اطبع هذه الصفحة


صحافتنا والفزاعة الجديدة

ماجد بن محمد الجهني
الظهران


لا أدري لماذا كلما سمعت كلمة (الشللية) تذكرت حال بعض وسائل إعلامنا؟.ربما يكون الأمر نابعا من مواقف سابقة في خنق الصوت المخالف لتوجهات بعض المتنفذين في وسائلنا الإعلامية عموما ، وفي الصحافة الورقية خصوصا ، وهي الآيلة للسقوط على المستوى العالمي بعد هذا الصعود المتزايد للصحافة الإلكترونية.

الغريب في وضع الصحافة لدينا أنها أصبحت لا تمثل الرأي العام حقيقة في بعض أطروحاتها ولكنها للأسف الشديد تمثل في بعض مواقفها بوقا لفئة محددة تصف نفسها بالحضارة ، والإنسانية ، وبعد النظر ، والحرص على المصلحة الوطنية ، والمصلحة العامة(طبعا النابعة من أهواء ونزوات شخصية في أحيان كثيرة).

وهذه الفئة المتحضرة تظهر نفسها على أنها مسالمة إلى أبعد الحدود ومضطهدة إلى أبعد الحدود ، ولا تجد القبول لدى الآخر رغم أنها مدت يدها للآخر في مواقف كثيرة كما يقول أهلها ، وبقي أن نقول من هو الآخر في عرف هذه الفئة المتحضرة المسكينة؟وماهي صورته في الذهنية الإعلامية التي يريد المتنفذون في بعض صحفنا نقلها للقارئ الكريم؟.

الآخر ياسادة ياكرام إن أراد أن يحضر أمسية يقيمها أحد أنديتنا الأدبية للمناقشة والنقد بل والإنكار المؤدب على المخالفات الشرعية جيش أباطرة بعض الصحف ضده الرأي العام ووصفوه بالمتشدد والمتأثر بالفكر الإرهابي ، ولعل الجميع لا ينسى كذبة محرري بعض الصحف والعبارات التي استخدموها في حق بعض الفضلاء الذين ذهبوا للإنكار على عرض الفلم الإيراني (الساعة الخامسة عصرا) والذي أراد النادي الأدبي بالشرقية عرضه لكنه منع في حينها.

لقد استخدم بعض محرري خبر هذه الحادثة أساليب تدل على المستوى المتدني من المهنية التي تمارسها بعض صحفنا من خلال عبارات جارحة لا تراعي آدميةً ، ولا تعترف بحق الآخرين في الاحترام والتعبير السلمي عن أفكارهم.

وفي هذا السياق أذكر أيضا التناغم الكبير بين صحفنا في قضية عبده خال حينما هرب من مسرح أدبي حائل بسبب وجود بعض الفضلاء ممن جاءوا لمناقشته فيما يهرف به مما يعرف وما لا يعرف ، وعندها هبت الصحافة للدفاع عن عبده خال وتمجيده لدرجة تعجبت فيها من حال هذا العبده خال الذي لا يُسمحُ للآخرين حتى بمجرد نقده ومناقشته!؛ ولأجله تم وصم الذين حضروا تلك الأمسية بكل نقيصة في استخدام غير شريف ، وغير مسؤول للقلم.

وهكذا أصبحت الصحافة فزاعة لكل مركب صعب يتعارض مع قيم المجتمع ومحاولة تغريبه وهي التهمة التي تحاول بعض صحفنا وبعض مروجي الفكر التغريبي فيها نفيها عن أنفسهم ، ولكنها لن تستطيع بحال أن تنفي تهمة الفئوية ، واستخدام الصحافة كوسيلة غير حيادية وغير أمينة في نقل الواقع كما هو دون تزييف وضحك على الذقون ، ولعل ما حدث من صحف عديدة إبان أول معرض دولي للكتاب في الرياض حين نالت من بعض حضور المنتديات الفكرية التي أقيمت على هامش المعرض ، وحين عرى هؤلاء الحاضرين أحد أدعياء الرأي والرأي الآخر ، وكشفوا طريقته في صحيفته في مصادرة آراء الآخرين وتكميمها فما كان منه إلا أن جيش صحيفته وصحف زملاء المهنة في النيل من هؤلاء الناس والتجني عليهم ووصمهم بكل سوء ونقيصة من العبارات التي يستحق أضعاف أضعاف ما جمعها لمناوئيه.

وأخيرا ها هي نفس الفزاعة تعود من جديد في قضية السينما على هامش عرض مناحي لمسرحيته في الرياض حيث اتبعت بعض صحفنا نفس الأسلوب وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك في أن بعض محرري صحفنا لا يزال يكذب ويتحرى الكذب ، ونعوذ بالله أن يكتب بعضهم عند الله كذابا من أجل حفنة من الدراهم أو حظوة عند رئيس التحرير.

إن السؤال العريض يقول : أليس هؤلاء المنتقدين ، والمنكرين لما يرونه مخالفة شرعية هم من مواطني هذه البلاد؟إلى متى وبعض وسائل إعلامنا المحلي تستخدم سوط الإرهاب ضد مخالفيها وفيهم العلماء والمفكرون والأدباء والمثقفون؟هل يريد المتنفذون في بعض صحفنا تكميم أفواه الناس ضد ما يرونه من هجمة صريحة وواضحة للتغريب على كثير من مفاصل حياتنا؟.

إذا كانت بعض صحفنا ، وبعض كتابها يسمون مجيء أي إنسان للمناقشة ، والإنكار ، وإبداء الرأي في أدب ووقار وسكينة كما حدث في مواقف كثيرة تهييجا فماذا عساهم أن يسموا استخدام الصحافة للاستهزاء بالآخرين والنيل منهم وإلقاء التهم عليهم جزافا؟!!.


إن مثل هذه الأساليب التي تندرج تحت أساليب الحروب الإعلامية القذرة لن تستطيع إيقاف المصلحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر عن كشف التغريب وأهله فذلك واجب شرعي لا يجوز للأمة بحال من الأحوال أن تتركه خصوصا في ظل موجات التغريب المتلاحقة.

إن هذا الأسلوب الراندي لم يعد مجديا في عالمنا اليوم بعد أن تكشفت الحقائق ، وظهر زيف بعض من يدعون حرية الرأي والرأي الآخر ، ويتمسحون بمصطلح حرية التعبير عن الرأي الذي يضيق على الآخرين حتى لا يتسع إلا لهم.


ماجد بن محمد الجهني- الظهران

 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية