اطبع هذه الصفحة


الشعب السوري يتسور شرفات العز

وليد وصل المغامسي


بسم الله الرحمن الرحيم


عند بداية الثورات العربية وخاصة في ذروة ونشوة الثورة المصرية تحدث الكثير من المثقفين والمفكرين أن الثورة في سوريا شبه مستحيلة ؛ وأن القبضة الأمنية هناك قوية وممسكة بخناق الشعب السوري ؛ ولن تدعه طرفة عين كي يستنشق ولو نفسا واحدا من الحرية والكرامة .
و شكك الكثيرون في شجاعة الشعب السوري وقدرته على القيام بمظاهرة ولو كانت عشرية ؛
بل إنه وبعد انتصار الثورة المصرية المدوي وتطلع العالم العربي لمن سيتسلم شعلة الثورة من أيادي الشعب المصري ؛ كان الجميع يستبعد الشعب السوري حتى إن البعض قال متهكماً : الشعب السوري استعذب طعم العبودية وأدمن نكهة الدكتاتورية - الشعب السوري مات من زمان - !!

واليوم وبعد أكثر من خمسة أشهر من الثورة السورية المباركة ؛ يقف العالم كله بأجمعه من شرقه إلى غربه في حالة ذهول - وهو يتابع عبر كاميرات الهواتف النقالة التي يحملها مراسلين من نوع خاص- من بسالة وشجاعة وصبر وجلد الشعب السوري في مواجهة آلة قمع ليس لها مثيل أو شبيه في هذا الزمن ؛ حتى الصهاينة والصليبيين يتقززون منها ولا يجرؤن على فعل مثلها .

اليوم يشعر كل من في قلبه ذرة إيمان بنسمات العز والمجد تهب من أرض الشام ، تملأ النفس فخارا وبهجة ، وتشفي القلوب من وخم العبودية والذل .

اليوم تعود الخيرية إلى أرض الشام كعودة الماء العذب الزلال إلى أرض خصبة حيل بينها وبينه أمدا بعيدا (صفوة الله من أرضه الشام ، وفيها صفوته من خلقه وعباده ...)

اليوم يتسور أهل الشام شرفات العز ويثبون إلى قمة المجد ليكونوا دعاة حق يهتفون بالأمة ليوقظوها من رقادها ويرسموا لها الطريق .

فلله درك أيه الشعب السوري وأنت تجاهد الظلم والطغيان فريدا وحيدا إلا من توكلك على من بيده مقاليد السموات والأرض ....

ولله در ثورتك العظيمة التي استحالت عندها كل الثورات إلى تلاميذ صغار في حضرت عالم جليل...

ولله در شهدائك الأبرار الذين ارتوت أرض الشام من دمائهم وستنبت بإذن الله أشجار العزة والحرية والإيمان....

ولله در حرائرك طاهرات الثياب نقيات العرض ؛ اللواتي ارتقين إلى رتبة بعيدة المصعد بصبرهن على فراق الأحبة من الأبناء والأزواج ؛ واحتسابهن ذلك عند الله - وعند الله تجتمع الخصوم .

ولله در شبابك الذين تركوا السفاسف وألقوا أثقال الأرض خلف ظهورهم ؛ وركبوا ظهور المنايا شامخي الرؤؤس يستقبلون الموت بابتسامة الرضا وقلوبهم تهتف وعجلت إليك ربي لترضى ...

ولله در شيوخك الذين كسروا قيود الذل وحطموا أغلال العبودية وقهروا مطارق الزمن ؛ فاستحالوا أسودا فتية تذرع ميادين الكرامة على ضفاف العاصي والفرات وحول مسجد جدهم خالد بن الوليد وفي باحات درعا الريادة وبانياس النجدة ولاذقية النخوة ....

ولله در علمائك ومثقفيك ومفكريك الذين خلعوا أرديت الضعف عن كهولهم ؛ ومزقوا صورة الهلع من عقولهم وصدعوا بكلمات سيسجلها التاريخ في أبواب البطولات وسيكتبها الزمان في كتب الهامات ....


أيه الشعب المؤمن الأبي انقشوا على صفحات قلوبكم في هذه اللحظات الحاسمة التي يلوح فيها النصر من بعيد حديث حبيبكم ونبيكم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسراً )

والله إن النصر قريب والفرج قاب قوسين أو أدنى , ولقد قالت العرب: (بين النصر والهزيمة صبر ساعة)، وهذا عنترة بن شداد الفارس الجاهلي لما سئل: بم تغلب خصمك؟ قال: (ما بارزت أحداً إلا قلت: الآن أفر، ثم قلت: أنتظر قليلاً فربما فر، فيفر، فأكون أنا الذي انتصرت) فهذا الذي يحدث الآن من نظامكم الوحشي هو السهم الأخير في جعبته وبعده تبدأ قصة النهاية والانهيار الشامل بإذن الله .

أيه الشعب العظيم أنت اليوم تعيش أروع لحظاتك في جنبات هذا الشهر الكريم ؛ نعم أروع لحظاتك فأنت مابين جهاد سلمي للظلم والبغي والطغيان وهذا ذروة سنام الجهاد (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) ؛ وما بين فوزك بالشهادة التي هي منتهى أمنيات الأنبياء والرسل والصحابة وأهل الصدق والإيمان ؛ وما بين كفالة يتيم ورعاية أرملة وإيثار عائلة وتقاسم لقمة واستضافة أخوة ، فهنيئا لك اجتماع شرف هذه الأعمال و شرف الزمان شهر رمضان وشرف المكان أرض الشام .

جزاكم ذو الجلال بني دمشق ... وعزُّ الشرق أوله دمشق

 

مقالات الفوائد