اطبع هذه الصفحة


يامتجرئاً عى الدماء ..أما أيقنت بشناعة فعلك ؟ (1)

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi


بسم الله الرحمن الرحيم


" الجزء اﻷول "


تعيش اﻷمة اليوم فتنة عظيمة يتولى كبرها أغرار سفهاء جهلة بشرع ربهم قد ساقهم أعداء الملة إلى حتف أنفسهم ، والتخوض في أعظم جرم بعد الشرك بالله وهو :
" قتل النفوس المعصومة "
وقد توالى النصح لهم من جميع علماء اﻷمة وأهل الحل والعقد فيها ، ولكن اﻷعداء نجحوا معهم في إسقاط مرجعيتهم من العلماء - وقد كانت هي ولﻷسف أهم خطوات اﻷعداء - فغدا أولئك يتيهون في دياجير الظلام وأصبحوا أداة هدم لهلاك أنفسهم وهلاك المسلمين .
وإنني هنا أخاطب ذلك الشاب الذي قد اقتنع بهذا الفكر الضال وأخاطب المتعاطف معهم فأقول لهم :
قد نصحتكم اﻷمة بأسرها بعلمائها ودعاتها ، ورفضكم رجالها ونسائها فهل تجتمع اﻷمة على ضلالة وتكونون أنتم أهل الرشد والصواب !

لا تقل :
لاتغرك الكثرة وأن الحق دائما أهلها هم القلة ، فقد قضى الله أن هذه اﻷمة مرحومة لا يجمعها على ضلالة أبداً ، جاء في الحديث :
" إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة "
وهو في السلسلة الصحيحة .
اجعلوا بينكم وبينهم كتاب الله وسنة رسوله وأقوال علماء السلف وتاريخ اﻷمة ، وحذار حذار من التأويلات الفاسدة ، خذوا كتاب ربكم غضا طريا كما فسره جمهور العلماء .
لقد تجرأتم على أعظم جرم بعد الشرك بالله فسفكتم الدماء متقربين لربكم - بزعمكم - بهذا الجرم .
ولقد سمعت تسجيلا منسوبا ﻵخر متجريء على الدماء في حادثة طواري عسير فإذا هو يستدل على عمله الضال بقوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة.."
مدعيا بها على البدء بقتل اﻷقربين من المسلمين - كما هي وصايا ضُلال قد نشروا مثل هذا اﻷمر في مقاطع - مكفّرين لهم ومستحّلين ًلدمائهم في واقع أليم لم يسبقهم إليه لا أهل البدع ، فأي ضلال بعد هذا !!
ولنعلم أن هذا إنما هو مسلك الخوارج الضالين .
قال الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنه: (إنهم - أي الخوارج - انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين) ولهذا كان رضي الله عنه : يراهم شرار خلق الله.
وذم علماء اﻷمة التأويل إذا كان على غير طريق هدى ولا سابق علم من عالم معتبر يقول اﻹمام أحمد رحمه الله :
" أكثر مَا يُخْطِئُ الناس من جهة التأويل والقياس ، ولهذا تجد المتعزلة والمرجئة وغيرهم من أهل البدع يُفَسِّرُونَ القرآن برأيهم ومعقولهم "
فحذار حذار من تأويل القرآن برأيك وحمل اﻵيات على مذهبك الفاسد .

يامتجرئاً على الدماء
اقرأ النصوص من كتاب ربك وسنة نبيك عليه السلام لتعلم شناعة قتل النفس وفي أي مرتبة هو .
يقول ربنا عز وجل :
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء
تأمل معي هذه اﻵية لترى شدة الوعيد :
الجزاء اﻷول :جزاؤه جهنم خالدا فيها .
الجزاء الثاني : غضب الله عليه
الجزاء الثالث : لعنه الله
الجزاء الرابع : أعد له عذابا عظيما .
إن وعيدا وحيدا مما سبق لجدير بأن تنخلع له القلوب ، وتضطرب له اﻷفئدة فكيف وقد اجتمعت !!

يقول ابن سعدي - رحمه الله -:
تقدم أن الله أخبر أنه لا يصدر قتل المؤمن من المؤمن ، وأن القتل من الكفر العملي ، وذكر هنا وعيد القاتل عمدا ، وعيدا ترجف له القلوب وتنصدع له الأفئدة، وينزعج منه أولو العقول ( فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد، بل ولا مثله ) .فعياذا بالله من كل سبب يبعد عن رحمته .

لا يكفيك في الزجر والكف عن القتل قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا يزالُ المؤمنُ في فسحةٍ من دينِه ، ما لم يصبْ دمًا حرامًا " أخرجه البخاري .

قال بعض العلماء في معنى الحديث :
” الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بوزره ، والفسحة في الذنب قبول الغفران بالتوبة حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول ” أ.هـ
و لهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما لمّا فقه المراد من الحديث ” إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله ” رواه البخاري.
فاعتبره على أقل تقدير أنه غير واجب وأنه قد يورطك .
فالقاتل قد ورّط نفسه في أمر عظيم عندما سفك تلك الدماء وقد كان متجرئا عليها بشبهة .

قد يقول قائلهم :
نحن إنما نقتل كفارا ، فالرد عليهم :
كيف تتجرئون على تكفير مسلم مصل ، وتستحلون القتل ﻷدنى شبهة عندكم ( وهل كان الخوارج لا كذلك !! )
ولا تتبرؤا من هذا الوصف فما كان الخوارج لا مكفّرين لﻷمة مستحلين لدماء أهل القبلة !

قال الإمام أحمد في وصف الخوارج:
سلوا السيف على الأمة واستحلوا دماءهم وأموالهم وعادَوا من خالفهم، إلا من قال بقولهم .
طبقات الحنابلة ٣٣/١

فانظر لمطابقة هذا القول لواقع القوم اليوم ، فقد سلوا السيف على اﻷمة واستحلوا دماءهم وأموالهم ، وهاهم يعادون كل من خالفهم ولو كان أقرب قريب لا من قال بقولهم .

وخذ وصفا آخر من أنصح الناس لﻷمة لترى هل هو مطابقا عليهم أو غير مطابق يقول عليه الصلاة والسلام :
" يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية " أخرجه البخاري .
فقلي بربك كم أعمار المنفذين ﻷعمال اﻹنتحار وقتل المسلمين والتخريب ، أليسوا حدثاء اﻷسنان ، أليسوا قليلي العلم وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم " سفهاء اﻷحلام "
؟
فهل تُقدم وصف رسولك عليه السلام الناصح لك وﻷمتك أم تأويل أبي فلان المجهول !؟

اقرأ تاريخ الخوارج لترى أين وضعت نفسك :
لقد بدأ خروج الخوارج على ولاة الأمر أول مابدء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم خروجوا على عثمان رضي الله عنه مدّعين أنه قد خان اﻷمانة - فيا لعظيم قولهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه - ثم قاتلوا عليا رضي الله عنه ، وتأمل معي هذا المشهد لترى جراءتهم على صحابة نبيك عليه الصلاة والسلام وغرورهم بأقوالهم .
في أحد حروب الصحابة معهم ضرب أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أحدهم بالسيف فقال له أبو أيوب ( خذها إلى النار وبئس القرار ! ) .
قال الخارجي : ( ستعلم غداً من منّا أولى بها صلياً !! ) .
فإذا كانت هذه جراءتهم على الصحابة رضي الله عنهم ، فكيف سيكونون مع عامة المسلمين !؟
والواقع خير شاهد فهاهم اليوم لا يستمعون لعالم ويُسفّهون كل ناصح ويتوعدون كل مخالف ويستحلون دمه..ثم يقولون : نحن لسنا خوارج !!
برهان آخر

أين تذهبون من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يقتلون أهل اﻹسلام ويدعون أهل اﻷوثان .." متفق عليه
فمن قتلاكم ؟

قد تقولون :

نحن نقتل أهل الكفر والرافضة ، فالجواب :
وهل قتلكم للكفار يبيح قتل المسلمين !؟
وقد تقولون : إنهم كفروا .
فإذا أنتم تكفرون المسلمين بأدنى شبهة ولا تتورعون في هذا الباب ، وهل كان الخوارج لا كذلك كما في النصوص الواردة هنا وغير هذا الموضع !
بل قرأت ﻷحدهم يقول :
نحن لا نُكفّر لا الحكام والجنود والعلماء .
سبحان الله إذا كفرتم رؤوس اﻷمة فمن بقي !؟
وما حال من يعمل معهم من اﻷطباء والمهندسين واﻹداريين والعمال .
اجزم أن حكمهم عندكم كحكم من سبق .
فمن بقي في اﻷمة لم تكفروه !!
ولما كان الخوارج ضررهم أشد الضرر جائت النقول عن علماء السلف في بيان حالهم .

حتى قال أحمد كما في مسائل أبي داود:
أشر أهل الأهواء الخوارج .
وماذاك لا لعظيم فسادهم والواقع خير شاهد .

بل انظر لهذا القول ﻹمام أهل السنة لتزداد بصيرتك بالقوم ، يقول رحمه الله :
" الخوارج يسمون أهل السنة
والجماعة مرجئة وكذبت الخوارج " طبقات الحنابلة ١/٣٦
وهاهم اليوم يسمون كل من خالفهم مرجئة .
فاهرب من سبيلهم - يابني - فهم " شر الخلق والخليقة " كما في الحديث وهو في صحيح مسلم
وهم " شر قتلى تحت أديم السماء " كما في الحديث أيضا وهو عند ابن ماجه وحسنه اﻷلباني
وماذاك لا لعظيم ضررهم على المسلمين ، فأهل الكفر منهم في راحة ، وأهل اﻹسلام منهم في عنت ومشقة والواقع خير شاهد .
قال الإمام أحمد رحمه الله:
الخوارج كلاب النار صح الحديث فيهم من عشرة أوجه.
(المبدع لابن مفلح 9/160)

واقرأ لشيخ الإسلام في وصف الخوارج ، يقول رحمه الله :
" إنهم يكفّرون بالذنوب والسيئات. ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان. وكذلك يقول جمهور الرافضة، وجمهور المعتزلة، والجهمية..."
فهاهم بدأوا بالتكفير ووصلوا لاستحلال الدماء وصاروا ينادون اﻷتباع لديارهم ﻷنها دار إسلام وإيمان أما غيرها فدار حرب .

وإني ﻷعجب كما يعجب غيري لجرائة هؤلاء المتخوضين في الدماء لمجرد شبهات قامت عندهم فتجرؤا هذه الجرائة الفظيعة وقتلوا النفوس المعصومة ، ولا ثَمَ لا الجهل واﻹعراض والتولي عن الشرع واﻹعجاب بالرأي وكلها قد ذكرت النصوص أنها سبب الهلاك .

كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي تويتر @adelalmhlawi


تابع معنا الجزء الثاني .

 

وقفه مع الأحداث
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية