اطبع هذه الصفحة


على رسلكم معاشر الكتاب ..

مبروك الصيعري


الناس من جهة التمثال أكفاء ......... أبوهم ادم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهم نسب ......... يفاخرون به فالطين والماء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم .......... على الهدى لمن استهدى أدلاء

إن تعظيم حرمات العلماء أمر شرعي دل عليه الكتاب والسنة فقد قال عز و وجل :(ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) وقال عز وجل: (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ) ولا شك أن العلماء يدخلون في ذلك دخولا أوليا ولذلك قال أهل العلم :أعراض العلماء على حفرة من حفر جهنم ,أي أن من يخوض في أعراضهم فهو على شفير جهنم . هؤلاء العلماء هم ورثوا الأنبياء ليس بالدرهم والدينار وإنما ورثوهم بالعلم , من آذاهم فقد آذى أنبياء الله ومن آذى نبيه فقد آذى الله , ألم يقل نبينا عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ) يقول الشافعي رحمه الله : إذا لم يكن الفقهاء أولياء لله فليس لله ولي ..

هؤلاء العلماء هم الذين أراد الله بهم خيرا ففقههم في الدين , هؤلاء هم الذين تضع الملائكة أجنحتها لهم تواضعا, حماة الدين , وأعلام الإسلام , دليلهم ظاهر, ونقلهم باهر , يدعون إلى الهدى , ويحيون بكتاب الله الموتى , ويبصرون بنور الله أهل العمى , دعا النبي صلى الله عليه وسلم لهم فقال:(نضر الله امرءا سمع مقالتي فبلغها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) فكيف إذا كان حامل فقه وهو فقيه وحامل أثر وحديث وهو عليم صحيحه من سقيمه , ولذلك وجوههم نضرة ومقاماتهم شريفة وآيات الله في صدورهم بينات , زكاهم العلم فرفعهم فزدادو تواضعا وخشية , وهذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم , فليس العالم من كان بليغا أو فصيحا أو مكثرا من المؤلفات أو محققا للمخطوطات , وقد يكون فيه شيء من ذلك لكن ليس كل من فعل شيئا من هذا فهو عالم .
إن واجب العلماء علينا معاشر القراء أن نحبهم لأن الله رفعهم , أن نحبهم لأنهم يدلوننا على الخير , أن نحبهم لأنهم هم المخرج والمخلص لنا من الفتن , وكان السلف يدينون الله باحترام العلماء , ويقولون موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما تعاقب الليل والنهار , وقال سفيان الثوري رحمه الله : لو أن فقيها كان على رأس جبل لكان هو الجماعة . أي التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يكونوا معها .

وإذا كانت الحواس محاسب عليها الإنسان كما قال تعالى :(ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) فإن الوقيعة بالحواس في العلماء من أعظم الجرائم , وإذا كانت الغيبة محرمة في آحاد المسلمين فإن الوقيعة في العلماء وغيبتهم من أعظم الماثم , وإذا كانت أذية المسلمين والمسلمات محرمة كما قال تعالى : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) فكيف بأذية العلماء ؟ وقد تكالبت السهام على أعلام الإسلام ورموزه من قبل شرذمة من أقزام الإعلام في جهد منظم ومدروس لإسقاطهم بعد أن أدركوا أن هؤلاء العلماء هم العقبة الكؤود التي تحول دون تحقيق مآربهم وتفضح كثيرا من مخططاتهم , ولحوم العلماء مسمومة فالذي يأكلها يسمم نفسه, وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة, ولذلك فإن الله يفضح الذين يقعون في العلماء ويقع فيهم من يقع بسبب الهوى والتعصب والتقليد والتعالم وأعظم ذلك في هذه الأيام النفاق وخدمة مخططات الأعداء بإظهار صوت المعتدلين من الإسلاميين وقمع صوت الغلاة والظلاميين فمنهم يا ترى هؤلاء المعتدلون ؟ يقول تقرير مؤسسة راند الأخير الذي يقع في 217 صفحة منها 145 صفحة تتضمن الدراسة والتوصيات والباقي هوامش وحواش- أن هناك ثلاثة أنواع ممن يسميهم (المعتدلين) في العالم الإسلامي، هم: العلماني الليبرالي الذي لا يؤمن بدور للدين، و"أعداء المشايخ".. ويضرب مثلا لهم بـ"الأتاتوركيين" -أنصار العلمانية التركية- وبعض "التونسيين" حسبما يقول التقرير، إضافة إلى المسلمين الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية الغربية مع الإسلام.
ثم يقول بوضوح إن التيار المعتدل (في التعريف الأمريكي) هم من: "يزورون الأضرحة، والمتصوفون والرافضون للاحتكام للشريعة، والمؤمنون بحرية المرأة في اختيار "الرفيق" -وليس الزوج- وبحق الأقليات الدينية في تولي المناصب العليا في الدول ذات الغالبية المسلمة.

ويروج التقرير لتيارين دينيين إسلاميين فقط هما: "التيار الديني التقليدي" أي تيار رجل الشارع الذي يصلي بصورة عادية وليست له اهتمامات أخرى، و"التيار الديني الصوفي" بشرط أن يعارض كل منها ما يطرحه "التيار الوهابي". انتهى فهم إذا أرادوا إضعاف الأمة فلا بد من إضعاف العلماء , وهز صورتهم أمام الناس وإظهار عورهم وأخطائهم وزلاتهم وتعظيمها بدلا من غمرها في بحور حسناتهم , وبتر أقوالهم , واجتزاء نصوصهم من سياقاتها , وتحريف مجازها عن حقيقها , وهكذا فهم إذا أرادوا تضليل الأمة فلا بد من صد الناس عن العلماء ولذلك ترى سهام هؤلاء موجهة ليلا نهارا لأهل العلم والدعوة والخير والصدق والحسبة , ولو كانوا صادقين في نصحهم, منصفين في نقدهم , لفعلوا ذلك سرا قبل أن ينشروه جهرا , ومن الذي لا يخطئ فالجميع بشر ولكن القوم واضح أنهم يريدون الاسقاط .
إن في إسقاط العلماء اختلال للأمان النفسي لأنهم هم الذين يهدؤون من روع الناس , ويعالجون كثيرا من المشكلات النفسية عندهم , وقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم بين ظهور الفتن وذهاب العلماء فقال في الحديث الصحيح : (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل ) وقبض العلم لا يكون إلا بقبض العلماء كما قال عليه الصلاة والسلام (لا يقبض الله العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بدون علم فضلوا وأضلوا ) وقد رأينا من التشهير وأنواع السباب والشتائم التي وجهت إلى عدد من أهل العلم على صفحات جرائدنا العربية بدءا بالشيخين ابن باز وبن عثيمين وأن فتاواهما متشددة وأنهما ينتميان إلى العصور الظلامية ومن ثم ابن جبرين حينما فرق بين المسلمين الموحدين والمبتدعة المشركين فسقطوا فيه وطاحوا لأنه لم يصفق ولم يهتف للمشركين. ومن ثم الشيخ صالح الفوزان نفع الله بعلمه حين ذكر أولئك الكتاب بالحساب يوم القيامة فرموه بأنه من الغلاة الذين يدعون علم الغيب وماوراء الحجب ومن الذي لن يقف بين يديه سبحانه وتعالى للحساب , أفإن يكون موعظة من ضل من هؤلاء بالحساب يوم الدين تهديدا وعلما بالغيب . ومن ثم ما كان من تحريف واضح وصريح لكلام شيخنا صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى حينما قال : في ملاك القنوات الهدامة التي تحارب العقيدة وتنشر السحر والشعوذة بأن الأمر يصل الأمر فيهم إذا عرضوا على القضاء إلى القتل لأنهم من المفسدين في الأرض مستدلا بقوله تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وآخر هذه الحملات ما كان على الشيخ محمد المنجد حين تَحَدَّثَ في برنامجه "الراصد" الذي تبثه قناة المجد الفضائية، عن خطورةِ ما تحمله شخصيات الرسوم المتحركة من أفكارٍ تَغْرِيبِيّةٍ، تُفْسِدُ الفطرة، وتُنَاهِضُ القِيَمَ الإسلامية، وهذا التحذير في مجمله لم ينفرد به الشيخ، بل ولا حتى الدعاة دون سائر الناس، فقد حذَّر مما تحويه تلك الرسوم المتحركة من ثقافةٍ تغريبيةٍ طائفةٌ من التربويين والْمُفَكِّرين والمثقفين. ولكنّ الشيخ زاد عليهم باستطراده عن شخصية الفأر (ميكي ماوس)، واستنكر أن يكون شخصيةً محبوبةً عند أطفالنا وهو يُحَاكِي صورة الفأر، الْمُسَمَّى في الشريعة بالفويسقة، المأمورِ بقتله في الحل والحرم، ثم قال: "ميكي ماوس يُقْتَلُ في الحل والحرم" وما أراد إلا تحطيم رمزية ميكي ماوس, وهكذا هم أتباع السنة المحمدية يضطهدون في القديم والحديث عبر هذه الأقلام المسمومة ولا بد أن نكون نحن ممن يرد عنهم وممن يناصرهم ومن رد عن عرض أخيه المسلم رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ,هذا في المسلم الذي ليس بعالم فكيف بالعالم ..

اللهم اجعلنا لسنة نبيك من المتبعين ولأهل العلم من الموقرين وعن حياضهم من المدافعين اللهم احمي حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين واخذ على أيدي السفهاء والعاصين يارب العالمين ..

 

مقالات الفوائد