اطبع هذه الصفحة


تكالب السفهاء

ماجد بن محمد الجهني
الظهران

 
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( إنها ستأتي على الناس سنون خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة قال السفيه يتكلم في أمر العامة).

هذا الحديث العظيم الذي ورد إلينا من طرقٍ عدة عن المؤتمن على الوحي حبيب قلوبنا وطبها محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم يشرحُ حالةً تتكرر عبر حقب مختلفة من تاريخ أمتنا العظيمة ، ونحن في هذا العصر نعيشُ حالةً واقعيةً مأساويةً انتفش فيها الرويبضة وتصدر السفهاء والأقزام وأخذوا يتحدثون في العظيم من الأمور بغير علمٍ يرشدهم ، ولا وعي وعقلٍ يدلهم على مواطن العطب والزلل.

أمةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يتناوش ثوابتها اليوم مجموعةٌ من الأغيلمة التي تتدثر بدثار الفكر ، وتختفي خلف ستار الثقافة لتنفس عن أحقاد السنوات ومعاناةٍ استمرت حقبةً طويلةً لا تستطيع معها البوح بالمكنون والإبانة عن وجهها البشع ، ولسانها القذر تجاه كل ماله علاقةٌ بالدين والصلاح والاستقامة.

لقد جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر بلسماً شافياً على أفئدة موبوئي الفكر ، ومنتكسي الفطر لأنها فتحت أمامهم بوابةً كبيرةً جداً ما كانوا ليحلموا بها ليبينوا عن عقائدهم المنحرفة ، ومكنون أنفسهم المريضة حتى قال قائلهم (إن أمريكا هي التي أطعمتنا من جوعٍ وآمنتنا من خوف) نعوذ بالله من الخذلان ومن الحور بعد الكور.

لقد أصبح المنهج السلفي وحملته هدفاً رئيساً ، وكلأً مباحاً لفقهاء البيت الأبيض الأمريكي ، ومعتنقي الفكر الفردماني ولذا سنوا أقلامهم مسلطين أنواع السباب والشتائم على السلفية وأتباعها تساندهم في ذلك أمريكا وجميع أتباعها من المنافقين وأصحاب الشهوات والبدع والأهواء ، وتصدر خلال هذه الحملة من تصدر من مجهولي الحال ومطعوني التوجه ومغموزي الديانة والخلق.

وقد كان للأحداث الداخلية التي مرت بها المملكة الأثر المباشر لظهور حملات السفهاء والشهوانيين ومرضى القلوب على التدين وأصحابه بشكل واضحً ومنظمٍ ومدعوم لوجستياً ومادياً وفي تصريح صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير نايف عن زوار السفارات أكبر دليل على الدعم المادي واللوجستي الذي تلقاه ذلك القطيع من السفهاء والرويبصة الضائعين.

هذه الأحداث والعواصف هي بقضاءٍ وقدرٍ من الله عزوجل وهو سبحانه لا يقدر شراً محضاً ، ولعل من الخير الواضح هو سقوط الأقنعة عن الوجوه الشوهاء التي تكره التدين ، وتبغضُ شعيرة الأمر والنهي حتى عرف الناس مرضى القلوب بصريح القول بعد أن كانوا يلحنون فيه.

إن هؤلاء الأغبياء لم يدركوا لحظةً واحدةً أن دورة التاريخ قريبة وأن أمريكا التي يرونها الركن الشديد الذي يأرزون إليه هي بحاجة اليوم إلى من يتقذها من كبوتها ، وهي في يومٍ من الأيام ستغادر ما احتلته من ديار المسلمين راغمةً متبوعةً بلعنات التاريخ ، ولم يفطن هؤلاء إلى أن الأمة لن تغفر لهم ما مارسوه في حقها من خيانة في أشد لحظات كربتها عندما تبصق أمريكا على تلك الوجوه البائسة بعد أن تقضت منهم كل وطر.


ماجد بن محمد الجهني-الظهران
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية