اطبع هذه الصفحة


التدخين أرقامٌ وإحصاءات

ماجد بن محمد الجهني
الظهران


التدخين من العادات السيئة التي اجتاحت العالم بأسره وتسببت في كوارث صحية واقتصادية لا تزال الدول تعاني من ويلاتها نتيجة ما تبذله من جهود كبيرة لعلاج آثاره المدمرة على المجتمعات.
ودولنا العربية على رأس قائمة الدول التي ابتلي الكثير من مواطنيها بآفة التدخين حيث تخسر مليارات الدولارات على استيراد هذه السموم وتخسر أضعاف تلك المليارات على معالجة الآثار السلبية لاستيراد التبغ بأنواعه حيث ذكرت منظمة الصحة العالمية في إحصاءات لها عن منطقة شرق المتوسط نُشرت عام 2004م أن عالم اليوم مليء بالمدخنين حيث يوجد مليار وثلاثمائة مليون مدخن( يتركز 84% منهم في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط ، ويُتوقع أن يرتفع هذا الرقم الهائل ليصل إلى مليار وسبعمائة مليون في عام 2025م ، وهذه الزيادة بدورها ستكون من نصيب البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط).

ثم يضيف التقرير بأن :( إقليم شرق المتوسط تصل معدلات انتشار استهلاك التبغ إلى حد الوباء ، فقد شهدت الأعوام من 1990 إلى 1997 وحدها زيادة في نسبة استهلاك التبغ تجاوزت 24%.
وتتصدر مصر قائمة بلدان الإقليم الأكثر استهلاكاً للتبغ ، وهي تنفق 545 مليون دولار سنوياً على تكاليف علاج الأمراض التي يسببها التبغ عدا ما تنفقه على شراء التبغ ومنتجاته.

وتأتي الكويت في المرتبة التاسعة عشرة عالمياً في استهلاك التبغ ، والمملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة والعشرين ، وتنفق بلدان مجلس التعاون الخليجي الست رغم الانخفاض النسبي لمجموع سكانها ما يعادل 800 مليون دولار سنوياً على التبغ ، بينما تنفق المغرب على التبغ ما يفوق مجمل إنفاقها على التعليم.
وتقدر الدراسات أن ما تنفقه العائلات الفقيرة على التبغ يتراوح بين 15% إلى 45% من الدخل اليومي للأسرة ، وقد تصل النسبة إلى 60% كما هو الحال في بعض أنحاء الصين.

وفي بلد فقير مثل بنغلاديش، تدلّ الدراسات على أن بالإمكان إنقاذ عشرة ملايين طفل من أمراض سوء التغذية إذا حوَّل الآباء إنفاقهم من التبغ إلى الطعام ، وفي مصر تشير الدراسات إلى أن نسبة الإنفاق على التبغ تفوق ما تنفقه الأسرة على العلاج وممارسة الرياضة والثقافة.
ورغم العبء الاقتصادي الهائل للتبغ على كاهل اقتصاد الأفراد والبلدان ، تحجم حكومات عديدة عن اتخاذ إجراءات فعالة من شأنها تخفيف هذا العبء).
هذه الأرقام الهائلة على أنها قديمةٌ بعض الشيء إلا أنها تعطي ملخصاً عن الهدر الهائل الذي يُمارس اليوم في الأموال والأرواح حتى أصبح الإنفاق على هذه السموم يفوق الإنفاق على المصالح العامة كالتعليم وغيره وهذا ولا شك له آثاره التدميرية على المجتمعات حيث يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في خطبة له:( وأما ضرره في المال فاسأل من يشربه ماذا ينفقه كل يوم في شربه ولو كان ينفق هذا المال فيما يعود عليه وعلى أهله بالنفع من الطعام الطيب والشراب الحلال واللباس المباح لكان ذلك خيراً له في دينه ودنياه ولكنه ينفق الكثير في هذا الدخان الذي لا يعود عليه إلا بالضرر العاجل والآجل).

والكارثة والمصيبة أن ظاهرة التدخين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية على مافيها من بلاء إلا أنها وللأسف الشديد انتقلت من العالم الذكوري إلى العالم الأنثوي وأصبحت أعداد النساء المدخنات في ازدياد خصوصاً مع الانفتاح العلمي والتقاني والفضائي.

إن هذا الأمر المؤسف له خطورته الشديدة على المرأة وعلى إنجابها وعلى أطفالها حال الحمل حيث ذكر تقريرٌ نشرته الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين بالمملكة العربية السعودية أن باحثين نرويجيين قالوا أنه من المرجح بشكل اكبر أن تصل النساء اللائي يدخن إلى سن انقطاع الطمث قبل الخامسة والأربعين مما يزيد من خطر إصابتهن بهشاشة العظام وأمراض القلب.

لقد حذر علماء الشريعة والباحثون والأكاديميون والتربويون من هذه الآفة المحرمة شرعاً وعقلاً نظراً لما تخلفه من خسائر هائلة على جميع الصعد ومع ذلك لا زال البعض من ضعيفي الهمة يتحجج بعدم قدرته عن الإقلاع ولهؤلاء أقول زوروا أقرب فرع للجمعية الخيرية لمكافحة التدخين لتتعرفوا على العشرات من الحالات التي وصلت في التدخين حد الإدمان ومع ذلك استطاعوا أن يتغلبوا على أهوائهم ورغباتهم وقد قابلت أحد هؤلاء ويكنى بأبي عبدالله وقال لي بالحرف الواحد يعلم الله أنني كنت أستبعد تماماً مسألة الإقلاع عن التدخين حتى زرت الجمعية والتي مارست معي أساليب علمية وتربوية وصلت من خلالها ولله الحمد إلى الإقلاع نهائياً عن التدخين.

ماجد بن محمد الجهني-الظهران
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية