ويتوهم الكثيرين انهم قد أذن لهم
بالقعود حين قرر العلماء أن الدعوة فرض على الكفاية ،
ويختارون أنفسهم في الطائفة المختارة ، اغتراراً بأن الدعوة إذا قام بها البعض
سقطت عن الباقين ، وليس الأمر كما فهموا ، كما هو واضح في النص السابق فإن لفظ
القيام بها يعني حصول الشيء المأمور به في عالم الواقع وتبقيه واتعاظ الطائفة
المأمورة فعلاً ، فإذا بقيت الطائفة المأمورة سادرة في غفلتها ، متبعة لشهوتها
وآلفة في عصيانها : بقى جميع المسلمين تحت هذا التكليف ، وعليهم ان يعينوا
الدعاة إلى الله الذين يأمرون بالمعروف ، ويزيدوا قوتهم ويكثروا سوادهم ، وإلى
الدرجة التي يكتسبون فيها الهيبة والتأثير الكافي لامتناع الطائفة العامية من
أفراد الامة عن عصيانها ومخالفتها للشريعة ، فإذا امتنعت فعلاً لزم وجود عدد من
الآمرين الدعاة يديمون حالة الامتناع هذه ، ووسع البعض الآخر أن يسكتوا . أما
قبل ذلك فلا . ومن يستطلع حالة
المسلمين اليوم يجد أن الجهود المبذولة في الدعوة إلى الله لا زالت أقل من
المقدار المطلوب لامتناع من يرتكب
المعاصي منهم، ورأس المعاصي : الحكم بغير ما أنزل الله ،وبآراء العقول والأفكار
المستوردة ، ومن ثم فإنه لا يسع
المسلم اليوم أن يقعد عن الدعوة إلى الله
، ونصرة الدعاة ، والاشتراك معهم في جهودهم لاقتلاع السوء والمعاصي وأهل السوء
والمعاصي وإحلال الخير وأهل الخير والتوحيد محل ذلك ...
فالدعوة إلى الخير وأعلاها الدعوة إلى الله
واجبة على كل مسلم بقدر استطاعته ، لأن
هذه الدعوة من صفات المؤمنين ولأن الحديث الشريف أمر كل مسلم ومسلمة بإزالة
المنكر حسب استطاعته فإذا حصل المقصود بفرد او أفراد : لم يطالب الآخرون بإعادة
المنكر لإزالته .ولا يؤاخذون لأنهم لم يزيلوه . والشأن في المسلم المبادرة إلى
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون انتظار الى غيره فقد لا يقوم به الغير
فيقع في الإثم ، والمسلم يدعو إلى
الله باعتباره مسلماُ مؤمناً بالله ورسوله
كما قال تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله
على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )
|