اطبع هذه الصفحة


المفتي العام يدين العملية التخريبية في بقيق

عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ

 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

اخواني لقد آلمنا جميعا الحادث التخريبي الاجرامي الذي وقع في (بقيق) ظهيرة يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر الله المحرم.

وإني اذ أشيد بجهود رجال الامن الذين أحسنوا التصرف مع هؤلاء المجرمين وأفسدوا تدبيرهم وكانوا بتوفيق الله عز وجل سببا لإبطال كيدهم فجزاهم الله عنا خير الجزاء ورفع درجاتهم كما أساله سبحانه أن يتقبل من قتل منهم في هذه العملية التخريبية في عداد الشهداء ويجري عليه أجر الشهيد ويخلفه في أهله وعياله ومحبيه وأن يشفي مرضاهم ويجعل ما أصابهم سببا في تكفير ذنوبهم ورفعة درجاتهم انه سميع مجيب.

ثم اني أحب أن أخاطب عموم اخواني المسلمين وأكرر البيان لهم وأؤكد على ما سبق وأن أصدرناه وأصدره مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وأصدره عدد من العلماء الاجلاء والمجامع الفقهية والهيئات الشرعية داخل البلاد وخارجها من استنكار لاعمال هذه الفئة الضالة وبيان أن أعمالهم مخالفة لشرع الله وأنهم مرتكبون لانواع من كبائر الذنوب وأيضا نؤكد على ما سبق بيانه من تحريم أفعالهم وتحريم تبريرها أو الدفاع عنهم أو ايوائهم أو التعاون معهم بأي شكل من الاشكال لان في هذا اعانة لهم على باطلهم واقرارا لهم على ما يرتكبونه من شنائع الامور وعظائم الاثام والله تعالى يقول: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب} والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «لعن الله من آوى محدثا».

وأود في هذه الكلمة أن أبين لعموم المسلمين من خلال هذا الحدث الاليم كيف أن الشيطان أغوى هؤلاء واستدرجهم والبس أفعالهم لباسا شرعيا في أنظارهم القاصرة وعقولهم المنحرفة إلى أن أوقعهم فيما لا تحمد عقباه.

فبدأوا بحجة قتل الكفار وابعادهم عن جزيرة العرب ثم تتدرج بهم الامر إلى قتل رجال الامن بحجة أنهم يدافعون عنهم ثم غلوا إلى أن كفروا جميع من خالفهم وجعلوهم غرضا وهدفا لاسلحتهم وزاد بهم الحال سوءا وازدادوا للشيطان انقيادا حتى استباحوا أموال المسلمين الخاصة والعامة إلى أن وصلوا إلى هذا الامر الشنيع وهم في ذلك كله لم يرعوا حرمة الدماء المسلمة أو المعصومة ولا حرمة المكان حتى وصل فسادهم إلى مكة شرفها الله ومدينة النبي صلى الله عليه وسلم ولا حرمة الزمان فأفسدوا في الاشهر الحرم وأفسدوا في شهر رمضان ولا حرمة العهد ولا حرمة الاموال الخاصة والعامة.

فأي شبهة سيدلي بها هؤلاء حين يستهدفون اقتصاد بلاد المسلمين ويسعون في تدميره. أي حجة لهم أمام ربهم. والله عز وجل قد نهى عن الفساد في الارض واهلاك الحرث والنسل يقول تعالى: {واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}.

وما يقوم به هؤلاء المجرمون من السعي في تدمير اقتصاد هذه البلاد المسلمة هو اضرار بعموم المسلمين لما يمثله قوة اقتصاد هذه البلاد المباركة من أثر بالغ في حياة المسلمين.

اليس هذا من رزق الله عز وجل لاهل الإسلام به عمر الحرمان وبه طبع المصحف الشريف وبه نشرت الدعوة إلى الله عز وجل وبه حصنت ثغور البلاد وبه حمي الحرمان الشريفان وبه معاش ملايين المسلمين في هذه البلاد وخارجها به عمرت المساجد وحفرت الابار وكفلت الارملة والايتام وأنفق على الفقراء والمساكين وبه أقيمت المرافق العامة من كهرباء وماء وهاتف وطرق وموانئ ومطارات وغير ذلك به كان لهذه الامة كيان قوي في هذا الزمان الذي اشتدت فيه العداوة على الاسلام وأهله.

وبالجملة فهذا مال المسلمين العام والمال هو قوام الحياة وبه استقامة أمور الدنيا والدين الم يقل الله عز وجل: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}.

فبأي حجة بل وبأي مبرر سوغ هؤلاء الاشرار لانفسهم محاولة الاعتداء عليه والسعي في تدميره انما هو تزيين الشيطان لاهل الغواية فهم كما قال الله تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} ويقول تعالى: {وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين} ومثل هذه العملية التخريبية تسفر عن وجه العداوة والكراهة وتبين للناس أن تستر أولئك بالدين ما هو الا شعارات زائفة يروج لها أعداء الله ورسوله الذين يريدون الشر والفساد ببلاد المسلمين حتى يمكنوا أعداءنا منها ويفتحوا على بلادنا ثغرا يلج منه العدو والله عز وجل غالب على أمره وسيرد كيدهم في نحورهم وهذه الاعمال انما هي مشاقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وخروج عن سبيل المؤمنين الذين أجمعوا على انكار هذه الافعال والله تعالى يقول: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}.

وان في هذا الحدث لعبرة لمن كان له قلب سليم يعي ما يدور حوله ويفقه كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وفيه مقنع لمن أراد الله هدايته لأن يصحو من غفلته ويتوب من سلوك هذا الطريق المشين وفيه أيضا تنبيه لمن كان مغترا بحالهم أو متأثرا بفكرهم الضال أن يعود إلى رشده ويتوب إلى ربه عز وجل.

هذا ما أحببنا بيانه نصحا للامة وبراءة للذمة وبيانا لواقع هؤلاء الضلال المفسدين وحماية للدين وقى الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين من الشرور والآفات وأدام الله بعز الدين عز هذه البلاد المباركة وقوتها وثباتها انه سميع مجيب وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

المفتي العام للمملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء
عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ

 

وقفه مع الأحداث
  • بيانات
  • مقالات
  • شبهات وردود
  • أحكام التكفير
  • حقوق الوالي
  • كتب وبحوث
  • مبادرة العفو
  • الصفحة الرئيسية