اطبع هذه الصفحة


العالم الافتراضي وشفرات التفكيك ...!

د.حمزة بن فايع الفتحي


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


من استمرأ ايام الضيق والقمع والمحاصرة، أو عاينها ،لم يكن يتصور، أن ينقلب ذلك الوضع القمعي القاتم، وتُولد الحرية من جديد، وتنطلق بسمات الحوار الجاد، ويُبعث الانسان على مرافئ العزة والكرامة ،،،! فيقول رأيه، ويعبّر عن ضميره بشجاعة، حتى باتت الأقلام كالسنان إرباكا وإرعابا ،،،!
إنكم لفي زمان جديد، ودهر بهيج، جعلت أقطابَ الاستبداد والتحجيم، وقادة الوهن والتخلف ان يتكيفوا مع الوضع الجديد، ويمارسوا أشكالا من الحرية ، ولو على مضض،،،!
وليس ذلك ببركة إعلامهم وصحفهم، وانما ببركة (المنة الإلهية) في الشبكة العنكبوتية، التي لم تدع لاحد مجالا، إلا أن يتفاعل معها سلبا او إيجابا، حيث بات مرتادوها بالملايين، ويوازي نصف السكان في بعض البلدان، والدول العربية فاقت بعض الدول الاوروبية مطالعة وتصفحا، وانتشرت الهواتف الذكية، التي كالحواسيب المصغرة تصفحا وتعليقا ومشاهدة،،،! وبات تويتر والفيس كالبرلمانات الشعبية التي تحلل وتشارك وتنتقد،،! فالعالم العربي مثلا ،يحتل المرتبة الخامسة عالميا في الفيس بوك،كما في بعض الدراسات، والإمارات في النت مثلاً 75٪ وتليها الكويت 64٪، بينما المملكة أعلا نسبة في الهواتف الذكية، وقدرت 63٪ ووصل عدد مستخدمي النت فيها الى15 مليون مستخدم ، وهي نسبة عالية وطافحة بالنسبة لما كان في 2001 حيث كانت 5٪......
فحينما يتنامى الحس الالكتروني عند الناس بهذه السرعة لا سيما طبقات الشباب، يجب على كل واعٍ تقدير ذلك، والعمل على توجيهه والاستفادة منه، والتفاعل بالشكل الراشد المتحضر،،! حتى ولو كرهوا ذلك، فإن المصلحة الوعي، لا الاعراض والمعاندة كما قال بعضهم قديماً: ( إن هذا أمر قد توجه فادخلوا)....!!

ولذلك ليس امام القمعيين والاقصائيين الا التكيف والتعاطي والتفاعل،، ولو بنسب متفاوتة، ما بين منغلق وآخر،،،،! المهم أنه حصل انفراج ، وطلت بسمات، ودقت طبول التغيير والانفتاح،،،! ولا تزال ثمة معوقات، لكننا نزعم أنه لولا فضل الإله بهذه التقنية وثورة الاتصالات، كنا لا زلنا نراوح مكانتا ، فلله الحمد والمنة،،،!

ولذلك عالم النت وإشعاعات العالم الافتراضي فكّكت كثيرا من الأسقام الاجتماعية والفكرية، في حياتنا، وأعطت رساله مفادها، من لم يتغير ويتفاعل، سيجرفه الطوفان، ويتجاوزه الزمن، ليلقى بعيدا عن ديناميكية الحضارة، وتطورات المستقبل،،،،! ولهذا حلت شفراتها الذهبية، عُقد التخلف والجمود،،، ومن ذلك:


1/
قضبان الاستبداد: صار المستبد يتكلم عن الحوار، ويفعّل مجالسه وبرلماناته الهزلية الصورية، ويحاول ضخ روح الرأي والتصويت والانتخاب ، ويسمح بنقدات محدودة ، وهذا تقدم لا باس به، ولا زال الاحرار الغَيارى يأملون الأحسن المستطاب، لان ذلك لا يشبع نهمتهم.

2/
شرعنة الحوار: وقد كان مرفوضا في زمان سالف، ومجرّما في العقلية الظلامية الطاغية، ولكن النت وتوهجاته أرست مرساه، وبسطت قواه ، فلم يعد ثمة حيلة، وتفجر الربيع العربي بعنفوان ساخط على الحياة البالية والركامات المتبلدة، فهب ليزيلها او ينفض عنها غبار الظلم والحيف والرجعية .

3/
حفرة الجهل: ردمها او اكثرها بالمعلومة الدقيقة وقربها وسهولتها وزخارفها، واعلا وسام المعرفة الحقة، وفضل الإبداع والتميز.

4/
رهق الإقصاء : حيث كانت المحاباة للأصدقاء والأبواق والأذواق وللقرابات، ولا يكاد يعترف بالاخرين وجودتهم ونبوغهم، فانفجر النت بعجائب القامات الفكرية والأكاديمية ، واعلا من شانهم، وحدث العالم الفسيح عن إنجازاتهم ، بخلاف حينما كانت الحكومات هي التي تحدد المتفوق والمبدع وتكرمه على هواها وبطريقتها،،،،!

5/
قتل العزلة: فهو وإن انعزل إلكترونيا ، لكنه حاضر بفكره وحكمته، يستطيع البذل الفكري والمشاركة والنصح والإجادة ،،،! ولذلك لا عذر لمنعزل او محجور او منبوذ،،،! النت بين يديك، فاصعد مرتقى الإبداع والابداء والانارة، فقد جاءتك فرص المشاركة الحقيقية ، القاتلة للعزلة والاستخفاء.

6/
فض السيطرة والاستحواذ: فحتى صحفك وخيلك وعتادك لم تعد تحكمها كالسابق، فالعالم اتسع، والحياة كبرت، والمعلومة تعددت ، والتنافس على أشده، فاخلع عنك رباط العناد وحب السيطرة والنفوذ، وتلاين مع الاخرين، واشترهم بالأفكار والنماء، وليس بالمال والتحف، فإنها لاتدوم، وستفضح تخلفك، ويكفي ما نطالعه كل يوم وساعة،،،!

7/
كشف التخلف: والذي هو من اثار رفض التكيف والاستجابة لمعطيات الواقع التقني والتاريخي اليوم،،،! وبات الناس لا تقنعهم أحاديث ابو حديجان القديمة ولا مجالس الشيخ مناور البالية،،،! التاريخ بات مصورا، ومزخرفاً بالألوان ، ولن يرحم كل جامد ورافض ومستكبر بالحمق والجهالة ،،،!
فالذي يقدم احصائيات قديمة، او صورا بائتة او ملفقة ، كمن يعرض تلفاز ابيض واسود، او لا يزال يبيع سعف النخل، او خيش الجِرار، بدعوى وجود من يسال عنها،،،!!!

8/
دمدمة التلفيق: القائم على المين والدجل وصناعة التزوير، وشراء الذمم، والقص واللصق، واستغفال الوعي، والمكر المعلن،،،! كل أولئك يهدها ويدمدمها حتى تفرقت ايدي سبأ، فلا تُحدث حدثاً، أو تقوم لها قائمة،، جزاء وفاقا،،،!!
لأنها لا تنفك تحاكي التلفيق والتزوير في زمان لا يطيق ذلك، ويشمئز لعلو صوت نحو هذا، يغذي الخيانة الإعلامية ، والتزوير الفكري المنظم،،،والسلام،،،!

1435/2/17
محبكم / ابو يزن،،،،

 

مقالات الفوائد