اطبع هذه الصفحة


مهلاً أيها المفسدون .. ولا عزاء للمزايدين .. !!

فلاح بن عبدالله الغريب

 
شيء من الوجوم والذهول ، قد أصاب الكثيرين بعد حادث التفجير الأثيم الذي استهدف مبنى الأمن في حي الوشم في الرياض ، وما ذاك إلا لأن هذا العمل تستنكره الفطر السوية ، فضلا عن القلوب المؤمنة الصادقة ، فضلا عن الشعب السعودي الكريم ، الذي ارتضع التوحيد ، ونهل من معين العقيدة الصافية ، في موقف ذرفت له العيون ، وعلت الوجوه سحائب من كمد ، واهتزت قلوب المؤمنين من بشاعة الحدث ، وشناعة العمل ، واستحلال دماء المسلمين ، الذي لا يفرح به إلا منافق ، ولا يتبناه أو يخطط له أو ينفذه إلا عدو متربص ، بأمن هذه البلاد الأبية المسلمة ، حاضرة الإسلام ، ومنبت الفضلاء ، وحصن التوحيد ، وقبلة المسلمين ، ومنار الدنيا ، ومأرز الإيمان ، والله لا يهدي كيد الخائنين .

وهذه الأعمال التفجيرية قد نزعت البرقع وأزاحت الستار ، عما يتستر به من كان خلفها من حجج واهية ، وتأويلات خاطئة ، وأفكار مغلوطة ، لا تمت إلى الإسلام فضلا عن الجهاد الحق بأدنى صلة ، واتضح بجلاء أن المقصد والهدف ، من مثل هذه الأعمال ، هو هذا البلد العظيم ، بتلاحمه وأمنه ومنجزاته واستقراره ، وما ذاك إلا بغضاً وحسداً ومكراً وكيداً أن يرى المفسدون ما يقضّ مضاجعهم ، من انتشار الخير والفضل والأمن والإستقرار ، ومن تطبيق لشريعة الإسلام ، وما تتحلى به هذه القيادة من ولاء ودعم ونشر لأعمال الخير في كل صقع ومصر ، كما قد اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ، عمق التواصل والولاء ، بين ولاة هذه البلاد المباركة وشعبها الكريم ، وعلمائها الأخيار ، وأبنائها البررة ، ورجالاتها الصادقين ، ذلك أن المصائب تجمع بين القلوب ، وتوحد الجهود والأهداف ، ليتوشح البلد رداء الصبر الجميل ، ويقف أمامه كصف واحد ، وجبل أشم ، أو قل كالبنيان المرصوص .

ولسنا هنا بحاجة إلى مزايدات المزايدين ، وتشدقات المتشدقين ، من زمرة الطابوريين ، الذين سوف يطالعوننا في الصباح بحملات منظمة ، وحلول مستوردة ، من تلك البلاد التي تدعي الديمقراطية زعماً ، وتصدر الإرهاب حقيقة ، ليدسوا السم في العسل ، والذين لا أشك في أنه قد علت وجوهم تلك الإبتسامات الصفراء ، ليصادوا في ماء المصيبة العكر ، باسم الوطنية تارة ، وباسم النصيحة تارة أخرى ، من غير حس لمعنى المسئولية ، أو فقه لتضميد الجراح ، يقتاتون بجراح بلدنا الغالي ، ودماء أبناءه المتدفقة ، وهموم قيادته المتيقظة ، وفرق وأي فرق ، بين من تعلو الأمة على أشلائه ، وبين من يعلو على أشلاء الأمة .

كما أنه ينبغي على كل من يهمه أمر بلدنا الحبيب ، أن لا يكتفي بالشجب والإستنكار ، بل لابد من مساع عملية جادة ، على كافة المستويات ، تشمل البلد بكافة مناحيه وقنواته وطاقاته ، فالأب مع أبنائه ، والأخ مع إخوته ، وإمام المسجد في مسجده ، وخطيب الجمعة في منبره ، والداعية مع مدعويه ، والرئيس مع مرؤسيه ، والمربي مع تلاميذه ، والقيادة مع شعبها ، والكاتب ذو الضمير الحي مع قرائه ، والإعلامي الصادق مع جمهوره ، ليكون جهدنا منصبا على توحيد الصف ، وتفويت الفرصة على كل متربص بأمن هذا البلد ، وعلى كل مريد للفتنة أو داع لها ، وليعلم أنه لا مجال للسكوت أو التعاطف أو الحياد أمام مثل هذه الأعمال وما تتسم به من الجرأة والوقاحة في استهداف معصومي الدم والحرمة ، والتساهل بأمن البلد ومكتسباته .

ولا شك أن الأمراء والعلماء ، يناط بهم جزء كبير من المسئولية ، في تقدير الحدث بأبعاده وتداعياته وأسبابه وطرق علاجه ، في صراحة ووضوح وجلاء وحكمة عرفوا بها ، مما سوف يثمر بإذن الله نجاحا في تجاوز الأزمة ، وتفويت الفرصة على الأعداء والعملاء ، الذين لا يألون جهدا في النيل من بلادنا وعلمائنا وشريعتنا ومقدساتنا ومناهجنا وأمننا وتكاتفنا في بلادنا بلاد التوحيد .

كما أنه ينبغي على كل صاحب قلم ، أن يتق الله في ما يكتب ، وأن يراع الله فيما يقول ، وأن يستبصر فيما ينطق ، فالقلم أمانة ، وصاحبه مستأمن ، وهو يوم القيامة سوف يسأل ، والله يقول : ( ستكتب شهادتهم ويسألون ) . كما لا يفوتنا التذكير بمراجعة النفس والوقوف معها في ما قدمت وأسرفت من الذنوب والعصيان ، فكلنا خطاء ، والله سبحانه يقول : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) . وليعلم أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا ، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا ، وأن هذه المصائب ، تكفر بها الذنوب ، وترفع بها الدرجات ، لمن صبر واحتسب الأجر عند الله ، والعاقبة للمتقين .

كما ليعلم ، أن لإخواننا رجال الأمن ، واجب الوقوف معهم ، وشد أزرهم ، وتخفيف معاناتهم ، وتقدير تضحياتهم وجهودهم ، سائلين الله الكريم الرحيم ، أن يتغمد من مات منهم برحمته ، وأن يغفر له ويتجاوز عنه ، وأن يجزيه لقاء ما قدم ، وأن يأجر أهله وذويه في مصيبتهم ، وأن يخلف لهم خيرا منها إنه ولي ذلك والقادر عليه .

اللهم من أرادنا وأراد بلادنا وشبابنا ومقدساتنا وعقيدتنا بسوء ، فأشغله في نفسه ، ورد كيده في نحره ، واجعل تدبيره ، تدميرا له ، يا قوي يا عزيز .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

 

حول التفجيرات
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية