اطبع هذه الصفحة


ابن تيمية ومعرض الكتاب

د.عبد العزيز آل عبد اللطيف


بسم الله الرحمن الرحيم


معرض الكتاب الدولي بالرياض - أراح الله منه البلاد والعباد - حافل بكتب الزندقة المغلظة و الكفر الصراح , وروايات الفجور والفواحش , أو ما يسمى بــ " أدب المجاري والمستنقعات " , ووزارة " الثقافة " تتحمل أوزار هذا الإصرار والدوام , فمع أن المناصحات مستمرة مع الوزارة ولكن لا حياة لمن تنادي " فكأنك لم تسمع ولم أقل " ! , فالثرثرة و الروغان هو شعارهم مع الناصحين , وإمضاء الفساد وترويجه هو سمتهم ودأبهم , وفي المعرض كتب يجب إحراقها وإتلافها , وليس مجرد مصادرتها وحجزها .

وإحراق كتب الضلال سنّة عُمَرية , وقد روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى بيد عمر بن الخطاب صحيفة من التوراة فقال : " لو كان موسى حياً ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم " .

وقد التزم الفاروق رضي الله عنه بهذا التوجيه النبوي , فلما فُتحت الإسكندرية وجد فيها كتب كثيرة من كتب الروم , فكتبوا فيها فأمر بها أن تحرق, وقال : " حسبنا كتاب الله " . ( ينظر: مجموع الفتاوى 17/41 )

وقد قرر ابن القيم - في الطرق الحكمية صــ254 - أن الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها , فماذا عسى أن يقول ابن القيم عما في المعرض من كتب تنشر الكفر والرّدة ؟

ثم إن الصنعاني الأمير ( 1182هـ ) أصابه ألم شديد أَعيا الأطباء , فلما جيء له بكتاب الإنسان الكامل للجيلي , والمضنون به على غير أهله للغزالي , ورأى ما فيها من كفر وإلحاد , عَمَد الصنعاني إلى تحريقهما , وجعل هذه الأوراق في التنور , وخُبِز له على نارهما , وأكله بنيّة الشفاء , فذهب البأس والحمد لله , فهلا جرّب المرضى - من رعاة المعرض - هذه الرقية ! أم هم عاكفون على رقية أبي نواس " وداوني بالتي كانت هي الداء " ؟!

وأما ابن تيمية فقد أمر بإحراق كتب السحر والكيمياء ( وتطلق الكيمياء آنذاك على نوع من الغش والتلبيس بتحويل المعادن الرديئة إلى ذهب ) وقال للأمير : لا يحل بيع هذه الكتب , ثم أَمَر ابنُ تيمية بأن تُلقى هذه الكتب في الماء , فانمحت , ولم يبق يُعرف ما فيها . ( ينظر : مجموع الفتاوى 29/378 )

وقد ذَكَر في موطن آخر أن ظهور كتاب " السر المكتوم في السحر وعبادة النجوم " للفخر الرازي من أسباب تسلط التتار , واستباحة ديار الإسلام ! فهل يرغب أصحاب القرار أن يخربوا بيوتهم بأيديهم ؟!
ثم إن فئاماً أصابهم الولع بشراء الكتب , والتكاثر باقتنائها.. وقد أكّد ابن تيمية على فضل العلم النافع , وأن العلم ما قام عليه الدليل , و النافع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , وجملة من هذه المؤلفات ركام من التخرصات والانطباعات , ومنها ما قام على بيّنة وبرهان لكنه ليس من العلم النافع الموروث عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .

قال ابن تيمية : " من نوّر الله قلبه هداه بما يبلغه من ذلك , ومن أعماه لم تزده كثرة الكتب إلا حيرةً وضلالاً , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي لبيد الأنصاري: " أو ليست التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى؟ فماذا تغني عنهم ". (مجموع الفتاوى 10/665)

وأخيراً فإن الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - قد أفتى بكفر من نَسَخ كتب الكفر والضلال , وأخذ على ذلك أجراً . ( ينظر: فتاوى رضا 6/2312 ) فهل يعي القوم فداحة جرمهم وشناعة مكرهم قبل أن تقوم قيامتهم ؟!

 

مقالات الفوائد