اطبع هذه الصفحة


من سمات المربى الفعال ( الإتزان الانفعالي )

يوسف محمود


المربى و الاتزان الانفعالى :-


الاتزان الانفعالى للمربى هو أن يكون لديه القدرة على التحكم في انفعالاته فلا تظهر بشده سواءً انفعالات الغضب أو الغيرة أو الفرح أو الحب ويظهر بدلاً عنها الحلم وكظم الغيظ وعدم الاهتمام بصغائر الأمور ونحو ذلك .
وقد يتضح ذلك المعنى بتوضيح ضده فالاتزان الانفعالي عكس الاضطراب الانفعالي وهذا الاخير حالة تكون فيها ردود الفعل الانفعالية غير مناسبة لمثيرها بالزيادة أو بالنقصان ، فالخوف الشديد كاستجابة لمثير مخيف حقا لا يعتبر اضطراباً انفعالياً بل يعتبر استجابة انفعالية عادية و ضرورية للمحافظة على الحياة ، أما الخوف
الشديد من مثير غير مخيف فانه يعتبر اضطراباً انفعالياً.
والاتزان الانفعالى سمة يتميز بها من يتصف بقوة الشخصية وبصحة نفسية جيدة، وتظهر وقت التعامل مع الضغوط و الأزمات .
فالمربى الفعال هو الذى يحتفظ بتحكم انفعالى متميز ، فهو لا يدع فرصة للغضب أن يتملكه ، ولا يعطى أحكاما سريعة للمواقف المختلفة ، بل هو أمام هذه المواقف هادئ مترو فى الحكم عليها ولا يصدر حكمه إلا بعد أن يتفحص جيدا متغيرات كل مواقف.
والاتزان الانفعالى صفة هامة فى المربى الواعي الناضج فيظل دائما فى حالة استقرار نفسى و سلوكى و لا يصدر منه اى فعل او رد فعل يترتب عليه فشل فى العملية التربوية، ولذا عندما سأل أحد الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعظه ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا تغضب لا تغضب وفى حديث آخر عن الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام : \" ليس الشديد بالصرعة ( أى بقوة البدن ) وإنما الشديد من تملك نفسه ساعة الغضب. \"

ويشكّل الاتزان الانفعالي منعطفا جليا في النفس البشرية ولذا تجد لدى البعض مهارة إتقانه والبعض الآخر لا يستطيع إتقانه ، ومن وُهب اتزانا عقلانيا و عاطفيا لا تستميله الأهواء ولا تتكئ على أرضية واقعه الخيالات.
وقد أطلق عليها في القرآن و السنة اصطلاح مجاهدة النفس ونهي النفس عن الهوى.. ويشير الدكتور محمد محروس الشناوي إلى مجاهدة النفس أنها عملية مستمرة يعدل بها الفرد من سلوكياته بمنع نفسه من الاستجابة الموجودة في البيئة بأفعال تخالف الدين والعرف. فالنفس البشرية التي اعتادت على أن تقود صاحبها ولا يقودها فسيظل يتبعها وليس لديه أي سيطرة على كبح جماحها ( فالسيارة التي تعطلت فراملها أثناء سرعه قوية لا تستطيع إيقافها عند الضغط على فراملها ولن تستطيع السيطرة عليها لتنجو من خطر الحوادث فالأمر مصيره إلى الهلاك).
وقد ظهر في السنوات الأخيرة أسلوب ضبط النفس (self control) الذي يشير:-
( إلى المواظبة على تنظيم الفرد لسلوكه ووضع قيود على السلوكيات غير المرغوبة).
\"و يقول ويلسون و أوليري-:Wilson & oleary 1980\"
(أن التوجيه الذاتي يمكن أن يمارسه الفرد بجهده الفردي و أن يعدل من سلوكياته الرديئة و السلبية إذا لاحظها و سجلها و تابع يومياً تدريباته على التخلص منها و إبدالها بسلوكيات سوية مرغوبة وأن يلاحظ مدى قدرته على النجاح و التغيير بل و أن يكافئ نفسه معنوياً و مادياً كلما نجح في تحقيق النتيجة المرغوبة).

الاتزان الانفعالى للمربى فى الموقف التربوى حالة تتميز بالسمات التالية :-

– ألا تثير المربى مثيرات تافهة وأن يتخلص من الميول الصبيانية كالأنانية والخوف من المسؤولية.
– أن يعبر المربى عن انفعالاته بصورة متزنة.
- القدرة على ضبط النفس في المواقف التي تثير الانفعالات و عدم التهور.
– الثبات المزاجي وعدم التذبذب لأسباب تافهة بين الحزن والفرح.
ولنا فى تاريخنا الاسلامى الكثير من المواقف التى يتضح فيها مدى قدرة المؤمن الداعية على التحلى بتلك السمة و كيف انها تؤثر فى إدارة المواقف الحرجة التى يمر بها الدعاة.
- الاتزان الانفعالى لرسولنا الكريم فى غزوة أحد.
- الاتزان الانفعالى لسيدنا ابراهيم حين ألقى فى النار.
- الاتزان الانفعالى لسيدنا يونس و هو فى بطن الحوت.
- الاتزان الانفعالى لسيدنا موسى عند ملاحقة فرعون و جنوده له.
- الاتزان الانفعالى للصاحبى الجليل ابو بكر الصديق عند وفاة الرسول.
- الاتزان الانفعالى لسيدنا خالد بن الوليد فى معركة مؤتة.

