اطبع هذه الصفحة


بيان المفتي (سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ)
عن حادث التفجير الذي وقع في الإدارة العامة للمرور

 
التاريخ : 22-4-2004
الرقم : 0021

عام / مفتى عام المملكة / بيان
الرياض 3 ربيع الأول 1425 ه- الموافق 22 إبريل 2004 م واس
صدر عن سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ بيان حول حادث التفجير الذي وقع في مبنى الإدارة العامة للمرور بوسط مدينة الرياض يوم أمس الأربعاء هذا نصه :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فقد تابعنا ببالغ الألم حادث التفجير الذي وقع في مبنى الإدارة العامة للمرور بوسط مدينة الرياض وما نتج عنه من قتل لأنفس مسلمة معصومة وإصابات متنوعة لعدد كبير من المسلمين العاملين في المبنى أو المراجعين أو من كانوا في الطريق أو في المباني المجاورة وإتلاف للممتلكات من مبان وسيارات وغيرها .
وإني إبراءً للذمة ونصحاً للأمة وبياناً لحال هذه الفئة الضالة المنحرفة التي اتخذت الدين لها ستاراً لأبين لعموم المسلمين أن هذا العمل محرم بل هو من أكبر الكبائر لأدلة كثيرة منها :
قول الله تعالى { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً } ويقول سبحانه { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } ويقول عز وجل { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله غفوراً رحيماً } .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ( اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق . . ) الحديث أخرجه البخاري ومسلم .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) أخرجه البخاري ومسلم .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) قال أبن عمر رضي الله عنهما ( من ورطات الأمور التي لا مخرج منها لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله ) أخرجه البخاري
ويقول صلى الله عليه وسلم ( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً أو يقتل مؤمناً متعمداً ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة ( ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك ماله ودمه وأن تظن به إلا خيراً ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( يأتي المقتول متعلقاً رأسه بإحدى يديه متلبباً قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دماً حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين . . هذا قتلني . فيقول الله للقاتل . . تعست ويذهب به إلى النار ) .
وقد أجمع المسلمون اجماعاً قطعياً على عصمة دم المسلم وتحريم قتله بغير حق وهذا مما يعلم من دين الإسلام بالضرورة .
ومما سبق من النصوص الثابتة الصريحة يتضح عدة أمور أهمها :
أولاً / تحريم قتل المسلم بغير حق وأنه من أكبر الكبائر .
ثانياً / أن النبي صلى الله عليه وسلم جعله قريناً للشرك في عدم مغفرة الله لمن فعله .
ثالثاً / أن من قتل مسلماً متعمداً فقد توعده الله بالغضب واللعنة والعذاب الأليم والخلود في النار .
رابعاً / أن الدم الحرام هو أول المظالم التي تقضي بين العباد وحصول الخزي يوم القيامة لمن قتل مسلماً بغير حق .
خامساً / أن قتل المسلم بغير حق من أعظم الورطات التي لا مخرج منها.
سادساً / عظم حرمة المسلم حتى إنه أعظم حرمة من الكعبة بل زوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم .
سابعاً / أن الإعانة أو الإشارة أو تسهيل قتل رجل مسلم كلها اشتراك في قتله وهؤلاء جميعاً متوعدون بأن يكبهم الله في النار حتى لو اشترك في ذلك أهل السماء والأرض لعظم حرمة دم المسلم .
ثامناً / أن من فرح بقتل رجل مسلم بغير حق لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً .
تاسعاً / أن قتل المسلم من أعظم ما يرضي عدو الله إبليس عليه لعنة الله.
هذا كله في قتل المسلم بغير حق فكيف إذا انضم إلى ذلك تفجير الممتلكات وترويع الآمنين من المسلمين والانتحار وغير ذلك من كبائر الذنوب التي لا يقدم عليها إلا من طمس الله على بصيرته وزين له سوء عمله فرآه حسناً كما قال تعالى { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } .
ويقول عز وجل { ومن الناس من يعجبك قول-ه في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد } .
وإني إذ أبين حكم هذه الفعال القبيحة المنكرة لأؤكد على أمور :
منها / أن دين الإسلام يحارب هذه الأفعال ولا يقرها وهو برئ مما ينسبه إليه أولئك الضالون المجرمون .
ومنها / أن الله قد فضح أمر هذه الفئة الضالة المجرمة وأنها لا تريد للدين نصرة ولا للأمة ظفراً بل تريد زعزعة الأمن وترويع الآمنين وقتل المسلمين المحرم قتلهم بالإجماع والسعي في الأرض فساداً .
ومنها / أنه لا يجوز لأحد أن يتستر على هؤلاء المجرمين وأن من فعل ذلك فهو شريك لهم في جرمهم وقد دخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن الله من أوى محدثاً ) . فالواجب على كل من علم شيئاً من شأنهم أو عرف أماكنهم أو أشخاصهم أن يبادر بالرفع للجهات المختصة بذلك حقناً لدماء المسلمين وحماية لبلادهم .
ومنها / أنه لا يجوز بحال تبرير أفعال هؤلاء القتلة المجرمين .
ومنها / أن هذه البلاد ولله الحمد متماسكة تحت ظل قيادتها وولاة أمرها وأننا جميعاً ندين لله عز وجل بالسمع والطاعة لولاة أمرنا في غير معصية الله عز وجل اتباعاً لقول الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( عليكم بالسمع والطاعة ) .
ومنها / أن ما أصاب المسلمين من شيء فبسبب ذنوبهم يقول الله عز وجل { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } فالواجب على الجميع تقوى الله والمبادرة بالتوبة من الذنوب والمعاصي .
وأحب أن أخاطب إخواني رجال الأمن في هذه البلاد الطاهرة وأبشرهم بأنهم على خير عظيم وهم في ثغر من ثغور الإسلام فعليكم بالحرص واليقظة والعزيمة في الدفاع عن دينكم أولاً ثم عن بلاد المسلمين ضد هؤلاء الضالين . سدد الله خطاكم وأعانكم على كل خير .
ثم إني أخاطب من سولت له نفسه القيام بمثل هذه الأفعال الإجرامية المحرمة أو زلت قدمه بذلك أو تعاطف مع أولئك ناصحاً لهم بالمبادرة بالتوبة إلى الله عز وجل قبل حلول الأجل وأن يراجعوا أنفسهم ويتأملوا نصوص الكتاب والسنة مما سقناه وغيره وألا يعرضوا عنها فإن الله سائلهم عنها وعن ما اقترفوه يقول الله عز وجل { واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } .
أسال الله تعالى أن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه وأن يهدي ضال المسلمين وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم وأن يغفر لمن مات من المسلمين وأن يرزق أهلهم وذويهم الصبر إنه سبحانه قريب مجيب .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المفتي العام للمملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
// انتهى // 0939 ت م


المصدر وكالة الانباء السعودية

 

حول التفجيرات
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية