اطبع هذه الصفحة


الحوار والآخر.....كيف الحال؟

ماجد بن محمد الجهني
الظهران

 
الحوار مفردةٌ جميلةٌ لها قيمتها الأدبية والأخلاقية،وهي بلا شك أيضاً لها بعدها اللغوي والاصطلاحي الذي يحولها من خانة الشعارات إلى عالم التطبيقات الواقعية والممارسات العملية الفاعلة أخذاً وعطاءًً،سلباً وإيجاباً،قبولاً ورداً وفق منهج علمي وأخلاقي مؤصل.

نحن في عصر كثر فيه المفكرون والمتفيهقون والمنظرون حتى أصبحوا كما يقول إخواننا المصريون"أكثر من الهم على القلب"،والبعض الكثير من هؤلاء يجيد"الترزز"بالعامية ومعناها حب الظهور ، وهذه النوعية من الناس بدأت تكثر وتنتشر أشد من انتشار وباء "أنفلونزا الطيور" حتى أصبحنا نسمع بمفكرين وإعلاميين وكتاب لم يتجاوز تعليمهم المرحلة الثانوية ولكنهم يحملُون كثيراً من مؤهلات العبقرية والنبوغ فهم يجيدون قاعدة"خالف تُعرف" ويجيدون فنون"مسح الجوخ "متمثلين قول الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم**
ومن مؤهلات هذه النوعيات : التصادم مع الثوابت الذي يفضي إليه جهلهم الفاضح،وهم للأسف يجهلون أنهم يجهلون وهذا النوع من الجهل يسمونه" الجهل المركب".

الموضة السائدة عند هذه النوعية هذه الأيام هي" الحوار مع الآخر"، ولكم أن تتخيلوا أيها القراء الأعزاء حجم المأساة حين يهجم على هذا المعنى الجميل والبراق مثل هذه النوعيات التي تحمل مواصفات لا تؤهلها للحصول على الشهادة الابتدائية في مدرسة الحوار العظيمة التي نظمها وضبطها وهذبها شرعنا المطهر.

الصبغة الغالبة في مثل هذه النوعية من المنظرين أنهم يقولون مالا يفعلون،ويفعلون مالا يقولون،فهم مثلاً يتحدثون عن مبدأ حرية الرأي وفق منهجية الرأي والرأي الآخر،وعند التطبيق العملي يصفون المخالفين لهم بالتخلف والتزمت والتطرف والحدية في الرأي وضيق الأفق والعطن و.......إلخ من التهم التي يرمون بها أي مخالف لهم ولعل مانشرته صحيفة الرياض تعليقاً على مادار في ندوة " الرقابة الإعلامية ومتغيرات العصر" يعطي لنا صورةً واضحة حيث تحول جميع من ناقشوا المشاركين في هذه الندوة بقدرة قادر إلى متزمتين ومتطرفين وإرهابيين، والسبب في ذلك أنهم لم يستمعوا إلى المتحاورين بطريقة "الطرشان" الذين يكتفون
فقط بهز الرأس والتي تعني بالعامية"موافقين طال عمركم على كل اللي تقولونه لأنه هو الصحيح وهو الحضاري وهو بعد النظر".

في سنة أولى حوار رسب كثيرون،وتبينت نوايا كثيرين حول معنى الحوار الذي يريدون أن يفرضونه على الآخرين.

لقد سقط المتشدقون بعبارات الحرية والحوار مع الآخر عند أول جولة،وضربوا بجميع كلماتهم البراقة عرض الحائط وعادوا إلى حقيقتهم السابقة المتمثلة في الصراخ والتطبيل والكذب والاستعداء وتكميم الأفواه وكلها ولا شك أسلحة ملقاة في سوق النخاسة لكل ضعيف.

بعض المتنفذين في وسائلنا الإعلامية تعود لسنوات طويلة على رجع صدى صوته فهو يكتب مايريد ويسمع مايريد ،ويسمح بالنشر في الوسيلة التي يديرها لكل شخص يكتب مايريد سعادة المتنفذ،وحين بدأت أضواء الحوار تتسلط على بعض من لهم نظرة وفكرة تخالف نظرة وفكرة هؤلاء المتنفذين بدأوا في حث مطاياهم التي تقول :إن كل مخالف لنا ولتوجهاتنا هو في حقيقته يمثل فكراً متطرفاً ومتزمتاً يجب محاربته وخنقه، وهو مايحملنا على القول لهؤلاء الراسبين في اختبار القبول في مدرسة الحوار العظيمة: سلامات ما الذي حصل لكم؟ وكيف حالكم يامعاشر المنظرين.

أليس الحوار جزءً من مطالبكم؟ أليس طرح الرأي الصحيح شرعاً وعقلاً وعرفاً هو جزء من حقوق الآخرين؟وحتى تجيبون بكل تجرد مع أنفسكم أقول لكم: كيف الحال؟.

 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية