اطبع هذه الصفحة


تعليمنا ...أرى خلف الغيوم جبالَ سوادِ

بندر بن عبدالله الثبيتي


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


ضل تعليم الفتاة السعودية على مر العقود السابقة نموذجاً فريداً لإحترام خصوصية المرأة , ودليلاً قوياً على نجاح الشريعة الإسلامية في توفير إحتياجيات المرأة دون مساسٍ بها أو التعرض لها "الأمر الذي كان له أثر واسع في انتظام المسيرة التعليمية على المنهج الصحيح مع المحافظة عليه من محاولات التغريب التي كانت تحاول اجتياح المملكة، بل كان التعليم في المملكة هو حائط الصد المنيع ضد دعاوي التغريب، وتخرج من مدارس وجامعات المملكة: العلماء المتخصصون في جميع المجالات العلمية، والمتحصنون في نفس الوقت بتعاليم دينهم، كما تخرج من الكليات والمعاهد الشرعية في هذه الجامعات المئات من المسلمين في جميع أنحاء العالم الإسلامي والذين أصبحوا منارات لنشر العلوم الإسلامية والعقيدة السلفية في أوطانهم"

لكن يأبى الكفر وملته أن يرى دولة ترعى شرع الله في أمور الناس دونما مساس أو مضايقة , أو مطالبة , فمرت على بلاد الإسلام فترة تغريب عصيبة نجحت وللأسف في مسخ الهوية العربية والإسلامية لهذه البلاد , وبقي في الأفق دولةٌ واحدة يُتحيّن لها كل فرصة وكل مناسبة لإرغامها على السير على النهج العلماني التغريبي , وهي بلاد الحرمين التي ظلت طيلة عقود بعيدةً كل البعد عن المنهج التغريبي في التعليم على وجه الخصوص , إلا أن العقد الأخير وبعد احداث الحادي عشر من سبتمر هذه الأحداث التي اصبحت كمسمار جحا يثبت بها الغرب واذنابه مايريدون بحجة مكافحة الإرهاب تسارعت فيه خطوات التغريب في التعليم على وجه الخصوص , وهذا مؤشر خطر على الهوية الإسلامية العربية
ذلك أن تغريب التعليم هو خط الهجوم الأول على الإسلام في أي بلد , والعدو يعلم بأن النجاح في هذه المهمة يعني استعماراً جديدا لايكلف حرباً وعتاداً ومذابح , فمن استعمر العدو تعليمه استعمر ثقافته وهويته!!
فمن تأمل مصر الشقيقة وقرأ كيف بدأ التغريب يعلم علم اليقين أن الخطوات السريعة التي تمضي عليها وزارة التربية والتعليم عندنا ماهي إلا مثل سابقتها في الدول التي عصف بها التغريب ولاحول ولا قوة إلا بالله.
فالتغريب في مجال التعليم العالي قائم على أشده ومنذ أعوام وهو يسير على النهج الغربي تماماً من حيث الاهتمام بالعلم المدني وتقليص التعليم الشرعي وتقييده , ناهيكم عن تعليم الطب ومافيه ! والقياس على ذلك كثير, والأخطر من ذلك كله حجم الابتعاث الرهيب الذي مسعوراً دونما تريث!!

لكن المخيف أن يبدأ التغريب منذ الصغر وينشأ عليه الطفل ؟ كيف سيكون في مراحل تخرجه من اعتاب المرحلة الثانوية؟ هنا تكمن الخطورة وهنا الداء العضال.
فطالبٌ صغير يدخل من الصف الأول وحتى الرابع وبجواره طفلة صغيرة , وتعلمه معلمة , ويقوم على توجيهه طيلة هذه الأعوام نساء, كيف بالله سيكون حال دخوله الجامعة ؟ هل سيستنكر الإختلاط ياترى؟ أو هل ستيتنكر العلاقات بين الشباب والفتيات في التعليم؟ أم سيخرج اماماً للسنة منافحاً عن الفضيلة!
إنها أمورٌ عظيمة مقبلون عليها في ظل هذا التوجه التغريبي للتعليم!

والآونة الأخيرة شهدت انفلاتاً في مجال خروج الطالبة من مدرستها بحجة الزيارات الخارجية , بل وشهد التعليم لأول مرة خروج وفد إلى السويد في رحلة استكشافية , ذهب فيها الحياء وتراقص فيها كل صاحب هوى ولاحول ولاقوة إلا بالله!

بل تم انشاء فرقة كشفية نسائية قامت خلال السنوات السابقة بمجالات مختلفة أبرزها مشاركتها في الحج ومزاحمتهن للرجال بحجة المرأة الكشفية! وقائدتهم الكشفية تدخل المدارس في الخفاء وبدعم من القيادة العليا في التعليم وتلقي تجربتها الكشفية وتحض الطالبات على المشاركة والانضمام!

وها نحن ومنذ ثلاث أعوام نعيش صراع رياضة البنات , والذي أصبح على مشارف التطبيق النهائي , حيث تعكف وزارة التربية والتعليم في مبانبيها الجديدة اقامة صالات رياضية ايذاناً منها بتطبيق الرياضية البدنية للبنات! ونحن في سبات ٍ عميق!

وغير ذلك من خطوات التغريب التعليمي بدت واضحة لايمكن تجاهلها سواء من حرص القيادات العليا على الإختلاط في كل محفل, أو سواء على القرارات الصادرة التي تعكس لكل نبيه وعاقل توجه الوزارة للمضي على الطريقة التغريبية التي سبقتنا بها البلدان المجاورة!

لابد أن يعي القائمون على الحقل التعليمي في بلادنا أن التعليم عندنا قام على أسس دينية بل مما يشهد لهذا التعليم أن للعلماء دوراً فيه والاشراف عليه , مما جعل التعليم يسير على خطوات ثابتة آمنة , ولم تستطع عواصف التغريب ان تتاثر به كما حدث في مصر وتونس وقتها!
وأدى هذا الامر إلى" انتشار روح التستر والاحتشام وانتشار الحجاب الشرعي في بلاد الحرمين" .
فنحن شعبٌ رضينا بحكم الله , ورضي بها حكامنا طيلة العقود الماضية لكن مايحدث حالياً من تغريبٍ واضحٍ للتعليم هو أمرٌ يدعونا جميعاً لأن نتكاتف ونطالب بما ارتضاه شرع الله لنا.
وإن ضللنا صامتين , سيأتي علينا ما لانستطع أن نفعله له إلا العويل والبكاء , فهل سجل أحدنا موقفاً يكتب له في التاريخ , بدلاً من الانتظار المر الذي جعلنا نخسر الشيء الكثير.

الله اسأل أن يحمي هذه البلاد من كيد التغريبين وأن ينصر اهل الحق إنه سميع مجيب, والحمد لله أولا وآخراً...

كتبه /بندر بن عبدالله الثبيتي
الطائف المانوس 9/ 7 /1433

 

مقالات الفوائد