اطبع هذه الصفحة


إلى أهل " الحسبة " ... مع التحية !!

مرفت عبدالجبار


الحمد لله حمداً يليق بجلاله، والصلاة والسلام على خير رسله وأنبيائه.

لما كان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) أمراً ربانياً من أجله بعث الله تعالى الأنبياء والرسل، كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ...}(النحل:36).

ولما كان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) من أوصاف سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، دالاً عليه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُْمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ...}(الأعراف:157)... الآية.

ولما كان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) من صفات المؤمنين الصالحين متمثلاً بقوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآْمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}(التوبة:112).

لما كان الأمر الرباني بإقامة التوحيد والنهي عن الشرك، والنهي عن المنكرات والأمر بالخيرات، سبباً لإقامة هذه الشعيرة المباركة، والتي لا يبغضها ولا يعرقل سيرها إلا من في قلبه مرض...!

من هذا المنطلق الشرعي نقول:

إليكم أيها الأبطال، إليكم حماة الفضيلة، إليكم يا من سهرتم ونحن نيام، إليكم أيها الشرفاء، أهل الغيرة، وأهل الخيرية، وأهل الفضل السابق المشهود لكم به من كل فرد في المجتمع...

إليكم أصدق الدعوات نرفعها إلى الله تعالى بأن يوفقكم ويسدد خطاكم، ويرد كيد كل كائد بكم ومتربص في نحره، من كبراء الخارج وأعوانهم من شياطين الإنس في الداخل...

إخواننا رجال الحسبة (4)، أنتم والله تاج شرف يُرفع على جبين الأمة، كيف لا وقد رفع الباري جل شأنه ذكركم في كتابه، فقال سبحانه وتعالى:
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران:104).

فأي فلاح وأي شرف خصكم الله تعالى به، وأنتم له أهل...

هنيئا لكم هذا الاختصاص يا من قمتم وتقومون به تحت راية واحدة حق قيام، بإذن الله...
يا خيــــرنا... يا فخــــرنا... يا ذخـرنا *** حــق عــــلي بمثلكم أن أفخـــــرا (5)
إخواننا: سيروا على بركة الله في طريق الخير والفلاح، ولا تبالوا بالمرجفين والحاقدين، والمبغضين لهذه الشعيرة المباركة، كيف لا وهي تحجبهم عن الرذائل التي ألفوها، فبدأوا يشنون ألوان التهم، لأعضاء هذا الجهاز المبارك، ويرقبون الأخطاء ويضخمونها عند حدوثها، لحاجة في نفس يعقوب لم تعد خافية!

نعم هناك أخطاء، نعم هناك ثغرات، يقر بها أهل الحسبة أنفسهم، وقبل أي متربص حاقد، فهم بشر وليسوا ملائكة، ولكن... أن يبالغ في ردات الفعل، وتتعداها لكيل التهم والافتراءات المستمرة، هذا والله مما يدل دلالة واضحة على البغض المتأصل لهذه الشعيرة المباركة وأمنية زوالها، وزوال رجالها ونسائها الأخيار تباعاً، إن استطاعوا، ولن يستطيعوا بحول الله!

سيروا إخواننا على بركة الله ولا تلتفتوا لأهل الأهواء، فالصراخ لا يكون إلا على قدر الألم...
ولنا أن نتخيل المجتمع بلا هيئات؟!
بلا أمر بمعروف ونهي عن منكر؟!
بلا فضيلة يدعى لها، أو رذيلة يحذر منها وينهى عنها؟!

أولئك الناعقون والناعقات، في الصحف خاصة، ووسائل الإعلام عامة، ممن ضاقوا ذراعاً بالإصلاح الذي يقوم به رجال الحسبة، ووصل بهم الحال للمطالبة بحل هذا الجهاز المبارك والقائمين عليه بأسلوب مباشر أو غير مباشر، وإن كان البعض منهم يرى أن كلامه نقد -على حد زعمه - وهو أبعد ما يكون عن النقد، وإلا لكانوا سلكوا سبله.

تلك الدعاوى السقيمة لن يهدأ لها بال، ولن يسعد بها حال، إلا بحل هذا الجهاز المبارك، ليشابهوا بني إسرائيل!

قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}(المائدة:78-79).

فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، ونعوذ بالله من تمني اللعنات والعيش فيها بعد أن جعلنا الله تعالى خير أمة أخرجت للناس، بإقامة هذه الشعيرة المباركة...

فيا أهل الحسبة، بالله عليكم كونوا كما عهدناكم، ولا يفت في عزائمكم دعاوى المرجفين، وكونوا لكل رذيلة بالمرصاد، ولا تنشغلوا بالأقزام والرد عليهم عن رسالتكم التي خصكم الله تعالى بها وأوجبها سبحانه على كل مسلم.

قال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). (7)

استمعت لكلمة قيلت في برنامج الدائرة، وهي ثمينة يا إخواننا أهل الحسبة، قالها أحد المداخلين، جزاه الله خيراً، مفادها: عدم التنازل والسكوت عن الحقوق فيما يخص الاتهامات الباطلة التي يشنها القوم، لابد من إيقاف أهل الباطل عند حدهم، وعدم السماح لهم ببث سمومهم وأكاذيبهم، تشويهاً لهذه الشعيرة المباركة وأهميتها العظيمة في المجتمع بالهجوم المتكرر على الحسبة وأهلها...

فلا تسكتوا عن شعيرة ربكم ومن ثم حقوقكم...

كم غافل أرشدتموه إلى الهدى *** إذ عاد من بعد الضلالة مبصرا
وإذا أتينا للبيوت بمنكر *** عصروا القلوب إذا رأوه تحسرا
يا عائل الأجيال أدركهم *** ولا تطرح ذنوبهم عليك فتكفرا
ما بالهم ما طاق حمل ذنوبهم *** يدعو لوزرهم بالفساد ليؤزرا
من يدعُ للمعروف يجز بمثله *** والله أكثر للفتى إن أكثرا (8)

اللهم سدد رمي إخواننا، وثبت أقدامهم، ورد كيد كل كائد بهم ومتربص في نحره...


_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

(1)سورة النحل 36
(2)سورة الأعراف 157
(3)سورة التوبة 112
(4)الحسبة تعريفها ومشروعيتها ووجوبها، د.فضل إلهي.
(5)سورة آل عمران 104
(6)ديوان أنشودة الخريف.

 

سفينة المجتمع
  • مسائل في الحسبة
  • شـبـهـات
  • فتاوى الحسبة
  • مكتبة الحسبة
  • حراس الفضيلة
  • الصفحة الرئيسية