اطبع هذه الصفحة


فيلسوف الالفاظ..!

د.حمزة بن فايع الفتحي


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


أو المتفلسف الكلامي، فالق الانشائيات، ومبدع المبررات،،،! الذي لا هم له اشتهاء الكلام وحلاوة التنظير، أو رفع عصا الانتقاد، وسل رمح التعقيبات أحيانا ، بما يفتت الطاقات، ويحطم الجهود ، ويفني الحماس، دون أي أثر عملي ميداني مفيد،،،!
وليس هو راقم الحكمة، او منشئ الفكرة، صاحب اللفظ الأوحد، والإيجاز المفحم، والمقال الأسد الأحكم،،،!
بحيث يرسم ويخطط، ويخدم تنظيرا وفكرا وصناعة وإعدادا،،،،،!
بل قوال مِلسان، ومتحدث نقاد هراج،،،،!

أقلّوا عليهم لا أباً لابيكمُ// من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا !!

تارة بسم النقد، وتارة متهِما، وتارة ناصحا ومشفقا،،،! وغير راغب في الظهور والبروز،،! وقد يكون محل تندر الآخرين وسخريتهم، اذا طال حديثه، وكثرت تعليقاته، ومن كثُر لغطه، كثر سقطه،،! المهم أنه يثرثر بالكلام، ويفيض باللسان الى درجة اللا سكوت، بحيث لو سكت لهلك،،،!
وكأنه تربى على الكلام والتفلسف فيه وتشقيقه، ولم يترب على السكوت والصمت، رغم ان الصمت حكمة، وقليلٌ فاعله،،،،،!!
لا بد له ان يتحدث على كل حال، علم او جهل، وعى او لم يدرك،،،،!
وهذا بلوى اجتماعية وفكرية، قد تبتلى بها المناطق والتجمعات والندوات،،،،! وهي كذلك بلوى تنموية،،،! نماء الأقوال وليس الأفعال،،،!
وكما قال القصيمي وغيره( العرب ظاهرة صوتية)...!
تحلل القضايا بميئات الصفحات النتية..! وتزدحم تعليقات الواتس بالشكل المذهل المهول،،، والواقع لم يسطر لأحدهم نقطة،،،!
تنظيريون بدرجة كافية وطافحة احيانا،،! ولا رصيد لنا ميداني يذكر، من دفع تنمية، او ردع باطل، أو إحقاق حق، ونصرة مظلوم، او حل مشكلة،،،!
وفي الحديث(( الناس كابل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة )) أخرجاه.
يتجلى احيانا في صورة خطيب، بلا فعال، او معلم بلا اقتداء، او ناصح بلا مبادرة، او مصلح بلا تضحية ومشاركة،،،،!
وقد اشتدت الشكاية من صنفٍ هكذا كما قيل:

يا تونسُ الخضراء هذا عالمٌ// يثري به الأمي والنصابُ
فمن الخليجِ الى المحيط قبائلٌ// بطِرت فلا فكر ولا آدابُ !!

ويضيف هؤلاء مع مشكلتهم، أن فلسفتهم جوفاء، وتعليقاتهم خرقاء، لا تهدف إلا محبة الكلام، والجرأة على النقد على كل حال،،،
ومع ظهور النت ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي أثرت حياتنا، برز الناعقون والمنظرون والمتشدقون، دون جدوى وعمل وتنفيذ، وهو ما تعيشه بعض المجتمعات الساخطة، والباحثة عن التجديداو الارتقاء ولتنمية،،! ليس لهم تحرك الا من تلك الوسائل،،،! سخط وغضب، واحتقان وصراخ، كما تقول العرب: ( أسمعُ جعجعة، ولا أرى طحنا )
فهكذا بعض مثقفينا، يكتفي بالصراخ الإنشائي، والفلسفة الكلامية، وقد نسيئ للفلسفة حينما نتهمهم بها، ولكننا نقصد الإفاضة بلا إضافة، والثرثرة على كل حال، والكلام بلا فعال،،،! والهروب من الميدان الى باحة الألفاظ....
حتى تفوت الفرص، وتضيع الحقوق، وتختفي المبادرة،،،!
وقد قال الأحنف بن قيس رحمه الله : ( لا خير في قول بلا فعل، ولا في منظر بلا مخبر، ولا في مال بلا جود، ولا في صديق بلا وفاء،،،)
واعتقد انه لا يصدق منطق الانسان إلا بالعمل والاندماج الاجتماعي، لا سيما لمن هو محب لبلده، غيور على مصالحه، حريص على مستقبله،،،!
وتتأخر استجابة الناس أحيانا بسبب ضعف مشاركة الملقي والمقترح،،،!
لأن التفاعل الالكتروني والجوالي بات زاهرا زاخرا،،،،،!

ولتجاوز هذه المشكلة الاجتماعية الثقافية، علينا الالتجاء الى التالي:

1/ محاولة الانتقال من القول الى العمل، وكسر حاجز التخفي والخجل والعجز مهما كلف الثمن.
2/ التوعية بأهمية الأفعال والممارسة السلوكية، وأننا الى مصلح فعال، أحوج منه الى قوال مهذار،،،!
وقول بعض المؤرخين في مدح عناصر اجتماعية : كان رجل عامة، لا رجل خاصة حافز لترسم مثل هذا النموذج الرائع .
3/ تأمل المنهج النبوي في الحراك الإصلاحي والدعوي كقول خديجة رضي الله عنها (( كلا لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَل، وتَقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق ))
وتحويل ذلك الجهد الى منظومة اجتماعية متكاملة.
4/ قيام المؤسسات التربوية والخيرية بدورها في الحس الميداني، وتنمية روح العمل الجمعي، وصدق المشاركة.
5/ استشعار أن الاسلام قول وعمل، وأن التدين غالبا ما يقرن بالأعمال الصالحات، فلا قيمة للأقوال المجردة من بصمات العمل، وركائز التطبيق..،. والله ولي التوفيق....

إضاءة: من تحلى بغير ما هو فيه// فضحته شواهد الامتحانِ
صديقكم/ ابو يزن.....
1435/11/11

 

مقالات الفوائد