اطبع هذه الصفحة


نحو مرجعية إسلامية لأهل السنة والجماعة

رأفت صلاح


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومن والاه وبعد ...
إن المتأمل لواقع المسلمين اليوم وما آلوا إليه من الضعف والذل والهوان ليدرك صدق نبؤة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (( يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ...))1
فقد التهم الأكلة كل مافى القصعة ، حتى لم يبق فيها شيئ للأيتام .
بالأمس البعيد كان الأندلس والهند ، والأمس القريب فلسطين وكشمير واثيوبيا واريتريا والفلبين والشيشان وجمهوريات القوقاز وبورما وغيرها ، واليوم أفغانستان والعراق ، أما غدا فلا نعلم ما يخبئه لنا القدر.
ومالاتستسيغه معدة الأكلة فهناك الوكلاء الذين يفعلون مايملى عليهم .

أنى اتجهت إلى الإســــلام في بلـــدٍ *** تجده كالطيـر مقصوصـاً جناحــاهُ !!

وصدقت نبؤة الرسول – صلى الله عليه وسلم – أيضا عندما قال : (( افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة ))2
نعم افترقت إلى الشيعة والخوارج والمرجئة والنصيرية والإسماعيلية والبهائية والقادينية وغيرهم .
ويبرز من هذا الركام فرقة واحدة هى ماعليه النبى – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه وهى " أهل السنة والجماعة " ، وأعداء الإسلام عندما يصوبون سهامهم للأمة لايقصدون إلا هذه الفرقة ، أضحوا كلأ مباحا لكل آكل ، وطمع فيهم حتى أرذل الخلق ، وهم هدفا حتى للفرق الأخرى التى تنتمى للأمة ولاحول ولا قوة الا بالله ، مابين أنياب الأكلة من الخارج والأكلة من الداخل وقع أهل السنة ، وقعوا بين اليهود والنصارى والهندوس والسيخ والبوذيين ومالا دين لهم من ناحية ، ومن ناحية أخرى وقعوا بين الشيعة والنصيرية والدروز والإسماعيلية والأباضية والعلمانيين اللادينيين . فالكل اجتمع عليهم هم لاغيرهم ، تصنيف دقيق فهمه أعدائنا ولا نريد أن نفهمه نحن ، فمازال منا من يدعوا إلى التقريب بين المذاهب - بين السنة والشيعة – ولم يعتبروا إلى ماحدث فى العراق حين جاء الحلف " الصهيوانجلوامريكى" الأنجلو ساكسونى بقضه وقضيضه وحده وحديده جاءوا يرمون أهل السنة عن قوس واحدة ، جاءوا يدكون عراقنا بأقذر ماأنتجت حضارتهم وعرفته البشرية من قنابل ذكية وغبية وممنوعة ، أتوا بأم القنابل وأبناءها وأحفادها ليبسطوا سجادتهم الذكية على أرض العراق حتى يبيدوا الأخضر واليابس والإنس والجن ، ولاحظوا معى أن كل ما عندهم أشياء ذكية خططهم وقنابلهم ورجالهم حتى حصارهم وكأن الذكاء نصيبهم هم فقط حتى فى أسلحتهم !!! اللهم نصرك المؤزر.
فلما أراد أخواننا فى العراق أن يأووا إلى ركن شديد تحول هذا الركن إلى فسيفساء خالية لا لون ولاطعم ولا رائحة ، بل لاشكل ولا أثر ، اختفى البعث الحاقد المرتد ، وهكذا القوميون العرب لا تراهم وقت المحن والأزمات ، أما فى غيرها فتراهم يملأون الدنيا ضجيجا بإنجازاتهم وانتصاراتهم وحكمتهم التى ليس لها وجود ، وهم سبب ما حل ويحل بالأمة من مصائب . فدورهم هو تحطيم مقدراتها وقوتها منذ ثورة كبيرهم الخائن حسين ، وعمله بمساندة أسيادة البريطانيين على اسقاط الخلافة العثمانية ، مرورا بعبد الناصر الذى ألقى شعبه فى البحر وترك اليهود يمرحون ويفرحون بتوسيع الأرض التى إحتلوها ، إنتهاءا بصدام البعثى القومى الذى سلم هو ورجاله العراق للتتار الجدد .
فلم يفق إخواننا المجاهدين من العراقيين والعرب إلا والأمريكان من أمامهم يدكونهم ، والشيعة من خلفهم يجهزون علي من بقى منهم ـ هكذا هم دائما يستغلون الفرص ولايضيعونها منذ ابن السوداء "ابن سبأ " ، مرورا بابن العلقمى ونصير الدين الطوسى إنتهاءا بشيعة العراق اليوم ، الجلبى وعبد المجيد الخوئى ومحمد باقر الحكيم وغيرهم ،
فماذا ننتظر منهم غير هذا .
، أمايحدث للسنة فى " الجمهورية الإسلامية " على أيديهم فحدث ولاحرج ، فمن قتل للعلماء وانتهاك للحرمات وتشريد للمسلمين .
وما يحدث فى فلسطين على أيدى اليهود وأنصارهم من الدروز الذين يخدمون فى الجيش اليهودى ويشاركونه فى عملياته ضد الفلسطينين وقد كان لهم دور فى مذبحة جنين الأخيرة .
ومايحدث للسنة فى عمان من الأباضية الخوارج ليس عنا ببعيد .
أما ماحدث ويحدث لأهل السنة فى سوريا الحبيبة على أيدى النصيرون فلا يمكن أن يتصوره عقل بشر ، أن يدك رئيس بلد شعبه بالطائرات والدبابات فى حماة ويدمر المساجد ، أو أن يدخل الجنود المدججون بالسلاح على العزل فى السجون يضربونهم فى سويداء القلب فى تدمر ، هل يصدق ذلك ، يحدث هذا والملهم أرضه محتلة من اليهود فلم يصوب لهم بندقيته إلا فى بعض المعارك الإستعراضية فى 67 و73 .

أيها السادة استعرضنا هذا الواقع المرير لا لنقف أمام الأطلال نبكى على اللبن المسكوب ، ونظل نولل كما النساء ، وإلا ظللنا نبكى إلى قيام الساعة ، لأن مسلسل المآسى بدأ ولن ينتهى حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا ، مصداقا لتحذيره تعالى لنا فى كتابه : (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ....)) البقرة / 120 .
قدمنا لذلك حتى نعمل على إيجاد حل للنهوض بواقع الأمة دينيا وسياسيا وفكريا واقتصاديا وعسكريا .
أيها السادة يجب أن نتحرك قبل فوات الأوان لإنقاذ ديننا وأمتنا وقبل ذلك انقاذ أنفسنا ، فمازالت الفرصة فى أيدينا .

الحل كما أراه أن نبدأ بالعمل على إيجاد (( مرجعية دينية سياسية فكرية لأهل السنة والجماعة )) يتولى أمرها علماء الأمة العاملين المخلصين .
فأمم الأرض جميعها كلٌ له مرجعيته ـ حتى الفرق التى تحدث عنها صلى الله عليه وسلم ـ إلا أهل السنة والجماعة ، فمنذ سقوط الخلافة العثمانية وهم يعيشون حياة التشرذم والهوان فلا مرجعية لهم ترشدهم ولاقوة عندهم تمنعهم كالأيتام على موائد اللئام ، إلا بعض الجهود التى قامت بها الحركات الإسلامية ، لكنها لم تحاول لم شمل الأمة وكرست الفرقة والتشرذم .
فاليهود ـ أذل خلق الله ـ لهم مرجعيتهم الدينية والسياسية والفكرية .
النصارى بجميع مذاهبهم لهم مرجعيتهم ، الكاثوليك لهم بولسهم الثانى فى الفاتيكان ، والأرثوذكس لهم شنودة فى مصر ، والبروتستانت كذلك لهم مرجعيتهم فى أمريكا.
حتى الهندوس لهم " المجلس الهندوسى العالمى " .
أما الشيعة فلهم مرجعيتهم التى تنظم جميع شؤنهم والمتمثلة فى الآيات والملالى والمجلس الشيعى الأعلى ، كذلك الدروز والنصيرية لهم مرجعيتهم ، والإسماعيلية لهم أغاخانهم ، فالجميع لهم مرجعيتهم .

وأهل السنة والجماعة الذين هم أكثر المسلمين عددا - وإن كانوا هم المسلمون حقا - هذه الجموع من مشارق الارض إلى مغاربها ليس لهم مرجعية يرجعون إليها ويحتمون بها .
فإلى متى سنظل هكذا ؟! إلى متى أهل السنة يسامون الذل والهوان من شرار الخلق ؟!
أيها السادة سقطت شرعية الأنظمة السياسية التى تتحكم فى رقاب العباد منذ سقوط الخلافة ، وعدم تحكيمها لشرع الله ، ولا يمكن لعاقل أن يعول على هذه الزعامات المزيفة التى باعت دينها وعرضها ومن قبل باعت نفسها لعدوها .

نحن فى أمس الحاجة لأن يقوم العلماء بدورهم فى قيادة الأمة فى هذه الأيام بالذات التى يعانى فيها المسلمون فراغا عظيما فى القيادة والتوجيه ، وأعتقد أن الأمة لن تتوانى عن الإلتفاف حول هذه القيادة إذا أحست فيها الإخلاص والمسئولية .
الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
فيا علماء الأمة هذا هو طريق الأنبياء وأتباعهم هذا هو طريق محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه - رضوان الله عليهم - قادوا أممهم وقت الشدائد والملاحم ، وهذا هو طريق التابعين طريق ابن المبارك وابن جبير وابن المسيب وأحمد بن نصر الخزاعى ، وطريق الإمام مالك وأحمد بن حنبل والإمام البويطى ، وطريق ابن تيميه والعز بن عبد السلام ، كما أنه طريق محمد بن عبد الوهاب وحسن البنا والمودودى وسيد قطب رحم الله الجميع .
يا علماءنا إن لم تنهضوا الآن فمتى تنهضون ؟ وإن لم تهبوا أنتم فمن غيركم ؟

أما المقصود بالمرجعية فهى تجمع منسق منظم لقيادة وتوجيه المسلمين ، يشمل علماء الأمة وسياسيها ومفكريها ومثقفيها المخلصون العاملون المستقلون ، الذين لايتبعون أنطمة أو مؤسسات رسمية ، بل كلمتهم من أفواههم ليست مما يملى عليهم .
وظيفة هذا التجمع أن يقوم بالآتى :
تصحيح عقيدة ومفاهيم المسلمين ، وتجميع الأمةعلى عقيدة أهل السنة والجماعة ، ورفع الإلتباسات التى وقعت فيها الأمة ، وإنقاذها من جراثيم الإرجاء والعلمانية ، وإحياء الربانية وتعظيم شعائر الله فى نفوس أبنائها ، وإصلاح أخلاقهم وسلوكياتهم وعبادتهم .
2- تحذير الأمة من الشركيات والكفر والبدع والخرافات والخزعبلات التى ملأت حياة الناس وأصبحت ديدنهم، وصرفتهم عن المحاجة البيضاء .
تعليم المسلمين أمور دينهم وتفقيههم وهذا ديدن العلماء والمصلحين فى كل عصر يتصدروا لتعليم الناس ماينفعهم فى حياتهم وبعد مماتهم ، كما يعملون على توحيد مصدر الفتاوى الشرعية والرجوع إليهم عند الملمات والنوازل .
4- توحيد كلمة أهل السنة ولم شملهم وتجميع شتاتهم ، وإحياء العزة والشجاعة فى نفوسهم وقيادتهم لتحرير أراضيهم ومقدساتهم من أيدى الطغاة ، ووضع حد لمآسيهم فى كل مكان .
5- قيادة الأمة وتوجيهها للعمل على إعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ، وإقامة شرع الله فى الأرض ، فقد تعددت مناهج التغيير ولابديل عن توجيه العلماء وقيادتهم .
6- إحياء روح الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى الأمة ، وايقاظها من ثباتها ورقدتها ، لتعمل عل تغيير واقعها والنهوض به واستشراف مستقبلها ،
وتنظيم العمل الجهادى وتوجيه المجاهدين فى كل مكان ، فالجهاد هو السبيل الوحيد لذلك ، وأعداؤنا يفطنون لهذا ، لذا كانت هذه الحرب الضروس على الحركات الجهادية ، والعمل على وأد روح الجهاد فى الأمة وقد نجحوا فعلا فى ذلك .
7- فضح مخططات أعداء الإسلام والمنافقين المتعاونين معهم ، ودورهم فى تدمير دولة الخلافة وتحطيم مقدرات الأمة ، وفضح الزعمات المزيفة التى غيبت وعى الأمة وغالطت عليها .
8- تخطى الحزازيات والعقبات الحزبية بين الحركات الإسلامية ، والتطلع إلى الكيان العالمى الذى تذوب فيه كل الحزبيات ويستوعب كل الحركات ، لذا ينبغى أن تشمل هذه المرجعية علماء الحركات الإسلامية بجميع أطيافها الدعوية والتربوية والسياسية والجهادية طالما انطبقت عليهم الشروط .
9- تخطى الحواجز والعراقيل والحصار الأمنى للحركات الإسلامية وأى عمل جاد يسبب يقظة لأفراد الأمة ، فالكيان العالمى يفوت الفرصة على الإحتواء الداخلى .
10- العمل على رد الشبهات التى تلقى فى وجه الإسلام ، وتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام أمام غير المسلمين ، ومواجهة الهجمة الشرسة التى تطعن فى الإسلام , وفى الرسول – صلى الله عليه وسلم – وفى صحابته رضوان الله عليهم .

ولكى نحقق المرجعية المطلوبة لابد أن تتضافر جهود الفئات التالية :
أولا: العلماء : فهم صمام الأمان لهذه الأمة ، وهم المنوط بهم إنقاذها من حالة الضياع والهوان التى تعتريها ، ودورهم هو الأساس فى إيجاد هذه المرجعية .
لذا كان واجبا على علمائنا الكرام السعى الدؤوب لإيجاد فاعلية من العلماء والمفكرين والسياسيين الذين يهمهم أمر هذا الدين ، وهذه أمانة فى أعناقهم .
ولا يقتصر الأمر على فئة أو جماعة بعينها بل يشمل العلماء المنتمون للحركات بلا استثناء وكذلك العلماء المستقلون الذين لاينتمون لأى حركة ولهم دورهم فى انقاذ الأمة .
لا يمكن أن نعتمد على هذا الصنف من العلماء الذى باع نفسه وعلمه لأهل الباطل ، الذين يقتاتون بهذا الدين ، نريد العلماء العاملين المخلصين الذين يضحون بأوقاتهم وأعمارهم فى سبيل نصرة هذا الدين .
يمكن أن نعتمد على العلماء العاملين المخلصين المتلبسين ببعض البدع كالأشاعرة مثلا ، من المعلوم أن هذه العقيدة متلبس بها جل العلماء فى كثير من الأقطار الإسلامية ولاحول ولاقوة إلا بالله ، لكن كثير منهم من العلماء الخلصين العاملين الذين لاينبغى أن نحرم من جهودهم ونشاطهم ، فعلماء السلف لم يحرمونا من علم الإمام النووى وابن حجر العسقلانى وغيرهم من العلماء الأشاعرة .
خلاصة الكلام أن يتولى زمام الأمر العلماء العاملون لترتيب الأوضاع وتحديد الأدوار والإسراع للقيام بهذا الأمر ، حتى لاتفوت الفرصة ونجد أنفسنا لاسبيل لنا الإ دفع الجزية للصليبيين .

ثانيا : المفكرون والمثقفون : لاتعدم هذه الأمة الكثير من المفكرين المثقفين المخلصين الذين بذلوا جهودا عظيمة لخدمة هذا الدين ، وهذا من فضل الله وحده .
لذا ينبغى أن يكون لهم دور فى العمل على ايجاد هذه المرجعية فهم المنظرين فكريا وثقافيا وحركيا لهذه الأمة ، فالأمة تعانى انحطاطا فكريا غير مسبوق ، بعد أن كان الفكر الإسلامى والثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية هى المنارات التى تقتدى بها أمم الأرض جميعا .

ثالثا : الحركات الإسلامية : هى رصيد هذه الأمة ، وهى نقطة الأمل الباقى لها فى هذا الظلام الحالك .
ومن فضل الله تعالى وجود هذا التنوع فى الأدوار التى تؤديها الحركة فمن جهادية إلى دعوية إلى سياسية ، هذا التنوع يحسبه البعض شرا ، ولكن العكس فلا يمكن أن تقوم حركة بكل هذه الأدوار مجتمعة هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لا يمكن أن نستغنى عن أى دور من هذه الأدوار ، والخلل الذى ينبغى أن نزيله هو التعصب والإتهامات التى يلقيها كل فريق تجاه الآخر ، وعرض نفسه بديلا عن الآخرين ، فالمطلوب نوع من التكامل والتعاون بين الحركات ، فقد بذلت جهود للتجميع لكن دون جدوى .
لن تحل هذه الإشكالية إلا بإيجاد المرجعية الدينية التى تذوب فيها كل الحزازيات والإختلافات ، وهذا هو دور العلماء والمفكرين المنتمون للحركات الإسلامية بالتعاون مع العلماء المستقلون .

رابعا : الأمة : لايمكن أن نستبعد دورها فيما يجرى لأنها هى مسرح الأحداث ، ولايمكن أن يحدث تغيير إلا بمشاركتها ، فالأمة لاينتصرعليها إلا أمة ، وقد اجتمعت علينا أمم الأرض ، وأمتنا والحمد لله لم تفقد رصيدها من الفطرة ، ويظهر ذلك جليا مع الأحداث المتصارعة كما حدث فى العراق .
لكن الأمة تعانى من فراغ شديد لم تستطع أن تملئه القومية ولا الوطنية ولا العلمانية ولا الإشتراكية ولا غيرها ، فالأمة فى حاجة إلى العلماء ليقودوا مسيرتها ويوجهوها دينيا وسياسيا وفكريا ، ويسدوا هذا الفراغ الذى تعانيه .
كما أن الأمة عليها دور خطير ألا وهو الإلتفاف حول العلماء والوقوف صفا واحدا فى وجه الأخطار والأحداث المتلاحقة .
* * *
أيها السادة ماذا ننتظر ؟
هل ننتظر حتى يسحق العلوج دولة أخرى من دول المسلمين ، حتى يستبيحوا حرماتنا ومقدساتنا ، حتى يدنسوا أعراضنا .
هل ننتظر حتى يهدم الأقصى .
ماذا ننتظر وقد لفوا الحبل حول أعناقنا جميعا ولم يبق غير شد أحد طرفيه .

أيها الأحبة الأمر ليس صعبا ولا مستحيل لكن يحتاج إلى مجهود شاق ، فالأمة التى أنجبت مثل أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وابن المبارك وابن حنبل وابن تيميه وابن القيم والعز بن عبدالسلام وصلاح الدين وقطز ، وأنجبت مثل محمد بن عبد الوهاب والصنعانى والشوكانى وحسن البنا والمودودى وسيد قطب ومحمد قطب وعبدالله عزام وسفر الحوالى وسلمان العودة وخطاب ، لن تعجز عن انجاب غيرهم من الأفاضل الذين يأخذون بأيديها إلى بر الأمان ،
لم يبق إلا أن نعزم العزمة ونمضى وعلى الله التوفيق والسداد .

بعد أن فرغت من كتابة هذه الكلمات تابعت انطلاق الحملة العالمية لمقاومة العدوان ، وأمينها العام فضيلة الشيخ سفر الحوالى ، وهذا أمر مهم وبداية موفقة إن شاء الله ، نسأل الله لها الدوام والإستمرار وأن تكون تدشين للمرجعية التى نتمناها ، وبداية لأن يتبوأ علمائنا الدور المرجو منهم ، وبداية الغيث قطرة .
أما الذى أقصده فهى مرجعية تجمع علماء الأمة العاملين ، حتى تقود حركتها وتوجه مسيرتها فى شئونها كلها وتتبنى قضايا الأمة كلها ، وذلك لتلف حولها الأمة وتسير بتوجيهها واجتهاداتها ومن أجل تحقيق النقاط العشرة السابقة ، وليست لجنة تهتم ببعض القضايا الفرعية .
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

ـــــــــــــــــ
(1) صحيح الجامع ( الألبانى ) / حديث رقم 8183 .
(2) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وصححه ، وانظر صحيح الجامع ( الألبانى ) رقم 1083 .
 

مقالات الفوائد