة على السنن المؤكدة مثل السنن الراتبة , والوتر و غيرها , ثم ياـي بعد ذلك السنن التي هي من كمال الالتزام بدين الله والتخلق بهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

2- الإخلاص في العمل لله تعالى :-
أن لا يكون المقصد في كل حركة وسكنة من حركاته وسكناته إلا وجه الله سبحانه وتعالى { قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين , لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } الأنعام 162-163

3- الزهد في الدنيا وعدم التكالب على ما فيها .. والرضا والقناعة بالقليل .

4- أن يجعل من نفسه القدوة لطلبته في قوله وعمله وسمته ومعاملته ..
فلا تأمر طلابك أو حتى غير طلابك بأمر حسن وأنت تتركه أو أن تنهى عن أمر سيء وتأتيه .

5- الدعوة إلى الله .. من أوجب الواجبات :-
ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حدود الطاقة والأدب النبوي الكريم .. وهذه النقطة نبسط لها بشيء من التفصيل فيما يلي فبالله التوفيق ومنه العون والسداد ...

أ- دعوة المعلم لزملائه :-
فلا بد أن يكون المعلم المسلم مشعل هداية ونور لغيره من زملائه .. وهذه وهذه الدعوة التي تدعو بها لا تقتصر على المعلم المقصر فحسب بل حتى للصالح منهم ..
* فالمعلم الصالح تدعوه لتثبت – بعون الله لك – أمر صلاحه , وتذكره بأمور ربما غفل عنها..
وربما دعوته وناقشته في ملاحظة لاحظتها عليه .. بالحكمة والموعظة الحسنة وتجنب الاستفزاز وهذا النوع بحمد الله من أيسر الناس تقبلا للنصيحة غالباً .
* أما الزميل المقصر فتذكره بالله وبعظم الدور الملقى على عاتقه فربما صلح بصلاحه كثير من الطلاب وربما عصوا بتهاونه رب الأرباب . وهذا النوع من الزملاء لابد من الصبر والاحتساب معهم ثم حسن الأسلوب بالتذكير وعدم الغلظة { أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } النحل 125 .
* ثم أنصح بكثرة الزيارة لهم خارج المدرسة , وإهداء الهدايا من أشرطة وكتيبات أو حتى الهدايا المادية من متاع الدنيا توددا لهم وتقريبا للخير لهم .
* وهناك مسألة مهمة جداً أخي المعلم المسلم الصالح .. ألا وهي إياك والدخول مع هذا النوع في جدل عقيم في فرع قبله أصول في هذا الباب تناقشه فيه .. فأبدأ بالأهم فالمهم , أبدأ بأركان الإسلام فقد يكون هذا المعلم لا يصلي وأنت تناقشه وتكثر مثلا في حكم لبس السروال القصير أو التدخين وهي لا شك أنها مهمة لكن الصلاة أهم وللدعوة أولويات فأبدأ يا رعاك الله بالأهم فالمهم .
* وكذلك عليك بدعوة بقية الأفراد العاملين بالمدرسة من فنيين وإداريين ومراسلين وغيرهم .

دعوة الطلبة :-
وهذه الدعوة هي أعظم دعوة وأكبر مسؤولية .. وذلك لكثرة الطلاب الذين يدرسهم المعلم خلال فترة التدريس التي تمر عليه في حياته , فهم مئات بل ألوف , ثم أنهم بعد سنوات الدراسة سوف يصبح كلاً منهم في عمل مختلف عن الآخر .. فعليك بتقوى الله فيهم , فكم من معلم نذكره بخصلة طيبة ودعوة منه لنا , مازلنا نذكره بكل خير إلى يومنا هذا رغم مرور الأيام وتعاقب الأعوام .
وكم من معلم لا نتذكره ألا بخصلة سيئة كانت فيه , فشتان شتان بين الصنفين .. والله المستعان .

ومن أهم ما تدعو به الطلاب قولاً وعملاً ما يلي :-
1- الإخلاص في العمل والمواظبة عليه :-
وأقصد بهذا التدريس الرسمي المناط بك .. فتلتزم بحضور الحصص والمحاضرات المخصصة لك .. وتعد لكل حصة قبل الدخول إليها وإلقائها والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه ) .
وهذه النقطة – حسب ما أرى – من أهم النقاط التي تجعل للمعلم الهيبة ثم الطاعة بعد ذلك وهذه بدورها تخدم النقاط التالية بأذن الله .

2- المحاولة بأن تكون القدوة :-
في القول والعمل والسمت .. وذلك بالتزامك بالسنن القولية والفعلية التي تحلى بها محمد صلى الله عليه وسلم .
فالطلاب إذا رأوك وأنت ذو خلق عال مواظب على فرائض دينك أحبوا منك هذا العمل قبل أن تأمرهم به , ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ً } الأحزاب 21 .

3- تسخير المادة التي تدرسها في تذكير الطلبة بالله سبحانه وتعالى وبقدرته ..
فمواد الدين نفسها مواد روحية , ولكن هل تكتفي بالمنهج المقرر ؟؟
لعل المنهج طول العام لا يتجاوز الشرح إلى العشرين صفحة ! فهل هذه الصفحات تكفي لحصول الفائدة لدى الطالب ؟!!
أما المواد الأخرى المادية فيربط المعلم كل حقيقة فيها بعظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته ..
فمثلا مادة الأحياء كم فيها من ذكر الله لمخلوقات الله تعالى , وكم في تلك المخلوقات من أجهزة تعمل .. فسبحان من خلق وصور ..
ومادة الكيمياء وكيف تنظم الذرات والمواد فسبحان من خلق كل هذا وقدره تقديراً ..
حتى مادة اللغة الإنجليزية .. يُعلم الطلاب فيها المصطلحات التي تفيدهم شرعاً في الدعوة إلى الله مثل مصطلح الجنة , النار , النبي وغيرها .

لكن هناك ملاحظة هو أن لا يطغى التذكير هذا على جوهر الدرس المقدم في كل مادة فيفقد الطالب الفائدة من الدرس الأصلي والله تعلى أعلم .

4- وضع النصيحة مراعاة لسن الطالب وإدراكه ..
فطالب المرحلة الابتدائية له أمور تخصه على حسب صغر سنه , وطالب المرحلة الثانوية له أيضا أمور تخصه وهكذا .

5- الإحسان والرفق واللين كما قال الشاعر :-
ترفق بمن يأتيك للعلم طالباً 00000 وقل مرحباً يا طالب العلم مرحباً
فهذا الذي أوصى به سيد الورى00000 كما قد روى الخدري عنه ورحبا

فعن صفوان بن عسال المرادي رضي الله قال :- أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكيء على برد له أحمر فقلت : يا رسول الله إني جئت طالباً للعلم , فقال :-
( مرحباً بطالب العلم إن طالب العلم تحُفُهُ الملائكة بأجنحتها , ثم يركب بعضهم بعضا حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب ) رواه أحمد والطبراني بإسناد جيد واللفظ له .

مع أن الشدة في بعض المواضع لها دور إيجابي في الدعوة والتوجيه , ولكن لكل حال لبوسها ....

6- استغلال التجمعات الطلابية في غير الفصل الدراسي :-
مثل الطابور الصباحي , وعند صلاة الظهر وغيرها في مثل ألقاء كلمة موجزة في أمور محددة تناسب كما قلت أدراك الطلاب وأعمارهم ثم أيضا مراعاة الوقت .

7- توزيع الأشرطة والكتيبات والنشرات الإسلامية بين الطلاب :-
وليس شرطا هنا الالتزام بسن الطالب ولو أن هذا هو الأولى فالكتاب والشريط يمكن أن يبقى مع الطالب فترة طويلة يدرك منه لا حقا ما لم يدركه وقت استلامه .. وقد يصل هذا الشريط إلى أسرة ذلك الطالب وينتفع به غير الطالب .

8- تشجيع الطالب ماديا ومعنوياً تجاه جهد معين أنجزه :-
سواء في الدراسة أو في السلوك .

9- تذكير الطلاب بدورهم في المستقبل تجاه هذا الدين وتجاه مجتمعهم ..
وكلما تقدمت مرحلة الطالب زاد المعلم في التذكير بذلك حتى يكونوا بأذن الله أعضاء صالحين لمجتمعهم ودينهم .

10- لعل أسلوب النصح – بالتحديد – في أي شيء له وضعه الخاص فكلما كان النصح للطالب انفراديا كان أكثر نفعا للطالب بأذن الله .. والنصح بين الطلاب يجعل الطالب الذي تنصحه يكابر ويعاند ويصر على فعلته .. يقول الأمام الشافعي :-
تعمدني بنصح في إنفراد00000 وجانبني النصيحة في الجماعة
فأن النصح بين الناس نوع 0000 من التوبيخ لا أرضى استماعه

ولكن أيضا كما قلت في الشدة , فالحال هنا لا يختلف كثيراً , فقد يكون النصح أمام الطلاب نوع من التأديب الذي لا يرتدع الطالب إلا به .
وأذكر لك أخي الفاضل نصيحة نفيسة لهارون الرشيد يوصي بها الكسائي معلم أبنه لعلها تنفع بأذن الله , يقول هارون الرشيد [ أقرئه القرآن وعرفه الآثار , وروه الأشعار وعلمه السنن وبصره مواقع الكلام , وأمنعه من الضحك إلا في أوقاته , وخذه بتعظيم مشائخ بني هاشم إذا دخلوا عليه , ورفع مجالس القواد إذا حضروا مجلسه , ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم بها فائدة تفيده إياها من غير أن تخرق به فتميت ذهنه , ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه , وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة , فأن أباهما فعليك بالشدة والغلظة ]

وهناك عدة نقاط يجدر بالمعلم الداعية أن يعيها :-
1. تعلم العلم الشرعي وذلك بالقراءة المستفيضة لكتب العلماء قديما وحديثاً وبحضور الدروس العلمية في بلدته التي يقيم فيها وأن عز ذلك فمن خلال الأشرطة ..
2. التعاون مع زملائك الطيبين في المدرسة – وخارجها أيضاً – للاتفاق على برنامج يسيرون عليه , حتى لا يحصل تضارب وتعارض في العمل الذي يقومون به .
3. أن لا تنسى أنك عضو في مجتمع كبير , المدرسة جزء صغير فيه , فلا تنسى المجتمع الكبير وتهتم بالمدرسة وحدها فأنت معلم في نظر الناس داخل المدرسة وخارجها , وحاول الموازنة بين البيت والمجتمع والمدرسة في دعوتك ..

وأخيراً أخي المعلم الفاضل هذا هو جهد المقل أسأل الله العظيم أن ينفع بها وأن يجعلنا من الدعاة إلى الله بكل ما نملك وأن يرزقنا السير على نهج رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ} فصلت 33

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 

المعلم الداعية

  • أفكار للمدارس
  • المعلمة الداعية
  • الأنشطة الطلابية
  • رسائل للمعلمين
  • الطالب الداعية
  • الامتحانات
  • منوعات
  • الأفكار الدعوية
  • الرئيسية