اطبع هذه الصفحة


ومضى حَبـرُ القُرآنِ
في وداع الشيخ العلامةد. صلاح بن عبد الفتاح الخالدي رحمه الله تعالى

محمد بن يوسف الجوراني


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله على كلِّ حال، والصلاة والسلام على الصَّحب والآل، وبعد..

فإنَّ الله سبحانه وتعالى يصطفي مِن عباده مَن هُم أهلٌ للقرآن وعلومه، يجعلهم من أهلِه وخاصَّته، فيصنعهم على عَيْنه، ويمدّهُم بعَوْنه، نظر في قلوبهم فكانت مِن خير القلوب، فأنزل كلامه فيها، وحلَّ رضوانه عليها، فنِعْم حمَلة القرآن هم، يَحمِلُونه ويُحمِّلونه، وإذا أتبعتَ نظرك في تاريخ علماء الأمة وساداتها؛ ظفرتَ برجالٍ أحيا الله بهم سِيَر جيل القرآن الفريد؛ فجدَّدوا معالِـم الدِّين، وأرْسَو رايات الـمُصلِحين، حتى غَدَو مشاعل علم وعمل، ومصابيح دُجى في الليل البهيم.

وإذا رأيتَ سِيَر الأولياء، ثَمَّ رأيتَ مَعِين الأصفياء، رأيتَ الدِّينَ  عزيزاً في أهله، والعلمَ  بهياً عند كتَبَتِه، فتبصر ويا نعم البصر أنواراً ربانية تَنْعَم بالرُّقيِّ في مدارجها في شتى ميادينها إذا شئتَ .. أو رغبت !

كان المرء يتنعَّم في ظلال أشياخِه حيناً من الدَّهر، لم يكن قبلهم شيئاً مذكُوراً، حتى صار ينهل مِن علومهم في شتَّى الفنون، يصحب القرآنَ وحملته، يترنَّم معهم في تلاوته وجليل تدبُّراته، ويحتفي بآدابه وهداياته، وتارة يرتعُ في رياضِ الحديث وأهلِه، يشتاق للمُحدِّث الأول، يقتفي حُروف كَلِمِه، ويَسْتنّ بهدي أثرِه،
وإذا أراكَ القُرآنُ أنه خِطابُ السَّماء للأرض؛ أراكَ الحديثُ أنَّه كلامُ الأرض بعد السماء.

وإذا ما أراد أن يُحمِض ساعةً ويجلو غشاوةَ النَّفس والرُّوح، طاب الرِّحالُ مع أهلِ الفقه واللُّغة والأدب!


فهل عقلتَ! أو وعيتَ؟


كم يعود الفتى من هذه الينابيع النافعة الثَّرَّى على أصحابها بالخيرات والبركات والعلوم الزكيَّات إذا حرَص وانتفع، فإنْ شئتَ خُذْ أو دَعْ.

حتى إذا دار الزَّمان دورته، وتصرَّمت الإيام تلو الأيام، جرتْ سُنَّة الله التي لا تتحوَّل، فيقبض أرواحاً زكيَّة، كان الواحد منَّا يتزوَّد منها خير زادٍ لدينه وقلبه وعقله، كانت مَلاذاً آمِناً علماً وعملاً، وإذا كان المرء حين يلقى أخاه يبقى بلُقِيِّه شهراً عاقلاً من أثر صُحبته ومذاكرته والأُنس معه، فقلي بربِّك.. كيف الحال وقتئذ إذا اكتحلتِ العيونُ بأشياخها، وأنِسَتِ الرُّوح بأحبابها، واغتدى العقلُ من معارفها وجليل علومها؟

ففي سنواتٍ غابرة مضى حَبْـرُ العقيدة العلَّامة الفقيه عمر الأشقر رحمه الله، ثم بسنوات تبعه حَبـرُ السُّنة العلَّامة المحدِّث شعيب الأرنؤوط رحمه الله ..وها هو اليوم يمضي حَبـرُ القرآن العلَّامة المُفسِّر صلاح الخالدي رحمه الله

فأنَّى للحياةِ أنْ تَطِيب طيبها الزَّكي بعد أُفُولِ هذه الأقمار النَّيـِّرة، وقد ترحَّلوا قمراً إثر قمر!

 وكيف للنَّفوس أنْ تهنأ هناءها الرَّضي بعد أن كانت تتربَّع في مجالسهم هنيَّة رضيَّة تفهَمُ أثراً بعد أثر؟


لقد كان للُقْياهم حلاوةٌ هي والله مِن لَذائذ الحياة، ورغدِ العيش، ونَعيم الرُّوحِ.

واليوم.. لم نعد نجد مثلها في أيَّامنا هذه، وبات ذائق الألم مقيماً يغدو ويروح عند صِعاب المسائل ومُقفلاتِها، وما كأنَّ النَّفس هي النَّفس، ولا الكتاب هو الكتاب، ولا العِلْم هو العلم.. فذهبتَ تلك المَعاني الفيَّاضةِ، وخَفت إشراقاتُ القلب إذا فَهِم، وتلاشت رُوح المُؤانسة إذ غَنِم!

إيهٍ يا طالب العلم وكمالات الوفاء..

ذهب الَّذين يُعاشُ في أكنافِهِم .. وبَقِيتُ في خَلَفٍ كجلدِ الأجربِ

ألَا وإنَّ في رحيل العلماء عظاتٍ، ينبغي لكل عاقل حازمٍ أن يستضيءَ من جليلها وحفيلها، وإنِّي مُذكِّرٌ نفسي وغيري بهذه العظات ممَّا شاهدتُه بنفسي ولمستُه عن قرب في حياةِ شيخنا أبي أسامة أعلى الله منزلته:

أولاً: الإخلاص في عِلْمه وعمله سمةٌ بارزة في حياته.


لم يكن الشيخ رحمه الله يهتم بالدُّنيا أو يعبأ بأهلِها، ولم تشغله المناصب ولا المنازل الرَّفيعة ومظاهرها الجوفاء، بقدر ما كان يشغله خدمة دينه وأُمَّته وأهل العلم وحملته، قد أحسنَ رسم طريق حياتِه على نورٍ من الله، وسار عليه بما وفَّقه فيه الله، عرَف ميادين الفلاح فالتزمها، وسار في ركب أهل النَّجاح فبادر لطليعتها، فَهِم عن ربِّه سبيل قبول عمله فما فتئ يُعاهِد نفسَه فيه وعليه حتى ذلَّل الله له كلَّ طريق إليه.

فما قام ولا قعد في عملٍ من أعمال الآخرة، إلَّا وهو يبغي رضوان ربِّه يرجو رحمته ويخشى عذابه، محتسباً في ذلك كلِّه، فطابتِ النَّفس، وصلَح العيش، واستقام القلب، وأيُّ شيء يبغي العاقل وراء ذلك.

لم يكن الشيخ رحمه الله يُنزِل الناس على قدر أحسابهم أوأموالهم أو ارتباطاتهم العلمية أو الفكرية، لا ، فتلك موازين بائسة تركها خلفه لأهل الدنيا واللَّاهثين وراءها، إنَّما موازينُه في الصَّلاح والتقوى، والاستمساك بالعُروة الوثقى، تلك ا لموازين القائمة على العلم والفضل والخير والأخلاق وخدمة المسلمين ونفعهم، هذه هي المُثُل عنده، وتلك هي المقاييس الحقَّة التي نطق بها الوحي، فمَن أخذ بها أخذ بحظٍ وافر.

ولذا فلا تعجب أنْ ترى الشيخ رحمه الله باذلاً نفسه لعموم المسلمين، ولكلِّ محبِّ للقرآن والعلم وأهله، لا يردُّ أحداً قصده بخير أو علم أو نفع، وهذه والله عصيَّة على كلِّ أحد إلَّا مَن قرَّت عينُه بالله، ورجى ما عند مولاه، فللَّهِ أحوال المُخلِصين ما أجلَّها، رضي الله عنهم ورَضُوا عنه.


ثانياً: من المَحْبرة إلى المقبرة

من عجائب الشيخ رحمه الله أنْ بلغ العلمُ منه مبلغ مجرى الدم، فصار له كالنَّفَس، فلا ينفك عنه في حلِّه وترحاله، قراءة وبحثاً، ودلالة وإرشاداً، وتصنيفاً وتهذيباً وتقريباً، وقد وَعَى رضي الله عنه وأرضاه قولةَ العلماء الكبار عن أهمية العيش في رحاب العلم ونشره يوم نقشوا نَقْشاً لا تمحوه الليالي والأيام في جلدهم وصبرهم في طلب العلم وتحمُّله: من المحبرة إلى المقبرة.

فبذلُوا في سبيله كلَّ غالٍ وثمين، وتسابقوا نحو تحصيله على قدرٍ مكين، حتى كان منهم ما كان، وإذا جاء يوم قطاف الثَّمَر .. قرَّت العينُ بكلِّ علم نافع بعد جُهد وجهادٍ واقع.

بل حتى في يوم الرحيل .. فما أن بزغ فجره، إلا وقد برى قلمه ليرصَّع تصنيفاً مباركاً سمَّاه >كواشف قرآنية للزيوف اليهودية< سطَّر فيه أربع صفحات .. وعند غروب شمس هذا اليوم سكن القلم.. ثم اخترمته المَنيَّة في ذات اليوم.

وهذه مجالسُه ودروسُه العلميَّة الخاصة والعامة.. كم كان فيها مِن عزيز الفوائد، وجميل الفرائد ما لا يخطر لك على بال، يسير معك في العلم رُتْبةً رتبة، ويعطيك بقدر ما تحتاجه أنتَ لا بما يعرفه هو، مما يجعلك تُوقن أنَّ العالـم الرَّباني: الذي يُربِّي الناس على صغار العلم قبل كباره.


وأجلُّ من ذلك
.. تراهُ حين يعرض المسألةَ على تلامذته وإخوانه يعرضها عَرْض المُذاكرة بعلم جديد، وفَهْم سديد، ورأي رشيد، في منطقٍ عَذْب، ولسان صدق، وسموِّ روح، فإذا ما تجاذبت الأراءُ وتباينت، أشار بكلِّ هدوء لنُصحِ رأيه، وخلاصة تأمُّله، فمن شاء أخذ، ومن شاء ترك.

وها هُو ذا وهو في عَشر السَّبعين من عُمْره
لا يأنف البتَّة إنْ رأى قولاً حسناً أو رأياً أرجح من رأيه أن يأخذ به، ويدع قوله، فالعلم دينٌ، والاستزادةُ من العلم عبادة، وما على المرء النَّبيل أن ينتفع ممَّن هم دونه، فإنَّ العلم رَحِم بين أهله، ومن ظنَّ أنه أكبر من أن يستفيد ممن دونه؛ فلْيَبكِ على نفسه.

هذه ومضة خاطفة.. وفي الجَعْبة أكثر، وحَسْب مَن أحبَّ أن يقتبس شُعلةَ خير وهدى من تلك الهدايات، ويصل إلى عالي المنازل الرَّفيعات؛ فدُونَه كتاب الشيخ الفذ:
>الخُطَّة البرَّاقة لذوي النَّفس التواقة< فهو على صِغَر حَجْمه من خير الزاد ليوم المعاد، فليَحْمل نفسَه عليه حملاً..

ثالثاً: صُحْبة القرآن خير صحبة.

أسعدُ الناس هم أهل القرآن، وأطيبُ الناس عيشاً هم أهل القرآن، وأنبل الناس معدناً هم أهل القرآن،

وكيف لا يكونون كذلك وقد رتَّب سيِّد الخلق صلوات الله وسلامه عليه الخيريَّة والأفضليةَ لمن تعلَّم القرآن وعلَّمه؛ تعلَّمه لنفسه وعمل به، حتى إذا تأهَّل بذل النَّفع لأمته فعلَّمه على وجهه، وقطع علمه عليه، وما أحلى هذا الانقطاع، فمن انقطع إلى شيء أتقنه!

 إذا ذُكِر أهل القرآن كان الشيخ رحمه الله مِن أوائل طليعتهم، قد أوقف نفسه على القرآنِ وحُبِّه وتعلمه وتعليمه، و ما هذه المُصنَّفات النافعة، والدِّراسات الماتعة في رحاب القرآن وعلومه إلا خير شاهد على ذلك، ومِن خير الله وفضله على الشيخ رحمه الله أنْ رُزِق السعادة في تصانيفه القرآنية، وباتت في مشارق الأرض ومغاربها، وإنَّك لَتقرأُ كلامه فيها بسُهولتِه ويُسْرِه؛ فتتذَّوقَ ــ بما أفاءَ اللهُ عليه ــ مِن نُورِ الإخلاصِ، وهيبةِ العلم، وتَعظيمِ الفائدة؛ فتَرى ويا نِعْم ما ترى كلاماً سَهلاً واضحاً يَسيراً، لكنَّه غنيٌّ بجَواهِرِ العلم، وحُسْن الفِقْه، وينابيعِ الحِكَم، فسبحان من علّمه، ونفع بعلمه وبارك له فيه، وجعله مباركاً حيثما أصاب.  

فما أحسن هذه العناية، وما أبهى تلك الرِّعاية، ولا عجب فخيراتُ القرآن ومعانيه لا تتنزَّل إلَّا لمن يُعانيه.


وألقِ سمعَك أهمسُ لك
هَمْساً ينفعك.. كلُّ ذلك الشرف والفضل يكون لهم إنْ هم امتثلُوا ذلك حقّاً وصدقاً، ومن كان دون ذلك لم يرتقِ لهذه النُّزل الشريفة والمراتب المنيفة، وإني أُعيذ نفسي وإياك ألَّا نكون من أولئك، فإنَّ الخسارة ثَـمَّ.

وإنِّي آخذٌ بيد كلِّ طالب علم وباحث شريف.. دونك هذه المصنَّفات المباركة، قد كتبها الشيخ رحمه الله بقلم نفسه، ومهَرَها بخطِّ يده، فجدَّ واجتهد، عاش معها وعاشت معه، فأثمرت وأينعت وبارك الله فيها وبها، ولم يكن للشيخ رحمه الله خدمة وأعوان في تصنيفها وتجميعها كحالِ كثيرٍ من أنصاف المُتعلِّمين أو دون ذلك، يتبجَّحون في كثرة منشوراتهم وإصداراتهم وليس لهم من ذلك سوى كتب الاسم على أغلفتها وظُلْم عُمَّالهم بهجرها، فهم كلابس ثوبي زُوْر! فاعرف طريق العلم ومسلكه الرَّشيد، يوصلك الله إلى كل خير ونفع تريد.    


رابعاً: اهتمامه بقضايا المسلمين والصدع بالحق

مِن نُبل مَعْدن المرء أن يعيشَ مُهتمَّاً بأحوال إخوانه المسلمين، يتقصَّد أخبارهم وأحوالهم، داعياً لهم بمقاله وجميل أحواله.

ومما يُحفَظ للشيخ رحمه الله أنه كان كثير الاهتمام بأحوالهم في شتى بقاع المعمورة، لاسيما أرض فلسطين الحبيبة، وهذا ظاهر جليٌّ في مَجالسِه وأقوالِه ونصائحه وجهره بالحق نُصرةً لمن انتصر حيثما كان، فإنَّ قلم العالِم لابد أن يكون قلماً شريفاً رفيعاً يقوم على بيان الحق وإذاعته، يصدع بالحقِّ لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يتأخَّر عن وظيفته ومهامِّه، فإنَّ من أعظم مهام الرُّسل وأتباعهم بيانَ الحقِّ وردَّ كلِّ عاديةٍ على الإسلام وأهله، ونُصرةَ المظلومين.

وقد أخذ الله العهد على العلماء أنْ ينصروا الدين ويُبيِّنوا الحق ويقفوا موقفاً شامخاً عزيزاً في وجه الباطل ولو كلَّفهم أرواحهم، فمن نكث فإنَّما ينكث على نفسه وكلٌّ موقوفٌ بين يدي ربِّه أحفظ ذلك أم ضيَّع.

وإنَّ من أعظم ميادين الجهاد.. جهاد العلم، فينبغي للعلماء الرَّبانيين أن يُسخِّروا أقلامهم وعلمهم في خدمة الدِّين ونُصرته، والعناية كلّ العناية في قضايا الأمة ونصرتها؛ استجابة لاستغاثاتِ الضَّعفة والملهُوفينَ، والذَّود عن حياض مقدَّساتهم، لاسيَّما المسجد الأقصى المبارك، فينصر كلٌّ بالعلم والمال والجسد بما يفتح الله على كل أحد.
وقد كانت فلسطين الحبيبة والمسجد الأقصى المبارك حاضرةً مشهودةً في وجدان الشيخ رحمه الله، خاصة كلَّما سمع فزعةً أو هَيْعة أو نازلة، فقد كانت له معها نصائحُ ومواقف مشهورة، ومباركات لجهاد رجالها مسرورة، فإنَّ ذلك كله عبادة جليلة يدين الله بها سبحانه، والتاريخ يشهد بخير ذلك كله أو ضِدِّه.

وقد كانت أعمال الشيخ  رحمه الله عن فلسطين وأهلها جليلة، وقد صنَّف في حقائقها وردِّ كيد اليهود وعُدوانهم كتابه الموسوم:
>حقائق قرآنية حول القضية  الفلسطينية< ومن عاش على شيء مات عليه، فقد شاء الله أن يكون آخر كتابة يسطرها قلمه الزكي عن كشف زيوف بني صهيون وبيان عورهم ومكائدهم، فتقبل الله كل ذلك من الشيخ وجعله من صالح الذُّخرعنده.

خامساً: الخاتمة الحسنة.
 

قد يُحسِن المرء أعماله في حياته قدر وُسْعه بما ييسره الله عليه، إلا أنَّ الخواتيم ممَّا اختصَّ الله سبحانه بها، فيُيسِّرها لمن حَسُنت سريرته واستقام قلبه، ولئن قَعدتْ بهم أجسادهم، فإنَّ نفوسهم توَّاقةٌ لمدارج المعالي، ولمعارج الرِّفعة والسُّمُو، «والأعمال بالنِّيات» والجوارح شاهدات، وإنَّ مما يُشهد للمرء بحُسْن الختام بما جاء بيانه في الشرع المطهَّر، مُحددِّات عدَّة:

فمنها
: شهادة التَّوحيد آخر كلامه في الدنيا، وقد شهد بذلك الطبيب المباشرة، وهذه شهادة حق فإن مان كان آخر كلامه من الدنيا (لا إله إلا الله ) دخل الجنة ، فنسألك اللهم الفردوس الأعلى للشيخ رحمه الله.

 الموت بالطاعون، وهو شهادة حسنةٌ لكلِّ من مات به فضل أجر الشهيد، صحَّ الخبر في ذلك عن رسولنا عليه الصلاة والسلام.


ومنها: شهادة الشهداء بالخير والمَنْقبة والثناء الحسن،
فالناس شهودُ الله في أرضه، فمن أثنى عليه خيراً فقد وَجَبت له الجنة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، وإنا لنحسب الشيخ رحمه الله من خير معادن الناس اليوم ديناً وعلماً وخُلُقاً وزهداً وعفةً، طابت حياته وطاب مماته رحمه الله.

ومن أعظم الشفاعات: شفاعة القرآن لصاحبه
.. يجيء القرآنُ يوم القيامة يقول: يا ربِّ حَـلِّه ــ يعني: تحلية صاحب القرآن بالحِلْية والزينة ــ فيُلبس تاج الكرامة، ثم يقول القرآن: يارب زِدْه؛ فيُلبس حُلَّة الكرامة، ثم يقول القرآن يارب، ارْضَ عنه، فيرضى عنه. صحَّ بهذا الخبر والله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومنها
: الخَتْم على عمل صالح يوفِّقه الله له، فإنَّ العبرة بالخواتيم، ومن سعادة المرء أنْ يصير إلى ذلك وهذا مِن عَسَلِ اللهِ لعبده؛ أنْ يُوفِّقه لعمل صالحٍ يقبضه عليه، وأعمال الشيخ رحمه الله العلمية مع كتاب ربنا شاهدةٌ بالحقِّ على ذلك، تقبَّلها الله منه قبولاً حسناً ونفع بها البلاد والعباد.

ومنها: شفاعة المصلين لاسيَّما أهل التوحيد،
فأيُّما مسلمٍ قام عليه مُصلُّون لا يشركون بالله شيئاً إلا شُفِّعوا فيه.

ومنها: الموت يوم الجمعة،
فثبت في الحديث الحَسَن أنَّ الوفاة في يوم الجمعة وليلتها براءةٌ من فتنة القبر.

فنسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمع كلَّ ذلك الخير للشيخ رحمه الله فيقر بها عينه.


هذه بعض مآثر الشيخ المبارك رحمه الله، سُقتها تذكرة للنَّفع، ومعرفةً لمعيشة أصحاب القرآن.

فاللَّهُمَّ اغفر لشيخنا ووالدنا ومُعلِّمنا ومُربِّينا ذنبه، واستُر عيبه، وضَعْ عنه وِزْره، وأرفع له ذِكْره، واجعل له لسان صِدْقٍ في الآخرين، واجمعنا به مع النَّبيين والصِّديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقاً

 

وكتب

 تلميذك الداعي لك بكل خير

محمد بن يوسف الجوراني

 



 

مقالات الفوائد