اطبع هذه الصفحة


رداً على المدعوة سوسن الشاعر

ماجد بن محمد الجهني
الظهران

 
هذه المقالة تأتي في سياق الرد على ماكتبته سوسن الشاعر في جريدة اليوم صفحة الرأي عن "الفرس السعودية كمان وكمان" والتي تعرضت فيه إلى أهمية ظهور المرأة السعودية في وسائل الإعلام حتى لو كانت منقبةً أو محجبةً كما ذكرت.

لقد قمت بإرسال الموضوع إلى صحيفة اليوم ولكنه للأسف لم ير النور لأسباب لا زلت أجهلها إلى اليوم ،ولكن نقول عسى المانع خيراً بإذن الله.

الحقيقةُ أن قناعتي لم تتغير أبداً في أن أعظم شيء حُسدت عليه المرأة المسلمة عموماً والسعودية خصوصاً هو بعدها عن الظهور لغير حاجةٍ تدعو لحضورها وظهورها،ولا أشك مُطلقاً في أن هناك حاجةٌ ملحةٌ لدى الآخرين ونحن نعلم من هم هؤلاء الآخرين في خروج هذه المرأة وبتدرج ووفق الضوابط الشرعية كما يُقال من باب التدرج لا أقل ولا أكثر.

وبما أنَّ الأخت سوسن الشاعر دعت إلى خروج المرأة السعودية في وسائل الإعلام حتى ولو كانت محجبةً أو مُنقبةً لأن تأثيرها سيكون عظيماً في نقل صورةٍ حضارية للآخرين فإنني أوجه إليها السؤال : لماذا لم تقم هي بهذا الدور وخرجت إعلامياً حين خرجت بنقابٍ أو بحجاب لكي تنقل صورةً حضاريةً عن المسلمات ؟ وإذا كانت ترى أن رسالة المحجبة والمنقبة إعلامياً ستكون أقوى فلماذا لم تلتزم هي بهذا الخط ؟ وهل كانت في بدايات ظهورها الإعلامي منقبةً أو محجبةً ؟ أم أنَّ البداية كانت كما في صورتها(المتبرجة) المرفقة مع زاويتها في الجريدة ؟.

من العجيب أنَّ سوسن هداها الله أخذت توجه نصائحها الإعلامية للمثقفات السعوديات المحجبات واللاتي يتجنبن الظهور الإعلامي والاختلاط تعبداً لله تبارك وتعالى،ولأن الكثيرات منهن يُدركن جيداً ما يجر إليه التوسع في الخروج والظهور بعموم الإعلامي وغير الإعلامي من كسر للحاجز النفسي والشرعي المانع لكل ذريعة مؤديةٍ للسفور والتبرج.

إنني أظنُّ أنَّ حجاب هؤلاء المثقفات يوجه رسالةً لكل من تظنُّ أنَّ الثقافة هي في ترك تعاليم الدين،وأنَّ التحضر والمدنية هي في التقليد الأعمى،وأظنُّ أنَّ بناتنا السعوديات المتعلمات واللاتي وصلن لأعلى المراتب الثقافية والعلمية وهنَّ متمسكات بحجابهنَّ إنما يبعثن رسائل عز وفخر لكل بنات المسلمين بأنَّ الثقافة ليست في التقليد الأعمى وليست في القفز على ثوابت الدين.

يا أخت سوسن الذي روج لتخلف نسائنا هم المتخلفون عقلياً ممن لا يرعون لدين الله حُرمةً،ولا لتعاليمه قُدسيةً،وهم الذين قالوا لنا قديماً إنه لابدَّ من خروج المرأة وفق الضوابط الشرعية،ومع الزمن خرجت في بعض بلداننا العربية فإذا بالضوابط الشرعية التي قصدوها تُخرج لنا نساءً حاسرات سافرات فاتنات مفتونات وقد خلعن الحجاب ووضعن ألوان الأصباغ وبعضهن قمةٌ في الجهل والتخلف ولكن وبقدرة قادر أصبحن مثقفات ومبدعات وموهوبات بل وكاتبات ومفكرات لمجرد أنهنَّ دفعن ثمن تذكرة العبور التي لا تتطلب سوى المواصفات المذكورة.

يا أخت سوسن لتعلمي أنَّ بلادنا ليست في حاجة لكي تُدافع عن تمسكها بدينها وثوابتها وهي تعلم جيداً أنها لايمكن أن تدفع الثمن للآخرين لكي يرضوا عنها من دينها ودين أبنائها وبناتها،وأيضاً تعلم أنَّ الدعاوى على المرأة في بلادنا إنما هي لهدم الحصن الحصين والركن الركين الذي تقوم عليه نهضتنا التربوية والأخلاقية والعلمية والاقتصادية.

المرأة المسلمة في السعودية فرسٌ أصيلٌ شُنت عليه أعظم حربٍ غير نظيفةٍ في العصر الحديث لكي يُكسرَ طوقُ عزتها وسرُّ ألقها ومع ذلك بقيت كما عهدناها ذكيةً يقظةً،وتعرف مالها وما عليها ولاتنطلق في جميع تصرفاتها إلا وفق ما يُرضي ربها عزوجل مُتسلحةً بالعلم النافع والعمل الصالح راضيةً بمنهج ربها الذي حفظها وصانها وبين لها الطريق ناصعاً فلم تحتج إلى وصيٍ لكي يقول لها :هل هي متعلمة ومثقفة أم متخلفة.

هؤلاء المثقفات المحجبات يا أخت سوسن هن سرٌ من أسرار فخرنا واعتزازنا وهنَّ بالفعل من يحملن مشعل الثقافة وهن بالفعل من يُمثلن الرسوخ والثبات على المبادئ وهن من يُقتدى بهنَّ ،وأنا أعتقدُ أنهنَّ على يقين أنهنَّ يعبدن الله وحده ولسن في حاجة إلى عبادة العالم المتحضر الذي لا يرى إبداعهنَّ إلا في خروج هادئ متدرج يشطُّ بهن مع تقلب الأيام إلى حيثُ ألقت حجابها أم قشعم.
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية