اطبع هذه الصفحة


المزيني والتجليات العجيبة

ماجد بن محمد الجهني

 
لقد قرأت في عدد جريدة الوطن الصادر يوم الثلاثاء الموافق 6/2/1424هــ مقالا للكاتب حمزة بن قبلان
المزيني تحدث فيه عن واقع التعليم في المملكة العربية السعودية وتوصل من خلال تأملاته البهية وتجلياته العنترية إلى أن ما يسمى بــ"المعلمين الدعاة" هم أحد أسباب الضعف التي يعاني منها التعليم عندنا. والحقيقة أن الكاتب المزيني لم يأت بجديد في مقاله هذا سوى أنه أسفر عن وجهه تماما وعرى الفكر الذي يحمله والرؤية التي يتصورها ويريد أن يلزم الآخرين بها أقول ذلك لأنه ليس جديدا على المزيني أن يحارب بقلمه كل مايمت للتدين بصلة والواضح أن المزيني قلم بلا زمام ولا خطام يشرق ويغرب باحثا عن العجائب والغرائب مطبقا القاعدة الشهيرة " خالف تعرف". لقد اعتاد هذا الكاتب على النيل من الكبار وعلى التحدث في القضايا التي لا تتناسب مع حجم علمه وقدراته رغم شهادة الأستاذية التي أصبحت وبالا عليه أكثر من كونها مزكية له. ولقد اعتاد هذا الكاتب على الكذب أيضا على العلماء وتحريف كتبهم تحت رعاية جريدة الوطن التي تسابق الزمن في خنق كل صوت يحاول أن يعترض على هذا الكاتب من خلال بيان تهافت دعاواه بل وكذبه وتحريفه المخزي في مؤلفات كثير من أهل العلم و دليل ذلك ما فعله هذا الكاتب من كذب وتحريف وتجن على كتاب الشيخ الفاضل بكر بن عبدالله أبو زيد الموسوم بـ" حراسة الفضيلة " واذكر أنني حينها كتبت ردا بينت فيه كذبه الصراح وتحريفه المقصود لكلمات في كتاب الشيخ لكن هذا الرد حينها لم يعجب أحباب حمزة في الوطن وهم كثر فكان مصيره سلة المهملات بعد أخذ ورد . لقد همز الكاتب المذكور آنفا وغمز في مقالته عن التعليم أناسا لهم من الجهود التي أقضت مضجع هذا الكويتب فما وجد سبيلا إليهم إلا من خلال التنفيس عما يجول في خاطره عبر صحيفته التي احتضنت كل ما يقول وأبت أن تستمع إلى الآخرين في رؤية أحادية طالما تكلم عنها المزيني ومن سار على شاكلتهم ممن تنفذوا وتسنموا المناصب المهمة في صحفنا المحلية مطبقين بذلك المثل الشهير هذا رأينا " واللي ما يعجبه يشرب من البحر " ولسان حالهم وقالهم " نحن الرأي ونحن الرأي الآخر ". إذا فكاتبنا مغرم بلي الأعناق إلى ما يكتب حتى وإن جانب الأمانة العلمية التي يجب أن تكون من أبجديات الكاتب المبتديء فضلا عن الأستاذ الجامعي!!!!. خلاصة مقال حمزة المزيني غصص تتلجلج في فؤاده ويخرجها قلمه العليل على شاكلة أسئلة خرجت دون أدنى تقدير لمعنى المسؤولية وخصوصا في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها أمتنا فهذا الحمزة متأفف متذمر مما يسمى بـ " الدعوة " ويحرق فؤاده تلك " المخيمات الدعوية " التي تنبه الغافلين وتثبت اليقظين , ويسوئه ما يسمى أيضا بـ " معارض كن داعيا " ويقلقه جدا أننا محاطون بالدعوة والدعاة من كل جانب , ويتساءل بكل براءة هل إسلامنا الذي نحن عليه ليس كافيا؟؟؟. لقد سمعت أن المزيني هذا دكتور في إحدى جامعاتنا فأسفت لذلك جدا حيث آلمني والله أن يتحدث أستاذ أكاديمي في موضوع بهذا الحجم وبهذه السطحية , أستاذ جامعي للأسف لا يعلم أن خطة التعليم في كل بلد من بلاد العالم تسير وفق ما يتماشى مع سياسة تلك البلد التعليمية فالبلد الإباحي مثلا ستكون سياسته التعليمية وفق مساره وفكره والبلد الذي يؤمن بعقيدة كعقيدة البعث سياسته التعليمية ستكون متوافقة مع التوجه العام للدولة كذلك في البلاد الاشتراكية والبلاد الرأسمالية وهلم جرا…ولهذا يبدو أنني محتاج لكي أجيب على أطروحة المزيني المحلقة أن أذكره بما جاء في وثيقة سياسة التعليم للمملكة العربية السعودية حيث جاء ما نصه ( السياسة التعليمية في المملكة العربية السعودية تنبثق من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وعبادة وخلقا وشريعة وحكما ونظاما متكاملا للحياة وهي جزء أساس من السياسة العامة للدولة). وقد بينت الوثيقة أن غايات التعليم هي " فهم الإسلام فهما متكاملا , وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها , وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية وبالمثل العليا وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة , وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة وتطوير المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتهيئة الفرد ليكون عنصرا نافعا في بناء مجتمعه". والواضح من خلال هذا العرض أن سياسة التعليم في بلدنا سياسة متدينة تنبع من الدين تنطلق منه وإليه تأرز فما الذي يضيم الكاتب حمزة المزيني إذا مارس المعلمون دور التعليم والتربية والتوجيه والدعوة وهم قد رضعوا ذلك من سياسة تعليم بلدهم التي ربتهم على ذلك , ماذا يسوء حمزة المزيني أن يكون هدف تعليم اللغة الإنجليزية نشر مباديء الإسلام ؟ ولماذا أنت حزين لامتلاء منهج اللغة الإنجليزية بالنصوص الدينية؟ هل تريدنا أن نعلم أبنائنا وبناتنا رقصة الباليه ؟ أم تريدنا أن نعلمهم كيف يتفنون في التمرد على ثقافتهم وتراثهم لينبطحوا في سراديب الحرية الحولاء التي تعلمها غيرهم وجاءوا بها إلى بلاد المسلمين بعد أن تنكروا لكل قيم مجتمعاتهم؟؟؟ إن الدعوة إلى الله جزء لا يتجزأ من كيان مجتمعنا , إنها سر من أسرار تماسك هذا المجتمع وسر من أسرار تميزه فهل يريد الكاتب حمزة أن نتخلى عن قيمنا لأن الوضع لا يروق لحضرته ؟؟؟ إنني أريد من الكاتب أن يرجع إلى سجلات كثير من المدارس في مراحلها المختلفة وعندها سيجد أن أغلب الأبناء المتدينين هم غالبية الطلاب المتفوقين في هذه المدارس , ولينظر بعين فاحصة صادقة مخلصة بعيدة عن التصيد الذي يبدو أنه اعتاد عليه – أقول – لينظر في الأسباب الحقيقية للتخلف الدراسي عند كثير من الأبناء سيجد أنها لا تتعدى إهمال الوالدين والسهر ومقاهي الانترنت وصحبة المنحرفين هذه الأسباب الحقيقية التي تحتاج لمعالجة والتي يراها كل ناقد بصير ينظر بعين ملؤها تقوى الله عزوجل والحرص على نصيحة المسلمين . لقد اتهم المزيني هؤلاء المعلمين الدعاة بنقص الفقه ــــ لاحظوا المزيني يوزع الفقه على الأمةــــ واستدل بدليل عجيب غريب على صحة مقالته وهذا الدليل أوقفنا على مدى ما يتمتع به المزيني حفظه الله من فقه لا يبارى فيه ولا يجارى!!!! يقول حفظه الله "وكثير من هؤلاء المعلمين الدعاة ينقصهم الفقه" ثم يضرب مثالا واحدا لنقص فقه هؤلاء المعلمين حيث يقول "ومن ذلك أن التركيز على موضوع الموت في مدارس البنات ومدارس الأولاد في التعليم العام يخالف الرأي الفقهي المعمول به في السعودية وهو الذي يرى تحريم زيارة النساء للقبور ويعلل النهي عن زيارة النساء للقبور بأنهن سريعات التأثر." لا حرمنا الله من فقهك العجيب وقياسك الأعجب والأغرب يا دكتور حمزة ...إنني أتسائل ما وجه النسبة بين أن يأتي واعظ فيتحدث للتلاميذ مذكرا أو أن تأتي واعظة فتتحدث لبنات جنسها مذكرة بالموت والمآل مستنهضة الهمم للاستعداد ليوم الرحيل بالعمل الصالح وبين زيارة النساء للقبور؟ لا يوجد نسبة لهذا الأمر إلا في فقه المزيني وحده . ما مثلك يا دكتور ومثل هؤلاء المعلمين الذين رميتهم بقلة الفقه واتهمت بعضهم بصلفك المعهود أنهم مهلوسون إلا كما قال الأول: " رمتني بدائها وانسلت". إن من تكلم فيما لا يحسن أتى بالأعاجيب وأنت يا دكتور دخلت في موضوع لا ناقة لك فيه ولا جمل : لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال وأخيرا أقول للكاتب حمزة المزيني تعليقا على الكلمة التي ختم بها مقاله وهي "ومن هنا فأحد أسباب تدهور التعليم أن المدارس لم تعد بيئة للتعليم كما نعرفه بل أصبحت مكانا للوعظ والتزهيد في الدنيا وتحويل الطلاب إلى أتباع لبعض التيارات التي ربما تقودهم إلى مآلات غير مرضية ". إن أسلوب الاستعداء يا حمزة قد ولى زمانه وعليك أن تنفض قلمك من غبار هذه العبارات الديناصورية البائدة التي تنم عن عجز فاضح وواضح لصاحبها وإذا كان لنا أن نتساءل فيحق لنا أن نقولها بكل صراحة : ما هي التيارات التي انتجت لنا مثل هؤلاء الكتاب و انتجت لنا مثل هذا الفكر الغريب كل الغرابة عن بلادنا وفكر بلادنا؟ ما هي التيارات الغوغائية التي أنتجت لنا جيلا من الكتبة الذين يرون الحل التغريبي هو الحل الأمثل لجميع أزماتهم النفسية التي يريدون أن ينقلوها إلى مجتمع يمج أطروحاتهم مجا ويلفظها لفظا ويتبرأ منها براءة الذئب من دم يوسف؟ إنه سؤال يطرح نفسه وكفى.
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية