اطبع هذه الصفحة


كيد وثائق (ويكيليكس) وأمريكا , والثورات العربية

د.عبدالقادر بن محمد الغامدي


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ


الحمد لله القائل : (وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام :55] , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه القائل : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ قد أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ) رواه مسلم , وبعد ؛
فإن من كيد النصارى الكبار للمسلمين هذه الوثائق المسماة : (وثائق ويكيليكس) , وكذا ما تفعله أمريكا في سياساتها ؛

فأما هذه الوثائق فهي نشر رجل نصراني حاقد على الإسلام وأهله , وقد كانت من أخطر أسباب ثوران الثورات العربية , لكونها أشبه بالنميمة , فهي من أسباب ثورانها في تونس , كما صرح بذلك صاحبها , ثم تلتها الثورات الواحدة تلو الأخرى في بقية البلدان العربية , والتي سرَّت النصارى في جملتها , لحبهم في كل ما يسوء المسلمين كما قال تعالى : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) , وقال تعالى : ( مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ) , وإن كنا نرجو الله تعالى أن يرد كيدهم في نحورهم , ونرجو ونرى أن عاقبتها للمسلمين إن شاء الله , لكن من أدلة خطورة هذه الوثائق أنها من أسباب هذه الثورات , وصدق الله إذ يقول : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).

وإن من خطورة هذه الوثائق أنها من عدو ذو دهاء ومكر , والذي أريد أن أحذر منه هنا وما من أجله كتابة هذا المقال : أن من مكر هذا الخبيث أنه ينشر ما يفرح المسلمين حتى يثقوا في صدقه ومصداقيته , وربما نشر مائة وثيقة صحيحة من أجل وثيقة خبيثة , وهذه طرقة الشيطان كما قال الحسن بن صالح : ( إن الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين باباً من الخير يريد به بابا من السوء ) لذلك فإني أحذر المسلمين من هذه الوثائق , ولا يغتروا بما ينشره من وثائق تسرهم , وليترقبوا ما سينشره من الشر وليكونوا على حذر منه , فإنه عدو لدود , ذو مكر ودهاء , يعد العدة وينتظر الفرصة ليزرع الشر بين المسلمين ويحرِّش بينهم , مستغلا سذاجة بعضهم , وقد قال تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) , وقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : لست بالخبِّ , والخب لا يخدعني . وقال المغيرة : كان والله عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أفضل من أن يَخدَع وأعقل من أن يُخدَع .

وإن مما ينبغي التذكير به من مكر أمريكا بالمسلمين , ما صرح به كثير من الكتاب والعلماء , بل وصرح به الرئيس الإيراني (أحمدي نجاد) بغض النظر عن مقصده إلا أنه انطبق عليه أنه صدق وهو كذوب شرير , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الشيطان الذي أخبر أبا هريرة رضي الله عنه ببعض الحق , فقال صلى الله عليه وسلم : (صدقك وهو كذوب) , وهو ما تنبه له كل متفرس أن أمريكا ربما ترعى هذه الثورات العربية لمقاصد كثيرة من أهمها شغل العرب عن القضية الفلسطينية , والحفاظ على أمن إسرائيل , وهو دين يدينون به من أجله قامت أمريكا , وهو ما يحاول أوباما إبعاد الأنظار عنه , بكلامه المعسول وخطبه الرنانة للمسلمين من عقر دورهم , وإن مما تسعى إليه أمريكا زرع الفتنة بين السنة والشيعة وإشعال الحرب بين إيران والعرب , لهذا السبب , وهو الحفاظ على أمن إسرائيل , مما ينبغي معه الحذر من هذه الثورات ومن هذه الحرب قدر الإمكان , إلا إذا كان تجنب هذه الحرب تفوق مفسدته مصلحته , أو لا يمكن تجنبها, فالضرورة لها أحكام خاصة بها , والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين , لكم مما يجب علينا عدم نسيان قضية هي من أهم وأكبر قضايا الأمة وهي قضية الأقصى , والله الهادي إلى سواء السبيل .

ونسأل الله أن يرد كيد الأعداء في نحورهم , وأن يجعل بأسهم بينهم , وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان , والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


د.عبدالقادر بن محمد الغامدي
22/5/1432هـ

 
 

مقالات الفوائد