اطبع هذه الصفحة


البيعة عقد وفاؤه عهد !!

حاتم بن عبد الرحمن الفرائضي

 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ] [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ] [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ــــ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ]

أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم إن (( فقه وأحكام بيعة الإمام )) يجب أن تكون مقررة واضحة عند الرعيَّة قبل الحاجة لها في مضائق الأوقات .

ومن فضل الله قد اتضحت أحكامها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وآثار السلف الصالح

وتأتي هذه الرسالة لتقرب هذه الأحكام لعامة الرعية لتكون مسائلها واضحة المعالم عند الرعية قبل الحاجة إليها .

أما بقية المسائل التي تتعلق بحقوق الراعي والرعية فقد جعلتها في رسائل أخرى ، وجعلت هذه الرسالة خاصة بشأن البيعة ، التي إذا تقررت واتضحت سهل ما بعدها .

أما مسائل هذه الرسالة فستكون إن شاء الله على النحو التالي :

[1] [[ (( بيعة الإمام اعتقاد وقول وعمل )) ]]
[2] [[ (( البيعة عقد .. وفاؤه عهد .. ونقضه غدر )) ]]
[3] [[ ((تعريف البيعة وحقيقتها الشرعية )) ]]
[4] [[ (( ثمرات البيعة )) ]]
[5] [[ (( حرص السلف على التعجيل ببيعة إمام الدولة )) ]]
[6] [[(( مراحل بيعة الحاكم ))]]
[7] [[((كيف يبايِعُ الإمام الناس)) ]]
وتحته خمس مسائل
(1) صفة البيعة
(2) ألفاظ البيعة
(3) عبارة ( فيما استطعت )
(4) البيعة مكاتبة
(5) يبايع الوالد عن أبنائه الذكور
[8] [[ (( أخيراً ... البيعة عبادة فابتغوا بها وجه الله !! ))]]
[9] [[ كيف تفرغ البيعة من مضمونها وواجباتها ؟!! ]]
[10] [[ (( البيعة في المملكة العربية السعودية )) ]]

فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله .
 

وكتب
حاتم بن عبد الرحمن بن محمد الفرائضي
خطيب جامع ابن عباس بجدة
mkkah@hotmail.com
 


[[ (( بداية الرسالة ))]]

[1] [[ (( بيعة الإمام اعتقاد وقول وعمل )) ]]

بيعة الإمام (عمل صالح ) وقربة إلى الله ، وهي ( اعتقاد وقول وعمل )
((قلب )) يعطي العهد بالسمع والطاعة قدر المستطاع في غير معصية الله .
و (( يد تصافح )) ويعلن صاحبها السمع والطاعة في غير معصية الله و((جوارح )) تعمل بعد ذلك وفاء لتلك البيعة ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [[ ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ]] رواه مسلم وغيره
ف(( الاعتقاد )) : أن يعتقد أن في عنقه للإمام بيعة بالسمع والطاعة في غير معصية الله
و ((القول )) : أن يقول مثلا : ( أُقِرُّ لَكَ بالسمع والطاعة ) [على سنّة الله وسنّة رسوله ] ما استطعت
أي ( أبايعك على السمع والطاعة ) [ في غير معصية الله ] ما استطعت
وأما ((العمل )) : فهو أن يعمل بموجب عقد البيعة وعهدها .

# قال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب :
[ الصَّفْق الضرب الذي يسمع له صوت ]
وقال [وصَفَقَ يَده بالبيعة والبيع وعلى يده صَفْقاً ضرب بيده على يده ، وذلك عند وجوب البيع والاسم منها الصَّفْقُ ]
وقال [وصَفَقْت له بالبيع والبيعة صَفْقاً أَي ضربت يدي على يده ]

[2] [[ (( البيعة عقد .. وفاؤه عهد .. ونقضه غدر )) ]]

[أولاً ] (( البيعة عقد )) .... يقوم به (( أهل الحل والعقد ))
وهم الجماعة الذين تنعقد البيعة بمبايعتهم وهم (( أولي الأمر ))

فهم أصحاب الأمر المطاع من كبار الأمراء وكبار العلماء
قد أمر الله تعالى بطاعتهم في قوله سبحانه [ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ٍ]

[ثانياً] (( الوفاء بالبيعة عهد ))... لأن البيعة معاهدة على السمع والطاعة في غير معصية الله
قال اللَّه تعالى [ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللَّه، وأطيعوا الرسول، وأولي الأمر منكم ] النساء 59
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم [ على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

# قال في لسان العرب :
[[ و ( البَيْعةُ ) الصَّفْقةُ على إِيجاب البيْع وعلى المُبايعةِ والطاعةِ و ( البَيْعةُ ) المُبايعةُ والطاعةُ ،وقد ( تبايَعُوا على الأَمر ) كقولك أَصفقوا عليه و ( بايَعه عليه ) مُبايَعة عاهَده و ( بايَعْتُه ) من البيْع والبَيْعةِ جميعاً و ( التَّبايُع ) مثله
وفي الحديث أَنه قال : أَلا تُبايِعُوني على الإِسلام ؟
هو عبارة عن المُعاقَدةِ والمُعاهَدةِ كأَن كلّ واحد منهما باعَ ما عنده من صاحبه وأَعطاه خالصة نَفْسِه وطاعَتَه ودَخِيلةَ أَمره وقد تكرّر ذكرها في الحديث ]]

[ ثالثاً ] (( نقض البيعة غدر )) فلقوله صلى الله عليه وسلم
[ لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته ، ألا و لا غادرَ أعظم غدرا من أمير عامة ] رواه مسلم

# كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحذر أهل بيته وولده من الغدر ونكث بيعتهم للسلطان ،
نعم !! ، الصحابي المشهور بالحرص على شدة متابعة السنة يهدد ولده وأهله بالقطع لو خلعوا بيعة يزيد بن معاوية بعد ما فعل يزيد ما فعل !!

لا لشيء إلا لأن ليزيد بن معاوية بيعة في عنقهم .!!

# قال الإمام أبو عبد الله البخاريُّ رحمه الله :
[[ حدثَنا سليمانُ بن حرب حدثَنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع قال :
لما خلع أهلُ المدينة يزيدَ بن معاوية ، جمع ابنُ عمر حشمَه وولدَه
فقال : " إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( يُنْصَبُ لكل غادر لواءٌ يومَ القيامة ))
وإنا قد بايعْنا هذا الرَّجلَ على بيع الله ورسوله ، وإني لا أعلمُ غدراً أعظم من أن يبايَع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم يُنْصَبُ له القتالُ ، وإني لا أعلمُ أحداً منكم خَلَعَه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصلَ بيني وبينه ]]

رواه البخاري في صحيحه في كتاب الفتن باب: إذا قال عند القوم شيئاً، ثم خرج فقال بخلافه
طالع البخاري مع الفتح 13/68 برقم 7111 0

# قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : [ وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ، ولو جار في حكمه ، وأنه لا ينخلع بالفسق ] 0فتح الباري 13/71 – 72 .

# معنى " حشمه " :
قال ابن حجر رحمه الله [ قال ابن التين : الحشمة العصبة والمراد هنا خدمه ومن يغضب له ،

# وفي رواية صخر بن جويرية عن نافع عند " احمد "
( لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال : ...] إلى آخر الرواية الفتح 13/71 0

# وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في حديثه الطويل يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( ... فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر )) ]]رواه مسلم 3/1473 برقم 1844 .

[3] [[ ((تعريف البيعة وحقيقتها الشرعية )) ]]

قال ابن خلدون رحمه الله في مقدمة تاريخه :
[ البيعة هي العهد على الطاعة كأنَّ المبايعَ يعاهد أميرَه على أنه يُسلم له النظرَ في أمر نفسه وأمور المسلمين لا ينازعه في شيء من ذلك ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره‏.‏
وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري فسمي بَيعة مصدر باع وصارت البيعة مصافحةً بالأيدي‏.‏
هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع ]

[4] [[ (( ثمرات البيعة )) ]]

قد عُلم بالضرورة أن لزوم السنة والجماعة من سمات الفرقة الناجية من عذاب الله فلا يكون المرء من أهل السنة والجماعة إلا إذا لزم السنة ولزم الجماعة ولا جماعة إلاَّ بإمارة ، ولا إمارة إلاَّ بسمع وطاعة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ليس أحدٌ يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية ] متفق عليه

# ولهذا يجب على أولي الأمر أي أهل الحل والعقد في الدولة الإسلامية نصبُ إمامٍ يَخْلُفُ سَلَفَه إذا لم يَعْهَد الإمام السابق إلى الإمام اللاحق وهذا باتفاق الأئمة ، وإذا عهد السابق للاحق وجب على أهل الحل والعقد المبادرة بعقد البيعة له ، ثم إشهارها والسعي لأخذ البيعة من عامة الرعية .

قال الله عز وجل [ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ] الحج

وقال الله تعالى [ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ] النور

# قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
[ المقصود والواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبينا، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا ،وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم ] م الفتاوى م 28 ص 262

# قال الحسن البصري رحمه الله تعالي في الأمراء :
[ هم يَلُون من أمورنا خمساً :
الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود.
والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا ؛ والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم – والله – لغبطة وأن فرقتهم لكفر ]

( آداب الحسن لابن الجوزي وجامع العلوم لابن رجب )

# قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب السياسة الشرعية
[[ يجب أن يعرف أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين إلا بها،
فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض،
ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم [ إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ] ، رواه أبو داود، من حديث أبي سعيد وأبي هريرة.

وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو، أن النبي قال: [ لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمَّرُوا عليهم أحدَهم ]

فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها على سائر أنواع الاجتماع،

ولأن الله - تعالى - أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة.

وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ولهذا روي: [أن السلطان ظل الله في الأرض ] ويقال " ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بلا سلطان ".

والتجربة تبين ذلك؛ ولهذا كان السلف كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما
يقولون: " لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان " ]]

# قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى :
[ أما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ، ففيها سعادة الدنيا ، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم ، وطاعة ربهم ] جامع العلوم والحكم

# وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى :
[ وقد استفاض وتقرر في غير هذا الموضع ما قد أمر به صلى الله عليه وسلم من طاعة الأمراء في غير معصية الله ،ومناصحتهم والصبر عليهم في حكمهم وقسمهم ، والغزو معهم والصلاة خلفهم ، ونحو ذلك من متابعتهم في الحسنات التي لا يقوم بها إلا هم ؛  فإنه من باب التعاون على البر والتقوى ، وما نهى عنه من تصديقهم بكذبهم ، وإعانتهم على ظلمهم ، وطاعتهم في معصية الله ونحو ذلك مما هو من باب التعاون على الإثم والعدوان ] مج 35 ص21

[5] [[ (( حرص السلف على التعجيل ببيعة إمام الدولة )) ]]

# وحتى يعلم إخوتي الكرام مدى أهمية المبادرة إلى نصب إمام للدولة الإسلامية عند وفاة إمامها ، فلنتأمل فعل الصحابة رضي الله عنهم
وللنظر إلى إجماع الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم على نصب الإمام قبل الاشتغال بدفنه صلى الله عليه وسلم !!
فقد أخروا لأجل مبايعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كثيرا من أعظم المهمات والأعمال ومنها الاشتغال بجنازته صلى الله عليه وسلم !! ،
فما دفن صلى الله عليه وسلم إلا بعد مبايعة أبي بكر رضي الله عنه !!
لما علموا من وجوب المبادرة إلى بيعة إمام عليهم ، لما فيه من معاني القوة والجماعة والتآلف

# قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله :
[ وأجمعوا على انه يجب نصب خليفة ] فتح الباري م 13 ص 208

# قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى
[ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِى ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً ]
[[ هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة. ]]

إلى أن قال رحمه الله [[ ... ودليلنا
قول الله تعالى: " إني جاعل في الأرض خليفة " [البقرة: 30]،
وقوله تعالى: " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض " [ص: 26]،
وقال: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض" [النور: 55]
أي يجعل منهم خلفاء، إلى غير ذلك من الآي. ]

إلى أن قال
[ ثم إن الصديق رضي الله عنه لما حضرته الوفاة عهد إلى عمر في الإمامة، ولم يقل له أحد هذا أمر غير واجب علينا ولا عليك، فدل على وجوبها ، وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين، والحمد لله رب العالمين. ]]

# قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ( ت 1393 هـ )
في تفسير قوله تعالى [[ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِى ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً ]] بعد أن نقل كلام القرطبي الآنف الذكر

إلى أن قال
[[ أكثر العلماء على أن وجوب الإمامة الكبرى بطريق الشرع كما دلت عليه الآية المتقدمة وأشباهها وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ؛ ولأن الله تعالى قد يزع بالسلطان ما لا يزعه بالقرآن
كما قال تعالى [ ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ]
لأن قوله : [ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ]
إشارة إعمال السيف عند الإباء بعد إقامة الحجة ]]

ك " أضواء البيان "م 1 ص 59 ط عالم الكتب بيروت

[6] [[(( مراحل بيعة الإمام ))]]

[[ المرحلة الأولى ]] (( تعيينه أي تحديده )) من هو وهذه تتم بأحد الطرق الثلاث
# (( أول الطرق )) أن يعهد السابق للاحق
كما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر لأبي بكر رضي الله عنه
وكما عهد أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما
وكما عهد الصحابي الجليل كاتب الوحي معاوية بن أبي سفيان لابنه يزيد رضي الله عن معاوية .
وكما عهد الملك عبد العزيز للملك سعود رحمهما الله وهكذا.

# وفي زمن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
توسعت الدولة وكثر المناوئين لها فرأى الصحابي الجليل وكاتب الوحي وخال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن مصلحة الإسلام والمسلمين أخذ البيعة لابنه يزيد بن معاوية تربو على مصلحة ترك الأمر بين المسلمين ليختاروا إمامهم ولعلهم يختلفوا ويتفرقوا فعهد بالأمر من بعده إلى ابنه يزيد بن معاوية الذي غزا الروم وحاصر القسطنطينية وهي الغزوة التي توفي فيها أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخبر في صحيح البخاري

# قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو يتحدث عن يزيد بن معاوية
[ كان ملكا من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات والقول فيه كالقول في أمثاله من الملوك .]] رسالة مقتل الحسن وطالع مج م 4

# وقال شيخ الإسلام رحمه الله
[[ و ضعفت خلافة النبوة ضعفا أوجب أن تصير ملكا فأقامها معاوية ملكا برحمة و حلم كما في الحديث المأثور
(( تكون نبوة و رحمة ثم تكون خلافة نبوة و رحمة ثم يكون ملك و رحمة ثم يكون ملك ))
و لم يتول أحد من الملوك خيرا من معاوية
فهو خير ملوك الإسلام و سيرته خير من سيرة سائر الملوك بعده ]] م 7 ص 452

(( ثاني الطرق )) أو أن يعهد الإمام السابق لمجموعة من أهل الحل والعقد لاختيار الإمام اللاحق ، كما فعل عمر بن الخطاب عندما رشح ستة من العشرة المبشرين بالجنة

# (( وثالث الطرق )) أن يكون الناس مختلفين مع تفرق أهل السنة فلا جماعة تجمعهم فيجمعهم إمام بالقوة ويتغلب عليهم ويتأمر عليهم فتجب طاعته ويصير الإمام وكبار أمراءه وكبار العلماء هم أهل الحل والعقد وهم أولي الأمر وهم الجماعة التي لا يجوز الخروج عليها
لحديث [ أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ]

# وثبت عن ابن عمر – رضي الله عنه – أنه قال :[ ... وأصلي وراء من غلب ]

# وقال الشافعي : [كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمي خليفة، ويجمع الناس عليه، فهو خليفة ] طالع مناقب الشافعي للبيهقي

# وقال الإمام الحسن بن على البربهاري رحمه الله تعالى [ من ولي الخلافة بإجماع الناس عليه ورضاهم به، فهو أمير المؤمنين، لا يحل لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أن ليس عليه إمام براً كان أو فاجراً ] ثم قال البربهاري [ هكذا قال أحمد بن حنبل ] اهـ من كتاب السنة.

# أما (( أولها )) أن يعهد السابق للاحق
فكما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر لأبي بكر رضي الله عنه

# فقد أشار لخلافة أبي بكر حينما استخلفه في إمامة الصلاة وهو مريض

# ومثل قوله صلى الله عليه وسلم [[ (إن لم تجديني فأتي أبا بكر).

زاد الحميدي، عن إبراهيم بن سعد: كأنها تعني الموت. ]]

# وأوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم العهد جلياً لأبي بكر عندما قال :
[[ لقد هممتُ أو أردتُ أن أرسل إلى أبي بكر وابنه
فأعهدَ
أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنُّون
ثم قلتُ :
يأبى اللهُ ويدفع المؤمنون، أو: يدفع الله ويأبى المؤمنون).]]

رواه البخاري في كتاب الأحكام باب الاستخلاف وفي كتاب المرضى

# قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
[[ ... والتحقيق في " خلافة أبى بكر " و هو الذي يدل عليه كلام أحمد أنها :
# انعقدت باختيار الصحابة و مبايعتهم له
# و أن النبي صلى الله عليه و سلم أخبر بوقوعها على سبيل الحمد لها و الرضا بها ،
# و أنه أمر بطاعته و تفويض الأمر إليه ،
# و أنه دل الأمة و أرشدهم إلى بيعته .
فهذه الأوجه الثلاثة : الخبر و الأمر و الإرشاد
ثابت من النبي صلى الله عليه و سلم .]]

إلى أن قال رحمه الله :
[[ ثبتت صحة خلافته ووجوب طاعته بالكتاب والسنة و الإجماع
وإن كانت إنما " انعقدت " بالإجماع و الاختيار ،
كما أن الله إذا أمر بتولية شخص أو إنكاحه أو غير ذلك من الأمور معه ،
فإن ذلك الأمر لا يحصل إلا بعقد الولاية و النكاح .]] مج م 35 ص 48 - 50

# وأما (( ثانيها )) وهو أن يعهد الإمام لمجموعة من أهل الحل والعقد ليختاروا الإمام
فكما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما جعل الأمر شورى بين ستة من العشرة المبشرين بالجنة وهم
عثمان بن عفان، وعلى بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضي الله عن الصحابة أجمعين .

ثم جعلوا الأمر من هؤلاء الستة إلى اثنين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فاختار الصحابة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه
ولما قتل عثمان بن عفان شهيداً كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بايع الصحابة عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه أميرا على المؤمنين .

# وأخيرا (( وثالثها )) مبايعة السلطان الذي تغلب على المناوئين له
فعندما يكون الناس متفرقين فيجمعهم رجل بالقوة ويتغلب عليهم ويتأمر عليهم فتجب طاعته
لحديث [ أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ]
وللحديث الذي رواه مسلم [ إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف ]
فهذا العبد مجدع الأطراف لا يبايعه المسلمون وقت الاختيار لعدم توفر شروط الإمام المرغوبة - المثالية أو النموذجية كما يقولون اليوم – وهو بهذه الحال (( عبد مجدع الأطراف ))

لكن لأنه له رجالا وقوة خضع لها الناس ثم تأمر وملك زمام الدولة في هذه الصورة
فيوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعته
وإن كان هذا حاله لما في ذلك من حقن دماء المسلمين وتسكين دهمائهم
لأن من أهم ما يطلب من الإمام المسلم الحفاظ على الدين والأنفس والأعراض والأموال .

وكذلك أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم دولته
وقال [[وآمركم بخمس ، الله أمرني بهن : الجماعة ، والسمع ، الطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ]]

وكذا كان حال الجزيرة العربية زمن الإمامين الشيخ محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود يرحمهما الله
وكذا كان الحال زمن تأسيس الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله
فهذه الدول كلها قامت على [[ الجماعة ، والسمع ، الطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ]]

وفي الدرر السنة : [[وقد خرج الإمام أحمد ، من حديث الحارث الأشعري ، بعد أن ذكر ما أمر به يحيى بن زكريا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( وآمركم بخمس ، الله أمرني بهن : الجماعة ، والسمع ، الطاعة ، والهجرة ، والجهاد في سبيل الله ؛ فإنه من خرج من الجماعة قيد شبر ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ، ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثى جهنم ))

قالوا يا رسول الله : وإن صلى وصام ؟ قال : (( وإن صلى وصام ، وزعم أنه مسلم فادعوا المسلمين بأسمائهم ، على ما سماهم الله عزّ وجلّ به ، المسلمين ، المؤمنين ، عباد الله )) .

وهذه الخمس المذكورة في الحديث ، ألحقها بعضهم بالأركان الإسلامية ، التي لا يستقيم بناؤه ولا يستقر إلا بها ، خلافاً لما كانت عليه الجاهلية ، من ترك الجماعة والسمع والطاعة ؛ نسأل الله لنا ولكم الثبات على دينه ، والاعتصام بحبله ، والامتثال لأمره واتقاء غضبه ، وسخطه ؛ فاحذروا الاختلاف ]]

# قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في رسالة " أُصُول السُّـنّة " :
[[ والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجـر ، ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به ،
ومن عَلِيَهُم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين. ]]

# قوله ( ومن عليهم بالسيف )
هنا علا من الفعل علا يعلو
فمن علا المسلمين بالسيف واجتمعوا عليه ورضوا به صار إماماً

# قال الحافظ ابن حجر رحمه الله
[ قال ابن بطال أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ... ] الفتح م13ص 7 حديث رقم 7053 باب سترون بعدي

# وكان ابن عمر رضي الله عنهما امتنع أن يبايع لابن الزبير أو لعبد الملك وقت اقتتالهما ، فلما تغلب عبد الملك واستقر له الأمر بايعه ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه .

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب
[ الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلّب على بلدٍ أو بلدانٍ ؛ لـه حكم الإمام في جميع الأشياء ] الدرر السنية م 7 ص 239

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمهم الله –
[ وأهل العلم . . . متّفقون على طاعة من تغلّب عليهم في المعروف ، يرون نفوذ أحكامه وصحة إمامته ؛ لا يختلف في ذلك اثنان ... ] ك مجموعة الرسائل والمسائل النجدية م3 ص168

[[ المرحلة الثانية ]] (( عقد البيعة ))
عقد البيعة يقوم بها أهل الحل والعقد ، وهم أولو الأمر المطاع هم كبار العلماء الذين لهم الأمر الشرعي المطاع عند عامة الرعية وكبار الأمراء الذين لهم الأمر المطاع عند الجند

# فلا يعقد البيعة إلا أولوا الأمر

# فلو فُرِضَ أن أميراً أو عالما كبيرا صالحا تقيا ورعا بايع رجلا من عند نفسه لم يختره أولي الأمر ففعل هذا العالم أو هذا الأمير شذوذ وخروج عن جماعة المسلمين وسبب للفتنة فلا يعقد البيعة إلا ( جماعة المسلمين ) ( أولو الأمر ) ( أهل الحل والعقد )

أي أهل العلم والقوة والأمر المطاع

قال عمر رضي الله عنه [من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه ، تغرَّة أن يقتلا ] صحيح البخاري

قال الدكتوران الشيخان عثمان بن معلم وأحمد إمام في رسالتهما النافعة (( التحذير من التفرق والحزبية ))

[[وقد تحدَّث الخليفة الراشد عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه عن الذين يستبدُّون بالأمور عند شغور منصب الإمامة فأنكر فعلهم وحذَّر المسلمين منهم على ملإٍ من جماعة الصحابة الذين شهدوا خطبته في بلد العلم والسُنَّة ، مدينة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .

فقد أسند البخاري عن عبد الرحمن بن عوف أنَّه قال لابن عباس بمنى : لو رأيت رجلاً أتى أمير المؤمنين اليوم
فقال : يا أمير المؤمنين هل لك في فلان
يقول : لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً ،
فغضب عمر ، ثُمَّ قال (( إنّي إن شاء الله لقائم العشية في النَّاس فمحذِّرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورَهم )) .

ثُمَّ أجَّل خطبته إلى مرجعه إلى المدينة ، فختم خطبته
بقوله : (( مَن بايَعَ رجلاً مِن غير مشورة من المسلمين فلا يبايعُ هو ولا الذي بايعه تَغِرَّةً أن يُقتلا )) الفتح م 12 ص 144 و 147

قال ابن حجر [ أي : حذراً من القتل ، وهو مصدر من أغررته تغريراً أو تغرة ، والمعنى : أنَّ مَن فعل ذلك فقد غرّر بنفسه وبصاحبه وعرَّضهما للقتل ] الفتح م 12 ص 155

وشأن المسلمين التشاور بينهم في أمورهم العظيمة ، قال تعالى في وصف المؤمنين [ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) ] الشورى

قال السعدي في تفسيرها[وَأَمْرُهُمْ ] الديني والدنيوي
[شُورَى بَيْنَهُمْ]أي : لا يستبد أحد منهم برأيه في أمرٍ من الأمور المشتركة بينهم ، وهذا لا يكون إلاَّ فرعاً عن اجتماعهم وتوالفهم وتوادّهم وتحاببهم .

فمن كمال عقولهم أنَّهم إذا أرادوا أمراً من الأمور التي تحتاج إلى إعمال الفكر والرأي فيها اجتمعوا لها وتشاوروا وبحثوا فيها حتَّى إذا تبيَّنت لهم المصلحة انتهزوها وبادروها ، وذلك كالرأي في الغزو والجهاد وتولية الموظَّفين لإمارةٍ أو قضاء أو غيرهما .

وكالبحث في المسائل الدينية عموماً ، فإنَّها من الأمور المشتركة ، والبحث فيها لبيان الصواب مِمَّا يحبه الله ، وهو داخل في هذه الآيـة ] تيسير الكريم الرحمن 706 ]] ص 21

إذا لا تعقد البيعة إلا من ( أولي الأمر )

ولا تعقد إلا لمن يُعلم أن له يداً قوية تحكم الدولة فيؤمن السبل ويعصم الدماء ويحفظ أموال المسلمين وأعراضهم .

# قال شيخ الإسلام رحمه الله :
[ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمر بطاعة الأئمة الموجودين المعلومين، الذين لهم سلطان يقدرون به على سياسة الناس، لا بطاعة معدوم ولا مجهول، ولا من ليس له سلطان ولا قدرة على شيء أصلاً ]

ك منهاج السنّة النبوية م 1 ص 115

ولهذا فإن من أعظم الاعتداء والافتئات على أئمة المسلمين عقد بيعات خفية لقادة جماعات دعوية سرية أو تنظيمات مسلحة ؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفتن .

[[ المرحلة الثالثة ]] (( إعلان البيعة ))
(( وبعد )) أن يقوم أولو الأمر المطاع ( أهل الحل والعقد ) ب (عقد البيعة ) أو ( بيعة العقد )
يعلن أهل الحل والعقد هذه البيعة للعامة لتقوم بمبايعة الإمام
فيأتي دور ( بيعه العهد ) لعامة الرعية بالسمع والطاعة في المعروف
وهذه تتم مشافهة مع الصفق بالأيدي
فقد لزمت هذه البيعة بقية الرعية بمجرد عقد أهل الحل والعقد لها ،
لأن المسلمين جماعة واحدة ينوب عنهم قادتهم وعلماؤهم وكبارهم
وبقية الرعية تبع لأهل الحل والعقد تلزمهم الطاعة بمبايعة هؤلاء ،
(( هذا اعتقاد أهل السنة )) يرون أن هذه البيعة ملزمة لكافة الأمة وأنه يجب عليهم الدخول في بيعة الإمام والانقياد لطاعته
فالواجب أن يرى كافة أفراد الرعية أن في عنقهم بيعة لإمام الدولة
لقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم : [[ ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ]] رواه مسلم

[[ سؤال ]] هل قبول البيعة فرض عين ؟
الجواب : قبول البيعة فرض عين على كل مكلف
لكن مبايعة أمراء القبائل وأعيان القرية وكبار الناس تقوم مقام بيعة من خلفهم
وكذا للوالد أن يبايع نيابة عن بنيه ولا أقول ولده كما هو فعل ابن عمر رضي الله عنه.

سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله ورحم آباءه رحمة واسعة :
عن قوله صلى الله عليه وسلم (( من مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة الجاهلية )) .
فأجاب : [[ أرجو أنه لا يجب على كل إنسان المبايعة ، وأنه إذا دخل تحت الطاعة وانقاد ، ورأى أنه لا يجوز الخروج على الإمام ، ولا معصيته في غير معصية الله ، أن ذلك كاف ، وإنما وصف صلى الله عليه وسلم ميتته بالميتة الجاهلية ، لأن أهل الجاهلية كانوا يأنفون من الانقياد لواحد منهم
ولا يرضون بالدخول في طاعة واحد ، فشبه حال من لم يدخل في جماعة المسلمين بحال أهل الجاهلية في هذا المعنى ، والله أعلم .]] الدرر السنية م 9 ص 11

[7] [[((كيف يبايع الإمام الناس)) ]]

(1) صفة البيعة
(2) ألفاظ البيعة
(3) عبارة ( فيما استطعت )
(4) البيعة مكاتبة
(5) يبايع الوالد عن أبنائه الذكور

(1) صفة البيعة
(2) ألفاظ البيعة


يفضل في البيعة لزوم الصيغة الشرعية دفعا للمعاريض .
وهيئتها : أن يمد الرجل المبايع يده اليمنى إلى الإمام ويقول له :
بايعتك أو أبايعك على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا ، وأثرةٍ علينا ، وألا ننازع الأمر أهله

قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه ، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا ، وأثرةٍ علينا ، وألا ننازع الأمر أهله ] رواه مسلم

# أو يقول : ((أقر لك بالسمع والطاعة على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم )) كما هي بيعة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لعبد الملك بن مروان

(3) فلو أمر الإمام الرعية بأمر ما ، صار أمره واجباً على أفراد الرعية ، فرض عليها تنفيذه
حتى لو صادف الأمرُ عسر المرء أو كراهته للأمر
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم [ على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

قال الشيخ العلامة عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم رحمه الله رحمة واسعة :
[[ قوله (( فيما أحبَّ وكره )) أي فيما وافق غرضه أو خالفه.
قال المباركفوري في (( شرح الترمذي ))
(( وفيه : أن الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وَجَبَ .

قال المطهَّر على هذا الحديث :
(( يعني :سَمْع كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم، سواء أمره بما يوافق طبعه أو لم يوافقه، بشرط أن لا يأمره بمعصية فإن أمره بها فلا تجوز طاعته لكن لا يجوز له محاربة الإمام ]] ك معاملة الحكام في ضوء لكتاب والسنة ط 3 ص 78

# أما لو صادف أمرُ الإمام مرضَ أو عدمَ استطاعة المرء فإنه لا يأثم ولا يعد مخالفاً ولا ناقضاَ للعهد الذي أعطاه الإمام
فقد ثبت في السنة أن يقول المبايع ( فيما استطعت ) لأن البيعة عهد وميثاق غليظ فمعلوم أنه [ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ] وقوله تعالى [ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا ]

ومقرر رفع الحرج عن المسلم قال تعالى [ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ]

وقال تعالى [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ]

فالمريض مثلاً والعاجز غير المستطيع لا يأثم ولا يعد مخالفاً ولا ناقضاَ للعهد الذي أعطاه الإمام

روى مالك عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر قال :
[ كنَّا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة
يقول لنا: (فيما استطعتم).]

# قال عبد الله بن دينار : شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبد الملك

قال: كتب:

إنِّي أقرُّ بالسمع والطاعة لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، على سنَّة الله وسنَّة رسوله ما استطعت ، وإنَّ بنيَّ قد أقرُّا بمثل ذلك ]] رواه البخاري في باب كيف يبايع الإمام الناس

(4) [[ تصح مبايعة الإمام مكاتبة لمن كان بعيداً عن الإمام ]]

فإنه لمَّا بايع الناسُ عبدَ الملك، كَتَبَ إليه عبدُ الله بن عمر:
[ إلى عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، إنِّي أقرُّ بالسمع والطاعة لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، على سنَّة الله وسنَّة رسوله
فيما استطعت، وإنَّ بنيَّ قد أقرُّوا بذلك. ]

وتتم البيعة والمبايعة بالقلب
بعقد القلب والنية على السمع والطاعة للإمام المبايع بالمعروف في المنشط والمكره

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [[ ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ]] رواه مسلم

# قال الإمام الحسن بن على البربهاري رحمه الله تعالي [ من وَلِيَ الخلافةَ بإجماع الناس عليه ورضاهم به، فهو أمير المؤمنين، لا يحل لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أن ليس عليه إمام براً كان أو فاجراً ]

ثم قال البربهاري [ هكذا قال أحمد بن حنبل ] اهـ من كتاب السنة.

(5) [[ (( يبايع الوالد عن أبنائه الذكور )) ]]

ولو بايع الرجل عن بنيه ، فإنه ينبغي على والدهم أن يربيهم وينشئهم على هذه البيعة
كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما في بيعة عبد الملك بن مروان
قال عبد الله بن دينار :[ شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبد الملك قال: كتب:
إنِّي أقرُّ بالسمع والطاعة لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، على سنَّة الله وسنَّة رسوله ما استطعت، وإنَّ بنيَّ قد أقروا بمثل ذلك.] رواه البخاري ك الأحكام [6779، 6844]

[8] [[ (( أخيراً ... البيعة عبادة ، فابتغوا بها وجه الله !! ))]]

فينبغي أن يُتعبد لله ببيعة إمام المسلمين ويقصد بها وجه الله ، لا نيل شيء من الدنيا ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [[ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكِّيهم ولهم عذاب أليم:
رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنياه، إن أعطاه ما يريد وَفَى له وإلا لم يَفِ له ، ورجل بايع رجلاً بسلعةٍ بعد العصر، فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا فصدَّقه، فأخذها، ولم يعط بها ]] روى البخاري رحمه الله تحت باب (( من بايع رجلاً لا يبايعه إلاَّ للدنيا.))

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
[ فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد ، وطاعة ولاة الأمور واجبة ؛ لأمر الله بطاعتهم ، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله ، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم ، فما له في الآخرة من خلاق ]
مج 35 ص 16 وانظر مج 37 ص 170

[9] [[ كيف تفرغ البيعة من مضمونها وواجباتها ؟!! ]]

ورد في السنة عدة صيغ للبيعة

فمثلا يقول المبايِع للإمام :
[ أبايعُكَ على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر]

أو
[ أقر لك بالسمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر]

# قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه :
دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه ،
فكان فيما أخذ علينا أن
بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا ، وأثرةٍ علينا ، وألا ننازع الأمر أهله ] رواه مسلم

# قال عبد الله بن دينار :
[ شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبد الملك

قال: كتب:
إنِّي أقرُّ بالسمع والطاعة لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين، على سنَّة الله وسنَّة رسوله ما استطعت،
وإنَّ بنيَّ قد أقروا بمثل ذلك.] رواه البخاري ك الأحكام [6779، 6844]

فيجب أن تكون
(( البيعة على السمع والطاعة ))

أما
(( البيعة على الكتاب والسنة ))
فهذه تلزم كل مكلف بمجرد الدخول في الإسلام

فعبارة
أبايعك على الكتاب والسنة في غير معصية الله !!

تعني
أعدك وأعاهدك على اتباع الكتاب والسنة !!
فهذه ليست البيعة المقصود هنا
هذا لم يبايع !!
لأنه لم يأت بجديد !!
لأنه قصر السمع والطاعة لولاة الأمر على ما ورد في الكتاب والسنة
فإذا أمرهم الإمام بالصلاة والحج والزكاة وما ورد في الكتاب والسنة
قالوا سمعنا وأطعنا
وإذا أمرهم بأمر من السياسة الشرعية لمصلحة الدولة
مثل الانضباط بقواعد الأمن والسلامة التي تقررها الدولة
فإن أهل الأهواء يقولون سمعنا وعصينا
يقولون هذه ليست في الكتاب والسنة – بزعمهم -
ويقولون السمع والطاعة بما في الكتاب والسنة فحسب !!
ولهذا أقول ليس المقصود من البيعة اتباع الكتاب والسنة فحسب !!
هذا مقرر سلفاً قبل البيعة !
هذه بدهية !! مقرر وجوبها ولزومها قبل البيعة !!
هذا واجب على كل عباد الله .
بل المقصود بالطاعة هنا الائتمار بأمر الإمام فيما هو مباح أصلا

أخرج البخاري في "صحيحه" - كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية - ومسلم في "صحيحه" - كتاب الإمارة عن عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال:

[على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلاَّ أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة ]. ( البخاري (13/121)؛ ومسلم (3/1469).)

والإمام إذا أمر بمندوب أو مباح صار أمره واجباً

قال المباركفوري في "شرح الترمذي"

(وفيه أن الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح، وَجَبَ ).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أن السامع المطيع لا حجة عليه، وإن السامع العاصي لا حجة له ] أخرجه ابن أبي عاصم في (( السنة ))

فلو أمر السلطان المسلم بفعل أمر ليس بمعصية لله وفي استطاعة الرعية بلا حرج

توجب عليهم طاعته فيه حتى لو كان في أصله غير واجب في الكتاب والسنة

# فلو أمر طائفة من الناس بالخروج إلى مكان معين في ساعة معينة ، صار أمر الإمام واجبَ التنفيذِ يأثم بتركه

# وكذا لو نهى عن أمر مباح أصلا ، وجب الانتهاء عما نهى عنه حتى لو كان أصله مباحاً

# كما لو نهى عن السفر إلى بلاد معينة ،

# أو نهى طائفة معينة من الرعية من السفر خارج المملكة لمصلحة الرعية

# أو منع الإمام من الزواج من مكان معين بناء على قرار وفتوى من أولي الأمر أعني كبار الأمراء وعلماء السنة .

وهكذا

فطاعة الإمام واجبة في كل ما سبق ما دام في استطاعة المرء ،
ومن له وضع خاص يأذن له الإمام بإذن خاص ،
فإنه من المعلوم أنه ما جعل الله على المسلمين من حرج حتى في أمر الله الذي في الكتاب والسنة .

# ومقابل هذا التأكيد على الرعية بالسمع والطاعة لأولي الأمر
جاءت النصوص الشرعية مُبَيِّنَةٌ عِظمَ مسؤولية الإمام ، فالإمامة مسؤولية عظيمة
ولا يقوم بأمرها أي رجل ، حتى لو كان متدينا صالحا عابداً
ما لم يكن قوياً قادراً على ضبط الدولة وقيادة الرعية بما له من قوة ورجال .

# قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ] رَوَاهُ مُسلِمٌ.

# ثم جاءت النصوص الشرعية بالتأكيد على عظم أجر الإمام الذي يعدل بين الرعية ويرحمهم

# قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه
و من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ] رواه مسلم

# وفي صحيح مسلم [ سبعة يظلهم اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل ... ] الحديث ،

# فكان أول من بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه البشرى العظيمة هو الإمام العادل .

# وكذا في الحديث الذي في صحيح مسلم [ إن المقسطين عند اللَّه على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ] رَوَاهُ مُسلِمٌ.

# وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق،
ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم،
وعفيف متعفف ذو عيال] رَوَاهُ مُسلِمٌ.

# فتأمل كيف أن البشرى النبوية في الأحاديث السابقة بدأت بالإمام العادل المقسط الرحيم برعيته

[10] [[ (( البيعة في المملكة العربية السعودية )) ]]

في بعض الدول تراق الدماء ويتسلط الغوغاء ، كلما مات رئيس أو قائد وينشأ ما يسمى بالفراغ الدستوري ، الذي كثيرا ما يكون سبباً للفتن والقلاقل والقتل والنهب والسلب ، وفيه يحصل من الفساد ما لا يعلم آثاره إلا الله
ومن تأمل حال بعض الدول يرى بأم عينيه ما يحصل في بعض الدول المجاورة عند وفاة زعيم ، فحدث ولا حرج عن الاعتداءات على الأنفس والأعراض والأموال
سواء أكان هذا الزعيم رئيساً أو رئيس وزراء

أما في المملكة العربية السعودية
فلأن منهجها هو الإسلام و نظام الحكم مستمد من فعل السلف الصالح رضي الله عنهم ، لم يحصل أي من تلك الفتن
فقد تمت بيعة خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - وفقه الله وجعل الخير واليمن والبركة والعز رايته - ملكاً على المملكة في يوم واحد بل في بضع ساعات ثم صارت البيعة حدث الساعة وحديث العالم كله
حيث صار العالم كله يتابع عبر القنوات الفضائية أبناء الدولة السعودية
وهم يهرعون بعيون دامعة وبيد مبايعة إلى قصر الحكم في الرياض
بعيون دامعة على وفاة الفهد رحمه الله
وبيد مبايعة لتولي الملك عبد الله وفقه الله
وتجلى فضل الله على هذه الدولة في تلك القاعدة القوية التي بناها مؤسس الدولة الملك عبد العزيز رحمه الله
الذي أدرك أن قوة وتماسك وعز هذه الدولة في تمسكها بما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم ، فطبع كتب السلف الصالح ووزعها مجانا
فطمست معالم الشرك وعلت أعلام التوحيد وظهرت السنة وامتلأت القلوب بتعظيم القرآن وحب السنة وآثار الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم
كل ذلك أعطى دعاة المملكة وأهل الرأي والحكمة فيها أساساً شرعياً واضحاً
مكنها من شق طريقها وسط دول العالم كلها
منفتحة على الصناعات والتقنيات والمخترعات الحديثة
مع الثبات على السنة النبوية والحرص على عقيدة سلفنا الصالح رضي الله عنهم
وما فقه وأحكام البيعة إلا جزء يسير من منهج السلف الصالح رضي الله عنهم
وقد كان موقف وتصرف أهل الحل والعقد من كبار العلماء والأمراء هو عين الحكمة
حيث بادروا بمبايعة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
ملكا وإماما على هذه البلاد قبل أن يدفن الفهد يرحمه الله
وهذا التعجيل بالبيعة هو منهج السلف الصالح رضي الله عنهم ، كما مر بنا آنفاً أعلاه
طالع (( [5] حرص السلف على التعجيل ببيعة إمام الدولة ))
ثم رأينا كيف تمت البيعة في هدوء وسلاسة لمن عُهِد إليه الأمرُ خادم الحرمين الملك عبد الله آل سعود حفظه الله

فانقلب الحساد خاسئين وعاد المتربصين بالدولة مندحرين
لأن تلاحم الراعي والرعية على الكتاب والسنة أبطل وخيب كل رهاناتهم
وحتى نعرف نعمة الله العظيمة علينا بهذه البيعة !!
فلنستحضر خطورة التأخر عن بيعة من عُهِدَ إليه الأمر!!
هذا التأخر عن أداء هذه البيعة أمر لا يعرفه أهل المملكة العربية السعودية
لأنه يفتح الباب لأن يبغي البغاة ويخرج الخوارج ويعدو العدو
ويجد المنافقون فرصة لسحب يد الأعداء ،
ويحصل بين المسلمين ما لا يخفى من التفلت من أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم الذي يفتح باب ظلمات الاختلاف والتفرق والبغضاء ، وسفك الدماء ونهب الأموال والإفساد في الأرض ، وغير ذلك من صور الفساد التي لا يحصيها إلا الله ،
مما لو ترك للقوانين المخترعة الوضعية لحصل به ذهاب الإسلام وأهله ، وتسلط أعداء الله ، وتمكنهم من بلاد الإسلام ، وهدم بنيانه وأعلامه

والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وكتب
حاتم بن عبد الرحمن بن محمد الفرائضي
خطيب جامع ابن عباس رضي الله عنهما بجدة
جدة
25 رجب 1426 من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

حقوق ولي الأمر
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية