اطبع هذه الصفحة


العدوان الثنائي.....وسلاح المصطلحات

عبدالرحمن ناصر اليوسف


كما تدور رحى المعارك العسكرية بين قوى الكفر والإيمان على أرض العراق وغيرها من بلاد المسلمين، هناك حروب أخرى لا تقل خطورة تجري على صفحات الجرائد، وخلف شاشات الفضائيات، وفي المجالس السياسية بأنواعها ( أمة وشعب وشورى و....)،وفي المؤتمرات الحوارية والثقافية وغيرها من الملتقيات التي تجتمع فيها تيارات فكريه متعددة، والطرف المعتدي في هذه المعركة(بقسميها العسكري والفكري العقائدي) هم بالطبع العدو الظاهر(المعتدي بالقول والفعل) وهو تحالف الصليبة الجديدة بقيادة من يسمون بالمحافظين الجدد والألفيين أو الإنجيلين ممثلين باليمين الأمريكي وأتباعهم من (المتدينين) بالنصرانية ودعاتها المبشرين بها في مختلف أنحاء العالم مع الصهيونية العالمية بشقيها اليهودي والنصراني(يلتبس على البعض كون الولايات المتحدة دولة علمانية في نظامها الداخلي وبين أنها تقود الحملة الصليبية الجديدة على الإسلام والمسلمين-للعلم فإن التشريع النصراني الذي بين أيدي النصارى ويتلى في كنائسهم الآن لا ينص ولا يدعو لأن يكون الحكم في الدول على أساس ديني مستمد من تشريع إلهي على عكس الإسلام الذي لديه نظام سياسي إلهي يلزم المسلمين بتطبيقه والتحاكم إليه،والسير على منهاجه،فأمر الله عزوجل وقال: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ-أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } (المائدة50-51)

- هذا من جانب، ومن جانب آخر تجد العلمانيين في العالم الإسلامي يتجاهلون الأسباب الدينية لحروب أمريكا الجديدة ويعزونها لهدف الإستيلاء على النفط فقط!!والحقيقة أنها تلاقت أهداف الإنجيليين في الإدارة الأمريكية وإعتقادهم بنزول المسيح عليه السلام في الألفية الثالثة وأنه لابد من خطوات تمهد لذلك منها مباركة دولة اسرائيل بدعمها وتأييدها والمساهمة في توسعها وبقائها، واحتلال أرض الفرات البابلية مع السعي لمحاربة المسلمين في عقيدتهم وإبعادهم عن دينهم و العمل على تحويل كل من يستطيعون تحويله منهم إلى النصرانية،ويتضح ذلك من تدفق المنصرين إلى العراق ومحاولة استغلال حاجة الناس إلى المال والغذاء والدواء لتبشيرهم بالنصرانية-كما يفعلون في أفريقيا وأندونيسيا وغيرها-وسبق للرئيس بوش أن ألقى بتصريحات يؤيد فيها جهود المنصرين في العراق ويرفع من معنوياتهم بأن يذكرهم بأنهم المشرفون بتبليغ كلمة الرب في العالم، فالتقى ذلك التوجه الديني مع الأطماع المادية المتأصلة في النظام الأمريكي بمذهبة الإقتصادي الرأسمالي الذي يؤدي إلى نفوذ وهيمنة أصحاب رؤوس الأموال اللذين يسعون لتحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح وجمع أكثر مايستطيعون جمعه من الثروات بغض النظر عن الوسائل حتى ولو كانت دماء الأبرياء وأراضيهم وأموالهم، وهذا يبين دور شركات النفط وشركات السلاح في حروب أمريكا الأخيرة ودعمها لها عبر نفوذها السياسي في الحكومة الأمريكية).فعندما تقوم حرب من أجل الدين والمال معاً فلن تجد حرباً أشرس منها!.

أما الطرف الثاني فهو العدو المستتر(المعتدي فكريا وعقائديا) وهم من وصفهم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالدعاة على أبواب جهنم ممن هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، كما رأينا وسمعنا في زماننا هذا، فهؤلاء هم من التقت مصالحهم وتوجهاتهم الفكريه(المادية-الدنيوية) مع الأهداف الأمبريالية الأمريكية (الدينية-الإقتصادية) ممثلة في اتحاد الوسائل التي يمكن للطرفين المعتدين الوصول لأهدافهم عن طريقها ويتحقق ذلك عبر المبادىء والنظم التي تسعى الإدارة الأمريكية لإرساءها في المنطقة وبدقة أكثر في بلاد المسلمين،من حيث تنحية الشريعة عن الحكم (أكثر مما هي منحاة!!) وفصل كامل بين الدين والسياسة (لاحظ مصطلح الإسلام السياسي دائما مايطلق بوصفه شيء سيء وخاطىء،على الأحزاب والتيارات الإسلامية التي تحاول الوصول للسلطة حتى بالطرق السلمية من حيث ممارسة حقها الطبيعي في الترشح والسعي لكسب أصوات الناخبين، حيث تحارب هذه التيارات في جو كبير من عدم النزاهة مثلما حدث في الجزائر عندما نجحت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الإنتخابات بنسبة تقارب ال81% ولم تمكن (بضم التاء وتشديد الكاف مع فتحها) من أخذ موقعها بسبب التدخل الفرنسي السافر لمنع اعتلائها السلطة وبالتالي الحكم بالشريعة الإسلامية، فمثل هذا يؤدي لردود أفعال غير سلمية من بعض هذه الجماعات فتحاول تحقيق أهدافها بطرق متهورة غير مقررة شرعا نتيجة ما عانته من الظلم والقهر والقمع،، وهذه هي الحقيقة التي يتجاهلها المعتدون بنوعيهم من حيث إرجاعهم أسباب مثل تلك الحوادث لسبب أيديولوجي بحت -لأغراض في أنفسهم- والصحيح أن السبب راديكالية سياسيه صبت الزيت على نار غيرة وعاطفة دينية عندما قهرتها وقمعتها وكممت أفواهها) خذ أيضا عندما يطرح أحد علماء الدين رأي الشرع فيما يخص قضية سياسية معينة تجد هؤلاء - ممن يعتنق العلمانية فكرا والليبرالية ممارسة- يتهافتون على رمي ذلك الشيخ بأنه يتجاوز حدوده ويحاول (تسييس الدين) فهذا إذن إسلامي متطرف يجب الحذر من إنتشار أفكاره وأطروحاته!! فمما يرددونه أن الدين جميل ويحث على الأخلاق والفضائل ولكن دعوه في المسجد ولا تقحموه فيما لا طاقة له به من أمور الناس في السياسة والإقتصاد والإجتماع وسائر أمور الحياة!! وهذا والله زور وبهتان عظيم، فلو كان المقام هنا للحديث عن شمولية الإسلام وعظمة التشريع فيه لكنا أسهبنا وفصلنا في ذلك، وشرحنا كيف أن الشريعة ظللت بمظلتها الواسعة من أمور الناس ما تستطيع استيعابه حتى يرث الله الأرض وما عليها، لكن لامانع من الإشارة إلى أن سيرة أشرف الخلق وخاتم الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة والسلام تمثل الأسوة الحسنة والضوء الذي يستنير به كل من ينتمي لأمة الإسلام أفرادا وجماعات وأمم، فقد حكم دولة الإسلام التي انطلقت منه وحيدا حتى عمت أرجاء المعمورة، كان خلال فترة قيادته نعم القدوة لكل من أراد النجاح في الحكم والسياسة،فكان الحاكم السياسي الخبير، والقائد العسكري المحنك، والمحلل الإقتصادي البارع،يقود في السلم والحرب، ويوقع المعاهدات، ويقضي بين الناس،ويجتبي الأموال ويوزعها، ومع أنه كان النبي المعصوم الذي لاينطق عن الهوى فقد ظل مستعينا بآراء ومشورة ذوي الخبرة والإختصاص من صحابته الكرام تحت مظلة كتاب الله وسنة رسوله الكريم، فعاشت الدولة الإسلامية في أوج مجدها وعزها، وكانت نموذجا للدولة المثالية في نظامها الداخلي و سياستها الخارجية.

نعود للعبة المصطلحات التي يروج لها دعاة الليبرالية من الداخل، ودعاة الديمقراطية المزيفة التي يزعم العدو الخارجي أنه يقدمها لشعوب العالم الإسلامي كوجبة رئيسية (مستغلا ما تعانيه تلك الشعوب من ظروف الاستبداد السياسي بكل مايفرزه من نتائج وخيمة) مضاف إليها عدد من أطباق الحلوى المسماة بحقوق المرأة وحقوق الإنسان وحرية الفرد!! والمضحك أنه يردد بكل سذاجه أنه لايفعل مايفعل إلا عطفا على هذه الشعوب ورغبة في تحريرها، وإرساءاً للأمن والسلام العالمي!! لاننتظر من المجرم بالطبع أن يصرح قبل أن يقوم بجريمته بأنه مقدم عليها وطبيعي أن الكذب والدجل هو ديدنهم،ولكن الطريف والمثير للإشمئزاز في الوقت نفسه،حجم الكذبه وسخافتها،ففي قولهم أن حروبهم بجانبيها هي من أجل إقصاء الأشرار لضمان الأمن في العالم فهذا صحيح بمقاييس شريعة الغاب وحكم القوة لا العقل والمنطق ولا حتى حقوق الإنسان والديمقراطية الخادعة!!فعندما تعتدي دوله(أمريكا أو اسرائيل أو أي حليف لهم) على دولة ما(العراق أو فلسطين أومن مثلهم ممن له حق الدفاع عن دينه وماله واستقلاله) فهذا حق للدولة المعتدية التي تدعي بأنه من المصلحة للكون كله أن تغزو تلك الأرض وتحتلها!!! فإن قام أصحاب الحق الحقيقي (الأشرار الإرهابيين) ليدافعوا عن حقهم هنا يختل الأمن في العالم!!!وفي الجانب الفكري لاحظ الهجمة الشرسة على مبادىء إسلاميه عقديه مثل ( الولاء والبراء)،فهذة العقيدة من أمثلة الإتحاد بين العدوين الخارجي والداخلي في الإعتداء عليها من حيث وصفها بثقافة (عدم قبول الاخر والتكفير والإقصاء)، وخذ أيضا فقه (الجهاد) الذي هو ذروة سنام الإسلام وبإقامته تدوم العزة للإسلام وعندما يعطل يضرب على الأمة الذل والهوان-كما جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام- في أكثر من موضع، فاتحدوا في حربه من حيث وصفه (بالإرهاب) وتعميم هذا المصطلح على الجهاد الحقيقي وبين ما يحدث من ردود أفعال سبق التطرق إليها،مع العلم بأنه حتى إن بدر من بعض المسلمين إنفعالات خاطئه ليست من الجهاد في شيء فلا ينبغي إنكارها بإطلاق مسمى الإرهاب عليها وذلك بهدف عدم الترويج لهذا المصطلح الذي سوقه أعداء الإسلام ليوصف الجهاد به، ولكون لفظ الإرهاب جاء في الشريعة بوصفه عمل محمود،،ولنا في علمائنا الأفاضل ممن عرفوا بالعلم بفقه الواقع وتحديات المرحلة والنظرة الثاقبة كابن جبرين والبراك والعوده والحوالي وناصر العمر وغيرهم من العلماء حفظهم الله وثبتهم على الحق، أسوة حسنة في منهج إنكارهم للفتنة التي حدثت في بلاد المسلمين، أماالحبل الثالث الذي يلعب عليه الغزاة من اليهود والنصارى ومن في صفهم من دعاة الليبرالية في بلاد الإسلام هو (المرأة) ووجوب إعطائها حقوقها المزعومة ورفع الظلم عنها!!(للسخرية: قال كلينتون وهو من أكثر زعماء الغرب حربا للمسلمين وذبحا لهم – حصار العراق وضرب السودان وأفغانستان ودعم إسرائيل الامحدود ودفاعه عن مذبحة قانا في 96م- قال هذا المجرم في منتدى جدة الإقتصادي العام الماضي أنه لو كان النبي محمد موجودا لسمح للنساء بقيادة السيارة في السعودية)!! فأما كلينتون وأمثاله من الأعداء الخارجيين لا يريدون إلا فساد المجتمع المسلم بفساد نسائه بإشغالهم في توافه الأمور، فإن فسدت الأم وانشغلت عن مهمتها الأساسية التي شرفها بها خالقها ومولاها، وهي تربية الأجيال الإسلامية وصناعة الأبطال، تاه الأبناء وأصبحوا ضائعين مهزوزين تتخطفهم أمواج متلاطمة ذات اليمين وذات الشمال،أما المحور الرابع فهو ما يسمونه (بالبوليس الديني) ويقصدون به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيرميها أعداء الخارج بأقذع الأوصاف وأشنع التهم ويفترون عليها ماليس فيها(عرضت محطات أمريكية عدد من البرامج الوثائقية للإساءة لهيئة الأمر بالمعروف)،فبالله عليكم ما دخل أمريكا بالهيئة؟! والله مايريدون إلا أن تشيع الفاحشة في اللذين آمنوا،يشاركهم في ذلك دعاة العلمنة ممن يسمون في صحفنا بالمثقفين والمفكرين!!فيشاركون في الهجوم على هذه المحاور التي تمثل في نظرهم (الإسلام المتطرف) فالحل إذن من أجل الوصول (للإسلام المعتدل)!! هو إقصاء هذه المفاهيم بالكلية من واقع المسلمين-لاحظ مثلا في البرنامج الشهير ستار أكاديمي عرض نموذج للشاب المسلم المعتدل المقبل على الحياة ممثلا في شخص محمد الخلاوي فإسمه محمد وهو من (السعودية الوهابية) ولكنه ليس متشدداً فهاهو شاب ملتزم يصلي ويقرأ القرآن ولكن هذا لايمنعه من أن يعيش حياته بالغناء ومخالطة الفتيات ومصاحبتهم ، فالدين شيء والحياة شيء آخر وهذه هي العلمانية في أكثر صورها إغراءاً!! وهذه البرامج وماشابهها تمثل خطراً على مجتمعات المسلمين أكثر حتى من أفلام الجنس التقليدية التي تمس جانب الشهوات في نفس الإنسان فقط، أما ستار أكاديمي ومثله ما يسمى بتلفزيون الواقع وكذلك الأعمال الفنية التي تمس الجانب الفكري والعقدي للمسلم بهدف التأثير على معتقدات المتلقي وزحزحة ثوابته وقيمه وإثارة الشبهات حولها بأساليب فيها من الإحتراف والمكر الشيء الكثير فهي الخطر الأكبر على مجتمعات المسلمين- فبالتركيز على هذه المحاور الأربعة (الولاء والبراء،الجهاد،المرأة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وإقصائها من حياة المسلمين عمليا فإن بقيت في مكان فليس في عقولهم وقلوبهم إنما مجرد نظريات وتراث تاريخي في كتب السلفيين، فينحرف المجتمع عن الطريق الذي رسمه الله له ويبتعد المجتمع المسلم عن تحقيق مآربه ببعده عن دينه فيصبح إسلاما بالاسم والظاهر فقط،، فيغدو شباب المسلمين لقمة سائغة لكل منصر جائع ،وبلادهم أرض خصبه لجمعيات التنصير المبشرة بالنصرانية الضالة المحرفة،ولاحظ في ذلك حربهم على الجمعيات الإسلامية الخيرية وذلك بهدف إخلاء الساحة لجمعيات التنصير والوقوف في وجه المد الدعوي الإسلامي الذي عم أقطار الدنيا بفضل الله أولا ثم بجهود الدعاة الأفاضل وفقهم الله وثبتهم، والقائمين على هذه الجمعيات جزاهم الله كل خير وثواب، وما نجاح أمريكا في إغلاق مؤسسة الحرمين -رحمها الله- واحتلال بعض بلاد الإسلام والتغيير في مناهج التعليم في بلاد أخرى إلا جولة في الصراع بين الحق والباطل، و ماهو إلا تكرار للتاريخ عندما اجتمع الصليبيون واليهود على السعي لإسقاط آخر دولة خلافة إسلامية (الدولة العثمانية) بمركزها السياسي في تركيا ومركزها العلمي والثقافي في مصر وفي الأزهر بالتحديد،فكان لهم ماسعوا له فقد نجحت القوى الخارجية الإستعمارية في تقسيم العالم الإسلامي جغرافيا إلى دول ضعيفة متشتته، فغدت تركيا دولة علمانية تحارب الدين وأهله أشرس حرب، وتغلغلت في مصر المسلمة المحافظة الأفكار الهدامة والتيارات الفكرية الظلاميه وذلك بدعم وغطاء يهودي صليبي إلى أن أمست دولة علمانية يحارب فيها المصلحون والعلماء بعد أن أجهز على الأزهر الشريف فلم يبق منه إلا أطلال يبكي عليها المسلمون على كيانهم العلمي والسياسي العظيم الذي ضعف وارتخى والله المستعان. (لاحظ في تركيا قبل سقوطها بيد العلماني كمال أتاتورك بعد أن نصبه الصليبيون واليهود حاكما ليقضي على مابقي من إسلام في عاصمة الخلافة،وفي مصر قبل الإستعمار الصليبي وتغلغل التيارات الفكرية الضالة من الشيوعية والقومية والعلمانية والإشتراكية بنسختيها التقليدية والعلمية الماركسية،كانت النساء تستر أجسادهن العباءات السوداء ويغطي وجوههن النقاب،وبعد أن نجحت مساعي المستعمرين ومن في كنفهم ممن تعلم في بلادهم وتأثر بدعاواهم وأغرته حضارتهم المادية ،وصل الحال إلى وقت غدت فيه من تغطي شعر رأسها بخمار، غريبة شاذة في ذلك المجتمع!! وقس على هذا المثال الكثير مما تغير حاله في بلاد المسلمين).

ومن المصطلحات التي يروج لها الكتاب والصحفيين على سبيل تلبيس الحق بالباطل وإنزالها على المعنى الذي يريدونه وما تهواه أنفسهم، مصطلحات تمس مفاهيم إسلامية مثل (الوسطية) و(التسامح)،فمما يؤسف له إبتداءاً هو تطاول هؤلاء الصحفيين و غيرهم من ليس لهم نصيب من العلم الشرعي بل تجد الكثير منهم على خلل عظيم بالعقيدة والفكر ومع ذلك يتجرأون على الحديث في أمور الدين وانتقاد العلماء وتفسير الآيات والأحاديث على هواهم،حتى وصل الأمر أن كتب أحد لاعبي الكرة ردا على 26عالما وفقيها يعارض فيه رأيا شرعيا لهم!!فياله من شيء محزن وسخيف!!نعود للبحث في ثقافة التلبيس التي يمارسها هؤلاء، فأما في تناولهم لمفهوم (الوسطية) مثلا تبدو رغبتهم واضحة في تمييع الدين وتغييب السنة عن المجتمع سلوكا ومظهرا من خلال تفسيرهم لهذا المصطلح على غير حقيقته النظريه في القرآن الكريم وتطبيقه العملي في واقع الأمة عبر فكر وسلوك نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام ومن بعدهم أئمة وأعلام الإسلام عبر التاريخ،أما مفهوم (التسامح) فحرفوا ماقصدته الشريعة به وجعلوه مرادفا للتنازل والتساهل عن أبسط الحقوق فبما أن الغرب عامة والأمريكان خاصة هم الأقوى في العالم عسكريا والمتفوقون علميا فيجب اتباعهم فيما يفعلون والسمع والطاعة لما يقولون، وعندما يغزوننا محتلين يجب تقديم الورود لشكرهم على مايقدمونه لنا من الحرية والعلم والحضارة!!أما حين تدافع عن عقيدتك ومبادئك وأرضك وعرضك ومالك، فأنت تخالف الإسلام الحقيقي(بزعمهم) الذي يدعو إلى المحبة و(التسامح)، وقس على ذلك مصطلحات غلافها الظاهري جميل مثل (الآخر) و(القبول بالآخر) و(الحياد) أما باطنها وما ترمي إليه فيهدف إلى تمييع الإختلاف العقدي بين أهل التوحيد وغيرهم من أهل الديانات والطوائف والفرق الضالة فيرددون أنه لايجب التفرقة بين الناس على أساس الديانة أو العقيدة أو المذهب فالجميع أخوة في (الإنسانية)!! و(حرية الفكر) متاحة للجميع بشكل مطلق،على خلاف تنظيم الشريعة الإلهية لهذا الإختلاف وحددت أسلوب تعامل المسلم معه وبينت ما للفرد فيه من الحقوق وما عليه من الواجبات، وما تلبيسهم هذا إلا في سبيل التمهيد والتخطيط لإرساء قواعد مذاهب فلسفية وفكرية وسياسية في المجتمع المسلم والنظام السياسي لذلك المجتمع،وهي خطيرة جدا من حيث مخالفتها لأصول إيمانية ومنهجية في العقيدة الإسلامية مثل (التعددية) و(الفردية) و(الحداثة) وبالطبع حتى الوصول للجائزة الكبرى (الليبرالية) التي تتيح كنظام سياسي لهذه التيارات أرضا خصبة لتنمو فيها بأن تعبر عن وجودها بحرية أكثر وبشكل رسمي لا يجد أمامه أي حواجز أو يصطدم بأي عقبات، فيفسر ذلك رغبتهم وسعيهم الدؤوب وأمانيهم بإزاحة الشريعة عن الحكم وإستبدالها بالليبرالية المنقذة!!.

وما ذكرنا ما هو إلا حلقه في سلسلة ابتلاء المؤمنين بالكفار والمنافقين وأهل الضلال بكل أشكال الإبتلاء من القتل والتعذيب ونهب المال واحتلال الأرض والإعتداء على العرض والظلم إلى الإستهزاء بالقول والفعل، ومايلاقيه أهل الحق من أهل الباطل منذ بعثة محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم، فما هذه الحياة الدنيا إلا ابتلاء وامتحان وفتنة للمؤمن الحقيقي الصابر الثابت على دينه المعتصم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،ولن نجد أفضل من بعض من كلام الله عزوجل لنستشهد به على ما قلنا ونذكر به أنفسنا:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ * اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } (البقرة 11-17)

{ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } (البقرة 120)

{ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } (البقرة 212)

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } (البقرة 214)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ  * هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ  * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ  } (آل عمران 118-120)

{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ  * وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ  * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } (آل عمران 139-142)

{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } (المنافقون 4)

 

مقالات الفوائد