اطبع هذه الصفحة


نداءات للمطلوبين

 
الشيخ سلمان العودة يناشد المطلوبين مراجعة أنفسهم


الإسلام اليوم / الرياض :
ناشد فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" المطلوبين أمنياً مراجعة أنفسهم، حقناً للدماء، وحفظاً للأمن، ووأداً للفتنة كما طالب المسئولين بفتح باب العفو أمام المطلوبين لتسليم أنفسهم .
وقال الشيخ سلمان العودة في نداء وجهه فضيلته تعليقاً على القائمة الجديدة للمطلوبين والتي أعلنت عنها وزارة الداخلية السعودية منذ أيام .."فإني أوجه هذا النداء الحار إلى كل من له تعلق بأعمال العنف بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ داعياً إلى مراجعة النفس وتصحيح المسير، وتحكيم البصيرة والعقل؛ فإن هذا طريق عرف نهايته من لم يكن يعرفها من قبل ، وبان لكل ذي رشد أن أعمال العنف والتخريب والقتل لا تبني دنيا، ولا تصلح ديناً، ولا تدفع شرًّا؛ بل هي سير في طريق مسدود مغلق، نهايته العطب في الدنيا، وما يخشى من شديد العقوبة في الآخرة، وإن الرجوع إلى الحق فضيلة، خاصة ما دام أمامه خيارات عديدة وفي مقدوره أن يختار أيسرها وأقلها ضرراً على نفسه وعلى الناس، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ به غيره، ولأن يكون المرء ذيلاً في حق ، خير من أن يكون رأساً في باطل.
وأضاف الشيخ العودة في نداءه قائلاً " إني أوجه نداءَ مشفقٍ ناصحٍ، همّه إصلاح الحال ، واستدراك العثرة، وإنقاذ ما بقي قبل فوات الأوان.. وإليهم وإلى من يستطيع أن يوصل إليهم نداءً أو يقنعهم أو يجادلهم بالحكمة والموعظة الحسنة أن يقوم الجميع لله تعالى قومة خالصة لا رياء فيها ولا سمعة، ولا حظًّا للنفس الطاغية، ثم يتفكروا ويتدبروا ويصلحوا ويبحثوا عن الطريق الذي به حقن الدماء، وحفظ الأمن، وكبت الفتنة ووأدها، وإغاظة الشيطان وجنده ، وأن ينكسروا بين يدي الله ضارعين خاشعين مستلهمين هدايته ورشده وفتحه، وهو الفتاح العليم.
كما ناشد فضيلة الشيخ العودة المسؤولين بفتح أبواب العفو والصفح أمام المطلوبين لمراجعة أنفسهم قائلاً " وإني في الوقت ذاته أناشد المسؤولين بفتح أبواب الرجوع من خلال تغليب جانب العفو والتسامح للعائدين، والشفافية في حفظ الحقوق وصيانتها."
كانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت في بيان لها يوم الثلاثاء الماضي عن لائحة تضم 36 مطلوباً أغلبهم من السعوديين ، وضمت اللائحة ستة مطلوبين أجانب يشتبه بوجودهم خارج السعودية، ثلاثة تشاديين، وموريتاني، ويمني، وكويتي.

وهذا نص نداء فضيلة الشيخ سلمان العودة:
مؤسســة الإسـلام اليوم
المكتـب الإعـلامي
مكتب المشرف العام فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة
نـــــــداء
(تعليق على القائمة الجديدة للمطلوبين)
الحمد لله رب العالمين ، وصلوات الله وسلامه على النبيين ، وعلى إمامهم وخاتمهم محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين.
أسأل الله العظيم بمنّه وفضله أن يفتح قلوبنا جميعاً لما فيه خير دنيانا وآخرتنا ، وأن يلهمنا الصواب ، ويقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
اللهم رب جبريل وإسرافيل وميكائيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك.. إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، وخذ بنواصينا لما تحب وترضى.
ثم أما بعد:
فإني أوجه هذا النداء الحار إلى كل من له تعلق بأعمال العنف بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ داعياً إلى مراجعة النفس وتصحيح المسير، وتحكيم البصيرة والعقل؛ فإن هذا طريق عرف نهايته من لم يكن يعرفها من قبل ، وبان لكل ذي رشد أن أعمال العنف والتخريب والقتل لا تبني دنيا، ولا تصلح ديناً، ولا تدفع شرًّا؛ بل هي سير في طريق مسدود مغلق، نهايته العطب في الدنيا، وما يخشى من شديد العقوبة في الآخرة، وإن الرجوع إلى الحق فضيلة، والعبد قد يقضى عليه حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن، لكنه مسؤول ومحاسب، خاصة ما دام أمامه خيارات عديدة وفي مقدوره أن يختار أيسرها وأقلها ضرراً على نفسه وعلى الناس ، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ به غيره، ولأن يكون المرء ذيلاً في حق ، خير من أن يكون رأساً في باطل.
فإني أوجه نداءَ مشفقٍ ناصحٍ، همّه إصلاح الحال ، واستدراك العثرة، وإنقاذ ما بقي قبل فوات الأوان.. وإليهم وإلى من يستطيع أن يوصل إليهم نداءً أو يقنعهم أو يجادلهم بالحكمة والموعظة الحسنة أن يقوم الجميع لله تعالى قومة خالصة لا رياء فيها ولا سمعة، ولا حظ للنفس الطاغية، ثم يتفكروا ويتدبروا ويصلحوا ويبحثوا عن الطريق الذي به حقن الدماء، وحفظ الأمن، وكبت الفتنة ووأدها، وإغاظة الشيطان وجنده ، وأن ينكسروا بين يدي الله ضارعين خاشعين مستلهمين هدايته ورشده وفتحه، وهو الفتاح العليم.
وإذا استبان للعبد السبيل فلن يعوزه اختيار الطريق المناسب للعودة إلى الجادة ولزومها.
وإني في الوقت ذاته أناشد المسؤولين بفتح أبواب الرجوع من خلال تغليب جانب العفو والتسامح للعائدين، والشفافية في حفظ الحقوق وصيانتها.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يكشف هذه الغمة، ويحفظ هذه الأمة، ويدفع عنا السوء بفضل الله ومنه ورحمته، إنه جواد كريم.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله .

كتبه
سلمان بن فهد العودة
الخميس 23/5/1426هـ


الداعية الدويش يناشد اثنين من المطلوبين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

فهذا نداء من القلب إلى القلب أبعثه لأخوين كريمين عزيزين على نفسي عرفتهما بخير وعرفت عنهما حسن الخلق وجميل الطباع والغيرة على الدين , أخوين مهما كان الاختلاف بيني وبينهما في الفكرة إلا أن حفظ حقهما واجب شرعي لايفسد بالاختلاف وتباين وجهات النظر .

نعم إنهما أخوان لهما عليّ واجبات كثيرة لعلي أؤدي شيئا من حقها في هذه المناشدة, فلهم عليّ واجب الجِيرة وحقها , ولهم عليّ واجب المحبة وحقّها , ولهم عليّ قبل ذلك وبعده واجب الأخوة الإسلامية التي هي أعظم واجب أعرفه , وأكبر حقّ أكرمه , لأن القيام به قيام بالدين فعن ‏ ‏تميم الداري ‏ رضي الله عنه‏أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ((‏ ‏الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ))

ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس فأقول مستعينا بالله تعالى معتمدا عليه في شأني راجيا توفيقهفي سعيي

أخواي الكريمان
1 - إبراهيم بن عبدالله المطير
2 – عبدالرحمن المتعب

لقد عرفتكما على خير واجتمعت بكما عليه ,ثمّ قدّر الله تعالى أن تغيبا عني لسبب من الأسباب التي تمنيت لو افتديتكما عنه بملىء الأرض ولكنه قدر الله النافذ والحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه .

أخواي

كم هو محزن ومكدّر لي ولغيري ممن عرفكما وأحبكما أن نفقدكما في ميادين كنتما فيها شعلة مضيئة ومنارة هداية يهتدي بها كثير ممن حاد عن الجادة , ثم نراكما في نفق مظلم تشابهت طرقه , والتبست مناهجه , وتكدرت مشاربه , نفق يحار فيه الحليم , ويضطرب فيه الجلد من الرجال . حملتما فيه السلاح بعد أن كان سلاحكما هو الكلمة الطيبة , وركبتما فيه مطية العنف بعد أن كان حاديكما وهاديكما هو قول الحبيب صلى الله عليه وسلم عن ‏ ‏عائشة زوج النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ((‏ ‏إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا ‏‏ شانه )) وآثرتما فيه المواجهة بعد أن كان اللين والمناصحة منهجكما في دعوة الناس.

أخواي الكريمان

من حقكما عليّ أن أنصح لكما بعدُُ كما كنت أنصح لكما قبلُ وليس ما أنتما عليه الآن بمانعي من مناصحتكما وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((‏انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يديه ))وسواء أعرفته أم لم أعرفه

أقسم لكما بالله أني لا أرضى لكما الظلم كما أكرهه منكما . وسأقف معكما لو ظُلمتما كما أقف ضدكما إن ظَلمتما , ولهذا فإني أناشدكما بالله جل شأنه أن تراجعا حساباتكما وأن تعيدا النظر في مواقفكما . رفقا بشخصيكما , وأهليكما , ومحبيكما , ومجتمعكما . ووالله للذي كنتما فيه وقدمتماه قبل خير مما أنتما فيه وتفعلانه بعد , فليكن لكما في هدي خير البرية هدي فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إني لأحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها فآتي الذي هو خير وأكفر عن يميني ))

أخواي وحبيباي

هلمّا للذي هو خير وإن طالت طريقه , واحذرا ممّا لايثمر إلا الشوك وإن أعجبكما بريقه , فوربي إني لكما محبّ ناصح وأنا كما عهدتماني لم أتغير وأسأل الله الثبات على الحق حتى الممات , واعلما وفقكما الله أن كل خطوة تخطوانها في الاتجاه الصحيح فتحقنان بها دما , وتحفظان بها حقا , وتصلان بها قربى , وتؤنسان بها محبّا وتكبتان بها شانئا , لهي أحبّ إليّ من فلذة كبدي وماملكت يدي . فالله ألله ولكما مني العهد والوعد أن أقف معكما في كلّ مامن شأنه حفظ حقّكما وتيسير أمركما , فأبشرا وأمّلا خيرا . وتفاءلا بالخير تجداه , وحذار حذار من المرجفين الذين يجعلون من الحبة قبة ومن الجمل جبلا , فهم لم ولن يحملوا عنكم إثما ولن يرفعوا عنكم ظلما .

هذا نداء أبعثه من القلب لعله أن يصل إلى قلبيكما أو إلى قلب كلّ أخ كريم مثلكما وسواء أعرفته أم لم أعرفه وأنا على العهد والوعد . فأقبلا ولا تترددا فإني أرى ضياء بدد ظلاما فليكن نوركما أنار الله بصائرنا بالحق والإيمان .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 

وكتبه
سليمان بن أحمد الدويش
 


إلى هذا الأخ : والله إنّ السعيد من وُعظَ بغيره ! فالنّجاة النّجاة !
فتى الادغال
 

لا يأتي زمانٌ إلا والذي بعدهُ شرٌّ منهُ ، ولا تمضي الأيامُ وتتعاقبُ السنينُ إلا ويتضائلُ الخيرُ وينحسرُ رواقهُ ، ويمتدُّ الباطلُ وتشتدُّ فورتهُ ، والمؤمنُ من اتقى فتنَ كلِّ ذلكَ ودفعَ عنهُ كيدَ العدوِّ بحكمةِ الحصيفِ وتجربةِ العاقلِ وتؤدةِ الصبورِ ، وقد قالَ معاوية ُ – رضيَ اللهُ عنهُ - : لا حكيمَ إلا ذو تجربةٍ ، وقالَ موسى عليهِ السلامُ لقومهِ : استعينوا باللهِ واصبروا إنَّ الأرضَ للهِ يورثُها من يشاءُ من عبادهِ ، والعاقبة ُ للمتقينَ .
قرأتُ كلاماً لأستاذِنا العلاّمةِ سلمانَ بن فهد العودة يخصُّ المطلوبينَ الذين صدرتْ أخيراً قوائمُ تضمُّ أسماءهم ، وقلّبتُ عيني على العديدِ من صفحاتِ الجرائدِ وقنواتِ الإعلام ِ وموجاتِ الإذاعةِ ، لأسمعَ ضروباً وأفانينَ من تلكَ النصائح ِ الصادقةِ والالتماساتِ الحانيةِ مشوبة ً بعبهريِّ الرحمةِ والشفقةِ عليهم ، علّها تصادفُ نفساً مُهيأة ً وقلباً رقيقاً ، فتُثمرُ خيراً لصاحبِها وللمجتمع ِ وللأمّةِ الإسلاميّةِ جمعاءَ .

هكذا هي الحياة ُ صفوٌ ينبعُ حيناً فتغيضُ السعادة ُ ، ويزكو عملٌ نافعٌ تارة ً ليموتَ أثرٌ صالحٌ ، يرتفعُ هذا لينخفضَ ذاك ، وتبقى سفينة ُ الحياةِ ماخرة ً عُبابَ العمر ِ تتصرّمُ أيّامهُ وتنقضي لياليهِ ، ويبقى لذوي النجابةِ والرُّشدِ ما حماهم اللهُ بهِ من الكيَس ِ والفِطنةِ ، ويهلِكُ من دعتهُ النّوازعُ إلى العجلةِ والطيش ِ ، ولو أنَّ العاقلَ منهم استقبلَ من أمرهِ ما استدبرَ لما كانَ إلا حليماً صبوراً ، يزنُ جميعَ فعلهِ بعقل ِ الشيخ ِ المُحكّكِ وثباتِ المُجرّبِ ، ويترفّعُ عن التهوّر ِ والمُجازفةِ .

لقد قالوا قديماً : رأيُ الشيخ ِ خيرٌ من مشهدِ الغُلام ِ ، فما بالُنا – يا رجالَ الإسلام ِ وأملَ المسلمينَ – نرى الغلامَ لا يأبهُ لقول ِ شيخهِ ولا لرأي معلّمهِ ، ويرفضُ أن يُصغيَ بعقلهِ وفهمهِ إلى حادي النّجاةِ وداعي الخلاص ِ ، ليقعَ أسيراً في قبضةِ شابٍّ مثلهِ ، في سنيِّ عمرهِ ومستوى تفكيرهِ ، ثمَّ يتتايعونَ في الوقوع ِ سِراعاً في ملمّاتِ الحوادثِ ، ويمضونَ سادرينَ لا يلونَ على نصيحةِ عاقل ٍ ولا قول ِ مُجرّبٍ ولا صُراخ ِ نذير ٍ ، يسيرونَ حيثُ لا تُعلمُ نهايةٌ لتصرّفاتِهم .

هبوا أنَّ هذه من الفتن ِ العمياءِ التي لا يتضحُ فيها سبيلٌ ولا يستبينُ فيها طريقٌ ، أفلا كانَ حقّاً علينا أن ننصحَ الصالحينَ بالتجافي عن سلوكِ دربِها ، والتضلّع ِ من أبوابِها ، فكيفَ وقد قالَ أهلُ العلم ِ قولتهم وقطعوا بما بيّنوهُ قولَ كلِّ قائل ٍ ! .

إنَّ للفتن ِ بريقاً أخّاذاً ، ورنيناً آسراً ، ووقعاً ساحراً ، يسترقُ العقولَ والقلوبَ ويستولي على الوعْي والإدراكِ ، ولو كانَ صاحبُها ألمعيَّ الذهن ِ ، موفورَ العزيمةِ ، وقّادَ الهمّةِ ، ولا ينجو من هذه الملمّاتِ إلا من حماهُ اللهُ بالعلم ِ الأصيل ِ والعقل ِ الرّجيح ِ ، وهذا ما يراهُ النّاظرُ بعين ِ البصيرةِ من استيلاءِ الفتن ِ على ضعافِ التأصيل ِ الشرعيِّ ، وتحكّمهِ في ناشئةِ الشبابِ ، ومن آياتِ هذا الافتتانِ المُريبِ إعراضُهم عن أهل ِ العلم ِ وتهوينُ شأنِهم ومقامِهم ، وهو ما يوكلُ معهُ الإنسانُ إلى نفسهِ .

لقد كتبتُ وكتبَ غيري ، كتبنا مقالاتٍ نسجناها من المُهج ِ والقلوبِ المُتقرّحةِ ألماً وحسرة ً ، وأنشأنا فصولها من الدموع ِ الحرّى ، كتبناها ونحنُ نمدُّ أيدينا إلى إخوةٍ لنا كادتْ تغرقُ سفينتُهم في مجرى أحداثٍ لا يعلمُ منتهى فصولِها إلا اللهُ ، رجوناهم ولا زلنا نرجو ونستحثُّ الخطى نحوَ إرشادِهم وتذكيرِهم : ألا كفّوا أيديكم ، واكسروا رماحكم ، وأغمدوا سيوفكم ، وكونوا خيرَ آخذينَ ، واستعينوا باللهِ واصبروا على السجن ِ والنجاةِ من الفتنةِ ، واعلموا أنَّ اللهَ ناصرٌ دينهُ ومُعل ٍ كلمتهُ ، ومن أتى من فعلهِ ما حرّمهُ اللهُ فلن يضرَّ إلا نفسهُ .

لقد أصابَ خيراً عظيماً من كفَّ يدهُ ، ونجا بنفسهِ ودينهِ ورفعَ راية َ التسليم ِ لأمر ِ اللهِ وأمر ِ رسولهِ – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – في النهْي عن السعي في الفتنةِ والخوض ِ فيها ، ويأتي على رأس ِ هؤلاءِ من كانَ من قائمةِ المطلوبينَ ، فإنَّ أجرهُ يتضاعفُ لتأكّدِ الأمر ِ في حقّهِ وتعيّن ِ قيامهِ بهِ ، خاصّة ً مع ما يصيبهُ من اضطرابِ الحيرةِ ، وتردّدِ الأوهام ِ ، وكثرةِ الخوفِ ، ولا ينكسرُ ذلك إلا بمراجعةِ النفس ِ والعودةِ إلى حظيرةِ الجماعةِ ، وإلا دلّتهُ النفسُ على دروبِ المخاطر ِ وسُبُل ِ الهلاكِ .

ليسَ من الجبن ِ ولا من الخور ِ أو الانهزاميّةِ أن يقومَ المسلمُ الممتثلُ لأمر ِ ربّهِ بتسليم ِ نفسهِ ، وهو يعلمُ أنَّ عاقبة َ فرارهِ شؤمٌ عليهِ ، وربّما أريقتْ دماءٌ كثيرة ٌ في ذلكَ ، بل واللهِ إنَّ ذلك شرفٌ عظيمٌ لهُ وأحظى في العُقبى ، كيف وهو يرى ويسمعُ أنّاتِ ذويهِ الممضّةِ واستغاثتِهم لهُ ويلكَ انجُ بنفسكِ وسلّمْ أمركَ وأرحْ أهلكَ ممّا يُكابدونهُ ، والمُجتمعُ بأسرِه يدعوهُ للركوبِ في سفينةِ الجماعةِ والنجاةِ بها ، وأن لا يختارَ التفرّدَ ويؤثرَ الفِرارَ ليقعَ صيداً للتمرّدِ والتمادي في الأمر ِ ، ممّا يورثُ شرّاً ويُذكي سوءاً .

هذه مصارعُ من سبقَ ، هي – واللهِ – عبرة ٌ وعِظة ٌ ، ومن لم تُحرّكهُ الحوادثُ السالفاتُ ويعتبرْ بها ، أو تزدهُ صروفُ الزمان ِ تجربة ً وخبرة ً ، فقد حُرمَ حظّاً عظيماً من التوفيق ِ والعافيةِ .

إنَّ عدوّنا يؤثرُ هذه الأعمالَ ويرتضيها ، فهي – واللهِ – بابٌ عظيمٌ من أبوابِ تدخلاتهِ وتوغّلهِ في العالم ِ الإسلاميِّ ، فيضربُ بجندهِ من الكُتّابِ وطلائع ِ المُبشّرينَ ومرتزقةِ الاستعمار ِ ، ليعيثوا في الأرض فساداً بحربِهم على الفِكر ِ واستعمار ِ مواردهِ وأصولهِ وتصوّراتهِ وموازينهِ ، ويُعيدوا الأملَ في صفوفِ كُهّانهم وأذنابِهم ، أولئكَ الذين اصطلوا دهراً بثباتِ المسلمينَ وعصيانِهم على غزواتِ التغريبِ وإفسادِ الأخلاق ِ واستعمار ِ العقول ِ ، ليبدأ الأملُ يدِبُ من جديدٍ ، حينَ يرونَ بلادَ الإسلام ِ غارقة ً في فتن ٍ داخليةٍ وتطاحن ٍ بين شبابهِ .

لقد دفعتْ أمريكا 20 مليار دولار في مدّةٍ تصلُ إلى 25 سنة ، من أجل ِ تغيير ِ التعليم ِ في مصرَ – حرسها اللهُ - ، ووظّفتْ عملاءَ وزرعتْ جواسيسَ واشترتْ ذمماً كثيرة ً ، ولكنّها وبعدَ الأحداثِ الأخيرةِ لم تحتجْ إلى شيءٍ من ذلكَ ، فقد أطلقتْ عنانَ التهديدِ والتوبيخ ِ لتنالَ ما تُريدُ من التنازلاتِ المصريّةِ بالقوّةِ علانية ً في وضح ِ النهار ِ ، بعدَ أن وجدتْ من الأحداثِ الخارجيّةِ ما يؤيدُها في ظلمِها ومواصلةِ تجنّيها .

أوَلا ترمضُ الصدورُ العليلة ُ بالهمِّ بمثل ِ هذه الحوادثِ ومرّها ؟! ، كم نحتاجُ الآن إلى مؤاس ٍ وحان ٍ يرفعُ عن ضعفةِ المسلمينَ سطوة َ الغربِ الخانقة َ ، وكم نبحثُ عن رجل ٍ يجمعُ اللهُ بهِ شتيتَ الرأي ومُبدّدَ العمل ِ ، ليُصلحَ بهِ اللهُ هذه الأحوالَ المُحزنة .

هل انجابتْ عن المسلمينَ بما جرى ويجري سُدُفُ الظلام ِ ؟ ، وهل انزاح عن ديارهم قتامُ التبعيّةِ ؟ ، هل وقفتْ جحافلُ الباطل ِ عن غيّها ومكرِها وبثِّ حقدِها ! ، وهل استكنَّ دُعاةُ التغريبِ عن نشر ِ إفكِهم وتمرّدهم على الشريعةِ ! ، لقد حصلَ ما حصلَ من الأفعال ِ الباغيةِ ، فما زادتْ أولئكَ إلا جسارة ً على دين ِ اللهِ وصدّاً عن سبيلهِ، وبقيَ أهلُ الخير ِ وقد أسقطَ في أيدهم ، لا يدرونَ ماذا يفعلونَ ، بين قوم ٍ منهم غووا وانحرفوا ، وآخرين يضربونَ في الأرض ِ يبتغونَ فساداً وانحلالاً .

وا أسفاه علينا ! فبعدَ سنواتِ النهضةِ العلميّةِ ، وامتدادِ الخير ِ ، واتساع ِ رواقهِ ، وتراجع ِ العلمانيينَ وأذنابِهم وانحسار ِ بأسهم ، وبعد تمكّن ِ أهل ِ العلم ِ من زمام ِ الأمر ِ في صناعةِ الحياةِ والشبابِ وصياغةِ سطور ِ مجدِ الأمّةِ ، ووثوق ِ الأمّةِ من المسئولينَ وعامّةِ النّاس ِ بهم ، جاءَ من يهدمُ ما بناهُ الرجالُ الأوفياءُ ، في لحظةٍ من لحظاتِ النزق ِ وساعةٍ من ساعاتِ التهوّر ِ ! وبعدَ أن كانتِ الدعوة ُ تهبُّ نحوَ العلياءِ وتثِبُ للمجدِ ، أصبحتْ تخطو خطواً وئيداً وتتعثرُ في دربِها .

فمن الذي يطمسُ ذلك الوجهَ المشرقَ الوضيءَ لتعاليم ِ الإسلام ِ ؟ ، ومن الذي يُجلبُ بخيلهِ ورجلهِ سعياً في الفتنةِ الداخليّةِ باسم ِ الشرع ِ وتعاليمهِ ! ، ومن ذلك الذي يرضى أن يبقى مُكبّاً على أمرهِ ، سادراً في غفلتهِ ، مُعرضاً عن النصيحةِ والإرشادِ ، من إخوان ٍ لهُ يحرصونَ على نجاتهِ ويُريدونَ لهُ العافية َ ! .

وبعدُ أيّها القرّاءُ : لا زلنا نرجو ونؤمّلُ ، وما دامَ فينا من تتحرّكُ عزيمتهُ وتومضُ نفسهُ الشريفة ُ نحوَ دفع ِ الفتنةِ ودحر ِ الشرِّ وأسبابهِ ، من أمثال ِ الأخ ِ فايز أيوب ، الذي تطاوعَ وسلّمَ نفسهُ وحقنَ دمهُ ودمَ غيرهِ ، ما دامَ فينا من لازالتْ نفسهُ أبيّة ً على التمرّدِ ، فإنّنا بخير ٍ إن شاءَ اللهُ ، وعلاماتُ الخير ِ لا زالتْ متقدة ً وضاءة ً في طريق ِ الخيريّةِ لهذه الأمّةِ ، والأملُ في البقيّةِ الباقيةِ من الشبيبةِ أن يحذوا حذوَ أخيهم فايز ، ويقتدوا بهم ، بدلاً من التشتّتِ والضياع ِ والهروبِ ، ونهاية ُ ذلك – لا قدرَ اللهُ – الموتُ أو القتلُ .

والسعيدُ من وُعظَ بغيرهِ .

 

حول التفجيرات
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية