أصبح " فرانسيس فوكوياما " اسماً لامعاً في 
		أمريكا و أوروبا بعد إصدار كتابه نهاية التاريخ و الذي أعلن فيه فوكوياما
		نهاية التاريخ و الحضارة ، و وقوفه مذعناً صاغراً أمام عتبات البيت 
		الأبيض ، و ذلك بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، و تمزق ذلك الغريم التقليدي 
		العنيف للولايات المتحدة الأمريكية .
		لن أناقش أفكار الكتاب فهذا ليس هو مدار الحديث ، ولكني سأطرح الفوكويامية 
		العربية أو الفوكويامية الحزبية التي تسمت باسم الإسلام .
		لا أعرف فرقاً في التفكير بين المسلم أو غير المسلم حينما تمتد الأهداف 
		المجنونة النابعة من حب الذات و نكران الآخرين و حينما تُعبد النجاحات حتى 
		توصل المرء إلى دائرة الاستعظام و احتقار الآخرين .
		و إذا كان فوكوياما يرى أن نهاية التاريخ وقف عند أمريكا متناسياً و 
		متجاهلاً السنة الكونية ( الأيام دول ) ، و 
		غاضاً الطرف عن دول و حضارات سادت ثم بادت ، فأصبح كتابه الشهير مستغرقا في 
		الحاضر و تداعياته ساذجا بسيطا في الماضي و حقائقه و دروسه ...
		ما علينا ...
		فليذهب فوكوياما إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم
		ما أعنيه و أضعه بين يدي القارئ هو ما رأيناه من أحزاب إسلامية لم يكن 
		العلم قائدا لها في سيرها نحو التغيير ، فالعلماء هم ورثة الأنبياء كما جاء 
		بذلك الأثر .
		لقد اختلطت المفاهيم عند هذه الأحزاب حتى أصبح الحليم حيرانا في أحوالهم و 
		ممارساتهم
		فمرة يكون الأثر الشرعي هو دليلهم ، و فجأة تتغير الآراء حسب الشارع 
		السياسي و رغبة الجماهير ، هل هي براغماتية 
		جاءتنا من أمريكا و أوروبا و ألبسناها لباس المصلحة .
		إن هذه الأحزاب الفوكويامية تعلن أنها وصلت إلى 
		نهاية الإبداع و التجديد في الوسط الإسلامي ، فهي ترفض التجديد و تحجر على 
		أصولها من التغيير و ترفض المراجعات بحجة أنها تسلك مسلك الوسطية في الدين 
		فهي الممثل الشرعي لأمة الإسلام ... كما تزعم .
		منذ عشرات السنين و هذه الأحزاب ترفض التخلي عن مكتسباتها حتى لو كانت 
		الضريبة دماء و أشلاء و مبادئ و كأنهم يقولون إلينا انتهى التاريخ ، و 
		مناهجنا لا تقبل التغيير و التجديد ، و من لم يرضخ فهو خارج عن نطاق 
		جماعتنا ، فليذهب إلى الوسط العام للمسلمين ، و كم طرد من عضو و فاضل و 
		عالم لأنه طالب بالمراجعة والتغيير .
		و رحم الله الإمام مالك بن أنس الذي رفض أن يعمم الموطأ على بلاد المسلمين 
		بسبب اختلاف آراء العلماء و اجتهاداتهم .
		و أخيرا أهمس في إذن قادة هذه الأحزاب السياسية التي شابت رؤوس أصحابها و 
		لم يصلوا إلى ما يريدون من الحكم و التمكين لقد انهارت الدولة الأموية ثم 
		العباسية ثم الأيوبية ثم العثمانية ، فهذه سنة الله في خلقه حتى تأتي 
		الخلافة الراشدة ، فهل أنتم بمنأى عن هذه السنة الكونية و أين فقه التاريخ 
		و الواقع ، كما يزعم البعض أم أنها الفوكويامية 
		المغلفة بغلاف المصلحة المسكينة .
		
		خالد بن ثامر السبيعي
		17/10/1429