|  | 
  
  
  إن الراصد لواقعنا اليوم - بل والمتغافل عنه - يرى بوضوح فشو القلم والكتابة ، 
	حتى صار يُنصب لها كل من هب ودب ، فنتج عن ذلك أقلام هي غثاء كغثاء السيل ، 
	وأصبح همّ بعض الكتّاب العلو والشهرة ، ولو على طريقة الأعرابي الذي لطخ الكعبة 
	- شرفها الله - بالقاذورات قائلاً : ( أحببت أن أذكر ولو باللعنة ) فتجد أحدهم 
	- باختصار - يغرد خارج سرب العلماء وحماة الشريعة ، ويسطر بقلمه ما يخالف الفطر 
	السليمة ، ويظن بذلك أنه أصبح ذائع الصيت ، مستطير الشهرة . والأمر ليس كذلك ، 
	إنها مسئولية عظيمة سيسأل عنها ، وسيقف بين يدي الله تبارك وتعالى فيحاسبه عن 
	كل حرف سطره بقلمه ، (( فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن 
	إلا نفسه )) .
		
  
  * * * * *
		
  
  ألا كسرت أقلام.. لا تتأدب مع الله تبارك وتعالى ، فمننه سبحانه تتابع عليهم ، 
	ونعمه تتوالى إليهم ، من ساعة علوق أحدهم نطفة في رحم أمه ، ولكنه يقابل هذه 
	النعم بكفرانها ، وجحود فضل المنعم بها سبحانه ، مع أن الواجب على عبد ضعيف 
	مثله أن يشكر الله تعالى بلسانه بالحمد والثناء ، وبجوارحه في تسخيرها في طاعته 
	، ومنها : كفيه التي بها قبض على القلم ، وأجرى مداده على الورق ، فكتب بها ما 
	لا يرضي من حرّكها ، وإلى أولئك أقول ، اقرؤوا - إن شئتم - : (( 
	سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ )) [القلم: 44] .
		
  
  * * * * *
		
  
  ألا كسرت أقلام.. لا تتأدب مع كلام الله تعالى ، فترى أصحابها لا يقفون عند حلاله 
	وحرامه ، ويهجرونه ، ويرفضون التحاكم إليه ، ويصرون على مخالفته ، حتى وإن 
	كانوا ممن يقرؤونه ، فهم في الحقيقة ليسوا بمؤمنين به حق الإيمان ، إذ لو كانوا 
	كذلك حقاً لأضيت لهم المسالك ، ولتفتحت لهم المدارك ، ولما تجرأوا على أن يخرج 
	منهم ولو حرفاً يخالف ما في الكتاب من الآيات والحكمة.
	وإلى هؤلاء أقول : كفاكم هضماً لحقوق كلام الله ، حتى أصبحتم تساوونه بغيره من 
	الكلام ، أعيدوا لكتاب الله تعالى حقه ، تدبروه واستلهموا ما فيه من العبر ، 
	وأحسنوا الاستدلال به دون لويٍ لمعانيه ، واحذروا فكلام الله تعالى حجة عليكم 
	إن دعوتم إلى ما نهى عنه ، أو نهيتم عما دعا إليه . كونوا من عباد الرحمن الذين 
	(( إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً 
	وَعُمْيَاناً )) [الفرقان: 73] .
		
  
  * * * * *
		
  
  ألا كسرت أقلام.. لا تتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تعالى قد 
	جعل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام إماماً وحاكماً ، قال تعالى : (( فَلاَ 
	وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ )) 
	[سورة النساء: 65] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : ( يُقسم 
	الله تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد منكم حتى يحكم الرسول صلى 
	الله عليه وسلم في جميع الأمور ، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له 
	باطناً وظاهراً ، ولهذا قال : (( ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً 
	مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً )) [النساء : 65] ، أي إذا حكموك 
	يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به ، وينقادون له في 
	الظاهر والباطن فيسلموا لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة ولا مدافعة ولا 
	منازعة ) .
		
  
  * * * * *
		
  
  ألا كسرت أقلام.. لا تحترم العلماء ، والله تعالى يقول : (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي 
	الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )) [الزمر : 9] . فبعض 
	أولئك الكتاب استباح لحوم العلماء ، ونهش أعراضهم ، وشكك في فتاويهم ، (ونسف) 
	أقوالهم ، وانتقص من قدرهم ، وأخذ أصغر أولئك - وكلهم صغار أمام علماءنا - 
	(يناقش) فتاوى عالم طلب العلم قبل أن يخرج ذاك من بطن أمه!
	ومما يدل على خطورة إيذاء العلماء الذين هم مصابيح الأمة ، ما رواه البخاري عن 
	أي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال 
	الله عز وجل في الحديث القدسي : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ) الحديث 
	.. )) روى الخطيب البغدادي عن الإمام الشافعي - رحمه الله - أنه قال : ( إن لم 
	يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فليس لله ولي ) ويا لخسارة من توعده الله 
	بالحرب!!
	وإلى أولئك أقول ما قاله العلامة ابن عساكر - رحمه الله - : ( اعلم يا أخي - 
	وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلني وإيّاك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته - أن لحوم 
	العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وأن من أطلق لسانه 
	في العلماء بالثلب ، ابتلاه الله قبل موته بموت القلب ) .
		
  
  * * * * *
		
  
  ألا كسرت أقلام.. تدعو إلى خروج المرأة من بيتها ، وانسلاخها من عفافها ، باسم 
	الانتصار لحقوقها ، والتباكي على حريتها المسلوبة - على حد زعمهم - وغايتهم 
	الأولى هي : إنزالها في جميع ميادين الحياة ، وبالتالي تختلط بالرجال ، حتى 
	تخلع الحجاب عن جسدها (بيدها) ، وتنزع الخمار عن وجهها (بطوعها) ، (( وَيُرِيدُ 
	الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً )) 
	[النساء : 26] . 
	وعلى أولئك أن يتقوا الله تعالى ، وأن ينشروا الفضيلة ، ويحاربوا الرذيلة ، 
	ويحموا الأمة من شرور أهل الشر ، وألا يخدموا الأعداء الذي يتربصون بنا ، 
	وبوطننا المملكة العربية السعودية ، الدولة الوحيدة في العالم التي يعلن ولي 
	أمرها - أيده الله وأعزه بعز الإسلام - أن دستورها هو كتاب الله تعالى ، وسنة 
	رسوله صلى الله عليه وسلم .
		
  
  * * * * *
		
  
  عذراً - أخي القارئ - فقد أكون أخطأت حين وجهت الخطاب في المقالة بضمير الجمع ، 
	وإلا فإن أصحاب تلك الأقلام هم في بلادنا المباركة قلة قليلة لا تكاد تذكر ، 
	ولا يشكلون في مجتمعنا أي نسبة.
		
  
  * * * * *
		
  
  ختاماً : فإن الكتابة نعمة من نعم الله تعالى 
	يعطيها من يحب (ومن لا يحب) ، فعلى من أنعم الله عليه بقلم فصيح حسن البيان ، 
	ألا يتردد في أن يزيد بعد أن يستزيد من المنهج الرباني ، ومن الهدي النبوي .
	وواجبنا - جميعاً - أن نهتدي بهدي محمد عليه الصلاة والسلام ، ونسير على ضوء 
	سنته ، ونرتوي من معين نبوته ، ونحمل أعلام هدايته ، وننضوي تحت لوائه ، ونسقط 
	الرايات المشبوهة ، والشعارات الزائفة ، ونرفع شعار التوحيد والمتابعة ، عليه 
	نحيا وعليه نموت ، وفي سبيله نجاهد ، وعليه نلقى الله رب العالمين .