اطبع هذه الصفحة


طبقات المتربين و تقويم المتعلمين

فهد الخويطر

 
المقدمة :
يواجه عدد من المربين كثيرا من العقبات منها أنه يبذل جهده مع أحد المتربين و في النهاية يصدم ويحبط به بأنه لم يتغير قيد أنملة
أو أننا نؤمل في أحدهم ثم في لا يكون كما توقعنا
أو نحتقر أحدهم ثم يخرج خير من كثير من ممن كنا نؤمل فيهم وقد نطرح برنامجا قويا مكثفا ثم نجد أن المستفيدين منه قلة قليلة
وقد نتنازل في برامجنا فنتفاجأ ببعض المتميزين أنه تسرب من محاضننا
فمن هذا المنطلق اكتشفت أن في الأمر خللا وهو أننا نعامل هؤلاء المتربين كنموذج واحد إما بلسان حالنا أو بلسان مقالنا فجاءت فكرة هذا الموضوع.
ويجب أن نعرف أنها فلسفة تربوية , ومنهجية ربانية وليست اجتهادات وآراء فردية .

أهمية الموضوع:

1 – أن معرفة أحوال الناس لا تكون إلا بإحدى ثلاث : بشهادة الناس , و بالجرح والتعديل , و بالاختبار والامتحان , والأخيرتان من أهم وسائل التقويم لهذه الطبقات .
2 – أن عددا من المربين غافل عن هذه الطبيعة البشرية – أعني تقسم الناس إلى طبقات متفاوتة- مما أدى إلى اتخاذ أحكام خاطئة وظالمة على بعض المتربين فقد يهمل المتميز وقد يحمل الضعيف مالا يطيق.
3 _ قد يقول البعض إنك لم تي بجديد , فأقول نعم ولكن الواقع يثبت أن هناك غبشا في الصورة , وتخبطا في بعض التطبيقات مما استوجب تقعيد هذه النظرية .

طبقات المتربين:

قد يختلف في تقسيمهم لكن لعلنا أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام ونبين على سبيل الإجمال ما يجب لكل قسم:

الطبقة الأولى:

وهم الصفوة التربوية التي يجب ألا يفرط فيها مهما كان الأمر فهم القاعدة الصلبة للدعوة وهم الأساس التي تقوم عليها –بأذن الله- .

وقد يسأل سائل من هو المتميز ؟

نقول هو من يزيد عن أترابه وأصحابه في جانب أو في عدة جوانب مثل أن يكون ذكيا فطناٌ أو مفوها خطيبا , أو جريئا شجاعا, ونحو ذلك فمن المتربين من يحمل بعض هذه الصفات وبعضهم من يحمل واحدة منها و بعضهم من يكون قريبا من الكمال لكثرة ما يحمل من الصفات ، فيجب أن يكون الاهتمام بهم على قدر ما يحملون من صفات.

ويجب التنبه إلى أن هؤلاء المتربين قد يكونون ظاهري الاتصاف بهذه الصفات وقد تكون هذه الصفات خفية وهنا تكون مهمة المربي أصعب وأكثر أجراً بإذن الله .

وهذه الفئة يجب ألا نقنع معها إلى حد متواضع مع التربية بل يجب ألا نرضى معهم إلا بالقمة مع مراعاة التدرج بهم لئلا يتحطمون مع أول صدمة لهم .

وعلى المربي التجرد معهم لله ويسعى إلى أن يكونوا خيرا منه بدلا من محاولته على أن يكونوا صورة طبق الأصل منه ، ولا يحزن إذا صاروا خيرا منه وأفضل فإن وقع في نفسه شيء من ذلك فليراجع نيته فهي مدخولة , ويجب كذلك عدم انتظار التقدير منهم , أو رؤية الثمرة الآنية الحاضرة.

وقد روي أن أحد العلماء كان مقربا من الوالي يسأله عن كل شيء ويصدر عن رأيه فمرة سأله الوالي على عادته عن مسألة وكان العالم يعلمها لكنه أراد أن يرتقي بمتربيه فقال للوالي تلميذي فلان يعلم هذه المسألة فسأله الوالي فأجاب فأعجب الوالي به فقربه ، فانظروا لهذا التجرد لله في النية .

