|  | 
  
  في كل صباح يُطل بنوره علينا ، تشرق فيه أرض بخيراتها ، وتفوح 
	روائح العطر من نسماتها ، القلب يهفو إلى ظلال أشجارها ، ونسائم الربيع تطرب 
	شادية ، ومياه العيون تترقرق صافية . 
	العصافير على أغصانها ترفرف شادية ، بكلمات العز والفخار صادية ، ومعاً سنرحل 
	إلى هذه الأرض المباركة بعد ما طال غيابنا عنها ، إنها فلسطين المباركة ، صاحبة 
	المجد التليد ، والأيام العصيبة التي تقف في وجوه أكبر المحن ، تصمد رغم 
	الأعاصير والإحن . 
	بكل صدق وحق نقول : لقد كانت فلسطين محطة كبرى ليتخللها السائرون ، يتزوّدون 
	منها ، وبعضهم يلطمونها على وجهها ، فما يزيدها إلاّ شموخاً وارتقاءً نحو 
	المعالي كالجبال الراسيات العوالي . 
	ففيها قصص أهل فلسطين ، تزداد أيام الحنين ، وتترك على القلب لحظات مؤلمة جداً 
	، وأخرى مبشّرة مفرحة ، فتمتزج مرارة الألم مع ومضات البشرى . 
	فيغلب بريقها فقاعات الألم ، فتنير الدرب للحيارى التائهين في دهاليز الصحاري ، 
	الذين يتخبطون في سراديب الظلام الدامس ، ألا هلمّوا إلى مراقي المجد الموعود ، 
	هلمّوا إلى منارات الهداية التي لاح نورها ، وعمّا قريب سيُفكّ أسرها . 
	أحبّتي الأعزاء .. 
	لنقف في المحطات التالية لنتزوّد باللوازم لرحلة المجد .. 
	
	المحطة الأولى : 
	نحن كأمّة إسلامية عربية صاحبة رسالة سامية وتاريخ مشرِّف ، ينبغي ألاّ نطلب 
	الجواهر والمرجان في قفار الصحاري ، فنرجع بخيبة الأمل ، بل الواجب على كل عامل 
	فينا التدرج نحو الهدف بكل تؤدة ورباطة جأش ، ولننزل المحطة الأولى ومنها 
	نتزوّد بأهم مصدر ، وأغلى مرغوب وأعزّ مطلوب ، وهو كتاب الرب العزيز الحميد ، 
	فيه خبر من قبلنا ، وحكم ما بينِنا ، وهو حبل الله المتين ، من قال به صدق ، 
	ومن حكم به عدل ، ومن تبنّاه نُصِر ، ومن اعتز به عَزْ ، ومن تركه ذَلْ ، 
	فلنعكف عليه ، دراسة منهجية ، وبنفوس صلبة قويّة ، لننهل من معينه الصافي ، 
	فيثمر لدينا عملاً جاداً بناءً يتولد منه من تقوى الله عز وجل ، التي نتربى 
	عليها ونربي أبناءنا ، ومن أصدق من الله حديثاً . 
	فلا ينبغي إهمال هذه اللحظة ، فلنحل حلالها ، ونحرّم حرامها ، ولنتجنب شبهاتها 
	. 
	
	المحطة الثانية : 
	لا بد من الترادف في المحطات ، والتنسيق التام بين العاملين في كل محطة ، حتى 
	نصل إلى بر الأمان ، حيث الرضوان من الرحمن ، ودخول دار السلامة ، فلا بد من 
	العمل ، وإلاً لم ينفع العلم ، وكما قال أهل العلم ( اعملوا ما شئتم فلن تؤجروا 
	حتى تعملوا ) . 
	فلك أخي الحبيب ، وأنت أختي المسلمة أن تسبقوا إلى المحطة الثانية ، وهي السنة 
	النبوية ، فالسنة هي كل ما ورد عن الحبيب محمد  صلى الله عليه وسلم  
	من قول او فعل أو تقرير ، والسنة هي الطريقة التي سار عليها النبي  صلى 
	الله عليه وسلم  ، والسنة أيضاً هي مفتاح القرآن العظيم ، فهي بوابة لفهم 
	مجمله واستيضاح منهجه ، فكيف بنا لا نقف في هذه المحطة لنتزوّد ؟!! ونواصل 
	السير ، فكم من قوم تركوا فذلّوا ، فأصبحت أعمالهم هباءً منثوراً . " 
	وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورا. " 
	الفرقان:23 ، والنبي  صلى الله عليه وسلم  يدعونا إلى رضوان الله 
	تعالى ، وهذه الدعوة مرتبطة بالمحطة الأولى ، فأقبلوا على موائدها كما يُقبل 
	الظمآن على الماء البارد ، وكل من تمسّك بالسنة نجى ، ومن تركها ضل ، فإلى من 
	يريدون الهداية ، هلموا إلى السنة ، لا تترددوا ولا تتقهقروا ، أسرعوا ....... 
	فالمركب يسير نحو المحطة الثالثة . 
	
	المحطة الثالثة : 
	هي مشعل نور ، لأنها تزوّدت من الأولى والثانية ، فهي اتباع من لهم الخبرة 
	التامة بغوائل الطريق ومصاعبه ومشاقه ، وهم أدرى الناس بالمحطات ، ومكان 
	تواجدها ، لأنهم عبروها وخبروها ، خبرة تامة ، فينفون عنها العابثين اللاهين 
	دوما ، ويُبعدون المخاطر عن كل من نزل بساحتهم ، ويُرشدون إلى محطات التقوية 
	الأكيدة ، بُعداً عن محطات الوهم ، التي يظن أهلها أنهم وصلوا بها ، كالذي يحمل 
	معه ماءً في الصحراء ، وينظر من بعيد إلى سراب فيظنه ماءً ، فيُلقي ما معه من 
	ماء ، ويُهرول خلف السراب ، فإذا جاءه لم يجده شيئاً ، وندم حيث لا ينفع الندم 
	، فنحن يجب علينا أن نرتقي بأنفسنا نحو محطات معروفة ومنسقة ، حتى لا ننقطع في 
	منتصف الطريق ، فنهلك كما هلك صاحب الماء في الصحراء . 
	فالصحابة هم أرباب المحطة ، ومن تبعهم بإحسان من أهل الملّة الحنيفية السمحاء ، 
	فهم خبراؤها ، لم يذل ولن يضل من تبعهم ، فهم للخير ادلاّء ، وله حماة أقوياء ، 
	فلا يسع عاقل التجاوز عن خبراتهم اتّكالاً إلى الهوى أو الوهم ، أو اعتماداً 
	على سراب خادع ، فيهلك حيث ظنّ الوصول ، فكم من ضال وقع ، فأعياه النهوض ، لأنه 
	ضلّ الطريق ، ولم يأت هذه المحطات ، فكم من جهابذة عقلاء ، خسروا حينما اتكلوا 
	على أنفسهم ، ولم يُعرّجوا على كل المحطّات ، فاكتفوا ببعضها دون بعض ., 
	ومن شروط النجاة السير في المحطات المتسلسلة ، وخاصة بفهم المحطة الأخيرة ، 
	والخلفاء على رأسهم ، فمن المحطة الثانية نفهم ( إرشادات على الطريق ) نقول 
	للسائرين : ( عليكم بسُنّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا 
	عليها بالنواجذ ) . 
	فيا تُرى أين نسير إن لم نسر بدليل؟ وكيف السبيل إلى قطع الطريق ، وتجاوز 
	الهفوات إن لم نُعرّج على هذه المحطات . 
	فهذه المحطات تهدف إلى تصحيح المسار ، وترشيد العمل ، ورفع المستوى العلمي ، 
	والوعي الدعوي لدى الدعاة ، مع الحرص على التأصيل الشرعي المبني على كتاب الله 
	تعالى ، وسنة نبيه  صلى الله عليه وسلم  ، ومنهج السلف الصالح رضوان 
	الله تعالى عليهم أجمعين ، ومن سار على دربهم ، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين .
	
	
	فلا يكفي أبداً أن نبقى لا نعرف من ديننا سوى الاسم ، ومن محطاتنا سوى الرسم ، 
	والمتديّن منّا لا يقف في تديّنه على أرض صلبة ، نظراً للتحريفات الكثيرة التي 
	أدخلها أهل الضلال من مشركين ووثنيين وكفار أينما كانوا وحيثما حلّوا فاربأ 
	بنفسك يا صاح قبل حلول المزعجات ، والأمور المهلكات ، وكم في الكون من عبر 
	تنادي .. هل من معتبِر !! فكل شيء أمام ناظِرَيْك يدعو إلى وحدانية الله تعالى 
	لو عقِلْت ذلك ، وبهذا نكون قد عُدنا إلى ديارنا الحبيبة ، وحققنا الأماني 
	العزيزة ، ورفعنا بالحق وللحق همماً قويةً ، وعلى الباطل عنيدة ، ديدنها الطاعة 
	لله ورسوله صلى الله عليه وسلم  . 
	أخي .. اركب وارحل قبل فوات الأوان 
	
	www.ibenbaz.org 
	info@ibenbaz.org