اطبع هذه الصفحة


إلى مُلاك القنوات الفضائية

ماجد بن محمد الجهني
الظهران

 
هذه رسالةٌ بمناسبة شهر رمضان المبارك إلى مُلاك القنوات الفضائية ، وأنا هنا بالطبع أعني المسلمين منهم لأن غير المسلمين لا نتوقعُ منهم إلا الحرص على إفساد عقائد المسلمين وأخلاقهم فهذا هدفٌ استراتيجي بالنسبة لهم ولايمكن أن يحيدوا عنه قِيد أنملةٍ كما قيل.

إنني أستغرب يا أيها السادة الكرام منكم هذا التسابق المحموم على استقبال شهر رمضان ذي القدسية والخصوصية عند المسلمين وأنتم منهم- أقول أستغرب- هذا الضجيج الدعائي الذي يلون شاشات فضائياتكم بمناسبة قدوم الشهر الكريم الذي تدشنونه بباقةٍ جديدةٍ من الإسفاف الخلقي ، والهجوم أللا نمطي على عقول الناس وأفئدتهم مما يجعلني أتساءل في قرارة نفسي بكل حسرةٍ ومرارة : أنتم منا ومن بني جلدتنا ولكنكم تتعبدون من بصرفكم الناس عن المقصود الفعلي لشهر الصوم والعبادة؟ أنتم تصومون معنا ، وتمتنعون عن الأكل والشرب كما نمتنع ولربما اعتكف بعضكم في رمضان وجاور في العشر الأخير ولكن أين أثر هذا مما تقوم به قنواتكم في نهار رمضان ولياليه؟.

إن نظرةً فاحصةً ومراجعةً دقيقةً لبرامج الفترة الرمضانية التي تقدمها قنواتكم يصيب الإنسان بالدوار ويجعله يتساءل وبكل صراحة أيضاً : من أنتم ؟ وماذا تريدون؟ وإلى أين تسيرون ؟ وأين الله جل جلاله عن قاموسكم وأنتم تصادقون على قرار تلك البرامج المخزية والتي لا ترعى حرمة هذا الشهر ولا قدسيته ولم تتق الله في قلوب المسلمين وعقولهم وأخلاقهم؟.

إنني أثق تماماً بأنكم لا ترغبون في العذاب وتخافون من الموت ، ومع ثقتي بذلك إلا أنه لابد من تذكيركم بأن الله ليس بغافل عن كل هذه الغثائية التي تنشرونها باسم الانفتاح الإعلامي وحرية الإعلام وما تدندنون حوله من أنه يخدم المهنية الإعلامية ، وتأكدوا جيداً بأنه فرقٌ كبير بين من يحمل ذنوباً لا يتجاوز ضررها إلى غيره وبين من يأتي وقد حمل معه آثام ملايين الخلق والعباد ممن كان هو من أسباب غوايتهم وفي أعظم الشهور قدسية وروحانية.

يؤسفني جداً أن أقول لكم أن قنواتكم في حس معظم الناس حتى المشاهد لها هي قنوات ضائعة مائعة تجمع بين التسطيح العقلي والتسطيح الروحي والتجويف الخلقي ، والسبب في ذلك أنها قنوات مادية تماماً خاوية من المعاني التي تسمو بها عن النخاسة والنخاسين ، ولقد أصبحت في عُرف الكثيرين بأنها قنوات اللحوم المتناثرة على أرصفة الزور الإعلامي والاستغلال التجاري البشع الذي حول سماء المسلمين إلى سوقٍ قذرة يتبارى فيه مجموعة من كبار المقامرين بعقائد الناس وقيمهم وأخلاقهم وأتحداكم أن تثبتوا خلاف ذلك ، وكيف تثبتون خلاف ذلك ولقطات الأفلام الساقطة ، ومشاهد الفيديو كليب القبيحة تفضح هذا السوق القذر.

إنه من المؤلم جداً ارتفاع حجاب الحياء عن هذه القنوات التي تملكونها إلى درجة لم تعد معها تستطيع أن تتحمل التصنع الزائف للمروءة على الأقل ولو في شهر رمضان ، ومرد ذلك أنها مَردت على التمرد على القيم وعلى المحاكاة الغربية والانبهار بقنوات العرض الهابط وقديماً قد قيل من شب على شيء شاب عليه ، ومع ذلك فإنني أظن أنكم كملاك لم تشبوا على ماشبت عليه وأرجو ألا تشيبوا على ما شابت عليه قنواتكم؟
 

جريدة المحايد عدد14رمضان1425هـ
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية