اطبع هذه الصفحة


قدوة على طريق الدعوة

د/ عمرو الشيخ

 
** رجل سار على الطريق الصحيح ...

يلقاك بابتسامة ودود ...
ويصافحك بحرارة ...
ويذكرك بالله ...
ويوصيك بالدعوة إليه...
ويدعوك إلى العمل لدينه ...
والبذل والتضحية فى سبيله ...
والصبر والثبات على هذا الطريق
ويبشرك بمستقبل مشرق لهذا الدين ...
بصوت حنون يحمل خبرة العمر وتجربة السنين وصدق ما له مثيل يجعلك رغما عنك تنحنى لتقبل يديه ...
عاش مجاهدا وظل صابرا محتسبا ولقى ربه صائم...
أكرمنى الله عز وجل بلقائه مرتين
كانا لقائين سريعين ولكنهما تركا فىّ أثر عميق لصدق الرجل وإخلاصه
فالرجل كان يتنفس هذه الدعوة ويحياها

لا زلت أذكر كلماته التى رددها على مسامعنا يومئذ :-
((الإيمان أهم سلاح نتسلح به، يصبرنا، ويثبتنا، ويطمئننا أن المستقبل للإسلام، فعلينا أن نصبر، ونثابر، حتى يتحقق وعد الله بالنصر – إن شاء الله -.))

فمن هو هذا المجاهد ؟؟
ومن هو هذا الانسان الذى عاش للدعوة وبالدعوة وفى الدعوة ؟؟

*إنه الاستاذ مصطفى مشهور المرشد العام-الأسبق- للاخوان المسلمون رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ...
ولد الاستاذ مصطفى مشهور رحمه الله فى الخامس عشر من شهر سبتمبر فى عام 1921 فى قرية السعديين بمحافظة الشرقية
وتدرج بمراحل التعليم حتى تخرج من كلية العلوم-جامعة القاهرة- عام 1942

* وكان انتقال "مشهور" للحياة في القاهرة قفزة في حياته، وضعته على الطريق التي سيلتصق بها طوال عمره، وهي الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، التي تعرّف عليها من خلال مجلة كان يوزعها أحد المصلين، ويدعو من يأخذها إلى حضور درس الشيخ "حسن البنا" مرشد الإخوان، فذهب واستمع ثم انضم إلى الإخوان سنة 1936.
* ولازمته فكرة الجهاد – أثناء دراسته – وضرورة مقاومة المستعمر الغاصب للأرض والجاثم فوق الصدور، وكان يرى أن الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة ضد الاحتلال، لذا كانت دعوته لزملاء الدراسة للانضمام للإخوان تبدأ من مقاومة المستعمر المحتل، فكانت تجد آذانا صاغية؛ لأن الأمة المصرية والعربية كانت مشحونة لمقاومة المشروع الصهيوني على أرض فلسطين.

****

* اعمل لسجنك كأنك تعيش فيه أبداً.. واعمل لإفراجك كأنك تخرج غداً"..
• في يونيو 1954م أبعد عن العمل إلى مرسى مطروح، واعتقل من مرسى مطروح، وأحضر إلى السجن الحربي.
، يقول عن ذلك: "وأحضرت إلى السجن الحربي، وكان التعذيب شديدا بمجرد الدخول من باب السجن، وعذبت كثيرا، وشكلوا لي محكمة لم تستغرق أكثر من ثلاث دقائق، وحكموا علي بعشر سنوات أشغال شاقة".
وتنقل "مشهور" بين سجون ليمان طرة والواحات وأسيوط، يقول عن تجربة سجن الواحات –وهو سجن داخل الصحراء-: "وكان الجو صعبا، فتأقلمنا معه واستثمرنا الوقت وزرعنا حول الخيام، ومارسنا لعبة كرة القدم، لدرجة أننا قمنا بتربية بعض الطيور". وخرج مشهور من سجنه في نوفمبر 1964 لكنه لم يستمر طويلا خارجه؛ إذ سرعان ما اعتقل في أحداث يوليو 1965 حيث أصدر عبد الناصر أمرا باعتقال كل من سبق اعتقاله فاعتقل مشهور مع الشهيد "سيد قطب"، ولم يوجه له اتهام في هذه القضية، وظل سجينا دون محاكمة حتى أفرج عنه سنة 1971 في إطار سياسة العفو الشامل عن المعتقلين السياسيين الذي أصدره الرئيس السادات
****

* البداية من جديد :-

كان "مشهور" دائم الترديد لعبارة: "المهم أن نسير في الطريق الصحيح"؛ لذا فبعد أن اختار الإخوان أن تكون البداية من الجامعة، اختاروا "مشهور" مسئولا لقطاع الطلبة 1974، وكانت قدرته على التعامل مع الأجيال الجديدة باهرة وأدت إلى أن يستطيع هذا التيار الذي نما في الجامعات إلى إحداث تغيير واسع في المجتمع المصري الذي كان كغيره من الشعوب المسلمة تنتشر فيه الصحوة الإسلامية، وكفل ذلك لدعوة الإخوان انتشار أفكارها في قطاعات المجتمع المختلفة في وقت قصير؛ لأن طلاب الجامعة يأتون من أماكن متفرقة في مصر وسيعود كل منهم إلى مكانه ومعه أفكاره الجديدة، ومن نتاج العمل في هذه الفترة هذا العدد الكبير من القيادات التي تقود الجماعة الآن

* وقبيل أحداث سبتمبر 1981 التي اعتقل فيها الرئيس السادات عددا من قيادات القوى السياسية في مصر سافر "مشهور" إلى الكويت، ومنها إلى ألمانيا حيث قضى هناك خمس سنوات شارك فيها في إنشاء وبناء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي تقوم فكرته على ربط تنظيمات ومجموعات الإخوان في البلدان المختلفة في إطار تنظيم واحد يتصف بالعالمية؛ لتنسيق المواقف وإيجاد قدر من التقارب بين إخوان الأقطار المختلفة، مع إعطاء قدر من الحرية في حركة الإخوان الداخلية ببلادهم بما يوائم مجتمعاتهم. وشارك مشهور في وضع النظام العام للتنظيم الدولي لضبط حركته.
عاد إلى مصر عام 1986، وبعد تولي حامد أبو النصر مرشدا عاما للإخوان اختير "مشهور" نائبا للمرشد، وعقب وفاة "أبو النصر" في فبراير 1996 عين مرشدًا عامًا.

***

* الشارح الأول لمبادىء الدعوة :-

لقبه بعض المراقبين بـ "الشارح الأول" لمبادئ دعوة الإخوان، والمسطرة التي توزن بها الجماعة في سيرها على الطريق حتى لا تنحرف عن مسارها في الغاية والهدف والوسيلة والحركة؛ لهذا احتلت فكرة ضبط الدعوة بأصولها ووزنها بميزان مبادئها حيزا كبيرا في فكره وكتاباته، وكان أبرز ما شغله في حياته هو التوازن بين الدعوة في حركتها العامة وخاصة على صعيد العمل السياسي وبين ميدانها الأصيل وهو ميدان العمل التربوي

يرى "مشهور- أن تغليب الجانب السياسي على التربوي انحراف لا بد من تقويمه؛ على اعتبار أن الإيمان الذي لا يأتي إلا بعد التربية هو السلاح الأقوى في مواجهة الأعداء قبل السياسة بأساليبها فيقول: "إن أسلوب الأحزاب السياسية لا يصلح في معركتنا إذا كان على حساب التربية والإعداد وتقوية الإيمان؛ فنحن نتعامل مع السياسة كجزء من الدين نضبطها بضوابطه ونوائم بينها وبين التربية والتكوين"، وكان مبدؤه في ذلك: "إننا لا نريد من يعطينا صوته فقط".

كما احتلت فكرة الدولة الإسلامية مكانها البارز في تفكيره وكتبه، ليس بمعناها الثيروقراطي "الديني" ولكن بمعناها الحضاري الواسع، ورأى أن الدولة بناء ضخم يحتاج إلى أساس عريض وعميق ومتين، وبالتالي يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين؛ على اعتبار أن الأساس هو أشق مراحل البناء.
وانعكس ذلك على رؤيته في التغيير التي دعا أن تكون جذرية؛ لهذا لم يكن الزمن عنده "دالة" في التغيير، بل جعل الإنجاز وحجم التغيير هما الأساس؛ لأن الدعاة ليسوا مسئولين عن النتائج بل عن العمل الصحيح، وكانت نظرته المحورية "إننا لا نريد لبنائنا أن يقوم ثم ينهار".

ومن أهم أفكار "مشهور" أن بناء الذات الإنسانية المسلمة لرجل الدعوة هي أهم وأصعب ميادين البناء؛ لأن "بناء الرجال أشق من بناء المؤسسات" لهذا اتجهت كثير من كتبه إلى تقوية هذه الذات وتدعيمها وإكسابها الصلابة، فكان كتابه "عقبات في الطريق" الذي تناول فيه المحن وما تتركه من إرباك للعاملين في الصف الإسلامي، ربما دفعها إلى التشكيك في صحة الطريق أو رشد القيادة، وكتاب "قضية الظلم في ضوء الكتاب والسنة" وفيه وجه خطابا للمظلومين يخفف عنهم معاناتهم، وكتاب "زاد على الطريق" و"الحياة في محراب الصلاة" و"مناجاة على طريق الدعوة" و"الإيمان ومتطلباته" و"بين الربانية والمادية" و"مقومات رجل العقيدة" كمجموعة متكاملة لغرس القيم الإيجابية في أعماق الشخصية المسلمة المتصدرة للعمل الإسلامي؛ حتى لا تذوب في حركة الحياة

****

*آراؤهم وذكرياتهم عن الراحل العظيم :-

يقول عنه ا الشيخ حامد البيتاوي
خطيب المسجد الأقصى المبارك
ورئيس رابطة علماء فلسطين في مسجد أمهات المؤمنين بنابلس


((رجل حمل هموم المسلمين، وراية الدعوة الإسلامية، منذ أكثر من ستين عامًا، تربت على يديه ومن خلال كتاباته في فقه الدعوة أجيال من الدعاة، وهو خير من كتب في هذا الموضوع، الذي تلقاه يافعًا ومارسه شابًا وعاشه واقعًا مع الإمام المؤسس فترة من الزمان تقرب من عشر سنوات قبل أن يلقى الله شهيدًا، فأفاد من ذلك كثيرًا.
عاش المسيرة الإسلامية فيما تعرضت له من ابتلاء وتمحيص، صبر وثبت، وواصل السير على طريق الدعوة دون انحراف أو تبديل، إلى أن لقي الله عز وجل في هذه الأيام المباركة مرشدًا لهذه الدعوة، وذلك فضل الله، يؤتيه من يشاء فجزاه الله عنا وعن جميع المسلمين خير الجزاء ))

*****

أما د . عبد الله قادري الأهدل
فيحكى عن لقائه به فيقول :-

((رأيت رجلا ملتحيا نحيف الجسم، متوسط طول القامة، قابلني بابتسامة، وصافحني بحرارة، وطلب مني أن أقعد في المقعد الذي كان يجلس عليه.
وقع في نفسي أن هذا الرجل لا بد أن يكون قد عرفني من قبل، وأني قد نسيت اجتماعي به، فسألت الدكتور علي بن محمد جريشة: من هذا الشيخ يا دكتور؟
قال: هذا الأستاذ مصطفى مشهور، من كبار الإخوان المسلمين، وهو عضو في مكتب الإرشاد، ودم اجتماعي بالرجل ما يقارب ساعتين، تخللها تناول الغداء...
تبين لي من الرجل شدة تواضعه غير المتكلف، وعلو حسن خلقه، وشدة غيرته على دين الله، والاهتمام البالغ بالدعوة إلى الله، وهداية البشر، وللشباب المسلم عنده الأولوية في ذلك كله.
وعندما علم أنني من أساتذة الجامعة الإسلامية في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال: إن مهمتكم ثقيلة، ومسؤوليتكم عظيمة، لأنكم تستقبلون أبناء المسلمين، من كل حدب وصوب، وأنتم في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، مدينة المهاجرين والأنصار... وهذا العصر يحتاج إلى مناهج تناسبه، وعلماء على مستوى تحدياته، ودعاة يفقهون واقعه، ومربين تتمثل فيه القدوة الحسنة لمن يربونهم، فيجمعون في علمهم ودعوتهم وتربيتهم، بين تجارب الماضي، ومتطلبات الحاضر...
وكنت أظن أن الرجل من علماء الأزهر، لكثرة استدلاله بآيات القرآن الكريم، و الحديث الشريف، ولكن الدكتور علي جريشة، قال لي: إنه تخرج في كلية العلوم،،،
وفي هذا الوقت القصير بان لي اهتمام هذا الرجل بحقائق الإيمان ووجوب غرسه في نفوس الناس، وبالتزكية الربانية للشباب، وتفقيههم في دين الله ))

****

وهذا الداعيه الكويتى الشهير جاسم المهلهل ال ياسين يحكى عنه فيقول :-

((قدر الله سبحانه وتعالى أن يأتي يمكث في الكويت فترة طويلة وكنت في هذه الفترة من قيادات العمل الإسلامي في الكويت فكان لي اتصال دائم معه فعايشنا الرجل وجالسناه واستقينا منه معاني لا يمكن أن يأخذها من خلال كتبه ومحاضراته فمن الأمور الذي استفادها الإنسان من هذا الرجل أن يكون الإنسان عفيف اللسان بلا شك عندما خرج الإخوان من السجون اصبح فيه مشاجرات وفيه صراعات وكلام من البعض عن الأخر لكن الرجل كان من الممكن أن ينتصر لمجموعة من المجاميع لما عنده من قصص ومعلومات قد لا يتسنى للأخر أن يذكر ما يبينها ويفصل هذه الأمور التي ذكرت لكنه كان عفيف اللسان فيكفيني في ذلك مدرسة.

***
أما الأستاذ مهدى عاكف المرشد الحالى لهذه الجماعة المباركة يحكى عنه فيقول :-
مصطفى مشهور.. رجل معروف، لا يحتاج إلى أحد يقدمه.. معروف بجهاده الطويل، وفهمه العميق، وإخلاصه النادر، وتفرده في استيعاب الإخوان وتربيتهم، ونموذج فريد، مع كل ما لاقاه.. سواء في فترة سجنه، أو فترة قيادته التي كانت من أصعب الفترات على الإخوان المسلمين، حيث شهدت المحاكمات العسكرية والاعتقالات، وقد لاقى من السوء والعنت الكثير.. كنا نتعذب عندما نرى أحد الإخوة يُعذب... مشهور.. هذا الصابر المجاهد... كان قمة في الأخوة والحب والإخلاص والتفاني والالتزام الكامل بالنص.
****

*من مؤلفات الأستاذ مصطفى مشهور:
• طريق الدعوة.
• زاد على الطريق.
• تساؤلات على طريق الدعوة.
• الحياة في محراب الصلاة.
• الجهاد هو السبيل.
• قضية الظلم في ضوء الكتاب والسنة.
• القائد القدوة.
• التيار الإسلامي ودوره في البناء.
• القدوة على طريق الدعوة.
• قضايا أساسية على طريق الدعوة.
• من التيار الإسلامي إلى شعب مصر.
• وحدة العمل الإسلامي.
• طرق الدعوة بين الأصالة والانحراف.
• مناجاة على طريق الدعوة.
• بين الربانية والمادية.
• مقومات رجل العقيدة.
• الإيمان ومتطلباته.
• الدعوة الفردية.
• من فقه الدعوة 1 - 2.
• الإسلام هو الحل.
***

**مزايا وصفات فاضلة:

1. القدوة التربوية، وقد قبس نورها من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عيله وسلم، وقيام الليل، ومصاحبة المرشد الأول الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، ذلك أن الأخلاق الكريمة تكسب من حال الرجال، أكثر منها من التلقين والأقوال وفي هذا المعنى يقول ابن عطاء السكندري ( لا تصحب من لم ينفعك حاله ويدلك على الله مقاله ).. وإن جماعتنا تولي التربية الأهمية الأولى، فهي التي تزكي الأنفس، وتهذب الخصال الكريمة " والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " [العنكبوت69].. وقد كان مرشدنا قدوة في أحواله، حكيماً في مواعظه وأقواله، أورث كثيراً من ذلك الشيء الكثير تلاميذه وإخوانه وجلساءه، رحمه الله وأجزل مثوبته.
2. الصبر: " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " .. وكيف لا يوصف من صبر على مآسي السجون وآلامها قرابة عشرين عاماً !! بنفس راضية مطمئنة، لم تخضع لطاغوت ولم تركع، وقد كان مدراء السجون يعرضون على أهل المعتقل حين زيارته الإفراج عنه مباشرة بمجرد توقيعه على نص للولاء للحاكم الظالم، وكانت عزة الشيخ مصطفى وثباته على مبادئه الربانية كانت تأبى عليه أن يتنازل أو يتراجع، وكان في نبل خصاله قليلاً ما يتحدث عن مآسي السجون والصبر عليها حذراً من التباهي والتفاخر.
3. التواضع : قال الله تعالى : " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " [الشعراء21] يشهد كل من عرف الشيخ مصطفى بتواضعه الجم وشدة حيائه، وخفض جناحه لإخوانه، يؤثر إخوانه على نفسه في أسفاره وإقامته، وتلك هي صفات عظماء الرجال وكبار النفوس.
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
لقد أكرم الله تعالى شيخنا الجليل بهذه الفضائل الكريمة خلال عمره الدعوي الطويل والتي هي خير ما يجب أن يتحلى بها دعاة الإسلام في كل زمان ومكان .

***

*الموت الباعث للحياة!.

في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 2002م وبعد يوم طبيعي قضاه في مكتبه، عاد الأستاذ مصطفى مشهور إلى منزله، وتناول غداءه، ثم ذهب إلى فراشه للراحة، وعند أذان العصر صمم على الذهاب إلى المسجد مع أنه كان متعباً، فأعانه الله، وذهب لتأدية الصلاة مع الجماعة، كيف لا، وهو يرى في نفسه القدوة والمثل للشباب .
وحين هم بمغادرة المسجد انتابته غيبوبة سقط على أثرها أرضاً ونقل بعدها إلى المستشفى، حيث شاء الله أن ينتهي به الأجل، وتنتقل روحه إلى بارئها في 12 رمضان 1423هـ الموافق 17 / 11 / 2002م

يقول الأستاذ عبد القادر أحمد عبد القادر :-
((قال الحكيم: إن الأمة التي تجيد صناعة الموت هي الأمة التي تستحق الحياة.. نعم، فمن واقع جنائز المرشدين شاهدنا ولا نزال نشاهد مظاهر الحياة تدب في أوصال المجتمع الذاهب في غيبوبات الجاهلية المتسلطة على الأمة بسهامها وبسيوفها!!
كانت الجماهير الحزينة تخطو بكل خطوة إلى قبره خطوات بل قفزات على طريق إحياء وإقرار الإسلام في جوانب الحياة واعجباه!.

ففي جنازته-رحمه الله- كان المشيعون من الصائمين المتطهرين الذين ساروا خلف الجنازة مسافة عشرة كيلو مترات أو تزيد.. فلم يحدث حادث واحد يعكر صفو رجل واحد.
إن موكب الجنازة كان جله من الشباب الذين هم دون الأربعين، بل الذين لم يبلغوا العشرين! أين كان هؤلاء يوم ارتفع الإمام "البنا" شهيداً؟ واعجباه!.

ستمر سنوات، وسيبلغ الأطفال الحلم، والأطفال الذين شاهدوا الجنائز الصامتة، الجنائز التي لم يشاهدوها على الشاشات الصغيرة المضيئة في البيوت، وإنما شاهدوها في مواكب مهيبة طويلة طويلة.. يوم يبلغ هؤلاء الأطفال سيعقدون مقارنات بين جنائز أصحاب الهيلمان والطيلسان والنياشين المزيفة أو المغرضة، الذين انخلعت عنهم زيناتهم على خشبات الغسل.. وبين جنائز أصحاب المواقف، المواقف التي تبعث الحياة فيمن بعدهم فتتواصل الأجيال.. إنه الفرق يا أطفال اليوم وشباب الغد ورجال المستقبل بين موت العدم والفناء، والموت الباعث للحياة!. ))

وما أجمل أن نختم ونحن ننصت خاشعين إلى صوته الحنون الصادق
وهو يوصينا ببعض وصاياه :-

الإيمان أهم سلاح نتسلح به، يصبرنا، ويثبتنا، ويطمئننا أن المستقبل للإسلام، فعلينا أن نصبر، ونثابر، حتى يتحقق وعد الله بالنصر – إن شاء الله -.
***

علينا أن نتواصى بالجيل الجديد، ونهتم به، ونورثه الدعوة، وندعوه، لمواصلة المسيرة بالإيمان، والدعاء، والصبر، والاحتساب، والاستبشار بأن المستقبل للإسلام، ونهتم بالتربية، وبالأشبال، وبأبناء الإخوان، وهذا معنى مهم جدًا.
فالأستاذ البنا عندما قال: نريد الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم الذي يرفض أن يستقر عليه غير الحكم الإسلامي.
فالعلم عند الله، ولله علم الغيب أن هذا الجيل من الأشبال، وأولاد الإخوان، ربما يتحقق على يديه النصر، فعلينا أن نهتم به.
وحدوث صحوة إسلامية في العالم الإسلامي، قد لمسناها هنا في مصر، فالنساء كن يلبسن فوق الركبة، فحل الحجاب، وأقبل الشباب على الصلاة.
فالصحوة في العالم الإسلامي، قابلها انهيار الأخلاق في العالم الغربي، وصدق الشاعر إذ يقول:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ففي إنجلترا تقر بعض المجالس النيابية الشذوذ الجنسي رسميًا، فهذا انحراف في الأخلاق، ومصيره الانهيار.
ودخل الكثير الإسلام، وانتشر الإسلام في أوربا، وأمريكا، فلا بد لنا أن نستبشر، ونشعر بالعزة {فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين} ونحرص عليها.

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألحقنا به فى الصالحين

 

زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية