"من يعرف نفسه سيعرف أيضاً أن
الشـرق والغـرب لا ينفصلان أبداً"
- غوته –
أحس العقلاء من الغربيين بأن
الباعث على الرعب الهستيري من الإسلام والذي يسبب العداء هو جهلهم به ،
فتنادوا إلى مراجعة أفكارهم بتعرف أفضل عليه ، لكسر هذه الحلقة المعيبة
المؤلفة من (الجهل – الخوف – الحقد ) فيقول البروفسور (هيرمان إيلتز) أستاذ
العلاقات الدولية بجامعة بوسطن معترفاً بأمية الغربيين في معرفتهم للإسلام :
"إن حكومتنا والكونغرس في حاجة إلى فهم أفضل للإسلام ، وأقول بصراحة مطلقة
إننا نجهل الإسلام تماماً"(1) .
ونحن كمسلمين ندعو إلى هدم الجدران ، وإقامة الجسور المتينة بين الشـرق
والغرب كي تتعارف الثقافات والشـعوب ؛ انطلاقاً من قــول الله تعـالى : ((
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )) (2).
ونحن المسلمين ندعو إلى إقامة الحوار بدل الصراع ، الحوار الحر الصادق ،
انطلاقاً من قوله تعالى : (( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ
فِي ضَلاّلٍ مُّبِينٍ ))(3)، وانطلاقاً من قوله تعالى :
(( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَن ))
(4)، وانطلاقاً من قوله تعالى : (( قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ
نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ
بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ
فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ))(5).
ندعو إلى التعارف والحوار وصولاً إلى ( الكلمة السواء ) ولن يثنينا عن طريق
الحوار تلك الدعوات المجنونة إلى الصراع والتي يتحمل وزرها برنارد لويــس
وهانتغتون وفوكايامـا وغيرهم من أعداء السلام العالمي وأعداء الحضارات ..
نعم ندعو دائماً إلى الحوار ولو أن الطريق ما زال شائكاً كما يقول ولفرد
كانتول سميث: "لا نظن أن الغرب يستطيع أن يتخلص بسهولة من الروح العدائية
التي يحسها نحو الإسلام"(6).
كنا ننتظر أن يكون موقف الغربيين من اليد البيضاء التي قدمها المسلمون غير
هذا الموقف "ومن عجب أن الغرب لم ينكر على العرب فضائلهم فحسب ، بل نسب إليهم
أحداثاً شائنة لا صلة لهم بها" ، فالغربيون مصممون على أن يكون اللقاء صراعاً
حضارياً في غابة ، لا حواراً حضارياً في منتدى الحضارات ، ولكنهم في هذا
الخيار هم الخاسرون .
يقول المفكر عبد الحكيم بحلاق : " يخطئ الغرب كل الخطأ إذا أصر على الصراع مع
الإسلام بدلاً من الحوار ، لأنه يسارع بذلك في سقوط حضارته ، أما العالم
الإسلامي فباستطاعته أن يمتلك مفاتيح التقدم العلمي التكنولوجي لو عزم بمنأى
عن الغرب ، ولقد نجحت بعض الدول الإسلامية في اختراق الحصار العلمي الذي
تفرضه الدول الغربية على العالم الإسلامي"(7) ..
ويقول العلامة أبو الحسن الندوي : "إن حاجة أوربة في اقتباس الإيمان منا أشد
وأعظم من حاجتنا إلى الاقتباس من علومها"(8).
ندعو إلى الحوار فإن أبى الآخر إلا الصراع فإن " الإسلام – يقول الإمام
القرضاوي – أعمق جذوراً وأقوى سلطاناً وأعز نفراً ، وأكثر جنداً مما يظن
الظانون وستظل هناك ألسنة صدق ، وأقلام حق ، وأيدي عطاء ، ومصابيح هداية ،
ومفاتيح خير ، يحملون أمانة الكلمة ، ويؤدّون رسالة الله (( وَمَا يَعْلَمُ
جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ))"(9).
* * *
" من كتاب " ربحت محمدا ولم
أخسر المسيح "
-----------------------------------------
(1) عن دراسة
تقدم بها للكونغرس عام 1985 .
(2) قرآن كريم (49/13) .
(3) قرآن كريم ، سورة سبأ (24) .
(4) قرآن كريم (29/46) .
(5) قرآن كريم ، سورة آل عمران (64) .
(6) عن (مقدمات العلوم والمناهج) العلامة أنور الجندي
(جزء7/ ص150) .
(7) من حوارية (أبحث عن هوية) عبد الحكيم بحلاق (147) .
(8) (إلى الإسلام من جديد) أبو الحسن الندوي (105) .
(9) (الثقافة العربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة)
العلامة الدكتور يوسف القرضاوي(178-179) .