اطبع هذه الصفحة


مُطلقةٌ تُحرمُ من أولادها

ماجد بن محمد الجهني
الظهران


في البداية لا بدَّ من التقرير بأن التوفيق في الزواج خاضعٌ لمعيار ماهو مكتوبٌ ومقدَّرٌ للرجل والمرأة ، والواجب على الزوجين قبل الدخول في مشروع الزواج أن يبذلا جميع الأسباب الشرعية التي تحقق للطرفين حياةً هادئةً وسعيدة.

والغالبُ في العلاقات الزوجية التي بُنيت على أُسس شرعية واجتماعية صحيحة أن يكون النجاحُ حليفها ، ولكن هذا لا يعني أبداً أن المنغصات لن تمر بسفينة الزواج ، بل على العكس من ذلك تماماَ والفرق هو في كيفية التعامل مع هذه المنغصات بشكلٍ صحيح من قبل الطرفين الشريكين في بناء الحياة الزوجية والأسرية.

إنَّ بعض المشاكل الزوجية قد تصلُ إلى طريقٍ مسدود ، وقد يكون الحلُّ الصحيح والوحيد لها هو الطلاق والفراق ، ولذا فلا بُدَّ من التعامل مع مسألة الطلاق وفق هذا المفهوم لكونه حكماً شرعياً لقضية وصلت الحلول فيها إلى طريق مسدود ومصلحةُ الطرفين الشرعية والنفسية والمستقبلية تقتضي فك الارتباط وهذا الأمر من هذا المنظور لا إشكالية فيه.

والحقيقة أنَّ الإشكالية ليست في الطلاق كحكمٍ شرعي ، ولكن المشكلة تكمنُ في تعاملِ بعض الأزواج المُراهقين الذين أخذوا مسألةَ الطلاق كعصىً غليظةٍ يلوحون بها في وجه المرأة كلما عنَّت لأحدهم لحظاته العنترية حتى أصبحت المحاكم ومراكز الدعوة ودور الإصلاح الاجتماعي تشتكي كثيراً من فرط تصرفاتِ أزواجٍ ليسوا مستعدين لإدارة حياتهم الزوجية بحكمةٍ مهما وُجد في ثنايا تفاصيلها من مشاكل وأزماتٍ ومنغصات.

أمامي الآن صورة لامرأةٍ كانت متزوجةً برجلٍ ، وهذه المرأة طُلقت بعد أن رزقها الله عزوجل من صاحبنا هذا ولداً وبنتاً ، والمعضلة أن الرجل منذ أن طلقها كما تذكر هي إلى اليوم وهو يمنعها من رؤية أولادها أو زيارتها لهم ، أو زيارتهم لها!!!؟.بل الأدهى والأمر أنها لا تجدُ وسيلةً للاتصال بهم وسماع أصواتهم.

إذا كان الطلاق والفراق له غصته ، وألمه النفسي والاجتماعي الذي لا يخفى على أي واحدٍ منا فلماذا يُصرُّ البعضُ على تجاوز حدوده إلى الدرجة التي تحمله على ظلمِ أُمٍّ يتفطرُ كبدها لأجل أن ترى أغلى ما تملكه في دنياها للحظات؟.
هل من الشهامة والرجولة وقبل ذلك من الديانة أن تُعذَّبَ أمٌّ على رؤية أطفالها بهذا الشكل الوحشي ولسنواتٍ عديدة مهما كان جرمُها الذي طُلقتْ من أجله؟.

إنني لا أتحدثُ عن حقِّ الحضانة ، ولا حقِّ التربية ، ولكنني أتحدثُ فقط عن حقِّ هذه المسكينة وغيرها من العشرات ممن يُستخدمُ معهنَّ أقسى ورقة ، وهي ورقة الأبناء ، وهؤلاء من حقهنَّ على المجتمع بجميع فئاته ومؤسساته أن يهبَّ لحمايتهنَّ من هذا النوع من الابتزاز والإذلال.

إنَّ الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة ، ومن أعظم الظلم أن يُمارس بعض الأزواج مع مطلقاتهم سوط السجان والجلاد الغليظ فلا يكتفون بسوط الطلاق وآلامه حتى يمارسوا سوط الحرمان والقتل النفسي.

الله عزوجل يقول : ((وإن يتفرقا يُغنِ اللهُ كلاً من سعته)) ، فلماذا لا نقفُ عند حدود هذه الآية ونرضى بنصيبنا إن كان هو الطلاق ، ويدعو كل واحدٍ من الطرفين للآخر بالتوفيق والسداد ويطلبُ المسامحةَ من شريكه السابق بدلاً من التنفيس عن الأحقاد والبغضاء بهذه الطريقة المأساوية.


ماجد بن محمد الجهني-الظهران
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية