اطبع هذه الصفحة


خارطة الطريق إلى سبِّ الله.. حصّة أنموذجاً !
21 مايو, 2012 - 30 جمادى الثانية 1433هـ

ياسر بن عبدالله السليّم


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


في المنطق الفلسفي؛ لكلِّ مقدمةٍ نتيجةٌ لازمة، وبين كل مقدمة ونتيجة علاقةٌ تربط بينهما. وفي الواقع العملي؛ لا يبلغ الإنسان مآلاً دون التدرَّج في خطواتٍ توصل إليه، والسير في جادة تنتهي إلى نتيجته الطبيعية.. ولو تساءلنا: كيف وصل بنو إسرائيل إلى جرمهم العظيم فقتلوا الأنبياء؟ فالجواب: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) [آل عمران: 112] فهي سلسلة من الخطايا أودت بهم إلى الجرم الأكبر.
نتفاجأ بين الفينة والأخرى بأُناسٍ من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، يقدحون من زناد الهوى والشيطان، فيميلون كل الميل، ويضلّون ضلالاً كبيرا.. وقد انتهى الأمر ببعضهم إلى اقتحام الثوابت والمقدّسات، والتعرّض لجناب الرسالة، والانتقاص من ذات الله جلَّ وعلا.
ولو تأملنا في واقع القوم، لارتسمت أمامنا (خارطةُ الطريق) التي ألقتْ بهم في قاع التعدّي على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا زالوا يتقحّمون ما ليس لهم به علم، ويحكّمون عقولهم وأهواءهم في شريعة الله، حتى (اسْتَحْوَذَ عَليْهِمْ الشَّيْطَانُ) فجاؤوا بالطامَّة، وفعلوا فعلة الكفر.. (إنَّ الذيْنَ ارْتَدُّوا على أدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُم الهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وأمْلَى لَهُمْ) .
ومما بُلينا به مؤخراً؛ تغريدة طائشة أطلقتها الكاتبة في صحيفة الوطن سابقاً وجريدة الرياض حالياً: (حصة آل الشيخ)، حيث تعرّضت لذات الله عزّ وجل في سياقٍ شيطاني تافه، فكتبت كلمةَ سُوءٍ تهتز لها الجبال، ولستُ في حاجة لنقلها وتكرارها.
وهنا أتساءل: كيف وصلت حصّة إلى هذه الهاوية؟ هل كان ذلك لحظة طيش؟ أم هي حالة ذهولٍ وغيابٍ للوعي؟ أم ثمّة أسبابٌ أخرى نجهلها؟.
بالعودة لما ذكرتُه في مطلع المقالة؛ فلابد من تلك المقدمات التي أوصلت حصّة إلى هذه النتيجة، ولابد من تلك الخطوات التي جعلتها تكتب الذي كتبتْ بكل صفاقة! . يستحيل أن تصدر هذه التغريدة بشكل مفاجئ، فالعقل الصريح والنقل الصحيح المستقر في نفوس المؤمنين يمنعهم من مجرد التفكير في مثل ذلك، وهذا يجعلنا نبحث عن تلك الخطوات والأسباب التي جعلت حصة ترتكب هذا الجُرم البشع.
بالنظر في مقالات الكاتبة التي نُشرت في جريدتي الوطن والرياض، يمكن أن نكتشف شيئاً من تلك المقدمات المتمثّلة ببعض الأفكار السيئة والأحرف السوداء التي كانت نتيجتها الحتمية: سب الله عزَّ وجل..

 وسأذكر هنا بعض تلك الأقوال والأفكار مُثبتاً لها باقتباساتٍ من مقالاتها، مع تفاوت خطورتها، وعدم ترتيبها:


1. الاغترار بالفكر الفلسفي والانسياق خلفه /

فقد بدا من خلال بعض مقالات الكاتبة انسياقها خلف الفلاسفة وأفكارهم، يقابل ذلك بعداً عن الوحي المطهّر -إلا فيما يوافق الهوى- وفي مثل هذه الحالة يسقط الإنسان في شِراك الفلسفة، ويتقمّص في كتاباته (وتغريداته) شخصية الأديب الفيلسوف، ويحاول محاكاة أساليبهم فيقع في الكفر من حيث يعلم أو لا يعلم.. تقول حصّة: "لنستقِ من عبير الفلاسفة رحيق حق: يطلق الفيلسوف كيركيغارد عبارة (الجمهور عدو الحقيقة)، إذ يعتقد بأن أكثر الناس يكتفون بأن يلعبوا الحياة، دون أن يطرحوا على أنفسهم أي سؤال " (مقال: خلفية عودة الشباب إلى الأسواق..سرية القرار..وإعلان الإفراج).
وتقول في ذات المقال: "وكما يرى هيغل أن للتاريخ هدفاً واحداً انه يتجاوز نفسه، فإنني أتمنى أن نتجاوز مرحلة تزييف الوعي الذي يمارسه الغوغائيون بربط الحرية بالرذيلة، بزيادة تعميق الوعي بأهمية العلاقة الطبيعية بين المرأة والرجل التي تفرض احترامها بالسلوك التربوي القويم، لا بالمنع المحتاط بسدود الارتياب المَهين" .
و بالتأكيد؛ فإن هذا الانسياق من حصّة وأمثالها خلف الفكر الفلسفي، لا يعبّر بالضرورة عن نظرة متخصّص، ولا عمق عالِم، ولكنها ببساطة حالةٌ من الاستلاب النفسي، وهزيمة أمام تلك الأفكار الفلسفية، في ظل جهل مُطبق بأصولها ومدارسها.

2. الانبهار المُفرط بالغرب وأصحاب الآراء الشاذة /

وهذا منهجٌ يؤدي إلى هجر الحق، والاغترار بالباطل وأهله، واتّباعهم في شذوذاتهم، وأخذ ما عندهم دون نظر أو تمحيص شرعي، وبالتالي يختلط الحق بالباطل، ويقع الالتباس والتشويش.. تقول حصة: "إن تنظيم العمل في الغرب مقنن وصارم، والمكاتب ذات واجهات زجاجية، وباستدلال بسيط؛ لو كان الغرب منغمسين في الفساد لما تفوقوا في الحياة بلا منازع" (مقال: المرأة "البرزة" وطقوس التراث الذكوري ( .
وفي موضع آخر، تحدّثت عن من أجاز الاختلاط ومصافحة الأجنبية والإرداف وسماع الموسيقى وغيرها.. وأظهرته في صورة العالم الرباني والفقيه الواعي المستبصر، يصاحب ذلك قدح فيمن أسمتهم بـ(الدراويش)، فقالت: "ابتدأ الباحث العميق الدكتور الشيخ أحمد قاسم الغامدي حلقة "البينة" في "قناة اقرأ" بطلب حوار بناء وهادف، وما يعلم أن الجهود مبذولة ومسبقة لنستمع لفقه خال من التفقه، وردح دراويش اتخذوا الاستهزاء والقدح منهجاً، لقـّحه بعضهم بجمل التكبر والتطاول، فمن فقيه متعصب، إلى داعية متهجم، إلى مُستعـْدٍ جاهل، ليـُفحمهم جميعاً باحث متزن متمكنٌ" ثم قالت: "تحية لباحث الحق وأهنئك بدرجة الإنسانية أولاً فأهلاً بك لأجلها، وبواقع درجتك العلمية التي فعلتها واقعاً ملموساً، لا كما شأن الغالبية مجرد شهادة سكولائية اجترارية، تفرز ألقابا منهمرة، تشبعنا بكثرتها وقلة منفعتها، ولأنك إنساني النزعة والفطرة وتبحث لأجل الحق، يدفعك إيمان التفاؤل بالإنسان وخيريته، لا إيمان التشاؤم بالإنسان وشروره، كانت لك من كل إنسان متفائل ألف تحية" (إدراك البصير.. و ردح الدراويش) .

3. التهوين من المعاصي والمنكرات /

وهذا افتيات على الشرع، وجرأة على حدود الله، ولم يعد ذلك يقتصر على أمور الخلاف فحسب، بل إنها تجاوزت إلى ما اتفق العلماء على حُرمته إجماعاً، تقول حصّة في سياق الحديث عن التغريدة الشهيرة للكاتب صالح الشيحي: "الخزي والعار الذي عناه هو مجرد امرأة حسرت عن شعرها فهو لا يمت لتلك المرأة التي كشفت شعرها بصلة لكنه يجزم بأنها أهانت رجولته واستثارت غيرته، وهو نتاج حتمي لامتداد فكر الوصاية الشمولي المتوارث بعورات حريمه!" (مقال: تراثية، شَعْر امرأةٍ وعارُ رجال) .

4. انتقاص القواعد الشرعية المعتبرة /

وتلك القواعد الثابتة بالنصوص الشرعية وبالاستنباط من الأدلة الصحيحة، هي قواعد ثابتة شرعاً وعقلاً، ومحاولة نقض هذه القواعد منهجٌ يسعى إليه بعضهم لإسقاط الأحكام التي تُبنى على هذه القواعد، تقول حصّة: "قاعدة سد الذرائع، القاعدة التي تجاوزت ما خلقت له إلى ما لا يجوز أن يمر بجانبها لبعده عنها نهجاً وفكراً، كالأمر الحلال في أصله، والتي أصبحت تمارس جنون التعدي على حق الفرد الخاص لأجل توهم انتهاك فضيلة قد -وهو الغالب- لا يقع" (مقال: خلفية عودة الشباب إلى الأسواق..سرية القرار..وإعلان الإفراج) .

5. الهجوم على الهيئات والمحاضن الخيرية /

وهذه مهمّة تولاّها بعض الكتّاب في صحفنا، وحمل على عاتقه (واجب) تشويه تلك المحاضن والمؤسسات التي تحمل صورة شرعية، وذلك لأهداف باتت أوضح من أن توضّح.. وفي أحد مقالاتها دعت حصّة إلى عدم (تبذير) الأموال في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم وذلك لأن هناك -كما تزعم- أولويات أهم من دعم القرآن ومجالسه ومدارس تحفيظه وتنشئة أبناء المجتمع على آدابه! فقالت: "والتنمية إذا لم تأخذ بحساب خططها وضع الأولويات، وتوفير حياة كريمة لإنسان الأرض فليست مطالبة بالقفز لإنسان السماء، فقارئ القرآن وحافظه لا قيمة له بلا بيت يؤويه، وبلا قيمة عصرية تناسب قدراته وكرامته وتحقيق دوره ضمن جماعة إنسان الأرض، فمتطلبات التنمية يجب أن يعتلي رأس هرمها الإنسان" (جمعيات تحفيظ القرآن.. كتاتيب في عصر التكنولوجيا).
أما هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يكاد تخلو صحيفة يوميّة من مقال أو خبر أو تقرير يسيء إليها وإلى تلك الشعيرة العظيمة، تقول حصّة بلهجة التمرّد والغيظ: "يبدو أن إحاطة المرأة بالأولياء لم تعد تؤتي أكلها عند الهيئة، رغم كثرتهم المغلقة لكل منافذ الحياة عليها، في البيوت والأسواق، في المطارات والمستشفيات، وفي الدراسة والعمل" (الهيئة.. ذهنية التشدد ووهم اللقطاء).

6. محاولة إسقاط أهل العلم والدعوة /

وهذا نهجٌ توارد عليه الأُجَرَاء من أصحاب الأعمدة في صحفنا، فيشنّون حملات تشويه مركّزة على كل داعية أو عالم لا يسير مع أهوائهم، وباتوا يفعلون ذلك بلغة قبيحة، وكلمات جريئة، والهدف -ولا شك- إسقاط العلم والدعوة، فهدفهم الحقيقي: المنهج والتأثير، لا مجرد الرموز والأشخاص، وهذا حتماً يسوق الكاتب إلى السخرية بما عند العالم أو الداعية من علمٍ شرعي؛ ليهبط بذلك دركة في سلّم العبودية لله تعالى.. تقول حصّة: "نحمد الله ونثني عليه الخير كله؛ أن اكتفى رأس حربة المحتسبين بمقاطعة بندة -بدل هدمها- منعاً للاختلاط!!، كما هو شأن حلوله الجذرية الهادمة، فقائد قوة الاحتساب غير الشرعية لا ينفكُّ يرسل قذائف ابتكارات هوس خياله" بل بلغ بها الأمر إلى اتهام شرفه وأخلاقه ونزاهته، فتقول: "ولكم أن تتخيلوا غيرةً من شخص لا يتمثل الخلق في نفسه، ويفتقد النزاهة والشرف في ذاته" (مقالة: وقطعت بنده احتساب كل متنطع) .
وتقول أيضاً في حديث مخزي يكشف الاصطفاف مع الباطل ضد كل ما يمتُّ للدين بصلة، تقول حصّة: "المرأة الآن مستشارة أمن معلومات في أكبر شركة بترول عالمية "أرامكو"، تلك منال الشريف التي وصفها الواعظ المتشدد "المنجّد" بلا خوف من الله ولا تحرز من قذف محصنة غافلة؛ بأنها (فاسقة) " (مقال: قيادة المرأة السعودية للسيارة.. محاولة فهم) .

7. الاستهزاء بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وسنته المطهّرة /

وهذا أمارةُ انحرافٍ تام، وجرأة قبيحة، فالسخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بأحاديثه أو بشيء من سنته هو بلاءٌ عظيم، ومنكرٌ كبير، وإن كان من يفعل ذلك يتعلّل أحياناً بنقد الأشخاص لا السنة ذاتها، وهذه حجة باطلة شرعاً وعقلاً.. تقول حصّة: "في واقعنا السعودي يتطلب درء فتنة عيون المرأة السعودية مجموعة من رجال اللحى الكثة يتفحصون عيني المرأة ليعطوا نتائجهم العبقرية بعد التجارب العظيمة للكشف عن مصدر الفتنة الخبيث (عيني المرأة) " (مقال: الهيئة.. ذهنية التشدد ووهم اللقطاء) .
وتكرر حصّة لفظة (التراث/ التراثية/ ..) إشارة إلى الأخذ بما صلح به أول هذه الأمة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهج السلف من بعده، فتقول: "وكما أن المجتمعات الديمقراطية هدفها الإنسان؛ تنميته وحريته وانطلاقه وإسهامه وإبداعه، فالتراثية هدفها القبض على الإنسان وتقييد حريته ومصادرة قناعاته..." .
وتمضي في الحديث ساخرة من الوصف النبوي للمرأة بأنها (عورة): "أما إن كان الإنسان امرأة فكفاه إثماً وظلماً أن يدّعى "عورة" في أدبياتها الهاتكة لحق الكرامة الإنسانية!" (مقال: تراثية، شَعْر امرأةٍ وعارُ رجال)
وتكرّر حصة في مقالاتها الحديث عمّا تسمّيه بالتراثية، وأنها تصادم التطور، وتمارس الوصاية على الإنسان، فتقول أيضاً: "التخبط يثبت أن هناك أزمة وعي وعلينا تحمـّل تبعاتها. أزمة علاقة بين الرجل والمرأة، أزمة ثقافة تراثية تصادم الواقع والتطور والنمو، تتلمس حاجات واقعنا من قرون سالفة، وواقع بدائي، ثقافة مستديرة نحو الماضي ومهووسة بالتهذيب الأخلاقي. وليته تهذيب يسعى لتربية ذاتية، إنما تهذيب وصائي يهدف لإحكام القبضة على الإنسان" (مقال: إدراك البصير.. و ردح الدراويش) .
وتتحدّث حصّة عما فرضه الله تعالى على المرأة عند السفر وغيره ألا تخرج إلا بمَحْرمٍ لها، وهذا الانتقاص يأتي متوافقاً مع الخطوات الشيطانية السابقة، ونتيجة واقعية لذلك الانحدار الإيماني، تقول حصّة: "فالضرب على وتر المحرم "الشرعي" يؤكد توقع الخطيئة من كل أنثى ويجعل التمسك التمردي المشبع بالذكورة شرطاً أساسياً لكل تفاعل أنثوي، فهي مجرد كائن لا يصلح بذاته بل بمحرم مرافق يحميها من نفسها كما تضمنته مقررات التربية والتعليم التي تدرّس للذكور والإناث" (مقال: مَحْرم الوزارة) .

وفي ذات السوء، تتحدّث أيضاً فتقول: "وطبعا لم ينس أن يكمل بحديث منبَت عن وقته وأسبابه مثل (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، وحديث العبادة الخاصة بالمرأة (المرأة إذا أقامت فرضها وصامت شهرها وحصنت فرجها...) " (مقال: الإرهابية هيلة القصير ومحامو الدفاع) .
ولم يقف الأمر حد الاستهزاء والانتقاص، بل إنها بلغت مرتبة إنكار الأحاديث!!
تقول حصّة: "تعريف الرويبضة في الحديث المنسوب للرسول صلى الله عليه وسلم في قولهم وما الرويبضة يارسول الله؟ قال: هو التافه يتكلم في أمور العامة، هو تعبير لا يخرج من مشكاة النبوة، إضافة أن كل متن لذات الحديث تعريف للرويبضة مختلفٌ ومناقضٌ لغيره، مما يدل على ضعف الحديث، فمرة يأتي معنى الرويبضة من لا يؤبه به، ومرة الوضيع من الناس، وأخرى بالفويسق وغيرها، فاضطراب المتن يحول دون تصحيحه خاصة ما انفرد به من التعريف "تعريف الرويبضة" عدا علته في غرابة السند وضعفه ونكارته، وإلى جانب أن كلمة "تافه" بحد ذاتها لم تكن من الألفاظ المستخدمة قديماً" (مقال: الرويبضة وغائية التقديس) .
وهذا ما يحدث حين يتدخّل الهوى والعقل الفاسد في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وإلا فالحديث رواه أحمد وابن ماجه في كتاب الفتن باب شدة الزمان رقم (4036) وقال الإمام الألباني: صحيح. انظر: صحيح الجامع برقم (3650) .

ختاماً:
ليس هدفي الأول من كتابة ما مضى أن أقف ناصحاً لحصّة، فحصّة قالت في أحد مقالاتها: "وبثقة أقول: إنني غنية عن النصائح، فمبدأي يحترم العقل، وعقلي أرقى من ثقافة النصيحة " (مقال: ما تبيّن في "البيان التالي" وما خفي) .. وسبحان الله ما أفسد هذا العقل! وإلا كيف تترفّع عن النصيحة بهذه الصورة المتغطرسة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدين النصيحة) كررها ثلاثاً! .
إنما قصدتُ بذلك لفت نظر العقلاء من أهل الفكر، وأرباب الثقافة، وأصحاب الأقلام إلى مثل هذا المصير، وأخذ العبرة من هذه الحالة حتى لا ينتهي بهم المآل إلى مثل ما انتهى بغيرهم، فيخسروا خسارة كبرى في الدنيا والآخرة.. فالحذر -يا كلَّ العقلاء- من هذه المقدمات التي هي سبيلٌ إلى الهلاك.. (وزيَّنَ لَهُم الشَّيْطَانُ أعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيْلِ وَكَانُوْا مُسْتَبْصِرِيْنَ) !! .
والله لن ينفع الإنسان إذا وقف بين يدي ربِّه غير ما قدّم من صالح القول والعمل، وما خلَّف من الخير، وهناك لن ينفعك صاحبٌ ولا صديق كان يطبّل لك يوماً، ويؤزُّك إلى الشر أزّا، هذا شيطان فتخلّص منه.. (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيْناً فَسَاءَ قَرِيْنَاً) (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيَّاً مِنْ دُوْنِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانَاً مُبِيْنَاً) .
اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وإيماننا، وتوفّنا مسلمين، آمين.

 

مقالات الفوائد