اطبع هذه الصفحة


حديث الجنائز

ماجد بن محمد الجهني
الظهران

 
في هذه الدنيا شخصياتٌ تنغرسُ في قلوب الناس وتسيطر على كل خلجة من مشاعرهم وهم مع ذلك قد لا يكونون معروفين على صعيد واسع في مجتمعنا الكبير ، ولكن ما إن تفقدهم الدنيا ويرحلوا إلى الدار الآخرة ويتسنى لك شهود جنائزهم حتى ترى عجباً لا ينقضي منه العجب وهذه الحالة انتابتني بالفعل وأنا أشهد جنازة الشيخ محمد بن سبيق المطيري إمام وخطيب جامع بلاط الشهداء بالدمام والتي كانت بحق تعبيراً عفوياً عن حجم الحب الذي زرعه ذلك الفاضل في قلوب الكثير من أبناء المنطقة والذين تدافعوا صغاراً وكباراً ودموعهم تصحبهم ودعواتهم تسبقهم بأن يتغمد الله بواسع رحمته هذا الرجل الذي عُرف بتقواه وورعه وغيرته على الدين وببذله المتواصل من وقته وجهد وماله للدعوة وهكذا عرفته وهكذا أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً.

لقد كان شيخاً متواضعاً ، ومربياً فاضلاً ، ومُشرفاً تربوياً دمث الأخلاق وشديد القرب من أحبائه وزملائه في العمل والذين فجعوا بخبر الحادث الأليم الذي وقع له وقُبض على إثره ، والشيخ محمد رحمه الله وبحكم معرفتي الوثيقة به كانت له جهود في تفقد المساكين والضعفة والمحتاجين وكان يرق كثيراً ويظهر عليه التأثر حين يرى مسكيناً أو محتاجاً أو أرملة.

الحقيقةُ أن المصاب جلل وفقد الصالحين المصلحين من أعظم المصائب التي تُصاب بها الأمة عموما ، والذي يعرف الشيخ محمد رحمه الله عن قُرب ويعرف حجم الجهود التي يقوم بها في خدمة الدعوة بل والذي حضر جنازته فقط سيعرف من قرب أن المجتمع فقد شخصية لها بعدها وقيمتها الدعوية والاجتماعية في المنطقة.

لقد قدم شهود جنازة هذا الرجل الفاضل درساً بليغاً لكل الحاضرين بأن المكانة الحقيقية في قلوب الخلق يجب أن تكون نابعةً من حسن العلاقة بالله تبارك وتعالى ويجب أن نصلح مابيننا وبين الله تعالى وعندها يصلح مابيننا وبين الخلق ، وأن القبول في قلوب المسلمين لا يحصل إلا لمن سعى في كل عمل يقرب من الله تبارك وتعالى ، وأن هذه الدنيا ظل زائل والسعيد كل السعادة من خرج منها وقد خُتم له بعمل صالح ونحسب الشيخ محمد والله حسيبه أنه ممن جمع ذلك ولا نزكيه على الله .

ومع حزننا العميق على فقد أمثال أبي عبدا لرحمن إلا أننا نقول : إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك ياأباعبدالرحمن لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي الله تبارك وتعالى ، وعزاؤنا أنه غادر هذه الدنيا وهو صائمٌ وفي طريقه لأداء واجبه التربوي ، وعزاؤنا أيضاً في الفرحة التي غمرت كل محب له حين رأى تلك الجموع الكبيرة التي حضرت الصلاة والدفن ..
 

المحايد عدد7رمضان1425هـ
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية