صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إلى  محبي الجهاد   ...  هذا هو قائد المجاهدين 

الصقر المحلق

 
 الحمد لله القائل : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33 وصلى الله وسلم على نبينا محمد قائد المجاهدين وإمام المتقين وخاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

  وبعد فإن أعظم قائد للجهاد والمجاهدين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذا وجب على كل من أراد الجهاد في سبيل الله أن يتبع هديه وسنته ، وأن يقتدي به ، قال الله تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21   فما بال أقوام يدعون الجهاد وحبه ، ولا يتبعون هدي قائد المجاهدين وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي جاهد في الله حق جهاده !

  إن إمام المجاهدين صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على هداية الناس لا على قتلهم ، كما وصفه ربه بقوله تعالى : {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة128 وهو رحمةٌ مهداة للعالمين ، قال عنه ربُّهُ : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107

لما خرج إلى الطائف فدعا أهلها إلى الله تعالى وإلى أن يؤووه حتى يبلغ رسالة ربه عز وجل وذلك بعد موت عمه أبي طالب، ردوا عليه قوله وكذبوه، فرجع مهموماً فلم يستفق إلا عند قرن الثعالب‏.‏ ‏ فإذا هو بغمامة وإذا فيها جبريل ومعه ملَك الجبال ، فناداه ملَكُ الجبال فقال‏:‏ يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام وقد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏بل استأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده وحده لا يشرك به شيئاً‏)‏‏)‏ .

لقد بلَّغ النبي صلى الله عليه وسلم الرسالةَ وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده ، وصبر على الأذى الذي ناله في سبيل الله . فما بال من يدّعون حب الجهاد يستعجلون ولا يصبرون ، أين الرفق بالمدعوين ، أين الصبر على الأذى في سبيل الله . هكذا بمجرد أن يعرف أحدهم الدين يريد أن يلتزم به الناسُ أجمعين أو يقاتلَهم مباشرةً ، فلِمَ لا يصبر على دعوتهم بالحسنى وتوضيح الحق لهم ، وبذل الجهود من أجل هدايتهم ، لقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد من ربه ثلاث عشرة سنةً في مكة ، وعشر سنين في المدينة ، لم يتعجل ولم يفقد الصبر ، ولم يتخل عن خلق الرحمة والرأفة بالمدعوين .

عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. متفق عليه.  

      نعم هو صلى الله عليه وسلم يمسح الدم عن وجهه ويستغفر لقومه الذين أدموه وجرحوه ، لم يدع عليهم ولم يستعجل بهلاكهم بل اعتذر لهم بأنهم لا يعلمون ودعا لهم بالمغفرة (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) .       

 إنه المعلم الحكيم الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم ، انظروا كيف وصفه الصحابي الجليل معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل أثناء أداء الصلاة فشمته معاوية وهو يصلي فقال: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إليّ؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني سكت.فلما انصرف رسول الله دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه. رواه النسائي وأبو داود.

وكان صلى الله عليه وسلـم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا". متفق عليه. 
 

 صورٌ من شجاعته صلى الله عليه وسلم :

لقد كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس ، ولم يمنعه ذلك من أن يكون أرحم الناس بالناس ، عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا. رواه البخاري ومسلم. 

 وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -وهو من أبطال الأمة وشجعانها- قال: (إنا كنا إذا اشتد بنا البأس واحمرَّت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحدٌ أقربَ إلى العدو منه، ولقد رأيتني يومَ بدرٍ ونحن نلوذُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربُنا إلى العدو) رواه أحمد والطبراني والنسائي. 

 صورٌ من رحمته صلى الله عليه وسلم :

ومع تلك الشجاعة الفائقة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم رؤوفاً رحيماً . وهاهو يقول لأصحابه : من فجع هذه بوليدها ؟  فعن عبد الله، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة (طائر يشبه العصفور) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تُعرش، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. أبو داود.   

 وعن سهيل بن الحنظلية قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لصق ظهره ببطنه، فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة". "المعجمة: التي لا تنطق". رواه أبو داود بإسناد صحيح. 

فيالها من رحمةٍ ما أعظمها ، رحمة بالناس وبالطيور وبالبهائم ، بالمسلم وبالكافر ، وحرص على هداية الناس واستنقاذهم من النار .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (فالمقصود والهدف ـ من الدعوة ـ إخراج الناس من الظلمات إلى النور وإرشادهم إلى الحق حتى يأخذوا به وينجو من النار وينجو من غضب الله). قال تعالى: {اِتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَّهُم مُّهْتَدُون}.  هذا هو المحك والمعيار  أن يكون هدف الداعية الحرص على نجاة الناس من النار لا استعجال هلاكهم في الدنيا قبل الآخرة ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور لا الانتصار عليهم وهزيمتهم فمن أخذ به واستوعبه بارك الله في دعوته ووفقه، ويكون بذلك قد نقى ساحة دعوته من الشوائب والأمراض التي تمحق بركة الدعوات. فإخراج الناس من الظلمات إلى النور هو الهدف الأول، ثم يأتي التمكين بعد ذلك، أما إذا اختلف الترتيب المنطقي للدعوة، كتجميع الناس حول فكرة ثم يأتي الإنقاذ من النار بعد ذلك؛ فهذا هو الاختزال المذموم.[1] 

وهذا القدوة النبي _صلى الله عليه وسلم_ أتى غلاماً من اليهود كان مريضاً يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال: أطع أبا القاسم فأسلم، فقام النبي _صلى الله عليه وسلم_ فقال: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار" رواه البخاري. انظر (المقنع مع الشرح 10/456).

 ترى ماذا تستفيد الدعوة من غلام يهودي ينازع الموت، إنها الشفقة على الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور.[2]
 

رسول الله لم يقتل المنافقين ، وأدعياء الجهاد يقتلون المسلمين

 فائدة : تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المنافقين في مجتمع المدينة النبوية : في المدينة النبوية أسس النبي صلى الله عليه وسلم دولته الإسلامية الناشئة وقد وجدت ضمن أهل المدينة فئةٌ من المنافقين ، قال تعالى : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }النساء145 ، هذه الفئة التي هي في الدرك الأسفل من النار كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم معها ..، لقد أمره الله بجهادهم فقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }التوبة73 ، قال المفسرون جهاد الكفار يكون بالقتال ، أما جهاد المنافقين فيكون بالحجة ، فأسلوب التعامل مع كل فئةٍ يختلف ، وذلك لحكم عظيمة وإلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف المنافقين بأسمائهم وسماهم لحذيفة رضي الله عنه ، قال تعالى : {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ }التوبة64  ورغم ذلك لم يقتلهم وبرر عدم إقدامه على قتلهم كي لا يُقال أن محمداً يقتل أصحابه ، رغم أنه لو أراد قتل المنافقين لاستطاع ذلك ولأيده صحابته رضوان الله عليهم فهو رسول الله وأفعاله بوحي من ربه ، فمن أجل مصلحة الدعوة لم يقتل النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين ، فكيف يتجرأ شبابٌ على حظٍ ضعيفٍ من العلم على قتل المسلمين في زماننا هذا بحجة الجهاد ، أيُّ جهادٍ هذا الذي يُقتل فيه الآمنون من المسلمين ، ويُجيز أصحابه التترس بالأطفال الأبرياء والنساء الضعيفات ، إن مجرد حملهم السلاح يعني أنهم وصلوا إلى مرحلة من القوة تمكنهم من المواجهة فلماذا إذاً التترس في بيوت الأبرياء والتضحية بالضعفاء .

 إن المراقب من الخارج حين يرى ما يحدث لضعفاء المسلمين من قتل بسبب أعمالٍ لا مبرر لها ولا يمكن تسميتها جهاداً ، ليستنكر ذلك ، ويستغرب كيف يتجرأون على قتل الناس وإهدار الدماء المعصومة بحججٍ واهية ، أيُّ نصرٍ سيتحقق للإسلام من سفك دماء المسلمين داخل بلاد الحرمين ، إن الذي يحدث هو تشويه للإسلام ، وتصويرٌ للمسلمين بأنهم لا يُبالون بحرمة الدماء المعصومة .
 

توجيهات للشباب المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله :

 إن المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله هو منهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، الذين بذلوا جهدهم وأوقاتهم لتعليم الناس الخير ، كان الصحابة رضوان الله عليهم يتعلمون العلم ويعلمون غيرهم ، سائرين على نهج نبيهم في مخالطة الناس وتعليمهم ودعوتهم . يقول الشيخ عايض القرني: (تتوافد قبائل العرب لتنظر إلى هذا العظيم وهو في مكة لباسه عادي لا يساوي ثلاثة دنانير، خبزه الشعير، ينام في بيت متواضع، يقف مع العجوز الساعات الطوال، يحمل الأطفال، يحلب الشاة، لا يجد كسرة الخبز، ومع ذلك تتساقط تحته عروش الظالمين كسرى وقيصر، لماذا؟ لأنه كسَّر بسيف العدل ظهور الأكاسرة، وقصَّر برماح التضحية آمال القياصرة) . فلِمَ الاستعجال يا من تريدون الخير ، ولم لا تتبعون الهدي النبوي في الصبر على الدعوة ومخالطة الناس والصبر على أذاهم ، ودعوتهم باللين والرفق والموعظة الحسنة . 
 

 طاعة العلماء واتباع إرشاداتهم صمام الأمان :

لقد عرف الأعداء الماكرون من أين يأتوننا ، وألد هؤلاء الأعداء هم بعض بني جلدتنا ممن يمتطون دعاية الدعوة للإصلاح وأهدافهم مصلحية سياسية ، وليست أهدافاً دعوية ، فيدعون الحرص على الدين وهم أول من يشكك في العلماء الربانييين ، فكل عالم لا يوافق هواهم ودعواتهم يعتبرونه عالم دولة ، ويحاولون إسقاطه وصرف الشباب عن الاستماع له ، وإذا أمر بما أمر الله به من السمع والطاعة لولاة الأمر وجمع الكلمة والنهي عن الفرقة والاختلاف اعتبروه منافقاً وشنوا الحملات الدعائية ضده ، بل ونصبوا غيره ممن هم أصغر منه سناً وأقل علماً كبديل لأخذ الفتاوى منهم . ومع الأسف فقد نجحوا في تلك الخطة الماكرة في ظل حماس الشباب واندفاعهم الغير منضبط ، فنشأ جيلٌ من الشباب تجاسروا على أهل العلم الذين شابت لحاهم في طلب العلم وتعليم الناس الخير وخدمة دين الله . ومع الأسف فإن أكثر أولئك الشباب لم يطلبوا علماً ، ولم يأخذوا للطريق زاداً ، إنما كان زادهم بعض الأناشيد الحماسية ، وبعض تحليلات القنوات الفضائية ، وغالبيتهم تزودوا بالرؤى والأحلام أياً كان مصدرها موثوقاً أو غير موثوق ، وأغلبها أكاذيب ينشرها الأفاكون على صفحات الانترنت ، وأين من يستطيع التحقق من صحتها ، ووجد الأفاكون شباباً عاطلين عن العمل وعن طلب العلم وعن الدعوة وعن العبادة ، فسيطروا على أفكارهم وسخّروهم لخدمة أهدافهم في زعزعة الأمن ، ولتحقيق أحلامهم بالوصول إلى السلطة .

استغلوا حماسة الشباب ، فضيّقوا عليهم آفاقاً كانت واسعةً من الدعوة وعمل الخير ، والرفق بالناس والأناة بهم . وجعلوهم ينقمون على من حولهم ، ويتصورون محاصرة المعاصي لهم ، وكأن هذه المعاصي لن تزول إلا بدمارٍ أو هلاك ، يأسٌ من الإصلاح ، ويأسٌ من استجابة الناس ، وقعودٌ عن الدعوة والعمل للدين .

فيا معشر الشباب الله الله في علمائنا ، اطلبوا العلم وتعلموا الخير منهم ، واقتدوا بهم ، وأطيعوا أمرهم ونصحهم ، قال الله تعالى : {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83 
 

 ناصحوا ولاة الأمر وادعوا لهم بالصلاح:

 أثر عن أحد السلف أنه قال: (لو كان لي دعوة صالحة لصرفتها للسلطان)، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. إننا أيها الإخوة نمر بمرحلة حرجة في تاريخ الأمة الإسلامية تحتاج منا إلى وقفة صادقة ومنهجية واضحة في التعامل مع هذه الأحداث التي تخرج الأمة من عنق الزجاجة، ومن هذه المحنة وهي أصلب عودًا وأشد تماسكًا، وإن أهم أركان هذا التماسك هم الحكام والعلماء والشعوب، وإن المنهج الشرعي مع الحكام حتى وإن جاروا: الصبر؛ (ما لم نرَ كفرًا بواحًا عندنا من الله فيه برهان)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمْرِ مِنكُمْ}، وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال نبي الله ‘: ((من رأى منكم من أميره شيئًا فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرًا فيموت إلا مات ميتة جاهلية)) . يقول سماحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (لا ننازع ولاة الأمور ما ولاَّهم الله علينا لنأخذ الإمرة منهم؛ فإن هذه المنازعة توجب شرًّا كثيرًا وفتنًا عظيمة وتفرقًا بين المسلمين، من عهد عثمان رضي الله عنه إلى يومنا هذا، ما أفسد الناسَ إلا منازعةُ الأمرِ أهلَه ) محمد بن صالح العثيمين، شرح رياض الصالحين، 512.   

 ويقول رحمه الله: (تجد بعض الناس همُّه إذا جلس في المجلس ما يستأنس إلا إذا أمسك عالمًا من العلماء أو وزيرًا من الوزراء أو أميرًا من الأمراء أو من فوقه ليتكلم في عرضه، وهذا غير صحيح، ولو كان هذا الكلام يجدي لكنا أول من يشجع عليه...) إلى أن قال رحمه الله: (.. ولكنه لا يجدي، إنما يوغر الصدور ويكرِّه ولاة الأمور إلى الناس ويكرِّه العلماء إلى الناس ولا يحصل فائدة)
 

فتح أبواب الخير لا إغلاقها :

إن رحمة الله واسعة ، وفضله عظيم ، وخيره عميم ، يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل ، ويُرغِّب عباده في العودة إليه والإنابة والرجوع والتوبة ويحذرهم من اليأس والقنوط قال تعالى :{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53

وهكذا كان هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه وهو يدعم على عصا حتى قام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة " أي صغيرة ولا كبيرة " إلا أتاها، ( وفي رواية: إلا اقتطعها بيمينه لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم " أهلكتهم" )، فهل لذلك من توبة؟ قال: " فهل أسلمت؟ " قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال: " تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن ". قال: وغدراتي وفجراتي. قال: " نعم ! " قال: الله أكبر فما زال يكبر حتى توارى" (قال الهيثمي: رواه الطبراني والبزار ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن هارون أبي نشيطة وهو ثقة. وقال المنذر في الترغيب إسناده جيد قوي. وقال ابن حجر في الإصابة هو على شرط الصحيح) .

فيا دعاة الخير ، افتحوا أبواب الأمل للناس ، ورغِّبوهم فيما عند الله ، وحاوروهم بالحسنى ، امتثالاً لأمر الله في قوله تعالى : (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ) ، وكونوا مبشرين لا منفرين ، رحماء بالمسلمين كما وصف الله رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم قال تعالى : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29

أسأل الله الكريم أن يجمع كلمة المسلمين على الخير  وأن يهدي شباب المسلمين ويردهم للحق رداً جميلاً ، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه ، وأن يوفق ولاة أمور المسلمين للعمل فيما فيه خير أمتهم ودينهم وصلاح مجتمعاتهم ، والرفق برعيتهم ، وأن يؤلف بين قلوب الجميع شعوباً وعلماء وحكاماً ومحكومين .   


======================
  

1، 2 -  رسالة عاجلة للدعاة ، خالد السبيعي

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حول التفجيرات
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية