اطبع هذه الصفحة


أيها الرجال كفوا !

زينب بنت فهد البابطين


إن الناظر في عالمنا اليوم يرى كثرة التدخل في شؤون الغير ، وعالم المرأة له قصب السبق في ذلك ؛ فأقحم في ميدان فسيح مفتوح على مصراعيه لكل والج بحجة الدفاع عن حقوق المرأة تارة ، وإنصاف المرأة تارة أخرى ؛ فدين كره لأنه لم يعطي المرأة حقها ! ودولة لم تعترف بذاك الدين ؛ لأنه سيقف حجر عثرة أما تقدم المرأة ! ؛ ودولة أزيلت من الخارطه ؛ لأنها زادت المرأة تخلفاً ؟ والدولة الأخرى تصب عليها الأنظار لأن المراة فيها لم تسر مع الركب .......

ومؤسسة قلعت من جذورها بحجة تطوير المرأة ، ورئيس دولة لن يشهد احتفالاً معتبراً لأن المرأة ستكون فيه محتجبة ! .وأناس زج بهم في عالم السجون بتهمة وقوفهم أمام تقدم المرأة . وكم .... وكم .....فأشبه ما تكون المرأة في عصر التقدم والحضارة بمسمار جحا ! .فأصبحت المرأة ذريعة لتصفية بعض الحسابات ، ووسيلة لتحقيق الأطماع الدنوية ؛ لاسيما العسكرية أوالتجارية .

ولهذا تكثر الصيحات والنداءت والتوجعات بين الفينة والأخرى ترتفع تارة وتهبط أخرى معلبة بثوب الرحمة والشفقة على المرأة ورد حقوقها إليها .....وإضافة تخلف كثير من الدول عن مصافاة الدول المتقدمة إلى حال وضع المرأة فيها ؛ مع أن جل الدول التي نسبت إليها هذا السبب ، وأخذت على عاتقها تحسين وضع المرأة بزعمهم لم يزدها ذلك إلا تخلفاً فلهم الذين سايروا تلك الدول المتقدمة سياسياً، أو اقتصادياً ، أو صناعياً .......ولهم الذين حافظوا على حال وضع المرأة عندهم .

وإن عجبك ليصل إلى منتهاه حين ترى أن هذه الصيحات والتوجعات تخرج من شقائق النساء ، فهل هو رحمة بهن ، أو الإحسان بأنهن لا يستطعن أن يطالبن بحقوقهن ، أو أن وراء الأكمة ما وراءها ، مع أن هناك فئام من المجتمع يتعطشون إلى من يأخذ لواء المطالبة بحقوقهم كالفقراء والشباب العاطلين عن العمل ، والعمال ..... فحولوا موجة صيحاتكم وتوجعاتكم إليهم وانشغلوا بأنفسكم ـ بارك الله فيكم ـ

مع أن هذه الشعارات قد ظهرت حقيقتها للعالم بجلاء ، وانتكست في أول مسيرتها الذي على إثره بدأت الصيحات تلو الصيحات تتطالب بعودة المرأة إلى وضعها الحقيقي في جميع أنحاء العالم ، لاسيما في الدول التي تزعم أنها أعطتها حقوقها ، وأحلت عنها قيود الحرية . ومع هذه كله إلا أن هناك مؤامرة تحاك ضد المرأة السعودية من الخارج بمباركة من الداخل من فئام من الناس ممن تلوثت ثقافتهم بأفكار الغرب ممن لم يرضيهم حال المرأة السعودية من كرامة وحشمة وعمل لائق بها ما بين مدّ وجزر ؛ إلا أن يقظة القائمين على هذا المجتمع المبارك ـ وفقهم الله ـ وحذر المجتمع من هذا المؤامرة المغطاة بثوب الرحمة والحب والحرص على تقدم المرأة السعودية تخمد في مهدها ؛ إلا أن أصحاب هذه المؤامرة لا يهنأ لهم بال حتى نبدأ من حيث انتهى الناس ، فهم يعيدون الكرة تلو الأخرى مستغلين منفذ الضعف ، والجو المناسب ، وانشغال الأمة بالأمور الصعاب ، ولهذا نلاحظ أن الصيحات والتوجعات لحال المرأة بدأت تطفوا على صُحفنا ، وشدة إلحاحٍ على ولاة الأمر بتغير حال المرأة بعد أحداث سبتمبر .

وما إن تصبح صبيحة كل يوم إلا وتصبّحك بعض الصحف بالمرأة السعودية واختناقاتها ؛ إلا ويتبادر إلى ذهنك حال المرأة في العصر الحجري ، والأخرى تبادرك بمطالبة لبعض حقوق المرأة كفتح مدرجات الملاعب أمام المرأة السعودية . وما إن يعقد مؤتمر صحفي مع بعض المسئولين إلا وتنهال عليه جملة من الأسئلة تدور في فلك المرأة ؛ مع أن القائمين على هذا البلد المبارك من لدن عهد المؤسس إلى هذا الوقت لم يألوا جهداً في إنصاف المرأة ، وإعطائها حقوقها ، وتوفير كل ما يناسبها مراعياً في ذلك جانب حفظ العرض ، وطبيعة المرأة السعودية ، بدأً بالأهم فالأهم ، لأنهم يعلمون أن كيان المرأة كيان لا يستهان به ؛ بصلاحه تصلح شرائح كثيرة من المجتمع . ولسان حالهم يقول : لم نفتح الدنيا بأمهات ما جنات وإنما فتحناها بأمهات عفيفات .وما نشاهده اليوم من تقدم في التعليم ، ودور التربية ، وتغطية شاملة في كثير من مجالات المرأة بفريق نسائي كامل إلا شاهد على ذلك الاهتمام . ولهذا نستطيع أن نجيب بكل ثقة مَنْ تكلم ، وطالب ، وألح أن تُقحم المرأة في مجالات ليست من اختصاصها أن يناقش و لا يلقي شوارد الأفكار جزافاً ، وليعلم أن المرأة السعودية ليست بدرجة كافية من الغباء حتى تصطادها خيوط هذه المؤامرة ، وأن وضعها الديني والعرفي يساعدها في الوقوف أمام هذا الشعارات ، وأن ولاة الأمر لها بالمرصاد .

وأن المرأة في هذا البلد وصلت إلى درجة علية من التعليم والثقافة والوعي تؤهلها بالمطالبة بحقوقها لو نُقص شيءٌ منها ، وأنها ليست بحاجة إلى وكلاء ومحامين عنها ، وأنها لم تُخِّول أحداً ممن انطلت عليه هذه الصيحات والشعارات من بنات جلدتها .
فيأيها الرجال كفوا واشتغلوا بأنفسكم فقد كفيتم . أختي : كوني على حذر من تلك الشعارات البراقة ، ولا تكوني جسراً تمرر عليه تلك الشعارات ؛ فإن وراء الأكمة ما وراءها ، واعتبري بحال وضع المرأة في المجتمعات التي تلقفت مثل هذه الشعارات ، وانخدعت بها ؛ فالسعيد من وُعظ بغيره .

عجباً ممن يزعم أن المرأة السعودية مهضوم حقها ويدندن حول وضعها السياسي ، وقيادة السيارة ، والأندية الرياضية ، والتجنيد العسكري ..........وغير ذلك مما لا يناسب دين المرأة ، و مقوماتها الجسمية ، أو وضعها العرفي . فطبيعة المرأة لا يناسبها كثير ممن يدندن حولها دعاة حقوق المرأة ، ولو عرفوا تلك الطبيعة حق المعرفة ، لخمدت تلك الصيحات والتوجعات ، فالمرأة لها ظروفها الفسيولوجة التي تختلف بها تماماً عن الرجل اختلافاً كثيراً ، فهي تمر عليها أطوار غريبة ، فمثلاً حالها من بدء الحمل إلى الوضع مع أنها أشهر معدودة فأقرب الناس إليها ـ وهو زوجها ـ قد لا يحسن لا التعامل ولا التكيف معها ، فما بالك بالأبعدين .......! فليس بهذا الكلام تنقص بحق المرأة ، فأنا واحدة من هذا العالم ؛ لكن أهل مكة أدرى الناس بشعابها ، وصاحب الدار أعلم الناس بما في داخل الدار ، وقد علم كل أناس مشربهم .

وفي الأخير نعيد تكرار المطالبة بالكف عن صيحات وتوجعات الترهات والخزعبلات ؛ حتى تنام المرأة وهي قريرة العين بعيد عنها هاجس الخوف من أن تُقحم إلى ما لا تحمد عُقباه ، وأن يُبدأ بها من حيث انتهى الناس ! .


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


أختكم
زينب بنت فهد البابطين
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

مقالات الفوائد