بسم الله الرحمن الرحيم

وللفتـنة مخرج ... بمنهج ٍ غير معـوَج
سليل الإسلام
أرسل الموضوع إلى صديق


بسمك اللهم ينطقُ الخطيب ، سبحانك ربي فأنت القريب ، ما سبّح الحوت في البحر العجيب ،
أدعوك ربي فأنت المجيب ، سدّد القول لا تجعله يغيب ، ولا تجعله عند الناس غريب
وصلي اللهم على رسولك الحبيب ، ما غرّد الشادي على الغصن الرطيب ، واجمعنا به وبجمعه المهيب

لا تبنون بما أكتب حُكما ، ولكن نصيحة صغـتها حِكما
ومن أُوتي الحكمة صار نجما ، وعليه الله قد أنعـما

فبسم الله أبدأ القول
والصلاة والسلام على الرسول ، وعلى آله وصحبه ومن والاه في الفعل والقول
فاقرأوا يا أصحاب العقول حتى وإن كان في المقال طول
في ذبي عن الدين حياة كالقصاص
من المبطلين بلا سيف ولا رصاص
لكل أسلوبه وهذا أسلوبي الخاص
أنا لست من أهل الاختصاص
ولست الأديب القاص
بآي الكتاب والحديث بنيت الأساس
فلا تفرّوا من الحق فمنه لا منـاص

هو علي عهد ... فأما بعـد

في زمان كله دَخن ، تكالبت فيه الفتن ، وأصبح الكل به مفتون ، بغرائبه وبالجنون ..
فمن يقصد منها المخرج ، فليهجر المنهج الأعوج ، وعليه بحلول ٍ عملية ، أخبر بها خالق البرية ،
وبيّـنتها السنة النبوية ، لتستمسك بها النفس الأبـّية ، وتهدرها النفس الغبـّية !!

قال تعالى :
{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } (27) سورة الأعراف

قال النبي صلى الله عليه وسلم :
[ تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر مرباداً، كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ] رواه مسلم

قد علمنا الرسول ، وبين لنا الحلول ، المنجية من المحنة ، ولا تغشانا بها الفتنة ، ما دامت الأزمنة ،
ونسلم من مكرها ، ونتـوق شرها ، بحل ٍ للمشكل وجيـز ، علينا غـير عـزيز ..
وهو إنكار الخبائث ، حتى وإن أورثت بالتوارث ، وحجبها عن أهالينا ، كي لا تحصد أيادينا ، شراً زرعناه بالهوينا ..
فلنتجنب الذنوب ، لتبيض القلوب ، حتى لا تضرنا أعتى الفتن ، وإن حيرت الأنس والجن ، وإن كانت كقطع الليل إذا جَـنّ ، فلن يرى سقوطها في الظلام سوى المؤمن .

قال تعالى :
{ وَحَسِـبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْـنَةٌ فَعَـمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِـمْ ثُمَّ عَـمُواْ وَصَمُّواْ كَثِـيرٌ مِّـنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَـلُونَ} 71 سورة المائدة


( حَدَّثَـنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَـنَا صَفْوَانُ حَدَّثَـنَا السَّفْرُ بْنُ نُسَيْرٍ الأزْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ حُـذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّهُ قَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُـنَّا فِي شَر ٍ فَذَهَبَ اللَّهُ بِذَلِكَ الشَّرِّ ، وَجَاءَ بِالْخَـيْر ِ عَلَى يَدَيْـكَ فَهَلْ بَعْدَ الْخَيْر ِ مِنْ شَرٍّ ؟
قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَا هُوَ ؟ ، قَالَ :
فِتَـنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْـلِمِ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، تَـأْتِـيكُمْ مُشْتَبِهَةً كَوُجُوهِ الْبَـقَـرِ لا تَدْرُونَ أَيّاً مِنْ أَيٍّ )
22239 مسند الإمام أحمد

أيها المفتون ...
قبل أن تحل بنا الفتن الواضحات ، هناك فتن بيننا خافيات ، إن بعـنا ديننا من أجلها ، فقد خبنا وستعـّمنا توابعها ،
فلا يغـريَـنك الشيطان بما خفي ، فتصبح لا تميّـز مصيبة فيها النفي ، كالقطع تسقط في العـتمة ، ونفوسنا بالأوهام مغرمة ، فناجية منها مسلمة ، وباكية منها نادمة .
وإن بعت السلامة بهذه الفانية ، وقطفت ثمار خلد فيها دانية ، أغراك بها إبليس ، فصرت عليها حريص ، لتوارى عنك سوئتك ، لأن الفتنة وسعتك ، لما ربيتها ، فذق فتـنتك التي أيقضتها !!

قال تعالى :
{ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْـتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } 131 سورة طـه

قال تعالى :
{ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْـتـَنُونَ * ذُوقُوا فِتْنـَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} 13-14 سورة الذاريات


( حَدَّثَـنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِالله حَدَّثـَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْـدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ :
قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعـذْ بِهِ ) 6554 رواه البخاري

أيها المفتون...
لا تسعى في الفتنة حتى بكلامك ، ولا تشنع على الملاْ ملامك ، إلا أن تكون من أولوا العلم ، ليستساغ منك الكلم ، ولا
تفت بما لا تعلم ، فقد تسعى لها وقصدك الخير ، ولا تدري أنها تنبت الضير ، فلا تتبع التأويل ، فمنه كل تهويل ، وعليك بتأويل الصحابة ، فإن لعلمهم قرابة ، بعلم الرسول وبأسبابه .

قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } 24 سورة الأنفال

قال صلى الله عليه وسلم :
( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ )

أيها المفتون ...
دَع ما يفتن الناس عن رضا رب الناس ، من تجارة الأموال ، والشغـل بالعـيال ، فالغلو فيهم لا يلزم ، لكي لا تندم ..

نعم لهم واجب بديهي ، فأعنا عليه يا إلهي ..
فلا تقطع لأجلهم الصلة بأعمال متصلة ، مع الله لا تنتهي تلهي عنها من تلهي ، ونسي ما لأجله خلق ، من عبادة ملك الخلق ، فذلك الأولى عندنا ..
ويليه في المرتبة ، مراعاة الأحبة ، بحذر لكن ليس منهم بل من تفضيلهم ، على رازقنا ورازقهم ، ونسيان الحقوق ، الملزم بها المخلوق .

قال تعالى :
{ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأعْرَابِ شَغَـلَتـْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْـفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قـلُوبِكُمْ وَظَـنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا } 11-12سورة الفتح

وقال تعالى :
{ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } 15 سورة التغابن

أيها المفتون ...
كيف تستسيغ شرب المعصية ، ولا تبالي بطعم الدنية ، ولا تخاف سوء العاقبة ، من ذنوبك المتراكبة !؟
فإن استزلك الشيطان لتعصي المنان ، فكن في وجل من سوء العمل إذا وقع منك الفعل وتب وأقبل ، كي لا تكون على الأقل ، موعضة للناس أو مثل!

قال تعالى :
{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } 33 سورة الأعراف

وقال تعالى :
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } 60 سورة المؤمنون

أيها المفتون ...
إن غرّتك طاعتك ، وأيقنت سلامتك ، من فتن ممحصة ، لها العيون شاخصة ، وفيها القلوب ناقصة ، فاعلم أنها من الله ابتلاء ، لكي تسلم القلوب من كل داء ، و يهديها الله إلى لبّ الدواء ، أو ينكسها ثم يجرعها العناء ، فإما أن تكون القلوب له خالصة ، أوأن تكون عنه ناكصة !!

قال تعالى :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } 11 سورة الحـج

وقال تعالى :
{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفـْتـَنُونَ} 2 سورة العنكبوت


أيها المفتون...
ادع لنفسك بالثبات ، على منهج من مات ، في القرون المفضلات ،
ولا تخش الناس ومكرهم ، فإن خفتهم فكأنك عبدهم ، لأن الخوف لله عبادة ، فلا تصرفها لعباده .

قال تعالى :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ } 10 سورة العنكبوت

أيها المفتون ...
لمَ لا تكون ، فطين في الكون ، وتعترف بأن الذنب ، كان هو السبب ، فأدعوك يا جاري ، لتتوب للباري ، ولا تسمع
لمن يقول أتخاف ، من الفتن أتحب الإنصاف؟ أويقول بعدها ستعود ، لتخلف الوعود ، مع ربك الودود ، فتب واثبت ،
واترك النبت ، الحسن يربت ، أو اسكت ، عن ما لا يمت ، إليك بعـلّـه ، دقـّه أو جـلّـه!

قال تعالى :
{ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْـتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } 126 سورة التوبة

وقال تعالى :
{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }110 سورة الأنعام

وقال تعالى :
{ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } 40 سورة الأنعام

أيها المفتون ...
لاتكن إلا جبلا ، على الجنان مطلا ، فوق الأشواك ماثلا ، ولا تتبع هُبلا ، ولا ليغوث تُقبلا ، ولا تسمع لمن لهم طبلا ، واختر الأسود وكن بينهم شبلا ، فجيش القوم يقوده النبلا !!

قال تعالى :
{ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } 14 سورة الحديد

أيها المؤمن ...
كن عالي الهمة ، همتك القمة ، قوي الحجة ، صحيح اللهجة ، واضح النهج ، عميق الفج ، بعيد عن الهرج ،
شاكر للنعمة ، دائم البسمة ، متبع السنة ، إن حَدت الأسنـّة ..
قرآنك بيمينك ، هارباً بدينك ، لتموت مسلما ، هامتك في السما!

قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } 102 سورة آل عمران

أيها المؤمن ...
أحذرك من فتن خافية ، قد لا تراها ولكنها طافية ، فاجعـل معرفتك بها كافية ، كي لا ُتصاد في الماء العَـكر ، وتكون
فريسة الخداع والمكر ، ثم تسكت على العُهر والسِكر ، وتنسى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويميع الدين ثم
يجدده العسكر ، فيصبح كالأعراف البائدة بين الناس تذكر!!

قال تعالى :
{ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضلالٍ مُبِينٍ } 22 سورة الزمر

أيها المؤمن ...
إن عرفت إقبال الفتن وإدبارها ، فيجب عليك أن تعرف أخطارها ، فهي أشياء شبيهة ببعضها ، لا تعلم أسودها من
أبيضها ، وتغـلي في الصدور ، كغـلي القدور ، ثم تعرض الأمور ، على القلوب الفتية ، فتختار الأمر دون روية ..
مثل النظرة الحرام ، أصبحت نارا ضرام ، على قلب صاحبها ، فينسى بها زوجته وحبها ، لما قارن بينها وبين غيرها ، وظهر له أن لا خير في خيرها ، وهذا مثال واقعي ، لمن قلبه عمي ، فكيف بالأمور الكبار ، والتي تهتز لأجلها الأمصار!

قال تعالى :
{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْـتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْـتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } 116 سورة النحل

أيها المؤمن...
كما عرفت الخطر ، المحدق بالبشر ، لا بد من معرفة أنواع الفتن ، كي لا تغرق في بحر العفن ،
وهي كثيرة ، وبيننا شهيرة ، ولكن خذ بعضها ، واستنبط من عرضها :

فمن الفتن ما هو باقي ، كالتفسخ الأخلاقي ،
ومنها ما أصبح منهج ، كالسفور والتبرّج ،
ومنها ما يخص الدليل ، كعلم التأويل ،
ومنها ما أصبح حي بعد أن مات ، كتعويد الناس على الشبهات ،
ومنها ما أصبح سخرية وبضاعة ، كذم العزلة وادعاء حب الجماعة ، وكأن الدين يدعو للعزلة عن الجماعة ،
ومنها تغيير مسمّيات الأشياء ، حتى أصبح الطرب لا يعني الغناء ، وأصبح الخمر للروح ارتقاء ، وأصبحت ديارنا شرقاً أوسطاً للوسطاء !
ومنها ما انقلب في المعـنى ، كاستنكار عدم سماع الغـنى ، واستنكار عدم قبول رشوة يعقبها الغـنى ، وقولهم إذهب إلى شاطيء المنى ، لترى فيه غروب السنا ، أنت وأهلك لتدرك الهنا ، أو قولهم ارفعي عنك الحجاب ، فنحن في زحام ولا يرانا الغراب !

ومنها علو وضيع المكانة ، كالرويبضة أصبح بديع زمانه ، وتضييع الأمانة ، وتأمين ذو الخيانة ،
ومنها حب المال ، فلأجله من باع العيال ،
ومنها أصحاب الدخن ، من جلدتنا وينشرون بيننا الفتن ، كمن يريد للمرأة القيادة ، أو سكرتيرة في عيادة ، أو موظفة عند صاحب السعادة ، أو شرطية مُقادة ، من أجل حرية يطلبون بها السعادة !

( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِاللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أ َبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ
هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ . قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ . قُلْتُ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا . قَالَ : هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا . قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ . قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ ولا إِمَامٌ ؟ قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ) 6557 رواه البخاري

أيها المؤمن ...
نحن نتفق ، فيما سبق ، بأن الفتن قسمين ، لديك معلومين ، وهي فتن الشهوات ، وفتن الشبهات ، وقد كثرت بسببها
القلاقل ، ومنهاعذب الله قوماً بالزلازل ، فلا تائب يندم ، رغم أن الكل يعلم ، أن الرجفة من عذاب الله ، وهي تعم من
كذب به وعصاه ..
قال تعالى :
{ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } 37 سورة العنكبوت

أيها المؤمن ...
إن أردت الحل السهل ، للخروج من فتن ستقبل ، فعليك بصدق العمل ، والزم الكتاب والسنة ، لتنال بهما تمام المنة ،
ومن تركهما حُـق له الشقاء ، لأنه قرأه بلا تطبيق وبلا صفاء ..
قال تعالى :
{ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } 2 سورة طـه

ويرتبط بالصدق حل لازم ، وهو أن تجعل لك في الفتنة عاصم ، يعصمك من أمواجها ، ويبعدك عن حجاجها ،
وأعظمها الصلاة فهي خير ملجأ ، معاذ المؤمن والمتكأ ، يطلب بها الهداية من مولاه ، ويدع ما لا يعرف منتهاه ، إلا إن خلا من الريب ، فإن اقتحم الأمر المريب ، فقد لا يسلم من التثريب !
قال تعالى :
{ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } 43 سورة هود

أيها المؤمن ...
كلٌ في الفتنة يُـدان ، وكلٌ وضع لنفسهِ ميزان ، فطاشت بالغرور كفة الشيطان ، فزن نفسك قبل أن ُتوزن ، وإذرف
دمعها قبل أن تحزن ، واجعـل ميزانها صلاتك ، ومستودعها مماتك ، فصلاتنا هي الميزان ، وهي مقدارالايمان ، وهي
شجاعة الانسان ، وهي التي ماحية السيئات ، والتي هي سبب الفتن المحيرات!
قال تعالى :
{ اللَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } 35 سورة الحـج

والحمد لله على ما صنع ، وما أعطى وما منع ، وما أعـزّ وما وضع ، ما صَدح مُغـرّدٌ أو هَجع .
ربُّ الأرض والسماوات ، وما بينهما من كائنات
سبحانه المُـتعالي
يسرّ اختزالي ... لمقالي !!
في هذه الكلمات

ميزاننا في الفتنةِ عبادة المنان .. ميزاننا في الفتنةِ عبادة المنان

والسلام خير ختام
 

الصفحة الرئيسة     |     مقـالات