كيف تكون مربى يتميز بالاتزان الانفعالى ؟
– حافظ على وضوءك دائما.
- لا تنسى ذكر الله )) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللًّهِ الا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) سورة الرعد فذكر الله يجعل قلبا دائما هادئا مطمئنا سريع بعيد كل البعد عن الاضظرابات الانفعالية.
- نفّس عن انفعالاتك بأعمال مفيدة ( ممارسة الرياضة – قراءات متنوعة).
– حوّل انتباهك لأشياء أخرى .
– ابعث حالة من الاسترخاء في نفسك .
– تعلم أن تنظر إلى العالم نظرة مرحة .
– تجنب البت في أمورك الهامة أثناء الانفعال .
– تجنب المواقف التي تثير انفعالك إذا عجزت عن ضبط انفعالك.

الاثار السلبية للاضطراب الانفعالى على اداء المربى :-
 إن الانفعال المعتدل ينشط التفكير والعمليات العقلية والحركة ويزيد الميل لمواصلة العمل أما الانفعالات الشديدة تشل السيطرة على الإرادة ،وتؤثر على جميع العمليات العقلية تأثيرا سلبيا فتجعل المربى فى حالة عدم سيطرة على انفعالاته مما ينتج عنه سلوكيات وافعال تقلل من كفاءته فى اداء الدور المنوط به.
 الاضظراب الانفعالى يشوه إدراك المربى لحقيقة الموقف و يعوق الاتصال بينه و بين الفرد المتربى.
 الاضظراب الانفعالى يعوق التفكير الهادئ وتجعله يدور حول فكرة واحدة هي موضوع الانفعال.
 الاضظراب الانفعالى يؤدى الى استهلاك الطاقة اللازمة للنشاط حيث تستنفد في قمع الانفعال .
 الاضظراب الانفعالى يوجد فجوة بين المربى و الفرد المربى.

أعراض عدم الاتزان الانفعالي:-
 السلوك الاندفاعي.
 ثورات الغضب والتهيج الانفعالي العام.
 الاستجابات السلوكية غير المتسقة مع المثيرات المنشطة.
 الحساسية المفرطة.
 عدم تقبل النقد.
 اضطراب الانفعالات والمشاعر.
 عدم القدرة علي التسامح.
 التغير الدائم غير المبرر في الحالة المزاجية.
 الاعتماد الزائد علي الأخرين.
 الرغبة في الإشباع الفوري المباشر للاحتياجات.
 التمركز حول الذات.
 الحساسية لأحاسيس الآخرين.

سمات المربى الذى يتمتع بالإتزان إنفعالى: -

 القدرة علي أن يُحِبْ وأن يُحَبْ.
 القدرة علي مواجهة الواقع والتعامل الإيجابي معه.
 الاهتمام بالعطاء بقدر الاهتمام بالأخذ وربما أكثر.
 القدرة علي الارتباط والانفتاح الإيجابي علي خبرات الحياة المختلقة.
 القدرة علي التعلم من الخبرات و التجارب.
 القدرة علي تقبل وتحمل الإحباط.
 القدرة على التعامل الإيجابي مع مشاعر العدوان.
 التحرر النسبي من أعراض التوتر.
 القدرة على حل المشكلات.
 قبول الاختلاف والبعد عن التعصب.
 الدافعية للإنجاز.
 القدرة على العمل الجماعي.

طرق تحسين الاتزان الانفعالى لدى المربى : -

 اسعي بكل أمانة إلي معرفة ردود أفعال الآخرين تجاه تصرفاتك و كن موضوعيًا وانظر إلي نفسك كما يراك الآخرون .
 تجنب الأنانية وحب الذات.
 لا تحاول السيطرة علي الآخرين.
 تحمل مسئولية انفعالاتك وسعادتك الشخصية.
 اختبر وتحقق من انفعالاتك بدلاً من التوجه المباشر للحكم علي أفعال ودوافع الآخرين.
 اكتسب مهارات التوافق أو المواجهة أو التعامل الإيجابي مع مختلف الحالات المزاجية.
 تعلم الاسترخاء والهدوء النفسي والبدني عندما تجتاحك الانفعالات السلبية أو الإيجابية الشديدة.
 استمع ضعف ما تتحدث.
 انتبه إلي التواصل غير اللفظي. فنحن نتواصل بكامل تكوينا البدني والنفسي. راقب الوجه،أنصت إلي نبرة الصوت،ولاحظ لغة الجسد.
 كن علي قناعة بان تحسين نضجك الانفعالي يحتاج إلي ممارسة وقت وصبر.

إعداد / يوسف محمود
EBN_SOLIMAN@HOTMAIL.COM

 

زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية