الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد … 
		لقد دأب الغرب المسيحي - بوجه عام - على الطعن في الإسلام ونبيه ، وتعرضت 
		سيرة خاتم النبيين إلى التشويه والمغالطات والمفتريات على أيدي رجال 
		الكهنوت المسيحي وتلاميذهم من المستشرقين والمنصِّرين والكُتّاب ورجال 
		الاستعمار .
		وهذا المقال الذي بين يدي القارئ يعرض مقالات في الإسلام لبعض العلماء 
		والمفكرين والمستشرقين في الغرب ، يمكن اعتبارها نماذج لتطور الفكر الغربي 
		في الإسلام خلال القرنين الأخيرين .
		فمن هؤلاء الغربيين من لا يزال - إلى اليوم - موثقًا بقيود الماضي إلا أن 
		القوة الذاتية للحق أجبرته على أن يقول كلمة حق ، ومنهم من حطم تلك القيود 
		تمامًا ، فاعتنق الإسلام وصار واحدًا من أفضل دعاته ، ومنهم من خلط في 
		مفاهيمه بين هذا وذاك : ( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ 
		اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [ التوبة : 102] ، ومنهم من يصرح بانبهاره 
		بالإسلام دينا وحضارة ومنقذًا للبشرية ، والله عليم بذات الصدور .
		مرجليوث مستشرق إنجليزي شديد التعصب ضد الإسلام ونبيه ، ولد عام 1858 م ، 
		وتوفي عام 1940 م ، كان أستاذًا للغة العربية في جامعة أكسفورد منذ عام 
		1889 م ، وعضوًا بعدة مجامع علمية كالمجمع اللغوي الإنجليزي ، والمجمع 
		العلمي العربي بدمشق ، والجمعية الشرقية الألمانية كما كان مرجليوث من 
		محرري ( دائرة المعارف الإسلامية ) ، له مؤلفات عديدة عن الإسلام والأدب 
		العربي وتاريخه ، ومنها كتابه ( أصول الشعر العربي ) ، وهو المرجع الذي 
		اعتمد عليه طه حسين في كتابه عن ( الشعر الجاهلي ) الذي صدر عام 1926 م .
		
		يقول ( مرجليوث ) عن القرآن :
		باعتراف الجميع ، يحتل القرآن مكانة هامة بين الكتب الدينية العظيمة في 
		العالم ، وعلى الرغم من أنه قد جاء الأحدث في قائمة مثل هذا النوع من 
		الأعمال التي تعتبر مطلع عهد جديد في الفكر والتاريخ ، فيكاد لا يضاهيه عمل 
		آخر في تأثيره العجيب الذي أحدثه في جموع هائلة من البشر ، لقد خلق طورًا 
		جديدًا في الفكر الإنساني ونوعًا حديثًا من الشخصية الإنسانية .
		ففي بداية الأمر ، حوَّل القرآن عددًا من القبائل الصحراوية غير المتجانسة 
		في شبه الجزيرة العربية إلى أمة من الأبطال ، ثم واصل ، على نحو مطرد ، خلق 
		الهيئات الدينية السياسية الكبيرة في العالم الإسلامي ، والتي تعتبر إحدى 
		القوى العظمى التي يجب على أوربا والشرق أن يحسبا لها حسابًا اليوم . اهـ .
		مونتجمري واترئيس قسم الدراسات العربية في جامعة ( أدنبره ) ، له عدة كتب 
		ودراسات منها : ( من تاريخ الجزيرة العربية ) 1927 م ، و ( عوامل انتشار 
		الإسلام ) 1955م ، و ( محمد في مكة ) 1958م .
		
		يقول ( مونتجمري وات ) في كتابه ( الإسلام والمسيحية اليوم ) :
		( لست مسلمًا بالمعنى المألوف ، ومع ذلك فإني أرجو أن أكون مُسلمًا كإنسان 
		استسلم لله ، بيد أني أعتقد أن القرآن وغيره من تعبيرات المنظور الإسلامي ، 
		ينطوي على ذخيرة هائلة من الحق الإلهي ، الذي مازال يجب عليَّ أنا وآخرين 
		من الغربيين أن نتعلم منه الكثير .
		ومن المؤكد أن الإسلام منافس قوي في مجال إعطاء النظام الأساسي للدين 
		الوحيد الذي يسود في المستقبل .
		إدوارد مونتيه مستشرق من أصل سويسري ، ولد عام 1856 م ، ودرس في جامعات 
		جنيف وبرلين وهايدلبرج ، حصل على الدكتوراه في اللاهوت من جامعة باريس عام 
		1883م ، عيّن أستاذًا للعبرية والأرامية والعهد القديم في جامعة جنيف ، ثم 
		أضيف إليه العربية وتاريخ الإسلام ، رأس جامعة جنيف ( 1910 - 1912 ) ، 
		تُوفي عام 1927م .
		
		يقول إدوارد مونتيه في كتابه : ( الدعاية المسيحية وأعداؤها المسلمون ) :
		إن الإسلام في جوهره دين عقلاني وفق أوسع المعاني لهذا المصطلح من الوجهة 
		الاشتقاقية والتاريخية ، إن تعريف العقلانية ؛ باعتبارها نظامًا يقيم 
		المعتقدات الدينية على مبادئ يدعمها العقل ، إنما ينطبق تمامًا على الإسلام 
		، وعلى الرغم من التطور الخصب ، بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، لتعاليم 
		النبي ، فقد احتفظ القرآن بمنزلته الثابتة ، كنقطة البداية الرئيسية لفهم 
		الدين ، وصار يعلن دائمًا عن عقيدة توحيد الله في سمو وجلال وصفاء دائم مع 
		اقتناع يقيني متميز ، من الصعب أن يوجد ما يفوقه خارج نطاق الإسلام ، إن 
		هذا الإخلاص للمعتقد الأساسي للدين ، والبساطة الجوهرية للصيغة التي ينطق 
		بها ، والبرهان الذي يكتسبه من الاقتناع الذي يلتهب حماسة لدعاته القائمين 
		بنشره ، كل ذلك يقدم أسبابًا كثيرة تعلل نجاح مجهودات الدعاة المسلمين .
		إن عقيدة بمثل هذه الدقة ، ومجردة من كل التعقيدات اللاهوتية ، وبالتالي 
		يمكن للفهم العادي أن يتقبلها بسهولة ، فمن المتوقع أن تكون لها قدرة عجيبة 
		- وهي في الواقع تمتلك هذه القدرة - على اكتساب طريقها إلى ضمائر البشر .
		جورج برنارد شو كاتب ومفكر أيرلندي ، ولد عام 1856 م ، وتُوفي عام 1950 م ، 
		اشتهر بنقده اللاذع للمجتمع البريطاني ، وخاصة في عصر الملكة ( فكتوريا ) ، 
		( توجت ملكة عام 1837 م وتوفيت عام 1901م ) ، وقد بلغت الإمبراطورية 
		البريطانية أوجها في العصر الفكتوري ، كذلك اشتهر ( برنارد شو ) بنقده 
		للغرب بوجه عام ، وقد حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1925م .
		
		يقول ( جورج برنارد شو ) :
		لقد كنت دائمًا احتفظ لدين محمد عندي بأعلى التقدير ، وذلك بسبب حيويته 
		المدهشة ، إنه الدين الوحيد الذي يبدو لي أنه يمتلك القدرة على استيعاب 
		تغير أطوار الحياة بما يجعله محل إعجاب لكل العصور .
		لقد درست محمدًا - ذلك الرجل العجيب - وفي رأيي أنه أبعد ما يكون عمن يسمى 
		ضد المسيح ، ويجب أن يسمى : منقذ الإنسانية .
		إني أعتقد لو أن شخصًا مثله تولى الحكم المطلق للعالم المعاصر لنجح في حل 
		مشاكله بطريقة تجلب له ما هو في أشد الحاجة إليهما من سلام وسعادة .
		لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولاً في أوربا الغد ، كما أنه بدأ يكون 
		مقبولاً في أوربا اليوم .
		هاملتون جبيعتبر واحدًا من أكبر المستشرقين الإنجليز في العصر الحديث ، عضو 
		المجمع العلمي العربي في دمشق ومجمع اللغة العربية في القاهرة ، وهو أستاذ 
		الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة هارفارد الأمريكية ، ومن كبار محرري 
		وناشري دائرة المعارف الإسلامية .
		
		يقول ( هاملتون جب ) في كتابه ( الإسلام إلى أين ؟ ) :
		لا يزال لدى الإسلام فضل آخر يبذله من أجل قضية الإنسانية ، فهو يقف ، على 
		كل حال أقرب إلى الشرق أكثر من موقف أوربا منه ، كما أنه يمتلك تقاليد 
		رائعة فيما يتعلق بالتفاهم والتعاون بين أجناس البشر ، فلم يحرز أي مجتمع 
		آخر - غير الإسلام - مثل هذا السجل من النجاح في التوحيد بين القدر الهائل 
		والمتنوع من الأجناس البشرية بتحقيق المساواة أمام القانون ، وتكافؤ الفرص 
		للجميع .
		ولا يزال الإسلام قادرًا على تحقيق مصالحة بين عناصر الجنس البشري 
		وتقاليدها التي تستعصى على التصالح .
		وإذا قدر أن يحمل التعاون ، يومًا ما ، محل التعارض القائم بين المجتمعات 
		الكبيرة في الشرق والغرب ، فإن وساطة الإسلام تصبح شرطًا لا غنى عنه ، إذ 
		يكمن بين يديه ، إلى حد كبير ، حل المشكلة التي تواجه أوربا في علاقتها 
		بالشرق .