اطبع هذه الصفحة


من فنون الإلقاء والخطابة
(لكل مقام مقال)

يحيى إبراهيم الشيخي


الخطابة والإلقاء: فن ومهارة، لا يجيدها إلا من تعلم فنَّها، وأتقن مهارتها, فلكل حادثة حديث ولكل مقام مقال ، فليس كل حديث مؤثر , ولا كل كلمة تقال, فالخطابة والموعظة والإلقاء تحتاج لفصيح بليغ, وإلا لم يعرف منه مايقول, ولم يفهم منه ما قصد, قال تعالى عن موسى عليه السلام (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ). فبين موسى عليه السلام السبب لطلبه دعم أخيه لفصاحته وأن عقدة لسان موسى قد تؤدي لعدم فهم مايقوله, وبالتالي لا تؤدي كلمته الغرض, وقد تؤدي إلى فهم خاطئ وينعكس سلبا على قائلها,. وقال تعلى:(وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا) النساء (63). فالفصاحة والبلاغة مطلب وأثرها أعظم .

والخطابة
عرفها أرسطو: بأنها الكشف عن الطرق المختلفة للإقناع في أي موضوع كان./ أرسطو. فن الخطابة / ترجمة عبد الرحمن بدوي.

أما الإلقاء
فهو: نقل أفكار معينة ومحددة إلى المتلقين عن طريق المشافهة واستغلال الصوت البشري وتطويع نبراته حسب الموقف واللغة للتأثير على المتلقين بشكل مثير.

واعلم أن لكل حديث جمهوره وطبيعته وما يناسبه، فالحديث مع الأطفال يختلف عن الحديث مع الكبار، فمع الأطفال يحتاج إلى تفاعل مؤثر مع القصة، وذلك من خلال تلوُّنِ الوجه وتعْبِيسه عند الغضب وعدم الرضا، والابتهاج عند السرور، وخفض الصوت ورفعه، وتمثيله للقصة كما وقعت، حتى يتخيلها كأنها تحدث أمامه.

وكذلك المتحدث على المنابر بجميع أنواعها؛ فلكل موقف نوع من المقال يناسبه، وكما قيل:
"أَلْبِس لكلِّ حالة لَبُوسَها؛ إما نعيمها، وإما بؤسها".

ومن الأمثلة على ذلك:
المتحدث عن الأحكام الفقهية كالصيام والزكاة والحج وغيرها، لا يتطلب منه رفعَ صوت ولا انفعالًا أو احمرار وجه، وإلا لن يستمع إليه أحد، بل ينبغي عليه خفض الصوت والهدوء؛ حتى يفهم الناس ما يقول.

حديث المواعظ الذي يناسبه إثارة العواطف، وتغيير نبرات الصوت بالرفع والخفض، وتحسين الصوت حتى يتفاعل معه الناس.

خطاب الإثارة وحماس الناس لِصَدِّ عدوٍّ، أو مواجهة خطر ما، فإنه يحتاج إلى رفع الصوت والغضب واحمرار الوجه، وذكر شيء من أشعار الحماس والشجاعة، وغيرها.

أما التذكير والوعظ في مساجد الأسواق، فإنه يختلف عن غيره من المساجد؛ حيث يتطلب الاختصار في الكلام والأهداف؛ فليس ثَمَّةَ وقتٌ عند معظمهم حتى يستمع لِما تقول؛ فالعقول مشغولة بطلب الدنيا، فكيف يتفرغ القلب لهذه المواعظ والعقل مشغول بغيره؟
وهنا تنبيه مهم وهو أن تتأكد من وضوح صوتك، ونجاح الوسيلة الصوتية التي تستخدمها، وألَّا تبدأ خطابك، حتى تتيقن من جودتها وسلامتها، حتى لا يذهب مجهودك سدًى.
ومن الأمور المهمة التي ينبغي التنبيه عليها هي توسُّطُك في إشاراتك التعبيرية وحركاتك، فلا إفراطَ ولا تفريط، وأهم شيء كيف توضح المعنى

للابتسامة قبل وأثناء الحديث دور مهم في جذب المشاهدين، ولكن ليس في كل الأوقات والمواقف، وإنما حسب ما يقتضيه الحال، فمواقف الخشوع والحماس والتأنيب لا تصلح معها الابتسامة، كما أن مواقف النكت والمُزاح لا يناسبها الدموع؛ فكلٌّ له ما يناسبه.

ابتعد عن التصنع والتكلف وكُنْ على طبيعتك، فكلما كان الأسلوب طبيعيًّا وعفويا بدون تكلُّفٍ، كان أكثر أثراً، وكلما زاد التكلف، فَقَدَ الحديث جوهره وقلَّ تأثيره، والناس تعرف نوع حديثك من لغة جسدك ولهجتك والله يوفقنا وإياكم لأحسن الكلام وأجمله.

الكاتب: يحيى إبراهيم الشيخي

 

منبر الجمعة
  • إعداد الخطبة
  • فقه الخطيب والخطبة
  • فن الإلقاء
  • نصائح وتوجيهات
  • مكتبة الخطب
  • الخطباء 1
  • الخطباء 2
  • المواسم المناسبات
  • أحكام يوم الجمعة
  • الصفحة الرئيسية