صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الشهرة و(المشهورات)

د.عبدالرحمن بن دخيل العصيمي


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فقد استجدت في هذا العصر كثير من الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى أصبح الكثير من الأفراد يملكون وسائل إعلامية تواصلية خاصة بهم في عشرات البرامج، ومن أشهر وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الوقت: التويتر، والانستجرام، والسناب شات وغيرها، حيث يقوم الشخص بافتتاح حساب له يعرض فيه ما يشاء كيف يشاء متى شاء بلا حسيب ولا رقيب إلا مخافة الله عز وجل، وما يملكه في قلبه من أمانة وتقوى .

ومما يلحظ أن كثيراً من الرجال والنساء افتتحوا حسابات في تلك البرامج يعرضون فيها ما يرغبون من سلع وصور لأطعمة وملبوسات وبضائع وخدمات وغيرها، ولا شك في إباحة هذا الفعل إذا انضبط بالضوابط الشرعية، وتأدب بالآداب والأخلاق الفاضلة.

سأقدم ببعض الوقفات عن الشهرة ثم سأعقبها ببعض المخالفات المنتشرة عند من يسمين بـ(المشهورات).

الوقفة الأولى: أن الشهرة وكثرة الأتباع ليست دائماً خيراً للإنسان، بل قد تكون وبالاً وحسرة وندامة يوم القيامة، والسعي للشهرة في أساسه مذموم، وله تبعات كثيرة، وللأسف الشديد أصبح الكثير من أصحاب الحسابات الكبرى في وسائل التواصل يحبون أن يطلق عليهم هذا المصطلح (المشهور) وقد ورد النهي عن طلب الشهرة والتحذير من قصدها، ومما يؤكد ذلك:
أولاً: أن طلب الشهرة ينافي الإخلاص، حتى لو كان ذلك في أمور الدنيا، فالواجب على الإنسان إخلاص نيته وإحسان مقصده لكي يؤجر عند الله سبحانه وتعالى، فإحسان العمل يكون بالإخلاص ومتابعة المصطفى صلى الله عليه وسلم .

ثانياً:
ورد النهي عن طلب الشهرة وحب الظهور، والتماس ذلك وطلبه حتى لو كان بلباس يلبسه الإنسان، فقد ورد من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد لبس ثوب شهرة إلا أعرض الله عنه حتى ينزعه" رواه ابن ماجه بإسناد جيد.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة" رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.
والمقصود بثوب الشهرة: الثوب الذي يشتهر به الإنسان بين الناس بذاته وشخصه، فيدفعه ذلك للكبر والعجب بالنفس، وقد يؤدي لاحتقار الآخرين، ولما كان هذا الفعل محرماً، كان جزاء مرتكبه أن يلبسه الله (ثوب مذلة) معاملة له بنقيض قصده، ويقاس عليه كل فعل من الأفعال الذاتية التي يسعى الإنسان لفعلها لكي يراه الناس ويذكروه ويلهجوا باسمه، وهذا يختلف عن طلب الشهرة لبضاعة أو تجارة بذاتها.

ثالثاً:
ما ورد عن السلف الصالح رحمهم الله من ذم الشهرة والسعي إليها_(الآثار جمعها وخرجها صاحب مقال: الشهرة وحب الظهور يقسمان الظهور، في موقع: صيد الفوائد) _ ومن الآثار :
1. عن شهر بن حوشب قال: "من ركب مشهورًا من الدواب ولبس مشهورًا من الثياب أعرض الله عنه وإن كان كريمًا"
2. قال البيهقي: "كل شيء صير صاحبه شهرة ، فحقه أن يجتنب "
3. وعن بُريدة بن الحصيب يقول: "شهدت خيبر، وكنت فيمن صعد الثُّلْمَةَ، فقاتلت حتى رئي مكاني، وعلي ثوب أحمر، فما أعلم أني ركبت في الإسلام ذنباً أعظم علي منه. أي الشهرة ".
4. عن سفيان الثوري قال: "إياك والشهرة؛ فما أتيت أحدًا إلا وقد نهى عن الشهرة"
5. وقال إبراهيم بن أدهم: "ما صدق اللهَ عبدٌ أحب الشهرة".
6. وقَالَ أيوب السختياني: "مَا صدق عبد قط، فأحب الشهرة"
7. وقال بشر بن الحارث: مَا اتقى الله من أحب الشهرة".
8. وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي: "الخير كله أن تزوى عنك الدنيا، وَيُمَنَّ عليك بالقُنُوع، وَتُصْرَفَ عنك وجوه الناس".
فهذا نهج سلف الأمة في بُعدهم عن الشهرة وهروبهم منها، ثم يأتيك من يلقب نفسه، ويضفي عليها في لقاءاته ومقابلاته بأنه المشهور أو المشهورة .....

الوقفة الثانية:
أن كثرة الأتباع تجعل المسؤولية مضاعفة على المتبوع(المشهور)، فكل ما ينشره المتبوع من منكرات قولية أو فعلية أو صور أو مقاطع أو غير ذلك، فسيتحمل أوزار كل هؤلاء الأتباع، قلّوا أو كثروا، وتخيل سيتضاعف العدد والإثم فيما لو قام هؤلاء الأتباع بنشر ما وصلهم، وهكذا تستمر مضاعفة السيئات ويكون الإثم مضاعفاً بعدد الأتباع على ذلك (المشهور) نسأل الله العافية[وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ]
وعن أبي هريرة، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من يتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا" رواه أبو داود والترمذي: وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.

الوقفة الثالثة:
أن الشهرة قد تؤدي للمباهاة والتفاخر والإعجاب بالنفس، وهي صفات مذمومة حذر منها الشارع الكريم وذمها، روى مسلم في صحيحه قال: قال صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: "بينما رجل يتبختر يمشي في برديه قد أعجبته نفسه، فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة" رواه مسلم.
وهذا ما نشاهده من قيام البعض بالاستعراض بالأجهزة، أو الألبسة، أو الأطعمة، أو السفريات والسياحة، أو المركب الفخم، أو المسكن الشاهق، مباهاة واستعراضاً، دافعها الكبر، ونتيجتها احتقار عباد الله عز وجل والاستعلاء عليهم .

الوقفة الرابعة:
من سنن الله في البشرية: تمايز الناس، وعلو بعضهم على بعض في أمور الرزق، وتفضيل فئة أو بلد أو جنس في أمور الدنيا، ولكن الله أعلم بنهاية الحال وأعلم بمن اتقى قال تعالى:[وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ] وقال سبحانه[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ] وقال جل وعلا[وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ] وهذا التفضيل والتمايز أمر مقدر ومكتوب قبل ولادة الإنسان، والمنهج الشرعي في مثل هذا هو التسليم والرضا وعدم التسخط، بل وعدم النظر للنفس باحتقار، بل وحتى نهى الشارع عن مدِّ النظر إليهم إعجاباً قال سبحانه:[وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى] .

فعلى من يراهم أن يسلِّم بقدر الله سبحانه وتعالى في هذا التفضيل، ويرضى بما قسم الله له ويسأله القناعة، ويعلم أنها أرزاق مقسومة، وأن الغنى غنى النفس، وأن المباهاة والاستعراض هي صفة من عاقبه الله مباشرة كقارون، انظروا لحاله وحال من شاهده ثم العقوبة الماحقة: [فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ] وبعدها [فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ].

وتأسيساً على ما سبق، فطلب الشهرة في ذاتها، والسعي لاكتسابها ليس بمحمود، ويعظُم ذلك فيما لو كان السعي للشهرة عن طريق أمور شرعية وطاعات وقُرَب، يتأكد فيها تمام الصدق والإخلاص لله سبحانه وتعالى كما ورد في قصة الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، فقد قصدوا الشهرة في الصدقة والجهاد وقراءة القرآن، فكانوا أول من تسعر بهم النار يوم القيامة والعياذ بالله .

الكلام حول مصطلح الشهرة وآثاره يطول، ولو استعرضنا جملة المخالفات التي يقع فيها أولئك الذين تصدروا للناس فهي كثيرة ، وحسبي أني سأذكر ثلاث مخالفات يقع فيها من يسمين أنفسهن من النساء بـ(المشهورات)، مع يقيننا وثقتنا أن هناك أخوات فاضلات محتسبات، التزمنا بالضوابط الشرعية والأخلاق الفاضلة والحشمة والعفة، إلا أن تغير بعض الأخوات، وتدرجهن في التنازل عن بعض الضوابط الشرعية، ومحاكاتهن لبعض المنحرفات، وتجاوزوا فيها الحلال للحرام، والمباح للممنوع؛ رغبة في كسب مزيد من الشهرة والصيت، واستجابة لضغط المتابعين والمتابعات جعلني أخصهن ببعض التذكير.

كذلك نحن نفترض ونوقن إيقاناً كاملاً بأن هناك نسبة كبيرة من متابعي حسابات النساء هم من فئة الرجال، ولا يمكن تخصيص الحساب أو تشفيره أمام هذه الأعداد الكبيرة، وكذلك كون بعض الرجال يدخلون بأسماء نسائية مستعارة، وأستطيع أن أجمل تلك المخالفات بما يلي:

الأولى: إظهار ما لا ينبغي للمرأة إظهاره، حيث إن بعض النساء(المشهورات) تكون بداياتها بإظهار بعض المناظر وبعض السلع وبعض المنتجات عرضاً وكتابة بدون إظهار صوتها؛ حرصاً منها على عدم التوسع في هذا الجانب وحمايةً لنفسها، وهذا أمر تُحمَد عليه تلك المرأة، ولكن للأسف هناك من لم ترض وتقبل بالتوقف عند هذا الحد، بل بدأت بالتدرج والتوسع في عرضها، فبدأت بالحديث صوتياً، وإيصال رسائلها لمتابعينها عبر الصوت مع عرض صور المنتجات والسلع والخدمات، ولو وقف الأمر عند هذا لهان، فلا يخفى على الجميع أن أصل إظهار المرأة لصوتها ليس بمحرم، ولكني أذكر هذا لبيان كونه تدرجاً من المرأة ونزولاً منها لبعض المستويات التي لا تليق.

ومن أكثر ما نشاهده اليوم هو تساهل بعض(المشهورات) من النساء في رسائلهن الصوتية التي تحتوي على تكسر وتميع وضحكات وتعليقات غير مستحسنة، ولا يخفى على الجميع أن الخضوع بالقول من المرأة أمر محرم شرعاً تحريماً قطعياً لا خلاف فيه، قال تعالى [يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا] وهو توجيه رباني لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من باب أولى وأحرى، فهو تحذير لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين، اللواتي لا يطمع فيهن طامع، ولا يرف عليهن خاطر مريض، وتحذير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصفوة المختارة من البشرية في جميع الأعصار..

فكيف بهذا المجتمع الذي نعيش اليوم فيه، في عصرنا المريض، الذي تهيج فيه الفتن وتثور فيه الشهوات، وترف فيه الأطماع؟ كيف بنا في هذا الجو الذي كل شيء فيه يثير الفتنة، ويهيج الشهوة وينبه الغريزة، كيف بنا في هذا المجتمع، في هذا العصر، في هذا الجو، ونساء يتميعن في أصواتهن، ويجمعن كل فتنة الأنثى، وكل سعار الشهوة ثم يطلقنه في نبرات ونغمات؟!
نهاهن الله عز وجل عن النبرة اللينة واللهجة الخاضعة، وأمرهن في هذه أن يكون حديثهن في أمور معروفة غير منكرة، ، فلا ينبغي أن يكون بين المرأة والرجل الغريب لحن ولا إيماء، ولا هذر ولا هزل، ولا دعابة ولا مزاح، كي لا يكون مدخلاً إلى شيء آخر وراءه من قريب أو من بعيد.
والمقصود بالآية : كما قال ابن عباس وغيره: فلا تخضعن أي لا ترخصن بالقول، ولا تخضعن بالكلام.
والخضوع يكون باللفظ ورخامته ولينه وإن لم يكن المعنى مريباً، وقد يكون الخضوع بكون المعنى مريباً، وخضوع القول عند العرب: ما يُدخِل في القلوب الغزل، قال ابن الجوزي : لا تقلن قولاً يجد به منافق أو فاجر سبيلاً إلى موافقتكن له، والمرأة مندوبة إذا خاطبت الأجانب إلى الغلظة في المقالة؛ لأن ذلك أبعد من الطمع في الريبة؛ وقلن قولا معروفاً أي: صحيحاً عفيفاً لا يطمع فاجراً .
والمتأمل في حسابات بعض ( المشهورات) التساهل في كلامها والليونة فيه والتميع والتكسر، وإظهار الأصوات والضحكات والتأوهات التي لا يجوز للمرأة إظهارها أمام الرجال الأجانب، كل هذا وهي تعلم علم اليقين أن هناك مئات الآلاف من الرجال يستمعون لها ويتابعونها ويتغزلون بها .
أصبح الرجال يعرفون صوت هذه المرأة وحركات التغنج والميوعة التي تكررها، أصبحوا يستمعون لحديثها وهرطقاتها كل يوم بتشبب وتعلق لا يليق .
وهذا الفعل من هذه المرأة ( المشهورة) لا شك في تحريمه ومنعه، لنهي الله سبحانه وتعالى النساء عن الخضوع بالقول، وإن لم يكن هذا خضوعاً، فما هو الخضوع ؟!
كذلك هناك من النساء من كانت تُخرِج صوتها فقط، ولكن مع الوقت بدأت تظهر شيئاً من زينتها وجسدها، وخاصة اليدين أو جزء من اللباس أو الشعر أو القدم، تظهرها بزينة وتجمل وفتنة، وهذا تأكيد على تحريم هذه الأفعال، فقد نهيت المرأة عن أي سبب يدعو للافتتان بها من خضوع بالصوت أو ضرب بالخلخال أو ظهور رائحة طيب منها، نهيت عن هذه كلها حتى ولو كانت مستترة ومحتجبة لم تظهر أي شيء من جسمها، فكيف بما نشاهده الآن من صور مخزية وتغنجات غير لائقة وقد يصاحب ذلك طرب وغناء محرم.
فالواجب على المرأة عدم إظهار شيء من زينتها للرجال الأجانب مباشرة أو عبر وسيلة تواصل، فكلها من دواعي الفتنة والشر، [وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ...] الآية وورد في صحيح مسلم عن أسامة بن زيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء" .
قد يقول قائل: إن ظهور صور النساء أصبح مشاعاً في وسائل الإعلام والتواصل فضلا عن خروج صوتها.
فأقول: كلامي هذا يخص البنات المحافظات العفيفات ممن لم يتلوثن بلوثات فاسدة، ولم يتبرجن في وسائل الإعلام كغيرهن، فنحن نستعظم منهن الخضوع بالقول.
وهناك وللأسف الشديد من النساء (المشهورات) من كانت تستر وجهها ثم أخرجته، ومنهن من كانت تخرج بحجاب ثم كشفته، وهكذا حبائل الشيطان ودواعي الشهرة ونزوات أهل الشهوات، تدفع الإنسان للانحراف الشديد وليس الانحراف المحدود [وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا]

ثانياً:
إحضار واستئجار بعض النساء(المشهورات) عارضات يسمونهن (مودل) من أجل التجربة العملية عليهن بتسريحة شعر أو وضع مكياج أو لبس فستان أو غير ذلك، وعرضهن أمام المتابعين للمشاهدة والاطلاع.
فهل سألت إحدى (المشهورات) نفسها: ما حكم هذا الفعل، وهل هو جائز شرعاً هذا الاستغلال أم أنها مجازفة لكسب الشهرة والمتابعين بدون سؤال ولا تثبت؟
لا خلاف بين العلماء أن ظهور النساء متجملات متزينات أمام الرجال الأجانب محرم شرعاً، والنصوص متوافرة على منع ذلك، ولم يقل أحد من العلماء قديماً ولا حديثاً بجواز ذلك، فما هو مبرر هذا الفعل والمجاهرة به؟ وما مبرر الاستعراض بأجساد نساء، دفعهن الجهل أو قلة المادة للرضا بهذا الصنيع؟
وأنت أيها (المشهورة) تجاهرين بمعصية الله عز وجل، وتُرْين الآلاف من الرجال أجساد نساء بكامل زينتهن وجمالهن.
فكل من يشاهد هذا المنظر، فإثمه على من كانت السبب فيه [لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ] وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا"
وما زلت أكرر: أن هذا الحكم لأننا على يقين بأن هناك الأعداد الكبيرة من الرجال والشباب والمراهقين يشاهدون هذا العرض، ومهما حاول بعض (المشهورات) الطلب من الرجال عدم المشاهدة أو الخروج من الحسابات النسائية، فهذه المطالبة لتبرير الفعل فقط وإلا في الحقيقة فحسابات وسائل التواصل كالقنوات الفضائية مشاعة للجميع، ومجرد المطالبة لا يخلي صاحبة الحساب من الإثم مهما حصل .

ثالثاً:
قيام بعض من يسمين بـ(المشهورات) بالدعاية لأمور محرمة أو أفعال لا تليق، والقيام بهذا من التعاون على الإثم والعدوان وهذا لا شك في تحريمه، وأمثلة ذلك كثيرة :
1. الدعاية لبعض الزينات المحرمة كشعر الرأس المستعار والرموش المستعارة، ونمص الحواجب.
2. الدعاية للعباءات المخالفة شرعاً، والأزياء والفساتين الغير ساترة.
3. الدعاية لعيادات التجميل من الرجال وتشجيع النساء للذهاب إلى أولئك الأطباء، مع العلم أنها أمور كمالية غير ضرورية، تكشف المرأة أجزاء من جسمها وعورتها للطبيب، وهذا لا شك في حرمته فلا ضرورة شرعية تحتمه .
4. الدعاية للتجمعات التي تحتوي على مخالفات شرعية كالاختلاط المحرم، أو الرقض والغناء والموسيقى، أو فيه من الابتذال والإسفاف للمرأة ببعض الأعمال والمهن أو الألعاب الجماعية بين الجنسين .
5. رفع الكلفة بين (المشهورات) وبين الرجال، فيختلط بعضهن بالرجال، ويجالسونهم، ويضاحكونهم، ويمازحونهم بحجة ضرورة الدعاية والإعلان (بل رأيت إحداهن وهي بكامل تبرجها وزينتها،وقد التصقت بشاب بجسدها التصاقاً كاملاً، لكي يتشاركا في تقطيع حلوى أمامهم) بل بعضهن تقوم صراحة بما يسمى بدعم برامج الشباب، فكل علاقاتها وزبائنها من الشباب تشاركهم اللعب والحضور والتواصل، وكل هذا يعد من طرق الفساد والانحراف والفتنة والشر، ورد في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" وفي حديث عقبة بن عامر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء" وتقدير الكلام: اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء، والنساء أن يدخلن عليكم، وهو منع للدخول فقط بدون خلوة.

وفي الأخير، فما سبق مجرد إشارات سريعة وتوجيهات غيورة لهذه النازلة التي ابتلينا بها، خلاصتها :

أولاً: أن الشهرة في أصلها ليست بخير، فحذراي من البحث عنها أو السعي باتجاهها، ومن ابتلي بها فليعلم أنها امتحان من الله سبحانه فليضبطها بضوابط الشرع، ويحمي نفسه بالخوف من الله وتقواه.
ثانياً: أن يبتعدن من يسمين بـ(المشهورات) عن التنازل عن الحجاب الشرعي الكامل، أو الخضوع بالقول أسلوباً أو معنى، أو إظهار بعض المفاتن والزينة التي حرم الله على المرأة إظهارها، أو المشاركة ببعض التجمعات والمحافل التي تحتوي على أمور محرمة .
هذا ما أردت التذكير به ، سائلا المولى عز وجل التوفيق والهداية للجميع، وأن يهدي ضلال المسلمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


كتبه
د. عبدالرحمن بن دخيل العصيمي

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية