بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
		
		
		الإيمان هو الحل (1/2)
		
		
		إن المتطلع لأحوال مصر الآن يجد العديد من المشاكل التي خلّفها النظام 
		البائد من فساد قد غمر البلاد وفاض في كل مؤسسة صغيرة أو كبيرة ، كذلك يجد 
		السلوكيات المذمومة والتي انتشرت في مجتمعنا من فساد أخلاقي وانهيار للقيم 
		، وتفشي ظواهر البلطجة وتجارة المخدرات ، هذا فضلاً عن واقع تعليمي مؤلم 
		بعيد كل البعد عن واقع الحياة ، ونهضة البلاد ، اقتصاد منهوب ، وسياسة 
		فاشلة في التعامل حتى مع الجيران ، هي تركة محملة بسنين من الضياع 
		والاضمحلال والانحلال والانهيار على مستوى الحياة .
		ومنذ أن منّ الله علينا بثورة الخامس والعشرين من يناير فاضت الأفكار ، 
		وتعددت الرؤى الداعية للإنقاذ والانتشال من هذا النفق المظلم ، أطروحات 
		وأفكار كثيرة ومتميزة ، شيدها الكتاب والمفكرون والخبراء تظهر فيها الغيرة 
		الشديدة على هذه البلاد ، والحرص على عودة الحياة من جديد .
		ولكني أتصور في هذه الأطروحة الصغيرة أن أي تغيير حقيقي لابد أن ينشأ من 
		داخل الإنسان ، فالإنسان هو مصدر النهضة والوسيلة الفاعلة في التغيير 
		والعودة إلى هذه الحياة من جديد .
		
		ولكن يبقى السؤال : تُرى ما الذي يضع للإنسان القواعد الأخلاقية السليمة ؟
		وما الذي يحدّد للإنسان سلوكه المستقيم ؟ ويرسم له طريقاً موصلاً إلى غاية 
		لا عوج فيه ؟ ويدفعه إلى السير لنهضة أمته ومجتمعه ؟ 
		هل هو القانون ؟
		أم هي الفلسفة الأخلاقية ؟ 
		أم هو الدين ؟ 
		
		وتأتي الإجابة الحاسمة من الدعاة والمصلحين ، يقول الدكتور محمد عبد الله 
		دراز في كتابه (الدين) :
		" لا قيام للحياة في الجماعة إلا بالتعاون بين أعضائها ، وهذا التعاون إنما 
		يتم بقانون يُنظِّم علاقاته ، ويحدِّد حقوقه وواجباته . وهذا القانون لا 
		غِنَى له عن سلطان نازع وازع ، يكفل مهابته في النفوس ، ويمنع انتهاك 
		حرماته ، ونقرر أنه ليس على وجه الأرض قوة تكافئ قوة التدين ، أو تدانيها 
		في كفالة احترام القانون وضمان تماسك المجتمع ، واستقرار نظامه ، والتئام 
		أسباب الراحة والطمأنينة فيه . إن الإنسان يساق من باطنه لا من ظاهره ، 
		وليست قوانين الجماعات ولا سلطان الحكومات بكافيين وحدهما لإقامة مدينة 
		فاضلة تُحترم فيها الحقوق وتؤدى الواجبات على وجهها الكامل ، فإن الذي 
		يؤدِّي واجبه رهبة من السوط أو السجن أو العقوبة المالية ، لا يلبث أن 
		يهمله متى اطمأن إلى أنه سيفلت من طائلة القانون ، ومن الخطأ البين أن نظن 
		أن في نشر العلوم والثقافات وحده ضماناً للسلام والرخاء وعوضاً عن التربية 
		والتهذيب الديني والخلقي ، ذلك لأن العلم سلاح ذو حدين يصلح للهدم والتدمير 
		، كما يصلح للبناء والتعمير ، ولابد في حسن استخدامه من رقيب أخلاقي يوجهه 
		لخير الإنسانية وعمارة الأرض لا إلى الشر والفساد ، ذلكم الرقيب هو ( 
		العقيدة والإيمان ) .
		
		لقد انتشرت عادة السكر وشرب الخمور انتشاراً واسعاً أقنع الحكومة الأمريكية 
		بضرر ذلك على الفرد والأسرة والمجتمع ، فأصدرت الحكومة قانوناً يمنع الخمر 
		، ففي حوالي عام 1918 ثارت المشكلة في الرأي العام الأمريكي ، وفي عام 1919 
		أدخل الدستور الأمريكي تحت عنوانه : " التعديل الثامن عشر " أيد هذا 
		التعديل بأمر حظر ، أطلق عليه التاريخ قانون " فولستد " .
		
		وقد أعدت لتنفيذ هذا التحريم داخل الأراضي الأمريكية كافة وسائل الدولة 
		وإمكاناتها الضخمة :
		1- جنِّد الأسطول كله لمراقبة الشواطئ ، منعاً للتهريب .
		2- جُنِّد الطيران لمراقبة الجو .
		3- شُغلت أجهزة الحكومة واستخدمت كل وسائل الدعاية والإعلام لمحاربة الخمر 
		وبيان مضارها ، وجُنِّدت كذلك الصحف والمجلات والكتب والنشرات والصور 
		والسينما والأحاديث والمحاضرات وغيرها ، وقد صرفت الدولة في الدعاية ضد 
		الخمر ما يزيد عن ستين مليوناً ، وأن ما أصدرته من كتب ونشرات يبلغ عشرة 
		بلايين صفحة ، وما تحملته في سبيل تنفيذ قانون التحريم في مدة أربعة عشرة 
		عاماً لا يقل عن مائتين وخمسين مليون دولار ، وقد أعدم في هذه المدة 
		ثلاثمائة نفس ، وسُجن 335و532 نفس ، وبلغت الغرامات أربعمائة مليون وأربعة 
		ملايين دولار ، ولكن كل ذلك لم يزد الأمة الأمريكية إلا غراماً بالخمر ، 
		وعناداً في تعاطيها ، حتى اضطرت الحكومة سنة 1933 إلى إلغاء هذا القانون ، 
		وإباحة الخمر إباحة مطلقة . 
		لقد فشل القانون ، وعجزت السلطات ، وأفلست أجهزة الدولة ، في منع الخمر 
		ومحاربة السكِّيرين ، برغم الاقتناع العقلي الذي كان سائداً في الأمة بضرر 
		الخمر ، ولكن الاقتناع شيء ، وعمل الإرادة شيء آخر .
		
		ولقد قال أحد الكتاب الغربيين بحق :
		" إن طلب شيء في تصميم وقوة يتطلب روحاً في التعبد والتقشف ، أي تكريس 
		الحياة لبلوغ مثل أعلى واحد ، اختاره الإنسان بعناية وتفطن .. إن الإرادة 
		تغلب دائماً الثقافة ، حينما تكون الثقافة لا المبادئ الدينية هي التي يركز 
		عليها تصميم المرء ونشاطه ومدده الروحاني ". وللحديث بقية إن شاء الله 
		تعالى .
 
		
		إعداد /
		حسام العيسوي إبراهيم 
		h_sneed79@yahoo.com
 
		
		
		الإيمان هو الحل (2/2)
		
		
		الإيمان بالله عزوجل هو الأمل لحل كل المشكلات التي عصفت بمصرنا الحبيبة ، 
		فلن يستطيع أي قانون أو تشريع مهما كانت قوته وحده أن يحل هذه المشكلات ، 
		فنحن نحتاج الآن إلى منهج علمي دقيق يقوم على أساس الإيمان وكيفية تعميقه 
		في نفس الإنسان حتى يتسنى لنا حل هذه المشكلات .
		وهذه بعض الأطروحات التي أتمنى من الله عزوجل أن تكون عوناً لنا في نهضة 
		مجتمعنا ، والقضاء على مشكلاته .
		
		1- التعليم 
		إن أي نهضة حقيقية تبدأ من الإنسان ، الاهتمام به ، تنمية فكره ، العمل على 
		الارتقاء بمستواه في كل مجالات حياته ، وإن التعليم هو من أول المداخل التي 
		بها يتم تغيير الإنسان ، وتنمية سلوكه إلى الأفضل ، ويتم ذلك عن طريق إعداد 
		سياسة تعليمية محددة الأهداف والمعالم ، تقوم أول ما تقوم على ترقية 
		الإنسان من حيث علاقته بالله عزوجل ، وتنمية قدراته ومهاراته النافعة لنفسه 
		ولمجتمعه .
		نحتاج مناهج تعليمية متوافقة مع العصر ، ومتوافقة مع المجتمع الذي نعيش فيه 
		، كذلك لا تغفل تراثنا الإسلامي العظيم ، وبهذا نكون أصحاب فكرة مستقلة 
		ومنهج متميز يمد الإنسانية والعالم بكل خير .
		لابد أن يكون موقفنا في التعليم قائماً على الشراكة الحقيقية بين المنتجات 
		التعليمية على مستوى العالم ، ولا تكون قائمة على التبعية المطلقة لكل ما 
		يخلفه لنا الغرب من معارف ومعلومات .
		ربط التعليم بأساسيات المنهج الإسلامي من حيث تصور الإسلام للإنسان ، فهو 
		خليفة الله في أرضه ، والقائم على تعمير هذا الكون ، والله عزوجل سخر له كل 
		من فيه ، فالإنسان مأمور بنشر الخير في العالم الذي يعيش فيه ، وأن تقوم 
		علاقته مع غيره على أساس الحب فكلنا لآدم وآدم من تراب .
		
		2- السياسة والحكم 
		فما بالنا لو أن حاكماً استشعر أنه محاسب على تقصيره في حق رعاياه ، 
		واستشعر أنها أمانة في عنقه وأنه مسئول أمام الله عن هذه الأمانة .
		وما بالنا لو استشعر الشعب أنه أيضاً أمين على هذا الرئيس ، فهم مسئولون 
		مثله ، ومكلفون بإبداء النصح والإرشاد لهذا الرئيس ، وأنها أمانة في 
		أعناقهم أن لا يعطونها إلا لمن يستحقها .
		وما بالنا لو أن الضمير المؤمن هو الذي يحكم الرئيس والقاضي ، فلن يحاول 
		هذا الرئيس أن يتخذ القوة أو يؤثِّر على القاضي ليحكم في صالحه ، ولن يحاول 
		القاضي ذو الضمير المؤمن أن يطوَّع النصوص إرضاء لأميره فالشرع سيد على 
		الجميع : الرئيس والشعب ، والمسلم والنصراني سواء .
		
		3- الاقتصاد 
		الاقتصاد عماد الحياة ، ولكن السؤال : ما الذي جعل المسئولون السابقون 
		ينهبون كل هذه الثروات ، بل إنك لا تكاد ترى فيهم شريفاً واحداً إلا من رحم 
		ربي .
		أعتقد أنه هو غياب الإيمان من قلوبهم ، وعدم استشعار أنهم مسئولون أمام 
		الله عزوجل ، كما أني أعتقد بأن رضا الناس بواقعهم ويأسهم من الإصلاح أسهم 
		في تفاقم هذه المشكلة ، فاليأس ضد الإيمان بالله .
		ما بالنا لو أن كل مواطن لم يسكت عن حقه في أي مصلحة أو حتى في أي وسيلة 
		مواصلات إذا كان له حق عند السائق ، أو له حق يخاف المطالبة به عند رئيسه ، 
		أعتقد لو أن كل إنسان استشعر أنه مسئول أمام الله عزوجل عن هذا المال فلن 
		يضيع جنيه واحد ، ولن يوضع في غير موضعه .
		
		4- السلامة والأمن 
		الأمن نعمة من الله عزوجل ، لا يستشعرها إلا من غابت عنه ، ولن يستطيع 
		الإنسان العيش بدونه ، والإيمان بالله عزوجل يوطِّد لنا هذا الأمن ويجعله 
		واجب على الجميع أن يحققه لنفسه ولغيره ، فهو أمانة على كل إنسان يملكه أن 
		يوفره لغيره ممن لا يملكه .
		نؤمن جميعا لو أن هناك منهج إيماني حقيقي يتم نشره وتعليمه لأفراد المجتمع 
		، فلن نجد سارق ، ولن نجد بلطجي ، إن غياب هذا المنهج حوّل الحياة إلى غابة 
		ينهش بعضها بعضاً ، ويتصرف كل فرد فيها في مال غيره على أنه حق مكتسب له .
		أوجز القول أن الإيمان هو الحل لكل مشكلاتنا الحياتية ، ولابد أن تتضافر 
		الجهود جميعاً لإرساء معالمه وقيام أسسه ، فهو الملجأ والملاذ الوحيد لهذه 
		الأمة ، وهو إذ يبدأ من الفرد بإصلاح علاقته بربه ، ودعوة غيره إلى الطريق 
		المستقيم ، أوقن بأن ذلك هو الحل ، ولن يوجد حلاً آخر ، فلا نريد أن نضيع 
		جهودنا سنين طويلة تكلفنا الكثير نجري فيه وراء مناهج لا تنفع لمجتمعنا ولا 
		لإصلاح أمتنا فالإيمان هو الحل . 
 
		
		إعداد /
		حسام العيسوي إبراهيم 
		h_sneed79@yahoo.com