القسم الثاني : المتوسطون :

وهم الصالحون لكثير من الأعمال الدعوية والتربوية بل ويتقنون الكثير منها لكن لم يتميزوا بصفات تفوقوا بها عن أقرانهم عن الحد الطبيعي مع أنهم قد يمتلكون عدد من المواهب سابقة الذكر في القسم الأول لكن هم متوسطون فيها أيضا .

وهؤلاء – وإن لم يكونوا متميزين – إلا أننا نستطيع أن نرتقي بهم , والواجب علينا إلا نهملهم بسبب اهتمامنا بالقسم الأول فقد يضحوا ويبذلوا أكثر من القسم الأول والواقع يشهد بذلك .

وهم وإن لم يتصفوا بعدد من الصفات القيادية والنجومية إلا أنهم قابلين لامتلاك عدد منها ، وكم من متربي من هؤلاء لا تلقي له بال وقد يكون عنده من الصبر والتحدي مالا يوجد عند التميز ثم تجده بعد عدد من الأعوام قد جاز ما لم يجز المتميز وحاز ما لم يحز.( ولينظر كل واحد منا إلى نفسه عندما كان متربيا)

وقد قال الشاعر :
ترى الرجل النحيل فتزدريه وفي جنبيه أسد هصور

القسم الثالث : الضعفاء


ويقصد بهم من يكون عنده ضعف في الاستيعاب مثلا ، أو عدم امتلاك أيا من المواهب ونحو ذلك .

وهؤلاء – وإن كان يحتقرهم كثير من المربين – إلا أن الواجب أن يؤدى لهم حق الدعوة ومعاملتهم على حسب طاقتهم وقدراتهم فلا يطلب منهم ما لا يطيقون ولا يأمل فيهم ذلك , وإنما نحاول أن نرتقي بهم على حسب قدرتهم ، ومن الظلم أن يهملوا فهم وإن كانوا ضعفاء إلا أن بعضهم يحمل في قلبه من الإخلاص و حب الخير ما ينفع المحضن أكثر من القسمين السابقين وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما تنصروا بضعفائكم ) .
وهناك أعمال لا ينبري لها إلا هؤلاء بسبب استنكاف المتميزين عنها.

ضوابط التقويم الدعوي :
وكل ما مضى من أقسام لا يأتي تقسيمهم جزافا ولكن لابد من ضوابط لهذا الأمر وهي:
1. الإخلاص وان يكون هذا التقويم مقرونا بحب الأجر والمثوبة , وأن يكون خالصا لوجه الله غير مشوب بنية أخرى , كأن يتكسب من وراء ذلك مصلحة شخصية حتى ولو كانت صغير كاكتساب ود أو عبارة مجاملة .

2. العدل والإنصاف قال تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا)سورة الأنعام 153.

3. الموازنة بين الجرح والتعديل وعدم الاكتفاء بأحد طرفي الخ والسكوت عن الآخر .
وكما قال الأول:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا

4. عدم تجاوز الحدود الشرعية في المدح والهجاء , والوصف بما لا يعلمه إلا الله , كالشهادة بالإيمان المحض أو بالنفاق والجزم به .

5. الانتباه إلى طبيعة القلوب وأنها ينالها مد وجزر فالقلوب بين أصبعين من أصابع الله ولأجل هذا فلابد من مراجعة التقويم بين فترة وأخرى(فمن الخطأ أن نعتمد على تقيمينا للطالب في المرحلة المتوسطة ونسحب هذا التقييم عليه إلى نهاية الثانوية مثلا)

6. الصدق المستند إلى علم وليس التخمين .

7. الأصل في التقويم هو الأخذ بالظاهر إلا أن هناك قرائن يعمل بها كمساند ومن أهمها الإلهام إلا أنه يجب مراعاة أمرين :

الأول : أن لا يبالغ فيه.
الثاني : أن هذه البصيرة و الإلهام لا تتم إلا من قلب طائع تقي قد أفتقر أشد الافتقار إلى ربه ثم بعد ذلك يكشف الله له الحقائق ويجليها له . أنظر فتاوى ابن تيمية (20\42)

8. تحديد الصفة المعدلة أو المجرحة فقد نقول أحيانا فلان جيد فيعامل على أنه جيد في أشياء عدة فإذا هو متميز في الإدارة فقط وهكذا .

ومن أمثلة تطبيق هذه القاعدة في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد قيس:( إن فيك خصلتان يحبهما الله : الحلم والأناة )رواه مسلم (17)وأبو داود(5225).

وقد يتهم المتربي بالضعف لصفة فيه ولكن للإجمال الذي يحصل يُظَن أن ضعفه ضعف عام.

ومن أمثلة تطبيق هذه القاعدة في السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر (إني أراك يا أبا ذر ضعيفا , وإني أحب لك ما أحب لنفسي , لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم)رواه الشيخان.

9. التفريق بين الصفة اللازمة والصفة الطارئة : فلا يقيم المتربي بعد رحلة بادر فيها في أمر معين بأنه أكثر المتربين مبادرة والعكس بالعكس .

10 .(وهذه خاصة في الجرح): أن تكون الغيبة بقدر الحاجة بل كأكل الميتة.

11.التجرد : وهو من أصعب الأشياء على النفس فلابد على المربي أن يتجرد في تعديله وجرحه فلا يكون مبنيا على موقف يتشفى في لنفسه ولا يمتدح ذلك المتربي من أجل أنه يقدره ويحترمه فتكون شهوة نفسية.

12. أن لا يكون التقويم إلا من أجل العمل والبذل ولا يكون فاكهة المجالس عند المربين.

فوائد التقويم:
1. الحكم بالعدل والقسط ولا يكون الأمر جزافا.

2. التعريف الأشخاص واختيار الأصلح والأمثل .

3. الموازنة بين أعمال الرجال وتوزيعهم على حسب قدراتهم وميولا تهم .

4. أنه من ضروريات الدعوة والتربية فالعلم والتربية كالطعام بالنسبة للناس وكالدواء للمرضى فرب طعام من أطيب الطعام لم يأكله الشخص لأنه لم يشتهيه فلا تقدم طعامك لمن لا يشتهيه ووفر في جهدك , ورب دواء مفيد قدم لمريض لا يصلح له أودى بحياته إلى الهلاك.

5. التقويم أقوى دعائم التربية الفردية والارتقاء بالمتربي .

كيف نستفيد من هذا الموضوع ؟

نستفيد من خلال عنصرين مهمين :

الأول : وسائل عملية :
1. طرح برنامج عام يناسب كل الطبقات على قدر الاستطاعة وإيجاد برامج أخرى رديفة للمتميزين.

2. عند إقامة المنافسات بين المتربين يراعى على قدر الاستطاعة وضع المستويات ومراعاة التفاوت بينهم.

الثاني : إرشادات:


1. اعرف ما الهدف الذي تريد إيصاله لكل طبقة فالضعاف لو خرجوا مستقيمين على الدين ومحبين للدعوة ولو لم يتطوروا فإن هذا يعد نجاحا بخلاف طبقة المتميزين .

2. لعل من أشد ما يلاقيه كثير من المربين : أن يأتيهم شخص فيه من الجوانب التميز ما فيه كالذكاء أو الحفظ ونحو ذلك لكن المشكلة أن هذا المتربي قد أخلد إلى الأرض ولم يتطورولم يرغب بذلك ولو بأقل القليل فنقول هناك نقطتين تجاه هذا الأمر :

أ – أن نراجع أنفسنا في تقييم هذا المتميز على زعمنا فقد نكون قد بالغنا في .

ب – أن نستشعر قول الله تعالى :(إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )القصص 56
وقوله تعالى :(فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) الكهف 6
وقوله(فلا تذهب نفسك عليهم حسرات)فاطر 8.

3. لا تطالب الطبقات الثلاث بالمستوى نفسه من الفهم والتطور الذاتي ونحو ذلك.

4. يجب أن تعلم أن المتربي لا يبقى طول دهره في طبقة واحدة إذ أنه قد ينتقل إلى طبقة أعلى أو أدنى.

5. قد يحبط بعض المربين من بعض متربيه بعد أن يبذل معه جهدا كبيرا لكن الخطأ هو أن هذا المربي أخطأ في تقييمه لهذا المتربي.

6. الطبقات السالفة الذكر هي طبقات تعديل لا طبقات جرح فالشخص الطالح غير صالح للمحاضن التربوية .

7. من أهم فوائد التقويم ألا تنشغل بالضعاف مثلا أو بغير القابلين للتطوير انشغالا يكون على حساب المتميزين فتكون كقصة عبس وتولى – مع الفارق – وهذا قد غفل عنه كثير من المربين , ولأن يأتيك المتربي ضعيفا ولكنه قابل للتطور والتحسن خير بألف مرة من المتميز الذي شعاره مكاني حيث وضعتني ومثل هذا تغيير جبل عن محله أسهل من تغييره خطوة وهو ما يسميه بعضهم بالتشبع الكاذب .

8. يجب مراعاة المدح أمام المتربين فلا يبالغ في القسم الأول مثلا فيصاب بالعجب ويصاب القسم الثالث بالإحباط ، وكذلك أن يحرص على الموازنة بمقدار التربية فصحيح أن يعطى القسمين الأولين نصيبا من التربية أكثر من الثالث لكن لا يعني إلغاء الثالث .

9. حرق المراحل :وهو من الآفات التي تمر في المحاضن التربوية , فسبب حماس بعض المربين واندفاعهم واغترارهم ببعض المتميزين, يبدؤون بإعطاء المتربي ما سوف يأخذه في المستقبل فيستعجلون الثمرة وينتج عن هذا أمرين :

1. أن المربي إذا أقبل على المرحلة التالية لن يجد شيئا جديدا فسيكون الأمر مكرورا مما قد يؤدي هذا الشعور إلى الانتكاسة أو على الأقل الانسحاب من المحضن الجديد.
2. أن المتربي سيكون كالطفل الذي لم يفطم بعد وقد أعطي لحم جمل فوق جبل فلن يستفيد منه , بل يضره , ويعسر هضمه عليه.
وهذا الأمر ينطبق على الأشخاص كذلك فمن دخل لتوه في الاستقامة أو كان في طبقة المتوسطين فمن حرقه أن يعطى برنامج المتميزين.

خاتمة:

لعلنا نختم هذا المقال بكلام نفيس للإمام الشاطبي في كتابه الموافقات وأترك التعليق عليه للقارئ الكريم:قال رحمه الله:
" وذلك أن الله عز وجل خلق الخلق غير عالمين بوجوه مصالحهم لا في الدنيا ولا في الآخرة ألا ترى إلى قول الله تعالى( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) ثم وضع فيهم العلم بذلك على التدريج والتربية تارة بالإلهام كما يلهم الطفل التقام الثدي ومصه وتارة بالتعليم فطلب الناس بالتعلم والتعليم لجميع ما يستجلب به المصالح وكافة ما تدرأ به المفاسد إنهاضا لما جبل فيهم من تلك الغرائز الفطرية والمطالب الإلهامية لأن ذلك كالأصل للقيام بتفاصيل المصالح كان ذلك من قبيل الأفعال أو الأقوال أو العلوم والإعتقادات أو الآداب الشرعية أو العادية وفي أثناء العناية بذلك يقوى في كل واحد من الخلق ما فطر عليه وما ألهم له من تفاصيل الأحوال والأعمال فيظهر فيه وعليه ويبرز فيه على أقرانه ممن لم يهيأ تلك التهيئة فلا يأتي زمان التعقل إلا وقد نجم على ظاهره ما فطر عليه في أوليته فترى واحدا قد تهيأ لطلب العلم وآخر لطلب الرياسة وآخر للتصنع ببعض المهن المحتاج إليها وأخر للصراع والنطاح إلى سائر الأمور هذا وإن كان كل واحد قد غرز فيه التصرف الكلي فلا بد في غالب العادة من غلبة البعض عليه فيرد التكليف عليه معلما مؤدبا في حالته التي هو عليها فعند ذلك ينتهض الطلب على كل مكلف في نفسه من تلك المطلوبات بما هو ناهض فيه ويتعين على الناظرين فيهم الإلتفات إلى تلك الجهات فيراعونهم بحسبها ويراعونها إلى أن تخرج في أيديهم على الصراط المستقيم ويعينونهم على القيام بها ويحرضونهم على الدوام فيها حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه ومال إليه من تلك الخطط ثم يخلى بينهم وبين أهلها فيعاملونهم بما يليق بهم ليكونوا من أهلها إذا صارت لهم كالأوصاف الفطرية والمدركات الضرورية فعند ذلك يحصل الإنتفاع وتظهر نتيجة تلك التربية فإذا فرض مثلا واحد من الصبيان ظهرعليه حسن إدراك وجودة فهم ووفور حفظ لما يسمع وإن كان مشاركا في غير ذلك من الأوصاف ميل به نحو ذلك القصد وهذا واجب على الناظر فيه من حيث الجملة مراعاة لما يرجى فيه من القيام بمصلحة التعليم فطلب بالتعلم وأدب بالآداب المشتركة بجميع العلوم ولا بد أن يمال منها إلى بعض فيؤخذ به ويعان عليه ولكن على الترتيب الذي نص عليه ربانيو العلماء فإذا دخل في ذلك البعض فمال به طبعه إليه على الخصوص وأحبه أكثر من غيره ترك وما أحب وخص بأهله فوجب عليهم إنهاضه فيه حتى يأخذ منه ما قدر له من غير إهمال له ولا ترك لمراعاته ثم إن وقف هنالك فحسن وإن طلب الأخذ في غيره أوطلب به فعل معه فيه ما فعل فيما قبله وهكذا إلى أن ينتهي كما لو بدأ بعلم العربية مثلا فإنه الأحق بالتقديم فإنه يصرف إلى معلميها فصار من رعيتهم وصاروا هم راعة له فوجب عليهم حفظه فيما طلب بحسب ما يليق به وبهم فإن انتهض عزمه بعد إلى أن صار يحذق القرآن صار من رعيتهم وصاروا هم رعاة له كذلك ومثله أن طلب الحديث أو التفقه في الدين إلى سائر ما يتعلق بالشريعة من العلوم وهكذا الترتيب فيمن ظهر عليه وصف الإقدام والشجاعة وتدبير الأمور فيمال به نحو ذلك ويعلم آدابه المشتركة ثم يصار به إلى ما هو الأولى فالأولى من صنائع التدبير كالعرافة أو النقابة أو الجندية أو الهداية أو الإمامة أو غير ذلك مما يليق به وما ظهر له فيه نجابة ونهوض وبذلك يتربى لكل فعل هو فرض كفاية قوم لأنه سير أولا في طريق مشترك فحيث وقف السائر وعجز عن السير فقد وقف في مرتبة محتاج إليها في الجملة وإن كان به قوة زاد في السير إلى أن يصل إلى إلى أقصى الغايات في المفروضات الكفائية وفي التي يندر من يصل إليها كالاجتهاد في الشريعة والإمارة فبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخرة فأنت ترى أن الترقي في طلب الكفاية ليس على ترتيب واحد ولا هو على الكافة بأطلاق ولا على البعض بأطلاق ولا هو مطلوب من حيث المقاصد دون الوسائل ولا بالعكس بل لا يصح أن ينظر فيه نظر واحد حتى يفصل بنحو من هذا التفصيل ويوزع في أهل الإسلام بمثل هذا التوزيع وإلا لم ينضبط القول فيه بوجه من الوجوه والله أعلم وأحكم" الموافقات (2\181 – 182).

المراجع:
1 - التقويم الدعوي من رسائل العين للعلي قد استفيد منه في الضوابط
2 - الموافقات
3 - فتاوى ابن تيميه

 

زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية