اطبع هذه الصفحة


الهيئة الوطنية للنفاق الاجتماعي

عيسى بن مانع القحطاني


الإنسان كقدر الضغط, كلما زاد عليه الضغط تنفَّس. و الإنسان المادي -الخاوي من القيم والمباديء- عندما تشتد عليه الضغوط الاجتماعية يتنفس نفاقاً اجتماعياً. وعندما تضغطه الحالة الاقتصادية الصعبة يتحول إلى متملق حقير. يقدم كلمة الباطل على كراسة الحق, ويغير الليل إلى نهار, ويجعل الحجاج بن يوسف كعمر بن عبدالعزيز. تجده يقبِّل رأس الملك ويقول "الله يخليك لنا كل الأمور على أحسن الوجوه", وما أن يغادر الحاكم إلى حاضرته, حتى تجد المنافق الاجتماعي يحجز ويقول "من يروح معي لأمير المؤمنين نشتكي!". عندما يأتي الوالي في زيارة غير مفاجئة, تجد طابور المنافقين والمطبلين و المرتزقة عن اليمين وعن الشمال ينهقون"تمام يا طويل العمر"..(ملاحظة طويل العمر صفة تطلق على إبليس).
وعندما يولد المولود لدينا نقول" الله يجعله من حفظة كتاب الله!" ونحن نعلم يقيناً أن الأب يمليء بيته بالأغاني وقنوات الفجور والنساء المومسات, ونحن نعلم يقيناً كذلك أن الظل لا يستقيم والعودُ أعوجُ!
عندما يدخل المشرف التربوي على معلم النفاق الاجتماعي, يتحول ذلك الأسد الهصور إلى حمل وديع, ويستحيل الجني إلى صبيح عكس المثل المشهور الذي يعود كما هو عند خروج المشرف من عتبة الباب و"ينقلب صبيح جني", ما الذي حدث؟ إنه قدر الضغط!
قدر الضغط هذا يجعل العلماني من دعاة الإصلاح, ويجعل العالم الصادق متطرفاً. وبفضله ينقلب السحر إلى ألعاب بهلوانية مسلية, ويصير أكل مال اليتيم دعماً لميزانية الدولة. وتستحيل الضرائب و الإتاوات إلى روافد مالية وطنية, وتصبح الكلمات الخطابية إستعراضاً للنفاق والكذب. رجلٌ يعرف الناس عنه الفجور والحفلات الغنائية نجعله مفكراً ومثقفاً, وقاطع الرحم نقول "حُطَّه على يمينك!" وتارك الصلاة نعينه رئيساً للبلدية.
إن الخداع وقدر الضغط هذا ينطلي على الحمقى والمغفلين و لا ينطلي على الحقيقة!
"يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون"

محبكم
عيسى بن مانع
 

مقالات الفوائد