اطبع هذه الصفحة


دعوة وتربية ... خطوات في الاصطفاء

 
(مقدمة)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد ..
فتعاني شعوب الأمة الإسلامية من بعد عن معالم الإسلام الصافية وضعف في تطبيقه مع انقلاب في فهم كثير من معانيه العلمية والعملية في جميع نواحي الحياة ، مع هزيمة نفسية وتبعية لأعداء الإسلام .. صاحب ذلك الرضى بحياة الذل والهوان وخوف من التغيير مع شُقَّة كبيرة بين الشعوب وعلمائها ودعاتها.

ولذا كان لزاما على الدعاة الذين وهبوا أنفسهم لدين الله أن يعيدوا الناس إلى جادة الصواب في جميع الميادين ،وإن ذلك ليأخذ زمنا كبيرا وجهدا هائلا ، خاصة وأن الشعوب الإسلامية لا ترى بعدها عن الدين ولا ترى مستوى الذل والهوان الذي وصلوا إليه.

لذا فالدعاة مطالبون بتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام وإعادة الناس إلى الدين وإلى اتباع العلماء وإلى تصحيح كثير من المعاني العلمية والعملية ورفع ما كان من ذل وهوان عن طريق الوصول إلى أفرادها المؤثرين وكسب ثقتهم ومن ثم إيصالهم إلى الدين الصحيح وتحويلهم من أفراد لا قيمة لهم يعيشون على مُتع الحياة إلى دعاة مؤثرين ، يقومون بتبديل حال الناس بعون الله عز وجل .. وتخريج الدعاة والخطباء وطلبة العلم وغيرهم .. ليقوموا بدورهم في إصلاح حال الأمة كل من خلال موقعه .. وذلك من خلال خطوات أسميتها (خطوات في الاصطفاء) ..

وهذه الخطوات والمراحل خاصة في التعارف والاصطفاء .. ولعل تقسيمها كان للفائدة والنفع ولكنها قد تكون متداخلة في كثير من الأحيان وقد يحتاج إلى الإطالة في بعض المراحل مع بعض الأفراد ما لا يحتاج للإطالة فيه مع أفراد آخرين وهي خطوات تطبق في بيئات المسلمين الذين ابتعدوا عن مناهل الإسلام الصحيح .. وقد كتبت هذه الكلمات من خلال تجربة مع اطلاع على بعض الكتابات السابقة مما سيأتي لاحقا .. نسأل الله أن ينفع بها ويجعلها في الخير والفائدة ..

أخوكم أبو أحمد


المرحلة الأولى : التعارف

التعـارف : وهي المرحلة الأولى التي يجب أن يقوم بها الداعية حتى يستطيع أن يصل إلى ما يصبو إليه من التربية والتوجيه للمدعو .

ويستغل الداعية جميع الوسائل الشرعية في التعرف على من يتوسم فيه الخير ، وهنالك وسائل عامة يمكن أن يستغلها الجميع . منها المسجد وصلة القرابة والجيران وزملاء العمل والدراسة ومن يمكن التعرف عليهم عن طريق الأصدقاء . وهنالك طرق أخرى شتى تخص كل شخصية بذاتها ..

وهنالك محاذير في توسعة رقعة التعارف أكثر مما ينبغي للمنشغلين بالدعوة ، فإن كثرة التعارف تصيبهم باتصالات وارتباطات تزيدهم شغلا وتقطع عليه ارتباطاتهم الهامة لذا وجب التوازن في هذا الأمر.

وبقدر كون الداعية جريئا ومحبوبا وصاحب علاقات اجتماعية وبذل ونفس سمحة وابتسامة مشرقة كان باستطاعته الوصول الى هدفه بأسرع الطريق وأقواها .. ويجب أن تكون أخي الداعية صاحب صفات عالية تجعل المدعو يفتخر بالتعرف على مثلك..
أكرم مدعوك بالعبارات الجميلة .. لا تجعل أخطاء المدعو تجاهك تقضي على علاقتك به .. اعتذر من أخطائك بطريقة لبقة تقوي علاقتك به .. حاول أن تسمع منه كما تحب أن تتكلم معه .. لا تعارضه فيما لا يضر المعارضة فيه ..تعرف على واقعه الاجتماعي والوظيفي أو الدراسي .. وما هي المشكلات التي يمر بها؟ .. كل هذا يعين على التعرف عليه و كسب قلبه والوصول إليه من أقصر الطرق .

أما التسرع في تكوين العلاقات وضرب الكثير من المواعيد قبل أن تترسخ العلاقات قد يسبب في بعض الأحيان نفرة لدى المدعو .. بل محاولة كسب مواقف مؤثرة في شخصية المدعو من عيادته مريضا أو إعانته على حل مشكلة ما أو تعليمه أمراً ما ستكون أكبر سبب للتأثير على قلبه وارتياحه لك . وكذا يقال في التعجل في الإنكار عليه – فيما يمكن تأخير الإنكار فيه- فقد يسبب نفرة منك مما يمنع وصولك إلى تقوية قلبه وإيمانه . وقد يكون من الأصلح تأجيل بعض المسائل حتى يكون متمسكا بأوامر الله وراغبا في ذلك ومجتنبا نواهيه ولعل هذا أولى دعويا.

إذا تعرفت على المدعو وعلى واقعه الاجتماعي .. وتعرفت على ما يحمله من خلفيات إيجابية أو سلبية وأفكار جيدة وسيئة .. وتعرفت على ما يحب ويبغض .. وعلى ما يحمله من معاناة .وبدأت تدخل الى قلبه ، يمكنك أن تعتبر نفسك أنك اجتزت مرحلة التعرف بنجاح ..

اما التوجيه والتعليم وغيرها من الوسائل فليس هناك ما يمنع منها في أي مرحلة إلا إذا كان هناك ردود فعل عكسية وكان يمكن تأجيل التوجيه إلى وقت لاحق ..


المرحلة الثانية : تكوين العلاقات

تكوين العلاقات : بعد مرحلة التعارف تبدأ مرحلة تكوين العلاقات ، يحاول فيها الداعية الدخول على المدعو من عدة زوايا يطمئن ويرتاح إليها المدعو وذلك لكي يبني العلاقة القوية به ، فالسؤال عنه مثلا والتعرف على أحواله ، والتعاون معه في مشكلاته ، وتكوين علاقة عائلية بين الأهالي ، وعيادته مريضا أو عند مرض أحد أقرباءه ، وزيارته صحيحا كلها وسائل تقوي العلاقة .

ومن الطرق الأخرى لتكوين العلاقة مع المدعو وتقويتها الاتصال به والسلام عليه بين الفينة والأخرى ، والهدية والدعاء له ، ونصحه فيما ينفعه ، وتعليمه بعض المسائل المناسبة الشرعية والدنيوية ، وتقديم بعض الكتب أو الأشرطة (المنتقاة انتقاء جيدا) أو عناوينها ، وكذلك الفرح معه في فرحه والحزن لمصابه وفتح الموضوعات الخاصة به ومناقشة المشكلات الداخلية له بأسلوب مؤثر وغيرها من الوسائل التي تزيد من قوة علاقته .

في هذه المرحلة يحرص الداعية على رفع إيمان المدعو بوسائل منها ربطه بالمسجد كأن تكون المواعيد التي تضرب معه يبدأ اللقاء في المسجد عند أحد الفروض ثم ينتقلون الى موعدهم ، ومن الوسائل ذكر بعض محاسن الدين الإسلامي ، وتقديم بعض الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، والبعد عن الجدال ، وذكر عجيب خلق الله تعالى في الفضاء أو في الكون عموما ، وربطه بالأذكار السهلة ذات الأجور العظيمة وأذكار التحصينات ، والحرص على صلاة الجماعة ، وكذا استغلال بعض المواقف في التأثير مثل حادث مروري أو وفاة قريب أو مرض صديق ، وذكر بعض الآيات والتعليق عليها ، والتنبيه على فتن آخر الزمان وغيرها من الطرق الإيمانية .. وأهم من ذلك كله أن يكون الداعية قدوة عالية يعجب بها المدعو ويفتخر بالتعرف عليها ..

ومن الوسائل في تقوية العلاقات تعريف المدعو ببعض أصحاب الداعية وزيارتهم معه وزيارته معهم ويحرص على تكوين صورة طيبة عن هذا الداعية ومن يعرف ..

فيحاط المدعو بالصحبة الصالحة ويشغل عن الصحبة الفاشلة ويستمر في تلك العلاقة حتى لا يستطيع قرناء السوء جذبة إليهم مرة أخرى ويتعلم أضرار الخلطة بأهل السوء وفضل صحبة الأخيار ومجالس الذكر وفضل العلماء وطلبة العلم والدعاة المصلحين ..

إذا تكونت هناك علاقة تمكن الداعية من الوصول الى المدعو ووصول المدعو الى الداعية بسهولة واستمرارية وتكونت هناك ارتباطات قوية وصلات جيدة مع الثقة المتبادلة والانفتاح في المناقشة وازدياد الترابط الإيماني ؛ فيمكننا أن نعتبر أننا تجاوزنا هذه المرحلة .


المرحلة الثالثة :الاقتناع

الاقتناع : وفي هذه المرحلة ينبغي أن يقتنع المدعو بهذا الدين قناعة كاملة راسخة وبمن يحملونه، ويمتلئ ثقة بهم . وأن هذا الدين هو أعظم وأجمل مما يتصور في كل ناحية .

وتزرع القناعة وتنمَّى بتعظيم الله سبحانه وتعالى والحرص الوقوف عند أوامره ونواهيه ، وارتباط الفرد بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذكر حسن الشريعة الإسلامية في كل أمر وكل نهي . وكما يحرَّص على كتاب الله قراءة وتدبرا وتأثرا فيحرَّص على السنن النوافل لتكون زاده وقوته . ويشجع على أداء العمرة والحج ويتعاون معه على إزالة المنكرات المؤثرة عليه سلبا وعلى أهله من حياته.

وقد يعجب المدعو بالداعية ويتأثر به ولكن كثيرا من المدعوين يتأثر أكثر إذا تعرف على أصحاب الداعية بل قد يقتنع بأحدهم أو بمجموعة منهم لما فيهم من بعض الخصال المؤثرة فيزداد قناعة في الداعية وزملاءه ، وكثيرا من المدعوين يعجبون بعلاقة الداعية الأخوية مع زملاءه وحرصهم على بعضهم وحب أحدهم للآخر مما يجعله يتمنى أن يكون بينهم حتى ولو لم يبدُ ذلك عليه ، ويجب في هذه المرحلة أيضا أن يحاط المدعو بمحبة إخوانه وأن يشعر بذلك وإشراكهم له في بعض أمورهم الإسلامية دينية ودنيوية مما يجعله يشعر أنه أحدهم وأنه صار منهم ..
وتنمو القناعة وتزداد كلما كانت أدوات التعلم الصحيحة موجودة بين هؤلاء النفر ، ووجد عندهم ما يدعوه للحرص على الاستفادة منهم في أمور دينه ودنياه . فإذا كانوا يملكون العلم الشرعي ويحسنون فهمه وإفهامه سعى للاستفادة منهم ، شتان بينهم وبين من يقضي وقته في كلام فارغ أو لغو فهذا رخيص موجود في أغلب المجالس ..

وتنمو القناعة أيضا كلما كان هؤلاء النفر أقرب إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا مرتبطين بالعلماء العاملين . وكانوا مبتعدين عن أسباب الخلاف أو البدعة أو الجهل ومبتعدين أيضا عن أسباب التنافر بين المسلمين.

وفي هذه المرحلة ينتقي الداعية للمدعو الكتاب الشريط النافع السهل المفيد ويشجعه على حضور المحاضرات المؤثرة والنافعة والدروس والدورات العلمية ويزور المكتبات ودور التسجيلات وكل ذلك الترسيخ قناعته بالدين وحملته . ويتعلم في خلال هذه الفترة بعض أمور دينة الأساسية وينبه بأسلوب مباشر أو غير مباشر على بعض الأخطاء التي يقع فيها بأسلوب جميل ، ويحسَّن من سلوكه . كل ذلك يجب أن يتم بترتيب ونظام وبتدرج وغرس صحيح ، إضافة إلى أن الداعية مطالب بشرح ما لم يتم فهمه من الوسائل التي تم عرضها على المدعو من شريط أو كتاب أو غيرها.

وفي هذه المرحلة أيضا ينبغي أن يغرس في المدعو التضحية لهذا الدين والحرص عليه وذلك عن طريق القدوة .. فهؤلاء النفر الذين يعيش بينهم يتمتعون بالبذل لهذا الدين ويبحثون عن السبل لدعم الدعوة ونشر دين الله ونشر الإسلام ، مضحين بذلك بالجهد والوقت والمال .

وهكذا يكون التوازن في تنمية القناعة بالدين وبمن يحمله من الدعاة المخلصين . فيزداد قناعة بهم وبسلوكهم ومحبتهم وبعلمهم وتضحيتهم لدين الله عز وجل.

فإذا استشعر أنه أحدهم وأنه بدأ يتصرف مثلهم -مما يعطي مؤشرا على قناعته بهم وبما يحملون- وأصبح لا يرضى إلا أن يكون كأحدهم له مالهم وعليه ما عليهم يمكننا أن نعتبر أننا تجاوزنا هذه المرحلة .


المرحلة الرابعة : الاصطفاء

الاصطفاء: تعتبر هذه المرحلة بوابة المرحلة التي تليها .. ففيها يمكن النظر في حال المدعو وقبوله ما يوجه إليه وأن ذلك علامة القبول والنظر فيما يمكن أن يقدمه المدعو للدعوة من خلال قدراته ومواهبه ووزنه الاجتماعي ..

تبدأ هذه المرحلة بأن يوضح للمدعو شمولية هذه الدين وأنه لا يتوقف عند بعض الأعمال العبادية بل كل أمر من الأمور يجب أن تقاس بمقاييس الدين .. وأن جميع أعمال المدعو يجب أن ترد إلى أمر الله تعالى .. مع نصحه بالتي هي أحسن فيما يقوم به من أعمال لا تتناسب مع دينه أو سلوكه .

ويربط المدعو ببعض الأعمال الخيرية أو الدعوية ويعان عليها حتى يختلج قلبه حب العمل لله والبذل له ، فإن كان لها نتيجة ظاهرة كانت دافعا آخراً للتشجع لعمل آخر .. وفيها يتعلم الداعية الحرص على الأعمال الجماعية المثمرة ويتربى على الطاعة والإنتاج .. واستغلال الوقت فيما ينفع .. ويتعلم كيف يستغل جميع أعماله في أمر الدعوة ونشر الإسلام.

ويتعلم المدعو في هذه المرحلة ما لم يتعلمه من الأمور الأساسية في كتاب الله و العقيدة والفقه والسلوك وينظر في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته عليهم رضوان الله تعالى حتى ينمو لديه حب الدين ودعاته وعلى رأسهم سيد ولد آدم عليه السلام ..

وفي هذه المرحلة يتميز الجادون من المستأنسين ، والصادقون من المبطلين والأقوياء من الضعفاء وتتفجر مواهب البعض وتتغير سمات البعض الآخر .. ويمكن للداعية بعد أن يميز هؤلاء من يمكن أن يصطفيهم لبعض الأعمال دون بعض ، فهذا يتلمح منه الداعية أن يكون طالب علم جيد وآخر خطيبا مفوها وثالث للأعمال الخيرية ورابع داعية .. وهكذا يتميز هؤلاء بانضباطهم وحرصهم وإيمانهم وعلمهم وتوفيق الله لهم عن البعض الآخر الذي ليس له من العمل إلا الاعتذارات والتسويف وضعف الحرص ..

إذا استطاع الداعية أن يتعرف على خلق وسلوك المدعو من خلال واقعه وانضباطه ومواهبه وقدراته وحرصه على ما يقدم له من أمور الدعوة ، واستطاع الداعية أن يميز هؤلاء عن غيرهم واستطاع أن يصطفيهم ..والدعوة لا تقوم إلا على الجادين الأقوياء .


المرحلة الخامسة : صناعة الدعاة

صناعة الدعاة (التربية الجادة) : وبعد الاصطفاء يقوم المربي بتنمية العلم الشرعي والإيماني والخلقي والعملي والفكري والعاطفي والبدني وغيرها في نفس المدعو. وتعتبر التربية الجادة المستمرة المنظمة أكبر ركيزة لبناء الرجال وصقل المواهب ورفع الكفاءات التي ستكون بإذن الله قواعد المجتمع الإسلامي.

ومن الأمور التي يجب الاهتمام بها خلال التربية قضية التوازن بين الجماعية والفردية والتوازن بين واجبات الدعوة وواجباته الخاصة والتنسيق بين الاستفادة والإفادة وبين الجد والاجتهاد والبعد عن الاستعجال والتوازن أيضا بين أعمال الدنيا والآخرة وغيرها ..
كل هذه الأمور تكون تحت المنهج الذي حدده القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم وما فهمه سلفنا الصالح ، منهج أهل السنة والجماعة والحرص على سلامة المعتقد مع النظر في آثارها الواقعية في التاريخ ومحاولة جمع الكلمة ونبذ الخلاف والكف عن أعراض الناس ما كان إلى ذلك سبيلا ..

وبقدر ما يكون المربي قويا في جميع نواحي التربية وأمينا أيضا قادرا على الاستمرار قويا في العطاء متدرجا فيه من خلال بيئة إسلامية مصغرة فسيكون قادرا على إيصال أكبر قدر من جوانب التربية إليه بإذن الله..

و الارتباط القوي بين المربي وبين المصطفَين من المدعوين من أقوى أسباب التربية وأقرب الطرق لحل المشكلات التربوية . ويعين على ذلك تكوين البيئة التربوية المناسبة واستغلال حلق الذكر والسفر الإيماني وأعمال الدعوة والتواصي والتناصح وحياة الزهد والتقشف والمجاهدة وغيرها وسائل تربوية عظيمة لبناء الرجال ورفع الوهن ..

ويجب في هذه المرحلة الحرص تنمية حب التعلم بإعطاء المتربي ما يحتاجه ويقدر عليه من العلوم ويتوازن فيها مع إبعاد الملالة والسآمة ..
كما ينبغي أن يتربى على حب الدعوة بالنظر في سير الدعاة والاستفادة منها وعلى رأسهم سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم ، والتذكير بأجر الدعاة العاملين مع الاطلاع على بعض كتب الدعوة ووسائلها والتعريف بمآسي المسلمين الدينية والدنيوية . كل هذا مع التدريب العملي على بعض الأمور الدعوية السهلة والمناسبة وما يكون له نتائج ظاهرة .. ثم يتم التدرج معه في تشجيعه وإعانته على القيام بالأمور الدعوية الأكبر تأثيرا مع عرض لبعض أمور الدعوة ومناقشة بعض مشكلاتها ..

وعندها إذا رأينا أن المدعو قد تغيرت ملامح حياته وسلوكه وارتباطاته حريصا على التعلم .. بدأ يضحي من أجل الدعوة إلى الله تعالى ويحرص على تغيير بيته ومن حوله مناصحا إخوانه الدعاة مرتبطا معهم .. جاعلا نصب عينيه علما صحيحا يخط له طريقه .. مستغلا طاقاته في إصلاح نفسه وغيره .. يوازن بين دعوته ونفسه وأهله ..

إذا كنت في الدعوة رأيته داعيا نشيطا وإذا دخلت محرابه وجدته قائماً تالياً وإن دخلت مكتبته فهو يقرأ ويبحث ويحفظ وإذا رأيت إخوانه رأيته أحدهم لا يميز نفسه عليهم وإذا رأيت قبيلته رأيته مصلحهم وإن كان بين أهله وأبناءهم وجدته مربيهم والحنون عليهم وفي وظيفته يمثل السلوك المشرف لدينه وإخوانه وإذا ذكرت له مصائب المسلمين تحرك قلبه مقتديا بالعلماء العاملين ،حذرا من مكر الماكرين ومن تربص الحاقدين ومن مداخل الشياطين ..

إذا استطاع المدعو أن يصل إلى ذلك فإننا نعتبر أننا بدأنا طريق التربية الصحيحة وعليه أن يستمر ..

كل ذلك العمل من خلاله وقبله وبعده يرجو المربي والمدعو التوفيق من الله تعالى ويرجو الإعانة والهداية والتسهيل منه سبحانه متوكلا عليه ، يدعوه صباح مساء يذكره في جميع أحواله .. فلا توفيق ولا سعادة ونجاح إلا بالله العلي العظيم .. فالدعوة لله والتربية لله والتوجيه لله ..

فلا نجاح إلا بتوفيق الله ولا رفعة إلا بالله ولا نصر إلا من الله .. وإن بدا شيئا للناس فإن العاقبة للمؤمنين الصادقين في الدنيا وفي الآخرة .. قال تعالى (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المؤمنين إنهم لهم المنصورون* وإن جندنا لهم الغالبون) (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة) (أفنجعل المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون) (أم نجعل الذين أمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) (قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال هذا صراط على مستقيم * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)

هذا وصلى الله على خير المربين والدعاة محمد رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم ..


وتتمة للموضوع يمكن قراءة بعض كتب الدعوة .. مثل ..
مقالات في التربية لمحمد الدويش
الدعوة الفردية ليحي صواب
الدعوة الفردية للمقطري
قواعد الدعوة إلى الله لهمام سعيد
من صفات الداعية محمد الصباغ
وغيرها كثير في باب الدعوة والتربية ..

 

زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية