اطبع هذه الصفحة


ذلك الحبل المتين ..

سعد بن عبدالرحمن بن سعد النفيسة

 
قال تعالى في محكم التنزيل :((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)) وقال أيضا: (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) هاتان الآيتان وأمثالهما توحيان لقارئهما بديمومة الدعوة إلى توحيد الله وأنها باقية بقاء الليل والنهار ، فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم عالمية إلى قيام الساعة (وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أرشدت إليه هذه الرسالة من خير ، وحذرت منه من شر ، بكل الأساليب والوسائل التي أتيحت له وعلى هذا مضى الصحابة والتابعون فمن بعدهم ، ويجب أن يبقى الأمر على هذا النحو ما بقيت الحياة لا سيما وأنه ما يأتي زمان إلا وما بعده شر منه والشر لا يواجه بالسكوت ، وإلا لتحولت الأرض إلى بؤرة من الشر والفساد) فالدعوة إلى توحيد الله وعبادته هي المنقذ والمخرج وما دامت كذلك فإن الداعية الذي يشرف بحملها ويضطلع بمهمة تصديرها إلى فاقديها أو الغافلين عنها سيطرق كل سبيل لأداء مسئوليته وحفظ الأمانة التي ينوء بها عاتقاه ليحقق هذه الخيرية المعقودة بمقتضى هذه الآية .
إن المشاهد للواقع الدعوي يلحظ ذلك الانكباب والانهماك من أرباب الدعوة على الكثير من الأسباب المادية والتي بها يؤدون رسالتهم و بها يبلغون الخير للناس ، ومن (الاستهلاك الكلامي) أن نقول إن تلك جهود جبارة ومشكورة ويجب أن تدعم وتبارك!! ، وننسى أن الأجدر مع ذلك كله أن تسدد وتقوم تلك الوسائل الدعوية ؛ ومن هذا المنطلق فإني أبعث هذه الهمسة إلى كل داعية بأن لا ينسى مع ازدحام المهام الدعوية والارتباطات الدنيوية صلته ببارئه وافتقاره إلى عونه ، فالعبد دون توفيق مولاه ضعيف لا تأثير له مسكين لا وزن له فإذا ما أُلهم توفيقا من ربه طويت له المسافات فإذا هي أشبار بين عينيه وإذا بالمكاره مسراتٍ تترامى بين يديه وإذا بالبركات تحل عليه ، والمتأمل يجد تأثير المادة جليا في شرائح ليست بالقليلة من الدعاة ؛ لذا كان لزاما على من انتُخِب أو انتخب نفسه لأداء رسالة الله على خلقه أن يلزم حبل الصلة بالله مهما امتلك من أسباب أو نال من مقومات ، لأن ذلك الحبل المتين لا يخذل من تمسك به ويهلك من تخلى عنه طرفة عين ، فهذا المجاهد البطل صلاح الدين عند خوضه المعركة التي على إثرها هزم عباد الصليب يصدر أوامره بألا يهاجم الصليبيون حتى يصعد الخطباء على المنابر ؛ عندها يبدأ الهجوم .. إيمانا منه –رحمه الله- بأثر الدعاء الذي تلهج به ألسنة المؤمنين في تلك الساعات والأمكنة المباركة وقد كان له ما أمله فتحقق النصر بفضل الله أولا ثم بقوة العتاد والاستعداد مع الصلة بالله وتعليق مناط النصر به ثانيا .

إليك وجهت يا مولاي آمالي *** فاسمع دعائي وارحم ضعف أحوالي
ولا تكلني إلى من ليس يكلؤني *** وكن كفيلي فأنت الكافل الكالي

يقول ابن القيم –رحمه الله- في معنى كلام له:" أجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك ، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك، فإذا كل خير فأصله التوفيق وهو بيد الله لا بيد العبد ؛ فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق الملجأ والرغبة والرهبة إليه ، فمتى أعطي العبد هذا المفتاح فقد أراد الله أن يفتح له ، ومتى أضله في المفتاح بقي باب الخير مرتجأ دونه" .ولذلك ليس بغريب أن نجد دعاة يجهلون كثيرا من تقنيات العصر الحديثة ويفتقدون مقومات عصرية تخترق أحصن الحضارات ويخفقون في نقل أفكارهم.. نجدهم يؤثرون في أناس كثير وينقلونهم من الضلالة إلى الهدى بفضل الله ثم بتلك الأكف التي طالما رفعوها من أجل هداية الناس ليس إلا ؛ فكيف بهؤلاء لو استخدموا تلك التقنيات المهمة جدا وامتلكوا تلك المقومات المؤثرة ونجحوا في نقل أفكارهم ؟! لا شك أنَّ أثر دعوة هؤلاء سيكون حديث الدهر بدون مبالغة .
 

زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية